الأحد، 17 ديسمبر 2006

قضية الجبر والاختيار في ظل ميكانيكا الكم

لو تأملنا الفيزياء الكلاسيكية لوجدنا انها تقول بمدأ الحتمية بمعنى انه لوحدث حدث معين" أ" فلابد حسب قوانين الفيزياء الكلاسيكية أن يعقبه الحدث "ب" . ولكن العلم الحديث اكتشف أن الأمر ليس بهذه البساطة ولكن النسق الحقيقي التي تسير به الأحداث هو كالتالي:لو حدث الحدث" أ" فإنه سيعقبه إما الحدث "ب" أو الحدث "ج" أو ..... وهكذا . ولكن لكل حدث تابع احتمالية معينة في الحدوث بحيث لو كررنا الحدث" أ" عدد كبير جدا من المرات تحت نفس الظروف لوجدنا كل الآحداث المحتملة حدثت ولكن بنسبة احتماليتها التي تحددها قوانين ميكانيكا الكم. ومعنى هذا أنه طبقاً لميكانيكا الكم فإنه من المستحيل بمكان أن تجزم بوقوع حدث معين في لحظة محددة ومكان محدد. ولكن كل ما تستطيع تحديده هو تحديد احتمالية حدوث هذا الحدث من غيره وتوجد آيات كثيرة في القرءان العظيم تخبرنا أن علم الغيب المفصل إنما هو لله فقط ومن هذه الآيات:
قال تعالى في سورة الأنعام - آية 59
"وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ"

وقال تعالى في سورة النمل - آية 65
"قُل لّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ"
صدق الله العظيم

وقد يسأل سائل لماذا لا يظهر هذا الآمر في حركة الكواكب والنجوم فإنه يبدو للباحث أن مساراتها في الفضاء والزمن قابل للتحديد بدقة عالية. وأقول هذا صحيح فكلما زاد عدد الأجسام الأولية في المجتمع الذي ندرسه كلما سهل توقع تصرف المجموعة ككل وليس تصرف أفرادها. فإنك عندما تلقي بعملة واحدة إلى الأعلى وتتلقاها مرة أخري فإنه يصعب جداً تحديد على أي الوجهين ستقع ولكن من السهل جداً أن تجزم أننا لو رمينا إلى الأعلى بليون عملة فإنه سيسقط نصفهم على وجه والنصف الآخر على الوجه الآخر. وهذا بالضبط ما يحدث مع الكواكب وهذا من رحمة ربنا بنا أن مكننا من توقع تصرفات الكون الكبير المهمة لحياتنا اليومية. .إذن التحديدية المطلقة ما هي الإ خدعة كبرى وهم بها العلماء لزمن كبير.فقانون السببية تحول من صيغته التحديدية إلى صيغة أخرى احتمالية. ولكنه لم يسقط بعكس كثير من الآراء الغير محققةوقد يقول قائل قد يكون هناك عوامل لا ندركها بأجهزتنا الحالية هي التي تحدد الاختيار "ب" أو الاختيار "ج". ونقول بالطبع كلامك صحيح فهناك شئ ما يتحكم في اختيارات الأحداث ولكن هذا الشئ لا يتحكم به بشكل عشوائي بدليل أن احتمالية حدوث الأحداث تظل ثابتة. إذن الأمر محير ويبدو أن من يختار الأحداث يختارها بشكل لا يخل باحتمال حدوث كل حدث أي يختارها بناءاً على قانون!! ويبدو اننا دائماً نعلم عدد معادلات أقل من عدد المجاهيل (بالرغم من تساويهما في الواقع ولكن توجد مجاهيل مختفية لا نراها بحواسنا أو بآلاتنا! ) وبالتالي يوجد دائماً بالنسبة لنا اكثر من حل لكل مجهول بينما في الحقيقة يوجد حل واحد لكل مجهول!.وهذه المجاهيل المخفاة يتم وضع قيمها من خارج الزمكان رباعي الأبعاد الذي نراه. إنه أمرٌ محير حقاً. ولكنه في نفس الوقت يثبت طلاقة قدرة الخالق على وضع هذه المجاهيل المختفية بالقيم التي يشاء مع استحالة علمنا لها مسبقاً قبل قياسها في المعمل. وأيضاً في نفس الوقت يبدو أن الله عز وجل أعطى لأرواحنا بعض صلاحيات اختيار بعض المجاهيل المختفية الخاصة بأجسامنا بل بالكون.

قال تعالى في سورة الإسراء - آية 85
"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً"
صدق الله العظيم

فبالرغم أن جسمي يعتبر نظام فيزيائي معقد يحتوى على عدد هائل من الأجسام الأولية إلا انه لا يمكن لأحد ما من البشر توقع ما استطيع فعله في اللحظة القادمة (إلا بشكل احتمالي من خلال دراسته لعدد كبير من تصرفاتي) .وذلك لأن حل معادلات الذرات التي أتكون منها تعطي عدد كبير جداً من الحلول والتي أستطيع أنا دون عن غيري من الناس أن أختار اي حل سأتبعة لأن الله مكنني من اختيار قيم بعض المجاهيل الرياضية المختفية باستخدام ارادتي الحرة!. هل سأرتكب معصية أم سأطيع ربي في اللحظة القادمة؟! كلا الاحتمالين في يدي.
قال الله تعالى سورة الإنسان - آية 3
"إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا"
صدق الله العظيم

ونستنتج أربع نتائج مهمة من هذه الدراسة:
======================
أ-طلاقة قدرة الله عز وجل
ب-حرية ارادة الإنسان في ظل ميكانيكا الكم وعدم تعارضها مع كل من ارادة الله عز وجل ومع قوانين الفيزياء. وقد يسأل سائل , كيف نوفق هنا بين تحقيق ارادة الله وتحقيق إرادتنا. الحل بسيط. نحن (إرادة روحنا) نختار المتغيرات المختفية المسموح لنا باختيارها من قبل الله عز وجل ولكن لا يمكننا وضعها وتفعيلها في المعادلات. بل الله تعالى هو الذي يضعها لنا.
قال تعالى في سورة الأنفال - آية 17
"فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"
و قال في سورة الإنسان - آية 30
"وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"
صدق الله العظيم
أي أن قضية حرية الإرادة تتخلص في أننا نختار أفعالنا ولا نخلقها بل الله يخلقها لنا
قال تعالى في سورة الصافات - آية 96
"وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ"
صدق الله العظيم
ج-أنه بالرغم من الطبيعة الاحتمالية لتصرفات الأجسام الأولية إلا أنه من رحمة الله بنا أنه جعل تصرفات الأجسام المادية (الغير حية) التي نتعامل معها بشكل يومي يمكن تحديدها بدقة وذلك رحمة من الله بنا.
د-أننا كأحياء نعتبر حالة خاصة يجتمع فينا العالم الميكروسكوبي بطبيعته الاحتمالية والعالم الماكروسكوبي حيث أننا نرى بعضنا بعضًا بدقة بل ونخضع لقوانين الحركة الكلاسيكية وذلك عندما تؤثر علينا قوى خارجية ولكن هذا يحدث على مستوى الجسم ككل وليس على مستوى تفاصيل أجسامنا التي نتحكم فيها بإرادتنا الحرة. أما صفاتنا الميكروسكوبية فتنجلي في أن اجسامنا هي نظم تحتوي على عدد هائل من الجسيمات الأولية وفي نفس الوقت لا يمكن توقع تصرفاتها على سبيل الحتم بعكس باقي الأجسام الماكرسكوبية الأخرى التي اعتدناها مثل الكواكب أو الآلات المعقدة مثلا.ً وحتى لو اعتبرنا أجسامنا آلة معقدة جداً إلا أن هذه الآلة تدار بواسطة المخ الذي تنطلق اشاراته بشكل لا يمكن توقعه من أي انسان إلا الإنسان الذي يمتلك هذا المخ. ويبدو لي أن المخ البشري تتجلى فيه ميكانيكا الكم ومتغيراتها الخفية أكثر من أي شئ آخر في العالم الماكروسكوبي

