الاثنين، 10 ديسمبر 2007

إن الله لا يلعب بالكون نردًا


السلام عليكم
هذه هي المقولة الشهيرة للعالم الكبير البرت اينشتين صاحب نظرية النسبية الشهيرة والتي اعترض بها على نظرية ميكانيكا الكم وادعى انها ناقصة أو غير كاملة, لقد كان هذا
مع امتلاكه خيالًا واسعا استطاع من خلاله تخيل كيفية وجود كميات فيزيائية نسبية تختلف حسب سرعة الراصد النسبية أو حتى حسب شدة مجال الجاذبية التي يشعر بها في مناط قياسه.

وقد كان رفض اينشتين لميكانيكا الكم دون مبرر علمي قوي مما جعل موقفه هذا في غاية الغرابة حيث أنه يتعارض مع عبقريته وخياله المعروفين مما جعل أمره مثيرًا لسخرية معاصرية من فيزيائيي ميكانيكا الكم, وذلك في آخر حياته أمام عندما كان مصرًا أن ما تخرج به التجربة والذي يتوافق تماما مع ميكيانيكا الكم ليس له وزن كبير لديه, وأن النظرية يمكن دمجها مع نسبيته العامة في إطار حتمي بالنسبة للعلم البشري.

والظاهر أن خيال ألبرت أينشتين على سعته هو خيالٌ يتصور أن العلم من الممكن أن يصل بالإنسان أن يصبح خبيرًا بكل شئ وبقدر لانهائي من الدقة, وهذا في رأينا هو الخطأ الذي أوقع به في مأزق لم يدرك في طياته أن مقولته صحيحة ولكنها في الآن ذاته لا تتعارض مع ميكانيكا الكم, فإن الله لا يلعب بالكون نردا, وهو يعلم ما يحدث في الكون على سبيل اليقين لا الاحتمال وكل شئ عنده بمقدار.
قال تعالى
"اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ"
صدق الله العظيم

إن الطبيعة اللايقينية للعالم الذري هي طبيعة خاصة بمعرفة الوعي البشري بالكون وليس طبيعة للكون ذاته ولذلك لعظم أمر الكون على الوعي البشري
قال تعالى
"لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ"
صدق الله العظيم

إن حقيقة اشكال اللايقينية تبدو متعلقة بالوعي أكثر منها بتصرف الكون ... فلنأخذ على سبيل المثال تجربة ذات الشقين الشهيرة.
إن الالكترون يمكن أن يعبر الشقين معًا وهو أيضًا يسقط على كل الأهداب المضيئة المسموحة له في الفيلم الحساس معًا ويُمنع أن يسقط على الأهداب المظلمة,
ولكن المثير في الأمر أن هذا العبور يتم فقط بعيدًاعن وعينا. فإن وعينا لا يدرك أبدًا الكترونًا مفردا إلا في مكان واحد فقط ضمن مساحة الأهداب المضيئة. وهذه الحقيقة تقبع وراء اختراع الحاسوب الكمي, إذ أنه يستغل قيام الالكترون بعدة وظائف في الآن ذاته, ولكن فقط بعيدًا عن وعينا.
إن شئنا فلنعتبر على سبيل التبسيط أن هناك أبعادا زمنية متعددة (سيناريوهات عديدة لمسار الالكترون) وهو يسلكها جميعًا معًا, لا يسلك أحدهم وحسب, إلا أن الأمر يختلف بمجرد أن يصل الى وعينا, فنحن نستطيع آن ذاك أن نعي نتيجة سيناريو واحدًا فقط ** في النهاية مع أننا موقونون أن كل الكترون على حدى مر بعدة سيناريوهات زمنية بعيدًا عن وعينا.

إن اللايقينية هي جزء لا يتجزأ من الفيزياء "التي نعيها" فوعينا لا يستطيع إلا أن يسلك مسارا زمنيًا واحدًا بينما يسيرالعالم الفيزيائي في كل السيناريوهات الزمنية الممكنة, إلا أن التصرف المتوازي للكون يستحيل علينا مشاهدته لأن طبيعة الوعي الإنساني الرباعي الأبعاد أو ذي إدراك نتيجة السيناريو الواحد **, مختلفٌ عن طبيعة العالم الفيزيائي المتعدد الأبعاد أو ذي السيناريوهات المتعددة.

ولا نستطيع هنا ان كنا منصفين أن نجزم بأن الوعي يغير من حقيقة العالم الفيزيائي بطريقة مباشرة (وإن كان هذا الرأي شائعًا) ولكن اقصى ما نستطيعه أن نستنتج أن الوعى يغير من نتيجة تفاعلنا بالعالم الفيزيائي وبالنتائج التي نراها من هذا العالم .

إن علمنا والذي هو محدود بوعينا أساسًا محدودٌ من حيث المبدأ وليس للأمر علاقة بتقدم أجهزة قياسنا.
إن الكون يتصف بالتحديدية ويسير على قوانين حتمية كما قال أينشتين ولكن نصيبنا من هذه الحتمية قليل
قال تعالى
"ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء"
صدق الله العظيم

الخلاصة
إن الكون حتمي ولاحتمي في آن واحد!! إنها النسبية مرة أخري.
إن صاحب النسبية لم يتخيل أن ينقلب السحر على الساحر وتكون حتمية الكون أمر نسبي هي الأخرى, فبينما الكون حتمي بالنسبة لخالقه وهو يعلم كل شئ وخلق كل شئ بمقدار, إلا أن هذه الحتمية لا تتعارض إطلاقا مع لايقينية وعينا بالكون.


** نتيجة هذا السيناريو الواحد هو دالة رياضية في جميع السيناريوهات الممكنة

والله أعلم

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم