الخميس، 31 مايو 2007

الامتحان الغريب

السلام عليكم
لم يكن امتحاناً كبقية الامتحانات, لقد دخلت اللجنة وانا احس اني مستوعب للمادة تماماً ولكني لا أتذكر أني ذاكرتها من قبل وكأنها محفورة في ذاكرتي وفهمي !!, ولكن شيئاً غريباً حدث بباب اللجنة إذ ببعض الناس يظهرون ابتساماتهم وحبهم يقولون لي خذ يا بني هذه الكتب لتذاكر منها ولتحل الامتحان. ما هذا؟ اليس هذا امتحان الكتاب المفتوح الذي اختلف فيه الناس هل هو أسهل أم أصعب من الامتحانات العادية؟!. نظرت الى الكتب فوجدت عجباً, وجدت أن كتاباً واحداً من كتبي كان مكتوباً عليه شعار " كتاب المادة" ! وباقي الكتب لا, رمقت عن بعد زميل لي يستلم الكتب فوجدت كتاباً آخر معه يحمل شعار" كتاب المادة". تعجبت وقلت في نفسي السنا في نفس اللجنة ونفس الامتحان واستنتجت أن جزءاً من الامتحان هو اكتشاف ما إذا كان هذا الشعار حقيقياً أم لا!! وأي 



الكتب هو كتاب المادة الحقيقي . ... بحثت عن مقعد وجلست
وجدت ورقة الأسئلة أمامي وفي نفس الوقت وجدت محاضرين يلقون دروساً علينا تبدو مختلفة بل وبلغات مختلفة !! ما علاقة هذه الدروس بالامتحان؟ وما علاقتها بالكتب التي اُعطيتها على الباب؟! ووجدت اناساً آخرين يبدون كمهرجي السيرك يوزعون علينا كتباً ومجلات ترفيهية ويقولون لنا هذه الكتب والصور والمجلات لكي لا تشعر أنك بامتحان وحتى تطمئن. تعجبت لوهلة من كلامهم فأنا إذا لم أشعر أني في امتحان فلن أحل الأسئلة أبداً.ولكني نظرت الي هذه المجلات فوجدتها ملونة بالوان مبهجة لافتة للأنظار
قال زميل لي : هل تعلم انه باستطاعتك ان تتجول في اللجنة وأن ترى كتب زملائك بل واجابتهم؟ إنه امتحان غير عادي. قلت في نفسي هذا شئ جميل
جعلت أتردد على زملائي فوجدت معظمهم يرفهون عن أنفسهم بالصور المبهجة تاركين كتبهم على مناضدهم غير آبهين بها. ووجدت كثيراً منهم منهمك في قراءة الأسئلة ولا يحل وكثيراً منهمك في قراءة الكتب ونسي أن معه ورقة للإسئلة وورقة أخرى للإجابة وكثيراً يحل الأسئلة دون أن يقرأ الكتب. ولكني وجدت شيئاً عجيباً, وجدت أن الكتب التي مع زملائي تكاد تكون مختلفة عن بعضها جزئياً أو كلياً عدا كتاباً واحداً وجدته هو هو عند الجميع بنفس الصيغة فقلت يبدو لي دون أن أنظر في محتويات هذا الكتاب أنه المنهج . هذا شئ منطقي لأننا في امتحان واحد ومادة واحدة. ولكن علي أن أمعن النظر فيه وفهمه حتى يطمئن قلبي. ولكن بالرغم من هذه الصفة الفريدة لذلك الكتاب وجدت أن بعضاً من الطلاب فقط يجدون عليه الشعار "كتاب المادة" ومعظمهم لا يجدون عليه هذا الشعار. تأملت قليلاً فإذا بي أجد شيئاً أعجب وأعجب, وجدت أن معظم من يجدون الشعار على الكتاب الوحيد الصيغة هذا لا ينظرون إليه ووجدتهم منهمكين في النظر إلى الصور أو النظر في كتب غيره!! . هل هذا طبيعي!؟
راعني المشهد عندما رأيت أحدهم تُسحب منه ورقة الإجابة بلا هوادة وهو لم يكتب شيئأً بعد في الورقة ثم تذكرت فجأة أنهم لم يخبرونا عن زمن الامتحان إنها المعلومة الوحيدة التي لم نُخبر بها. راعني الموقف فعدت سريعاً الي مقعدي, نظرت في الكتب وفي الأسئلة نظرت الى بعض المحاضرين الواقفين في مقدمة اللجنة. وجدت توافقاً غريباً بين أسئلة الامتحان وبين الكتاب المكرر الذي ليس له صيغ مختلفة بل ووجدت أن الكثير من المعلومات المفيدة موجودة في هذا الكتاب ومنها معلومة أن زمن الامتحان غير متاح لنا معرفته. تيقنت أن هذا الكتاب هو كتاب المادة جعلت أقرأ فيه بشغف وأكتب في الورقة في نفس الوقت ومن حين لآخر تشدني المجلات ذات اللوان المبهجة فانظر اليها طويلاً.
فجأة وجدت مراقباً أمامي يسحب مني الورقة ويقول لي لقد انتهى زمن الإجابة, جعلت أبكي وأترجاه أن يترك لي الورقة ولو لدقائق فلن أنشغل بغيرها أبداً فإني أخشى أنى لم أجب إلا على النذر اليسير من الأسئلة, قال لي هذه هي التعليمات يا بني وسحب الورقة. وقال لي لا تخف إن كنت تستحق النجاح ستنجح فهناك شئٌ لا شك فيه ألا وهو عدل المصحح
جعل زملائي ينظرون إلى بعين الرثاء ولكني تعجبت أن أحداً منهم لم يفكر في ترك النظر إلى والانهماك في حل أسئلته

الثلاثاء، 29 مايو 2007

المصيبة الحقيقية

السلام عليكم
هل فكرت يوماً أنه إذا أصابتك مصيبة ما في هذه الدنيا فإنها ستنقشع كما تنقشع سحابة الصيف حين موتك. إن الحياة كحلم طويل والموت كالإفاقة منه
وهذا المعنى يذكرنا بقول الخليفة الراشد على بن ابي طالب رضي الله عنه
الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا
فكم من حلم مزعج تتراكم فيه المصائب والمصاعب على النفس ثم يفاجأ الإنسان بأنه مجرد حلم وأنه بمجرد استيقاظه زالت كل المشاكل فجأة
وقد حث الله تعالى على الصبر على مصيبة الدنيا في كتابه الكريم : سورة الأحقاف -آية 35
فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كانهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون
صدق الله العظيم
إذن فإن المصيبة التي ليس لها امتداد بعد الموت هي ليست مصيبة حقيقية وإنما مجرد كابوس مزعج لفترة وجيزة جداً ما يلبث أن يزول وينقشع بالموت ليحل محله حياة أخرى لا نهائية ومن السهل اذ ذاك نسيان اي كابوس مزعج له زمن محدود في عالم جديد امتداده الزمني لانهائي
المصيبة الحقيقية
ومن التأمل السابق نجد أن المصيبة الحقيقية هي أن يستيقظ الإنسان من حلمه (حياته لدنيا) على عذاب مقيم يوم القيامة فإنه حينئذ سيعض كل بنان الندم أنه التفت لكوابيس زائلة واهتم بها وقد يكون ارتكب معاصي باقية في سجله من أجل ازالتها
إن المصيبة الحقيقية هي عدم رضا الله تعالى عن الإنسان الذي بدوره يجر الإنسان إلى هلاك واقع لا محالة ولذلك كان يدعو الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ربه فيقول " إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي" فغضب الله هو المصيبة الحقيقية لأنه لن ينقشع بالموت بل سيجده الإنسان قابع على صدره بعده
قال الله تعالى في سورة يونس آية 45
ويوم يحشرهم كان لم يلبثوا الا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين
صدق الله العظيم

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

لو- بين الاتعاظ والاعتراض على القدر

السلام عليكم
موقفان
أ-فشل شخص ما في مهمة ما بسبب تقصير منه فقال لو لم أقصر وكنت فعلت كذا لما فشلت
ب-ذهب شخص ما الى المطار في موعده لكي يستقل الطائرة فوجد ميعادها قد تأجل وبالتالي تأخر عن موعد وصوله فقال لو أني قمت بالحجز على متن خطوط طيران أخرى لما تأخرت عن موعد وصولي
حديث النهي عن لو
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف . وفي كل خير . احرص على ما ينفعك واستعن بالله . ولا تعجز . وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا . ولكن قل : قدر الله . وما شاء فعل . فإن لو تفتح عمل الشيطان
الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2664
أي الموقفين في الأعلى ينطبق مع نهي الحديث؟
بالطبع هو الموقف "ب" وذلك لأنه اعتراض على القدر وليس لوم للنفس على التقصير لأن المسافر فعل كل ما يجب عمله وقد قدر الله بالرغم من ذلك عكس ما يريد
والحديث واضح فهو يحث أولاً على القوة والحرص على ما ينفع والاستعانة بالله أي يحث على الأخذ بكل الأسباب فإذا حدث غير ما يتمناه المرء بعد ذلك فلا يقول لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن يستسلم لقدر الله العليم الحكيم
ولكن ما حكم الشخص الذي في الموقف "أ"؟ إننا يجب نقر بأن هذا ليس هو المقصود بالحديث الشريف وبأن ما قام به هو لوم للنفس على التقصير (وليس لوماً للقدر) حتى تتعظ ولا تكرر الخطأ مرة أخرى, وبالتالي فهو فعل محمود شرعاً وليس فعلاً مذموماً كما هو الحال في الموقف "ب" , فتأمل
والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الجمعة، 25 مايو 2007

حدود الخيال ونعمة الرياضيات

السلام عليكم

هل هناك حدود للخيال؟

إن الاجابة على هذا السؤال بسيطة وهي نعم يوجد حدود للخيال فإنه توجد حدود لكل شيء خلقه الله والخيال من صفات الانسان المخلوق
قال الله تعالى
(إنا كل شيء خلقناه بقدر)
[ القمر 49 ]

حدود الخيال

إن الخيال مرتبط دائما بما في ذاكرة النسان وخبرته من أشياء وأحداث وخيال الانسان يمكنه أن يمزج بين أشياء وأحداث لم يرها تمتزج في الواقع فيكون شيئا خياليا ولكنه في الواقع مزيج مما يعرفه الانسان فمثلا تخيل القدماء قدرة الانسان على الطيران وهذا كان أمرا خياليا قديما ولكن هذا التخيل ينبع من رؤية الانسان للطير
فهل إذا لم ير النسان أي شيء يطير فهل يمكنه أن يتخيل الطيران ؟
الاجابة هي كلا الانسان لا يمكنه تخيل ما ليس له علاقة بأي شيء يعرفه أو رآه
فلا يمكن للإنسان مثلا أن يتخيل جسما خماسي الأبعاد كيف شكله ؟ ما مواصفات التفاصيل بهذا الجسم؟
ذلك أن الانسان كل خبرته في رؤية الأجسام ثلاثية الأبعاد
تلك هي حدود الخيال وهي ما رآه الانسان أو عرفه بأي حاسة من حواسه

ويمكننا أن نرى ذلك في الحديث القدسي
يقول الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين : ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ذخرا ، بله ما أطلعتم عليه . ثم قرأ : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون } رواه البخاري }

فإن ما لا يعرفه الانسان بحواسه كالرؤية والسمع لا يمكن أن يخطر على قلبه أي لا يمكن أن يتخيله

الرياضيات

إن الله تعالى قد علم الانسان الحساب وهو أساس الرياضيات فقد قال الله تعالى
{ هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً وقدَّره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون إنَّ في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقومٍ يتقون }[ يونس : 5- 6 ]ـ
( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا )[ الإسراء 12 ]ـ

إن الرياضيات آداة علمها الله للانسان فمكنته أن يخرج خارج حدود الخيال

فالجسم خماسي الأبعاد يمكن تمثيله رياضيا بمجموعة من النقاط كل نقطة لها خمسة احداثيات بل ويمكن عمل كثير من العمليات الرياضية على هذا الجسم مثل حساب مساقطه المختلفة على ثلاثة أبعاد وعمل حسابات لمعرفة احداثيات نقط هذا الجسم إذا دار حول محور معين

إن الرياضيات تخرج بنا خارج حدود الخيال لنتعامل وببساطة شديدة مع مبادئ لا يمكن تخيلها

ولعل من أبرز هذه الأمثلة على استخدام الرياضيات للتعامل مع ما لا يمكن تخيله هي نظرية الكم

فهي نظرية رياضية لا يمكن تخيل قواعدها بالخيال وحده ولعل هذا ينبع من أن الجسيمات متناهية الصغر لم يرها الانسان ولم يتعامل معها وبذلك لا يمكنه تخيلها ولطالما تخيلها النسان مثل الاجسام الكبيرة التي يراها ولكن ثبت خطأ هذا التخيل عمليا

مزج الرياضيات بالخيال

ولكن ليس هذا فقط ما نستفيده من الرياضيات ولكن الرياضيات يمكنها تقديم كميات جديدة لا أصل لها سوى الرياضيات ليتعامل معها الإنسان ويمزجها مع خياله ليكون خيالا جديدا من تصرفات هذه الكميات بطريقة مماثلة لتصرفات الكميات المعروفة للانسان

وإليكم هذا المثال فإن الاحتمالات مبدأ رياضي ولكن في نظرية الكم يمكنك أن تسمع أحيانا كلمة تيار من الاحتمالات أو
probability current
ويتم التعامل مع هذا التيار رياضيا
إن هذا مثالا على المزج بين الخيال والرياضيات فالانسان يتخيل تيار من الماء ويتخيل أيضا تيار من الالكترونات على الرغم أنه لا يستطيع تخيل الالكترون نفسه تفصيلا ولكنه عندما يتخيل تيار الالكترونات يتخيل ضمنيا أن الالكترون جسم صغير مثل أي جسم

أما تيار الاحتمالات هذا فهو مزيج بين المبادئ الرياضية والخيال فالرياضيات يمكنها أن تقدم كمية جديدة ليتخيلها عقل الانسان بأن لها حركة ومسار وتيار مثل الكميات التي يعرفها الانسان عمليا

وهذا المزيج من الرياضيات والخيال أيضا يمكنه الخروج خارج حدود الخيال التي عرفناها سابقا

فسبحان الله الذي علم الانسان ما لم يعلم

والله أعلم
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

السبت، 12 مايو 2007

أنواع الكلام

السلام عليكم
أنواع الكلام

أ-كلام له معنى
وهذا النوع من الكلام يخلو من التناقض الداخلي ويحمل معنى معين أو يسأل عن شئ معين
ونستطيع أن نقسم ما له معنى من الكلام إلى
أولاً: كلام خبري وهذا بدوره ينقسم هنا إلى نوعين
النوع الأول:كلام صادق:وهو ما ينطبق مع الواقع
النوع الثاني: كلام كاذب وهو ما لا ينطبق مع الواقع

ثانياً: كلام استفهامي: وهذا النوع له إجابة عرفناها أم لم نعرفها

ب-كلام ليس له معنى

أولاً: كلام خبري وهذا لايمكن تقسيمه إلى كلام صادق وكاذب وذلك كأن أقول "أحمد لا يقول إلا الصدق ولكنه يكذب كثيراً"
فإذا سألك أحدهم هل هذه العبارة صادقة أم كاذبة تستطيع بكل ارتياح أن ترد وتقول : لا ينطبق عليها هذا المعيار لأنها فارغة من المعنى

ثانياً: كلام استفهامي: وهذا النوع هنا الصحيح ألا نرد على السؤال أصلاً وبدلاًمن ذلك نبين للسائل أنه يسأل سؤالاً ليس له معنى أصلاً وذلك كأن نقول أيهما أكبر مساحة القاهرة أم وزن الطائرة البوينج؟
فإن أجبنا على هذا السؤال يكون الخطاُ خطأنا لأننا لم ندرك أن السؤال لا يرد عليه أصلاً
ومن هذا النوع ما سأله أحد الناس بعض المسلمين: هل يستطيع ربك أن يخلق مثله؟
والرد على هذا أن مثل الله هو "لامخلوق وليس له مثل" إذن يوجد تاقض داخلي في السؤال أن نسأل هل يمكن أن يُوجد "مثل من ليس له مثل" وأن "يُخلق من لاتصح في حقه صفة الخلق لأنه خالق كل شئ" والسؤال عن الاستطاعة هنا هو نوع من العبث لأن الاستطاعة لا تطلق إلا في حق ما يصح منطقياً أما ما لايصح منطقياً فهو لايمكن أن ننعته بالاستطاعة أو عدمها
وبالتالي فالرد هو أن السؤال ساقط منطقياً والحق أننا من الخطأ أن نطلق عليه سؤالاً أصلاً وبالتالي لا توجد له إجابة لأنه لا إجابة للاسؤال
والله أعلم
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراءوأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأربعاء، 9 مايو 2007

المتعارضات الموهومة في فكر المسلم المعاصر

السلام عليكم


السبب الرئيسي في تأخر الأمة الإسلامية في كل الميادين هو عدم تبنيها للإسلام كمحور حياة. وعدم تبني الإسلام ليس بالضرورة أن يكون ترك الدين بالكلية أو تهميشه ولكنه يمكن أيضًا أن يكون الفهم الخاطئ للإسلام وحقائقه. ومن ضمن هذه المفاهيم الخاطئة تناقضات موهومة بين أشياء من الدين وأشياء أخرى ضرورية جدًا للنجاح في الحياة وهي من الدين أيضًا لأن ديننا دائمًا وأبدًا يدعو إلى النجاح في الحياة الدنيا والآخرة. ولكن ياللأسف فإن الخطاب الإعلامي الديني الموجه للمسلمين ولا يركز إلا على الشق الأول من المتناقضات وبذلك أقصد عدم توضيح إسلامية الشق الثاني وأنه لا تعارض بينهما في ديننا. ونتيجة لهذا, ينشأ التعارض تلقائيًا في عقل المسلم البسيط فتكون الكارثة التي نعيشها اليوم ونتجرع مرارتها. ويمكن إعطاء أمثلة لهذه المتناقضات الموهومة كالآتي

ملحوظة: البند الأول في كل زوج من المتناقضات هو مايتم التركيز عليه عادة في إعلام المسلمين اليوم


الرضا بالرزق والطموح
تقال كثيراً هذه العبارة "أرضَ بقليله ولا تطمع" وهذه العبارة لا تصح إلا لو بذلت أقصى ما في وسعي من السعي الحلال وبالرغم من ذلك لم يأتني من رزق الله إلا القليل فالرضا هاهنا يحميني من النظر لغيري نظرة الحقد والحسد. ولكن يوجد شئ مهم أن هذا الرضا برزق الله فيما مضي لا يمنعني من أن أطبق الشق الآخر من المعادلة وهو الطموح في أن يكون لدي عائد أكبر وذلك عن طريق التغيير من نمط حياتي وتعلم مهارات حظي قليل منها بل والسفر والتجوال للبحث عن رزق الله في أرض الله
قال الله تعالى في سورة الملك -آية 15
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ "
صدق الله العظيم
يقول الإمام الشافعي في فضل السفر للبحث عن الرزق من قوت ومن علم وخاصةً إذا كان موطنك قليل الرزق والحرية
ارحل بنفسك من أرضٍ تضام بهـا.........ولا تكن من فراق الأهل في حرق
فالعنبر الخام روث فـي مواطنـه........... وفي التغرب محمولُ على العنـق
والكحل نوع من الأحجار تنظـره......... في أرضه وهو مرمي على الطرق
لما تغرب حـاز الفضـل أجمعـه........... فصار يحمل بين الجفـن والحـدق
------------------------
وبذلك نفهم أن حقيقة الرضا يتعلق بكل ما لا يستطيع الإنسان تغييره وذلك مثل "ماضي الإنسان" أما ما يستطيع الإنسان تغييره وذلك كــ "تأثير ماضي الإنسان على حاضره ومستقبله!!" فإنه من الحماقة أن يترك تغييره بحجة الرضا ومثال توضيحي لذلك هو :تغيير حالة الفقر مثلا إلى حالة أكثر غنىً يكون فيها كفاف لعياله عن سؤال الناس.
فالطموح وما ينبني عليه من تغيير هو جزء من قدر الله ولا تعارض بين تغييرك لحالك وبين الرضا بما قسمه الله لك لأنك ان اجتهدت في تحصيل الرزق الحلال فهذا هو عينُ الرضا بما قسمه الله لك وهو الاجتهاد الذي استخدمته في تحصيل الرزق, فالاجتهاد نعمة من الله قد منحها إياك وبالتالي فهي من القسمة والرزق!!
وترك العمل بحجة أن هذا قدرك, هو خداع للنفس وركون إلى البلادة لأنك لا تعلم ما هو قدر الله لك وقسمته فيك حتى تستسلم له, بل أنت حرٌ مخيرٌ لست بمسير, فليكن تغييرك لحالك للأفضل هو قدر الله, ولتكن أنت من قدر الله, الذي قدره لتغيير حالك (التي لا يمت استمرارها لقدر الله بصلة) إلى حال أفضل أرغد (والذي هو عين قدر الله) !