والله أعلم

الجمعة، 15 ديسمبر 2006

وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون

قال الله تعالى"وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين" صدق الله العظيم
هل العبادة هنا سبب الخلق؟
=================
بالطبع لا فإن اللام هنا توضح وظيفة الإنسان في الأرض وليس سبب خلق الله للإنسان والشاهد على ذلك بقية الآيات (ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) فالله تعالى ليس محتاجًا لخلقنا إنما نحن الذين في حاجةٍ إلى هذا الخلق. ولكن بعدما خلقنا يجب ألا نقعد مجرد مشاهدين. إنه يجب أن يكون لنا وظيفة وعمل وهي العبادة.
سأضرب مثلاً ولله المثل الأعلى رجل أعمال كبير عنده مؤسسة ولا يحتاج إلى موظفين فيها ولا مال ثم قابل شابًا محتاجًا يشكو من انه لا يجد عملًا. فأخذه الرجل إلى مؤسسته ليوظفه فيها.ثم كان يوماً فدخل عليه مكتبه فإذا هو جالس يلهو ويلعب. فقال له انا لم آتِ بك هنا إلا لتعمل لا لتلعب.
هذا المثل يوضح ما أريد أن أقوله بشأن الآية الكريمة
والله أعلم


الاثنين، 4 ديسمبر 2006

الله نور السموات والأرض

السلام عليكم
النور والظلام
النور هو وسيلة توضيح الأشياء وهو لفظ عام قد يطلق على أي وسيلة تعيننا على استيضاح كنه الأشياء. وغياب النور هو الظلام . وعندما ننظر إلى النور هذه النظرة العامة نجد أنه كما يأتينا النور من الشمس لتعين أعيننا على رؤية الأشياء فإن النور يأتي لبعض الحيوانات مثل الخفافيش عن طريق انعكاس الصوت فبدون انعكاس الصوت هنا لا يرى الخفاش! فلو فرضنا أن خفاشاً فقد حاسة السمع فإننا نستطيع أن نقول أنه يعيش في ظلام.
النور والضوء ما الفرق؟
أ-طبقاً للنموذج السابق فإن الضوء ما هو إلا مصدر من مصادر النور وهو ليس مصدرًا دائمًا له. فالضوء بالنسبة للضرير ليس مصدر نور على الإطلاق, إنما يعتمد الضرير على باقى حواسه "كاللمس والشم والسمع" في الاستعانة بأنواع أخرى من النور كوجود ملمس للأشياء ووجود رائحة للأشياء ووجود صوت للأشياء .
ب-عندما وصف الله في كتابه العزيز أن الشمس ضياء بينما القمر نور في سورة يونس - آية 5
هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورًا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون
صدق الله العظيم
فقد وضح القرآن هنا اختلافًا في طبيعة الشعاع الصادر عن كلا من الشمس والقمر وقد اخبرتنا التجربة أن الشمس مصدر من مصادر النور لكنها ليست مصدراً للنور فحسب بل هي مصدر للحرارة أيضاً . ولكن القمر ليس كذلك فهو مصدر للنور دون الحرارة وهنا يتضح معنى النور أكثر حيث أن النور هو أداة استبيان الحقائق النقية التي لا تعتريها مكونات أخرى قد تكون زائدة أو حتى مضرة لهذا الغرض بالذات وهو المعرفة.
الله نور السموات والأرض
قال تعالى في سورة النور - آية 35
الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نورٌ على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم
صدق الله العظيم
بهذا الفهم لمعنى النور يتضح معان جميلة في الآية السابقة
أ-أن الله تعالى خلق القوانين التى تدل كل شئ على طريقه ووظيفته فتخيلوا معي ان قوانين الطبيعة اختفت فجأة سيتخبط الكون تخبطاً مدمراً فقد حل الظلام (هو انعدام القوانين هنا) فجأة . لا شئ يعرف اين يذهب ولا شئ يعرف وظيفته . فالله تعالى بوضعه لقوانين الطبيعة هو نور السموات والأرض
ب- أن الإنسان مثل باقي الأشياء يحتاج إلى نور ليعرف طريقه ووظيفته فلو ترك الله العالم بدون وحي ودين لتخبط الإنسان شر تخبط ولساءت حياته شر سوء على مر العصور (أسوأ بكثير مما هي الآن) حيث أنه لايعرف لا طريقه ولا وظيفته بل أنه مهما علا عقله لا يستطيع أن يدرك حقائق الوجود العليا لأن الظلام لا يمكن عقله من ابصار تلك الحقائق.
قال تعالى في سورة النور -آية 40
أو كظلماتٍ في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا اخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور
صدق الله العظيم
ج- أن الفرق بين نور الله المتجلي على الكائنات غير العاقلة وبين نوره الموحى إلى الإنسان أن هذه الكائنات لا ترفض هذا النور وبالتالي لا تتخبط أما الإنسان فقد يقبله ويفتح له بصيرته وحينئذ تنتظم حياته وتتناغم مع الكون وقد يرفضه ويغلق أمامه بصيرته وحينئذ فلا يلومن إلا نفسه فقد اختار العمى على الهدى
قال تعالى في سورة الأنعام - آية 122
أو من كان ميتًا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون
وقال تعالى في سورة فصلت - آية 17
وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون
صدق الله العظيم

اللهم يا نور السموات والأرض اجعل في قلوبنا نورًا يدلنا إليك ويثبتنا على صراطك المستقيم

والله تعالى أعلى وأعلم

وجعلنا من الماء كل شئ حي

السلام عليكم
أتعجب كثيراً ممن يهملون هذه الآية كآية من أكثر الآيات التي تحوى اعجازاً وافحاماً لمخالفي القرءان في كل العصور. فإن هذه الآية يستحيل أن تصدر عن بشر عاقل لأنها فيها جزم مطلق أن الكائنات الحية في كل مكان وكل زمان في الكون كله (وليس على الأرض وحسب) لا يمكن إلا أن تكون محتوية على الماء كعنصر أساسي في تكوينها, فلا يمكن لأي انسان عاقل ان يجزم بذلك مهما على علمه لأن العاقل كلما يعلو علمه يعلو معه ادراكه بضخامة الكم المحجوب عن علمه.
فلو كان محمد صلى الله عليه وسلم هو مؤلف القرءان لما جرأ أن يضع القرآن في تحدٍ يستمر إلى يوم الدين حيث أنه لو ثبت في أي وقت أو أي مكان أنه يوجد كائن حي لا يحتوى على الماء فإن الآية تبطل في الحال. ولو سرنا وراء فرضهم بأن محمد صلى الله عليه وسلم هو مؤلف القرءان فإن القرءان يشهد بأن هذا الإنسان هو في منتهى الحكمة والعبقرية البشرية ليؤلف كتاباً بهذا الحجم هو معجز في كل شئ ولم يستطع بشر حتى الآن أن يأتي بسورة من مثل أقصر سورة منه
أقول لو سرنا جدلاً معهم في هذا الفرض فإنه لا يليق بهذا الإنسان العبقري أن يضع نفسه وقرءانه في هذا المأزق الخطير وهذا التحدي الذي يعرض مؤلَفه للانهيار في أي مكان او وقت يثبت فيه عكس ذلك. وبالتالي يوجد هنا تناقض ناشئ عن الفرض وهذا يؤدي إلى بطلان فرضية أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو قائل الآية إذن لابد أن قائل هذه الآية هو خالق الكون الذي يعلم كل شئ فيه زماناً ومكاناً.
ومن الواضح لأي إنسان يفقه اللغة العربية أن اسلوب الآية وسَمتَها اللغوي متناغم وغير شاذ عن باقي آيات القرءان المعجز وبالتالي يعد هذا دليلا واضحاً على أن هذا القرءان الذي بين يدينا هو من لدن الحكيم العليم الله عز وجل.
.وبالطبع لا يفوتني أن أقول أن هذا دليلٌ هو مقنع لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ولكن من اختار أن يجحد فلن يقنع بأن القرءان من لدن الله حتى لو نزل عليه من السماء رأي بصره
قال تعالى في سورة الأنعام - آية 33
قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون
صدق الله العظيم
والله تعالى اعلم