-------------------------
الزهد والثراء
كثيراً ما يُدعى إلى الزهد وقد أُسئ فهم معنى الزهد وظنه الناس معارضًا لامتلاك الثروة فالزهد ليس ألا يكون لك من المال إلا اليسير ولكن الزهد هو أن تمتلك الدنيا ولا تمتلكك. هو أن تكون عبدًا لله فيصير الله الدنيا خادمةً لك؟ هو أن تكون الدنيا بين يديك وتحت قدميك ولا تكون في قلبك أو أن تكون أنت خادمًا لها تحت قدميها
والثراء له شرطان إذا حققتهما فامتلك من الثروة ما شئت
أولاً: إخراح حق الفقراء في ثروتك من زكاة وصدقات
ثانياً: عدم الإسراف من المال وإن كان حلالًا
قال تعالى في سورة الأعراف - آية 31
"يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ "
صدق الله العظيم

الدعاء والسعي
هناك الكثير من الناس يقصر في بذل الجهد ويدعو الله بالنجاح. يالها من سخرية من الدين واتخاذه هُزوًا. إن الدعاء يكون موازيًا لعمل جادٍ كادح ولو لم يتحقق ذلك لا يكون للدعاء فائدة فإن الله لا يلتفت إلى دعاء من يستهزئ بسننه التي وضعها في الكون. فعلى الإنسان بذر البذور ورعايتها مع دعاء الله بإنشائها وخلقها من موت إلى حياة لكي يبارك الله له في محصوله . يقول الله تعالى في سورة الواقعة آية 63 و 64
صدق الله العظيم
وقد كفل الله نتيجة للسعي لكل من المستعين بالله وغير المستعين ولكنه كفل نتائج أكبر وأجل سواءًا في الدنيا والآخرة لمن يؤمن بالله ويستعين به
قال تعالى في سورة فصلت - آية 10
"وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ"
صدق الله العظيم
ويمكن تلخيص نتيجة السعى والدعاء في معادلة بسيطة ساذجة لا تعبر عما يحدث حقيقةً على سبيل الدقة ولكنها مجرد تقريبٌ المعنى لأولى الباع في علم الرياضيات
النتيجة= (السعي المستطاع)× (1+الدعاء) فلو أن السعي المستطاع = صفر ادعُ كما تشاء فلن تحصل على شئ بينما لو سعى الكافر بوجود الله أصلًا بدون دعاء (الدعاء=صفر) فسيحصل على نتيجة وهذا ما يحدث في بلاد الكفار

الإحساس بالأمان والتخطيط للمستقبل

إن الإيمان يكفل للإنسان الإحساس بعدم القلق لأن الله تعالى لن يتخلى عنه في الدنيا والآخرة لأنه مؤمن به متبع لشرائعه ولكن هذا لا يدعو إلى أن ينتظر الإنسان الغد دون تخطيط لهذا الغد, فالتخطيط أساس النجاح في هذه الدنيا وقد نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة الكرام ألا يتصدق بكل ماله احتساباً لمستقبل عياله حتى لا يتكففوا الناس

الصبر والتغيير
ومن المغالطات المشهورة والتي تدعو الناس إلى السبات العميق هو أن الصبر يتعارض مع التغيير فالصبر هوا فيما مضى من مصائب وفيما هو جار من ابتلاء لا يستطيع الإنسان رفعه ولكن هذا لا يدعو مطلقًا إلى السكوت على الظلم وعدم مقاومته فهذا مع ذاك جنباً إلى جنب. يقول الله تعالى في سورة الشعراء - آية 227
"إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ "
صدق الله العظيم
وفي سورة الشورى - آية 41
"وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ "
صدق الله العظيم