حقيقة وجود الله بين البرهان والدليل

السلام عليكم
عندما نقيم برهاناً على شئ ما فاننا نستخدم شيئاً اكثر بديهية منه كنقطة انطلاق للبرهان عليه كما هو الحال عندما نستخدم مسلمات اقليدس مثلاً في البرهنة على نظرية مثل نظرية فيثاغورث. أما الآشياء البديهية أو الأشياء التي يدركها الحس ادراكاً مباشراً فنحن نستخدمها في استنتاج أشياء اقل بديهية منها أو اقل وضوحاً منها
....
ماذا لو جاء أحد فقال لك في ظهيرة يوم مشمس أريد منك برهاناً على وجود الشمس. بالطبع ستعتبره مخبولاً أو مجنوناً لأن الأمر لايحتاج لبرهان أصلاً.
ماذا عن وجود الله أهو يحتاج إلى برهان؟
إن وجود الله تعالى لهو مدرك بالفطرة إدراكاً مباشراً وهو يمكن أن يستخدم في برهنة قضايا أخري أقل يقينية. إن الإنسان ذا الحس السليم يدرك الله ببصريته إدراكاً أقوى من إدراك أعيننا الشمس في ظهيرة يوم مشمس.
...
قال تعالى في سورة الأعراف - آية 172


واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين
صدق الله العظيم
....
ولكن طاما الأمر بهذا الوضوح السؤال هنا لماذا ينكر البعض وجود الله؟! إن إنكار البعض وجود الله هو نتيجة لعملية طمس تمت لفطرتهم التي فطرهم الله عليها عن طريق البرمجة السلبية التي تلقوها في حياتهم و التي تشوش على هذا الحس النقي. وهاهنا يأتي دور الدليل على وجود الله ولكنه يأتي فقط لمن عميت بصائرهم. تماماً كما تأتي لشخص ضرير وفاقد الإحساس في جلده وتقول له انا سآتي لك بدليل على وجود الشمس فإنه لولا وجود الشمس لما وجدت حياة على وجه الأرض لأن الحياة تحتاج لطاقة والطاقة مستمدة من الشمس. إنك حينئذ لم تبرهن على وجود الشمس ولكنك استدللت بأشياء أخرى على وجودها. ولم تكن لتلجأ لهذا لو لم يكن هذا الإنسان فاقد لحواسه.
......
وقد تحدث القرآن لهذا الصنف من الناس فقال الله تعالى في سورة الطور - آية 35
ام خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون
صدق الله العظيم
......
وعندما سؤل الأعرابي القديم عن وجود الله قال
البعرة تدل على البعير وخط السير يدل على المسير فكيف بسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج أفلا يدل ذلك على العلي القدير
.....
الخلاصة
أن وجود الله هو مدرك بحواسنا العليا (بصائرنا وأفئدتنا) إدراكاً مباشراً فهو لا يحتاج إلى برهان . ولكنه قد يحتاج إلى دليل عندما تفسد هذه الفطرة فنستدلل حينئذ بإدلة عقلية حتى تعيدنا الى الحقيقة التي فقدناها والتي كانت جزءاً من تكويننا الداخلي
........
والله اعلم

المنطقي والمعتاد بين العلم والدين

السلام عليكم
عندما ظهرت نظرية النسبية بنتائجها الغير معتادة من انتقال مفاهيم الزمان والمكان من مفاهيم مطلقة إلى مفاهيم نسبية. صدم هذا كثير من الناس (وحتى يومنا هذا) وقالوا هذه نتائج غير منطقية ولكن هل فكر هؤلاء في معنى كلمة منطقي؟!
معنى منطقي
إن معني منطقي لا يتعدى ان يكون غير متناقض مع بعضه البعض. عندما اقول هذا الكلام غير منطقي معناه انه يوجد تناقض داخلي في محتوى الكلام. وعندما اقول هذا الكلام منطقي يعني هذا خلوه من التناقضات الداخلية. ومنطقية الكلام مستقلة عن واقعيته. بمعني أنه قد تكون مثلاً ثمة نظرية فيزيائية لا تحمل أياً من التناقضات الداخلية ولكنها ليست لها أية علاقة بالواقع ونستطيع أن نقول أن كل واقعي منطقي وليس كل منطقي واقعي!! وبذلك اتضح معنى الكلمة
معنى المعتاد
المعتاد ببساطة هو ما ألفته حواسنا خلال فترة حياتنا المحدودة وخلال تجاربنا المحدودة
الخلط بين المنطقي والمعتاد
إن معظم ما يقول البشر عليه غير منطقي هو في الحقيقة غير معتاد فحسب فمثلاً نتائج كل من نظرية النسبية وميكانيكا الكم غير معتادة بالمرة وذلك لأننا ببساطة لم ندرك بحواسنا مواضيع النسبية والتي تنجلي بوضوح عند سرعات تقارب سرعة الضوء ومواضيع ميكانيكا الكم والتي تنجلي بوضوح في العالم ما دون الذري. فعندما أقول مثلا أنه ممكن حسب ميكانيكا الكم أن تنفذ قطة من جدار سميك دون ان تصاب باذى ودون تحطيم الجدار سيرد الكثير على هذا بقولة "هذا ليس منطقيا" ولكني أرد فاقول بل هذا ليس معتاداً لأن احتمالية هذا الحدث طبقاً لميكانيكا الكم هي احتمالية صغيرة للغاية. ولكننا لو فكرنا بإنصاف في القضية لما وجدنا أية تناقض في كلامي عندما أقول أن قطة عبرت جداراً سميكاً. أليس كذلك؟
الإنسان بطبيعته يرفض الغير معتاد
كما رأينا ذلك في العلم الحديث ورفض الإنسان لما هو ليس معتاداً فإن هذا بعينه حدث عندما تكلم الأنبياء إلى أقوامهم عن وجود إله واحد يحكم الكون لاتدركه حواسنا المادية وانه يوجد بعث وحساب بعد الموت
قال تعالى في سورة الإسراء - آية 49
وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا
صدق الله العظيم

وقال تعالى في سورة الأحقاف - آية 22
قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين
صدق الله العظيم

إنهم هنا احتكموا على المعتاد فهم لم يروا هذا بأعينهم من قبل (وهذا طبيعي لأن أحداً منهم لم يمت من قبل ليجرب) فرفضوا أمراً ليس معتاداً على أنه غير منطقي.
الخلاصة
ان الإنسان ينبغي ألا يرفض أمراً لمجرد أنه لم يتعود عليه بل يجب أن يعلم حدود خبرته الذاتية وأن عدم تطابق ما يُخبر به مع ما تعود عليه لا يعني بطلانه.
والله أعلم

العقل والدين, هل من تنازع؟

السلام عليكم
إن الإدعاء بأن الدين والعقل خصمان لهو ادعاء غاية في الغرابة والجور. ولكن في الواقع لا دين بغير عقل. فنحن لم ندرك أن ديننا صحيح وأنه من لدن الله عز وجل إلا باستخدام العقل. والعقل هو الذي أرشدنا أن القرءان الكريم هو كلام الله المتواتر المقطوع بصحته وهو أيضاً الذي مكننا من التفريق بين الصحيح والضعيف مما ورد كسنة نبوية. إذن فلا عقيدة سليمة بدون عقل .والعقل هو مناط التكليف في الإسلام فإن رفع العقل رفع التكليف.
ماذا بعد العقل؟ إنه العقل
ولكن ماذا بعد أن وصلنا بعقلنا إلى الدين الحق والنصوص الصحيحة الموحاة من الله عز وجل؟ أن عقلنا يجب أن يعمل فقط في الفهم الصحيح والتطبيق السليم لما جاء في الوحي.
قال تعالى في سورة محمد - آية 24
افلا يتدبرون القران ام على قلوب اقفالها
صدق الله العظبم
وذلك حتى لو كنا لا نتخيل السبب من أوامر كثيرة أمرنا بها وذلك لأننا نثق أن هذه الأوامر من عند الله ونحن نثق فيه ثقة مطلقة و نطيعه عرفاناً بفضله علينا وطمعاً في جنته وخوفاً من عقابه
قال الله تعالى في سورة الأحزاب - آية 36
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا
صدق الله العظيم
وهذا هو عين العقل فإننا ان لم نطع ربنا (حتى ولم ندرك الحكمة من الأوامر التي نؤمر بها) نكن حمقى لأن هذا سيؤدي بنا إلى التهلكة
العقل لايصطدم مع الدين ولكنه الهوى
أما من يدعون ترك الأوامر واقتراف المنهيات بحجة أنهم عقلانيون فالعقل منهم برئ براءة الذئب من دم بن يعقوب. إنهم يبدلون الألفاظ ويخدعون أنفسهم ويخدعون الناس لأنهم يتبعون الهوى واتباع الهوى هو عكس العقل تماماً لأن العقل معناه نهي النفس عن الهوى فقد قال تعالى في سورة النازعات - آية 40 و 41
واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى
صدق الله العظيم
و قال تعالى في سورة الفرقان - آية 43
ارايت من اتخذ الهه هواه افانت تكون عليه وكيلا
صدق الله العظيم
الخلاصة
لا دين صحيح بدون عقل ولا عقيدة سليمة من غير عقل ولافهم سليم لشرائع الدين و تطبيق سليم لها بدون عقل
.......................
أنه لا تعارض ولا تنازع بين العقل السليم ونصوص الدين قطعية الثبوت وإنما التعارض يكون بين هوى النفس وبين دين الله

لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا

السلام عليكم



دلائل انسجام الكون مع بعضه
تأملت في مدى انسجام الكون مع بعضه البعض فوجدت عجبًا. وجدت أن الكون مخلوق كله من نفس وحدات البناء الرئيسية. فالمواد على اختلاف انواعها وخصائصها كلها مخلوقة من الكترونات وبروتونات ونيوترونات وكواركات وعلى اختلاف تفاعل تلك الجسيمات الدقيقة نشأ كل شئ.
وأيضاً تأملت في المعادلات التي تحكم تصرفات الأشياء فوجدت عجبًا . وجدت مثلًا المعادلة التي تصف تصرف جسمًا مربوطًا في زنبرك هي نفسها المعادلة التي تحكم دائرة كهربية مكونة من ملف ومكثف بل لم يتوقف الأمر عند هذا, فإن العلماء الآن بصدد الوصول إلى قانون كلي أو نظرية كلية يصف كل الأحداث في نفس الإطار (نظرية كل شئ) بل وشارك العالم المسلم العبقري محمد عبد السلام في خطوة أساسية نحو هذه النظرية تسمى (نظرية المجال الموحد) والتى حصل بسببها على جائزة نوبل في الفيزياء. وأيضًا علماء الأحياء يعلمون جيدًا مدى انسجام وتشابه الكائنات الحية بعضها مع بعض في اسلوب التكوين وأن الماء تدخل في تكوينها جميعًا ولم -ولن- يشذ عن دخول الماء في الكائنات الحية كعنصر أساسي كائن حي واحد
بطلان فرضية وجود أكثر من إله
تخيلوا معي على سبيل الجدل أنه يوجد أكثر من إله سيترتب عليه ما يلي

أ- ستجد قوانين الطبيعة غير مستقرة وتتغير بصورة عنيفة لتنازع الآلهة على حكم الكون ويؤدي هذا إلى دمار شامل في الكون
ب- ستجد جزء من الكون يتكون من جسيمات أوليه معينة وجزء يتكون من مكونات أولية أخرى وسيؤدي هذا إلى تفاعل الكون مع بعضه بطريقة غير محسوبة مما يؤدي لانهياره في الحال
ج- لن يقترب العلم بأي حال من الأحوال إلى النظرية الموحدة لأنه يستحيل وجود قانون واحد يصف الكون إذا كان هناك آلهة متعددة
د- ستجد أن الكائنات الحية ليس فيها عوامل مشتركة نتيجة لأن اسلوب خلق كائنات معينة مختلف عن اسلوب خلق كائنات أخرى وذلك نتيجة طبيعية لتعدد الآلهة

==========================================
وحيث أن الأربع نقاط العليا غير متحققين. إذن الفرضية التي بدأنا بها هي فرضية باطلة
==========================================

وصدق الله العلي العظيم حينما أعلنها جلية مدوية في القرءان الكريم المعجز في سورة الأنبياء - آية 22
"لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ"

وصدق الله العظيم عندما قال في سورة الإسراء - آية 42
"قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً"
صدق الله العلي العظيم

الخلاصة
لا إله إلا الله