وهذا على سبيل المثال لا الحصر من المتناقضات الموهومة في عقل المسلم المعاصر والتي زُرعت فيه زرعًا حتى يغفو ولا يكاد يفيق

والله أعلم
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

السبت، 5 مايو 2007

القرءان -- البناء المعجز

السلام عليكم
اللغة وعلاقتها بحياة الناس والوسط الذي يحيون فيه
ما من شك لأي متأمل أن اللغة التي نتعامل بها هي وليدةٌ لما نحسه بحواسنا الخمس بحيث تمكننا هذه اللغة من التعبير عن أنفسنا واحتياجاتنا والتواصل مع الغير من بني الإنسان. وهنا لنا وقفة فحيث أن اللغة هي وسيلة التعبير عن المحسوسات فإن الإنسان لا يستطيع التعبير بها عن الغيبيات بمفرده فهو عاجز عن انشاء ذلك
لبنات بناء اللغة
ولبنات لبناء اللغة هي حروفها فعندما نكتب نثراً أو شعراً فإنما نستخدم هذه اللبنات لبناء ما نريد أن نعبر عنه
تواصل الله معنا
لكي يتواصل الله معنا يجب أن يوجد شرطان في ما يرسله إلينا
أولاً: أن يكون بنفس حروفنا وبنفس لغتنا وبالتالي نستطيع فهمه (ولذلك أورد الله تعلى في بداية بعض سور القرءان حروفاً مقطعة, ومن أوجَه التفسيرات التي قيلت في هذه الحروف أن الله يبلغنا رسالة أنه تعالى خاطبنا بنفس لبنات بناء لغتنا) فما أجملها من نعمة أن ننعم بخطاب الله العلى القدير المنزه عن النقص بلغة نفهما نحن الضعفاء العاجزون
ثانياً: أن يكون بناءاً لغوياً مميز لا يستطيع أن ينشئه بشر وإن كان بنفس لبنات البناء وهذا هو قمة التحدي لمعارضي مبدأ أن القرءان كتاب الله وقمة التأييد للمؤمنين به, فقد تحدى الله به الكفار أن يأتوا بمثل أقصر سورة من سوره في الإيضاح مع الاختصار والبهاء وسهولة الذكر وسهولة الحفظ والحلاوة والطلاوة وفي نفس الوقت استحالة الإتيان ببناء لغوي له نفس هذه المواصفات من لدى أي مخلوق أياً ماكان
التحدي التي توحي به الحروف المقطعة
وهنا ينجلى ما تبقى من معنى الحروف المقطعة التى ذكرتها آنفاً. الراجح عندي هو أن الله تعالى يتحدانا بأنه أنزل قرءاناً بحروفنا ولغتنا وبالرغم من ذلك يخلو من النقص الذي تعاني منه لغتنا فقد استخدم الله حروفاً غير تامة (لأنها لغتنا) لإنجاز بناء تام معجز يحدثنا فيه عن المشاهدات والغيبيات بنفس درجة الجلاء والوضوح
القرءان ليس شعراً ولا نثراً
وقد قسم العلماء لغة العرب إلى ثلاث أقسام ,شعر ونثر وقرءان فسبحان الله, لم يستطع هؤلاء العلماء أن يضعوا القرءان الكريم لا في فئة الشعر ولا في فئة النثر مع تفوقه على كليهما في كل الصفات البلاغية وهذا دليل لا شك فيه أنه ليس من كلام البشر حيث أن كلامهم لا يخرج عن كونه شعراً أو نثراً
ولله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراءوأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

مقومات الإبداع

السلام عليكم
مقومات الابداع
أ- تلبية حاجات الإنسان الأساسية
فإن توفرالحاجات الأساسية للإنسان من مطعم ومشرب وأمن وغيره تتيح لعقله الانتباه للكون من حوله وما يحتويه من ابداع الخالق عز وجل وتيتيح له التعلم من خالقه أفكاراً كثيرة تفيده في انتاج الإبداع المفيد للإنسانية
قال الله تعالى في سورة قريش آية 4
الذي اطعمهم من جوع وامنهم من خوف
صدق الله العظيم
ولو صحت قصة نيوتن والتفاحة واكتشاف الجاذبية. أقول لو كان نيوتن حيتئذ جائعاً لأكل التفاحة بدلاً من التفكر في سبب سقوطها
ب-المعرفة
المعرفة مهمة جداً كوقود للإبداع فإن المعرفة تشكل لنا رصيداً كبيراً من الأفكار يدفعنا الى اكتشاف المزيد عن طريق المزج بين الأفكار التي نعرفها لنخرج بفكرة جديدة
جـ-عدم التقيد بالمعرفة
واليقين بأن معرفة البشر الذين سبقونا ينتابها القصور يؤدي إلى عدم تقديسها والقاعدة هي عدم تقديس كل ما هو ليس من لدن الحكيم الخبير. أما اذا نظرنا لمعرفة من قبلنا نظرة تقديسية فاننا سنتوقف عن الاضافة اليها لظننا انها كاملة
دـ- الحرية في التعبير
إن وأد التفكير والإرهاب الفكري من اكثر السموم فتكاً بالإبداع فلا يستطيع شخص ما أن ينتج أفكاراً جديدا وهو ليس مسموح له بذلك . وإن أنتج وأبدع فإنه يُحارب في كل مكان لأنه استخدم عقله وكأن استخدام العقل أصبح رجساً من عمل الشيطان
هـ- التحدي ووضوح الهدف
فلا ابداع بدون هدف يدفع الإنسان الى الأمام. ووجود الهدف يخلق نوعاً من التحدي بين الإنسان وذاته حتى يصل للمراد.

والله أعلم
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

المراهقة الإيمانية


السلام عليكم
المراهقة


إن الطفل الصغير يعتمد على أهله ووسطه في كل شئ حتى في وسائل الحياة الأولية من مطعم ومشرب ثم ما يلبث هذا الطفل بضع سنوات حتى يدخل في طور المراهقة. وهذا الطور العمري يتميز بحب الاستقلالية والنظر للمساعدات الخارجية على أنها قيود وحب التمرد عليها حتى لو كانت في مصلحته. ثم ما يلبث هذا المراهق قليلاً أو كثيراً أن يتحول إلى درجة النضوج التي يعتمد فيها على نفسه ولا ينكر حاجته للآخرين فيساعد الآخرين ويطلب منهم المساعدة في نفس الآن ويزول عنه صلف وغرور المراهق المتمرد حتى على مصلحته والمعتقد أن زمام كل الأمور في يديه.
المراهقة الإيمانية
إن طفولة الحضارة الإنسانية (وكذا الإنسان المفرد) هي في الاعتقاد بأنه لا شئ يخضع لقانون العلة وإنما تخضع الأشياء كلها لقوى عظمى هي قوى الألهة أو الأرواح الطيبة والشريرة التي تتحكم في الكون بشكل عبثي حسب تخيله.
ولكن عندما امتلك الجنس البشري شيئاً من أسباب العلم المادي, استطاع أن يكتشف بعض القوانين التي تسير هذا الكون فاعتقد واهماً شيئين:
1- أنه استغنى عن فكرة الإله الذي يسير الكون لأنه اكتشف بديلاً له وهي العلاقات والقوانين التي "تحكم" الظواهر الطبيعية
2- أنه امتلك علم الغيب بقوانينه مما دفع العالم الشهير لابلاس أن يتجرأ ويقول "أعطني الوضع الحالي للكون أخبرك مستقبله ونهايته"

وهذه هي بعينها المراهقة الإيمانية حيث سيطر على الإنسان إحساس رغبة التميز والاستقلال عن خالقه بحيث يظن أنه غير محتاج إليه.

ولكن العلم عندما تقدم بالإنسانية وتقدمت به الإنسانية أثبت مُحرجاً المتبجحين به أن كلا الظنين المذكورين أعلاه فاسدان فقد أثبت العقل والعلم أن دور الإله هو خلق ونظم القوانين التي تسير الكون فلا يعقل أن تتألف تلك القوانين وتنتظم صيغها وثوابتها الفيزيائية بدون عقل مدبر حكيم صاغ تلك القوانين حتى يسير الكون كله في حالة من التناغم التام مع نفسه بدون أقل خطأ. وهذا ما أدي إلى الحفاظ على خلق الحياة وتهيئة الظروف الخالصة جداً لاستمرار ذلك الخلق

وجاءت ميكانيكا الكم وانتصاراتها المذهلة في مجال العلم التجريبي والنظري لتثبت للإنسان عجزه التام عن توقع سلوك الجسيمات الأولية على وجه اليقين وبالتالي أثبتت عجزه التام عن توقع سلوك ومستقبل المخلوقات المعقدة كالمخلوقات الحية كما أثبتت ميكانيكا الكم عجز الإنسان من جهة المبدأ أن يعرف معلومات عن الكون أكثر من المسموح له أن يعرفها (مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج ومبدأ عدم كمال الرياضيات لجودل)

وعندما وقف العلماء المعاصرون أمام هذه الحقائق وجدوا أن وجود قوانين الطبيعة لا تلغي أبدًا عقيدة وجود الإله العظيم الخالق والمدبر للكون بل تثبتها وتؤكدها حيث أنهم اكتشفوا أن هذا الكون مبني على نظام رياضي محكم يستحيل أن يقوم على خبط عشواء أو صدف مظلمة, فقد فوجئوا بالإضافة الى استنتاجات ميكانيكا الكم بنظرية الانفجار العظيم التي تؤكد أن للكون بداية وأنه طالما وُجدت البداية فقد تحتم عقليا وجود المبدئ.

وهذا ما أسميه النضج الإيماني وهو أن يعود الإنسان إلى رشده ويعرف حجمه الحقيقي كلما ازاد علماً بالكون.

الاستنتاج
العلم الناضح يقود حتماً إلى الإيمان والتسليم لخالق الكون الله عز وجل أما العلم الناقص فهو يغر الإنسان بأوهام واهية أنه استغني عن الإله على مستوة العقيدة وعلى مستوى الواقع العملي وهذه هي المراهقة الإيمانية التي ما يلبث أن يفيق منها المجتمع (أو الإنسان) الرشيد العاقل

والله أعلم

المراجع: استفدت من كتابات العلامة وحيد الدين خان في كتابة هذا المقال

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراءوأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

خطايا إبليس, الكبر والقنوط والحسد

السلام عليكم
إبليس وما أرداه إلى بئس الصراط
كان ابليس من صفوة الجن قبل تكبره فقد كان دائم العبادة مع الملائكة. ولكن معادن الإنس والجن وحقيقتهم لا تظهر إلا في أوقات التضحيات
فلما أمره ربه أن يقوم بعمل يجاهد به نفسه وجد ان نفسه قد غلبته وان كبره قد ظهر على السطح وذلك عندما أمره ربه بالسجود لمن هو أقل منه في أصل تركيبه (حسب تقييم ابليس) ليختبر السمع والطاعة فأبى إبليس مستكبراً بأصله وتركيبه وقد أخطأ هنا خطأين منطقيين وخمس أخطاء إيمانية
أما الخطآن المنطقيان
أ-أن أصل التركيب لا يحكم على الشخص وانما ما يحكم عليه هو حاله وتقواه واستخدام عقله في الخير
ب-أنه فضل النار على الطين بدون دليل
وأما الأخطاء الإيمانية
أ-أنه استكبر وبئس الخطأ هو الكبر
قال تعالى في سورة الأعراف - آية 12
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ

ب- أنه قنط من رحمة الله واستكبر مرة أخرى
وبعد أن رفض ابليس السجود كان يستطيع أن يعود لربه مستغفرًا متذللًا ولكنه قنط من رحمة ربه واستكبر أن يكون من الذين يخبتون إلى ربهم داعين مستغفرين
قال الله تعالى في سورة غافر - آية 60
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
قال تعالى في سورة الحجر آية 56
قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ

ودليل قنوطه:


القنوط لأنه كان في استطاعته التوبة عندما سأله ربه عن سبب عدم سجوده وبعدها إلا أنه آثر أن يفكر في ايقاع آدم في المعصية (الحسد) كما وقع هو بدل من التوبة:

"قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿١٢﴾ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴿١٣﴾ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤﴾ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴿١٥﴾ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١٦﴾ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿١٧﴾ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿١٨﴾ " الأعراف

تلاحظ أنه بعد أن قال الله تعالى
قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴿١٣﴾

كان له مهلة ان يستغفر لأن الله تعالى علل أمر الخروج بالاستمرار في التكبر " فاخرج ... فما يكون لك أن تتكبر فيها" فكان في استطاعته حينها ان يستغفر عن تكبره ويتعهد ألا يستمر في التكبر (أن يتوب عن التكبر) إلا أنه قنط وبدلا أن يتوب قال:
 قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤﴾ 

ثم تابع في اجرامه واتهم رب العزة أنه أغواه
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١٦﴾

وهنا يأتي الدليل أن الله كان سيقبل توبته ان كان قد تاب حيث أن رب العزة قد أعاد أمر الطرد مرة أخرى لكن بصيغة حاسمة غير مشروطة:
قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿١٨﴾ "

جـ- الحسد
وترتب على قنوطه هذا أنه قرر ألا يدخل الجحيم وحدة وليردي بني آدم معه في نار حهنم وقد قال تعالى في
سورة ص -آية 82
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ

د- إساءة الأدب مع رب العالمين
وقال في سورة سورة الأعراف -آية 16
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ

هـ- عدم الطاعة
قال الله تعالى في سورة الأحزاب - آية 36

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا
درورس من قصة إبليس
أ- عدم الغرور بالنسب والأصل فقد قال الله تعالى في سورة الحجرات - آية 13
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

ب- السرعة بالتوبة من الخطأ وإن عظم فقد قال الله تعالى في سورة النساء -آية 17
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا

ج- ألا يغتر الإنسان بعبادة الرخاء فالربما يسقط في أول ابتلاء حقيقي ولا يقوى عليه. فطالما وجدنا أنفسنا نظن نفسنا مؤمنين لمجرد أننا نعبد الله. ولكن ليست العبرة بالعبادة إنما العبرة بالثبات عليها حالَ الفتن
قال الله تعالى سورة العنكبوت آية 10
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ
د- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" فترك الحسد مطلب شرعي والحسد شئ يهدم في الحاسد ويقنطه وينشر العداوة والبغضاء . وإذا تأملنا في الحسد سنجده منهجا سلبيا عقيما فلأن المرأ لا يستطيع أن يكون في علو غيره يتمنى بل يسعى أن يركس غيرَه ليكون في دنوه. والأولى من ذلك أن يجتهد حتى يكون في علوه فإن لم يستطع يدعو الله بذلك ولا يتمنى زوال نعمة غيره بل يتمنى أن يبارك الله له فيها ويرضى بقضاء الله وقدره
والله أعلى وأعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراءوأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم