الجمعة، 27 فبراير 2009

موقف الإسلام من التقدم العلمي

السلام عليكم

التقدم العلمي بين الوسيلة والغاية
التقدم العلمي كغاية:
إن التقدم العلمي إذا أصبح غاية في ذاته فقد تحول إلى شهوة عقلية لايتميز بها الإنسان عن الحيوان إلا في نوع الشهوة, أما كونها شهوة يتبعها بدون هدف فقد تطابق فيها مع الحيوان ويستحق الشخص بحق في هذه الحالة أن يُطلق عليه حيوان ذكي وليس إنساناً.

التقدم العلمي كوسيلة:

ينقسم هذا النوع إلى فرعين:

1- التقدم العلمي كوسيلة لبلوغ هدف دنيوي بحت
وهو السائد في العالم الآن ويختلف الهدف الدنيوي ما بين فرضٍ للقوة لسرقة ثروات البلاد لهدف بلوغ الرفاهية التي ليس لها حدود وبين استخدام التقدم العلمي في المتعة والرفاهية إلى غير حدود فيرتكس الإنسان بذلك إلى منزلة الأنعام بل أضل لأنه استغل عقله في غير مراد الله من استخدامه لعقله.
قال الله تعالى في سورة التين
"لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ"
صدق الله العظيم

وواضح هنا أن التقويم الذي هو الأحسن في الإنسان هو التقويم العقلي وذلك بعبادة الله حق عبادته وتحقيق مراده من الخلق وإلا فإن الإنسان يصبح في أخفض درجة يُمكن تخيلها.

ومما يزيد من خطر هذا النوع من التقدم انخداع الكثير من المؤمنين به وتوهمهم أن تخلفنا العلمي الحالي يكمن في عدم اللحاق بغير المؤمنين في هذا المجال على طريقتهم سواءاً في نوعية العلم واستخدام العلم. إنهم لم يفقهوا التغاير والتباين بين العقل والذكاء, فشتان بين حيوان ذكي يستخدم ذكاءه لإرضاء شهواته وبين إنسان ذكي عاقل يُرشِد العلم لينصب في طريق خدمة الحق.
قال الله تعالى في سورة الفرقان آية 44 هذه الآية الكريمة ليفرق لنا بين الصنفين
"أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا"
صدق الله العظيم

2- التقدم العلمي كوسيلة لبلوغ أهداف إلاهية
وهو ما يُعد فرضاً على المسلمين الآن أن يتقدموا علمياً لا لتحقيق شهوة عقلية أو شهوة مادية مدعومة بتقدم علمي (وإن كان مباحاً أن يستخدم المسلم ذلك في الشهوات الحلال وإن كان لا ينبغي أن يصبح هدفاً لذاته ولا أن يبالغ فيه) ....
قال الله تعالى في سورة الأنعام آية 162و 163
"قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"
صدق الله العظيم

وإنما يكون التقدم العلمي المُناط به المسلمون اليوم هو لتحقيق أهداف أساسية تخدم هدفاً كبيراً وهو الخلافة في الأرض

قال الله تعالى في سورة البقرة آية 30 و 31

"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"

ويتضح من الآيتين الكريمتين أن العلم الذي علمه الله تعالى لآدم والذي ينبغي علينا السير على دربه هو علمٌ ليس هدفه الإفساد في الأرض وسفك الدماء ولكن هدفَه هو تحقيق الخلافة في الأرض وهذا يتحقق بتحقيق أهداف أساسية.

وهذه الأهداف الأساسية هي:

الهدف الأول: هو الاستقلال اقتصادياً ومعيشياً بالسعي والاجتهاد واستخدام العلم الذي علمنا إياه ربُنا في هذا السبيل.
قال الله تعالى في سورة المُلك آية 15
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"
صدق الله العظيم
وقد نبهنا ربُنا في هذه الآية إلى أنه جعل لنا الأرض ذلولاً وذلك بجعلها ممهدة لقيام الحضارة حيث جعل العلمَ دانيةً قطوفُه سهلاً جنيُه على من اجتهد وكدح في تحليل ما يدركه عندما يمشي في مناكب الأرض ويفحص بل يتفحص الكون من حولنه. وأخيراً ينبهنا ربُنا تعالى إلى أن هذا السعي والتقدم هو في سبيل الآخرة الباقية وليست الدنيا الفانية (وإليه النُشُور).

الهدف الثاني: تقوية شوكة المسلمين بسلاح العصر وهو العلم حتى يحموا المسلمين والإسلام من خطر أعدائه.
يقول الله تعالى في سورة الأنفال آية 60
"وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ"
صدق الله العظيم

الهدف الثالث: الدعوة إلى الله واستخدام العلم في نشر دين الله تعالى وتعميم الخير على العالم أجمع ليعيش في رغد الدنيا والآخرة. والدعوة إلى الحق في زمننا هذا يلزمُها اتقان تقنية الاتصالات والالكترونيات حتى يتسنى للمسلمين الوصول لأذهان غيرهم عبر وسائل إعلام المسلمين وأقمارهم الاصطناعية.
قال الله تعالى في سورة فُصلت آية 33
" وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ"
صدق الله العظيم

الهدف الرابع: هو التفكر في خلق الله تعالى من خلال العلم والتعلم, وهذا التفكر الذي يُعد عبادة من أجل العبادات تزيد من تبتل العبد لربه وتعظيمه وخشوعه له.
قال الله تعالى في سورة العنكبوت آية 20
"قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
صدق الله العظيم

وفي الآية الحث على التعلم من المشاهدة والملاحظة في أرجاء الكون ليعرف الإنسان عظمة ربه القدير ويستيقن أن إعادة نشأة الكون في الآخرة لهو هين سهل على الله العليم ذي القدرة المتين.

الخلاصة:
أنه ينبغي على المسلمين أن يتعلموا العلوم المادية والتجريبية من أي ما كان ولكن ينبغي عليهم أن يتميزوا في نوعية العلم فلا يتعلموا إلا علماً نافعاً لهم ولدينهم ويتميزوا أيضاً في الهدف من التعلم فيكون التعلم والعلم هما وسيلتان لغاية سامية وهي خلافة الله في الأرض.
والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

السبت، 21 فبراير 2009

الضياء المظلم


السلام عليكم
ما قبل البداية
لقد كان الجميع يمشون في طريق واحد يغط في ظلام دامس فالكل يتخبط في الكل ولا أحد يعرف شيئاً إلا تخرصات , من أين أتينا؟ ولماذا نسير؟ ولماذا لا نرى؟ وما طبيعة الطريق؟ وإلى أين المستقر؟ يالها من رحلة مخيفة يذكر لنا فيها بعض السائرون أنه في القدم كان أناسٌ ينيرون طرقاً فرعية تتسم بالاستقامة وكان ديدن الجل عدم الالتفات لهم وإيثار طريق الآباء وإن كان مظلماً معوجاً.
البداية .... الاتباع ... الاجتهاد
ثم خرج علينا رجل من السائرين بنور مُبهر وقال أنا أعرف الطريق وأعرف من أين جئنا وإلى أين سنذهب. أعمل البعض عقلهم في أن هذا الرجل لابد وأن يكون له مصدر إنارة خارجي هو من بيده مقاليد الطريق لأنه لا يوجد في الطريق أي قبس من نور فاتبعوه وصدقوا أنه على الحق ..... بينما أعرض الجل كديدن من سبقهم من البشر. وأخذ هذا الرجل ومن صدقوه ليشقوا طريقاً مستقيماً مهتدين بنور يرونه جميعاً من بعيد لم يظهر من قبل إلا بعدما شق هذا الرجل هذا الطريق مما طمأن السائرون على هذا الطريق الجديد أنهم يسيرون على الجادة وأن طريقهم السابق كان تيهاً.
وأخد هؤلاء القوم الذين بين جنباتهم النور ويرون النور النهائي يشقون الطريق شقاً ويزيلون ما به من عقبات ومن تخريب مستمر يلحق بطريقهم نتيجة تقاطع الطريق المظلم مع طريقهم كل حين وآخر. وهذا التقاطع يسفر عن تخريب ولكنه يسفر أيضاً عن هجر بعض مرتادي طريق الظلام إلى طريق النور.
ظل القوم يسيرون هكذا إلى أن لحقت المنية بصاحب المصباح المنير فتلقفه غيره من المخلصين المصدقين بصحة الطريق إلى أن مات فلتقفه من بعده أحد المؤمنين بجدوى المصباح المنير وهكذا ............ وظلت القافلة تسير إلى النور النهائي الواضح في الأفق وكلما تغيرت ظروف الطريق من حولهم غيروا في استخدام المصباح مسترشدين بارشادات دقيقة مكتوبة على المصباح اجتهدوا في قرائتها ترشد بكيفية استخدامه حين تتغير الظروف.
الابتداع ... التجديد
ولكن لم يلبث القوم كثيراً على هذا الحال فقد بدأ البعض ادخال تغييرات على المصباح المنير وعلى طريقة اضائته بحجة عمل صيانة وتجديد له ونسوا صاحب المصباح الأول عندما نبههم أن كل ما عليهم هو حُسن استخدام المصباح ولاسيما عندما تتغير الظروف فكل ارشادات استخدام المصباح المنير مكتوبة عليه بدقة. ولكن بعض القوم آثروا أن يغيروا في المصباح ذاته على طريقتهم التي يرونها راشدة دون الاجتهاد في ارشادات الانارة عند تغير الظروف والاجواء. وسار القوم كثيراً بنور ليس كالنور الأول في نقائه وصفائه .
ولكنهم ما أن يسيروا جزءاً من الطريق حتى يفاجئوا كل حين بواحد من القوم معه مصباح غير مشوه, نسخةٌ من المصباح الأصلى وقد اجتهد في قراءة إرشاداته حتى صار نوره قريباً من صفاء النور الأول. ولكن ياللأسف على الكثير من القوم الذين يصرون على تعديل المصباح ذاته وليست طريقة استخدامه.....
قصة الضوء المظلم
ظل هذا الحال إلى زمن ليس ببعيد حتى فوجئ أصحاب الطريق المستقيم بضوء قادم لهم من الطريق المعوج ضوء اصطناعي غريب في شكله فهو ضوء ليس له نور ولكنه ضوء يشع بالظلام!! هو ضوء اخترعه أهل الطريق المعوج غريب في أطواره لا يراه إلا أصحاب العيون المريضة وهو ضوء يوهم هؤلاء باستقامة طريقهم واعوجاج الطريق المنير حتى تستريح قلوبهم أنهم على الحق ولكن هذا الضوء لم يتح لهم رؤية أي نهاية للطريق المظلم.
أخد الضوء المظلم في الازياد قوة على قوة بينما أخذ العبث في مصباح النور الأصيل يزداد سواءً من العبث في المصدر ذاته أو من ناحية اهمال ارشادات الاستخدام واختراع ارشادات اخرى يتوهم الكثير أنها تلائم هذا الجزء من الطريق.
مواقف
اختلف موقف قوم الطريق المستقيم نحو الشعاع المظلم الذي يأتيهم من أهل طريق الاعوجاج. فمنهم من لم يرَ هذا الضوء المظلم أصلاً لأنه مظلم!! وهم قليل, ومنهم من مرضت أعينهم فأبهرهم قوة إظلام هذا الضوء المظلم حتى طغى على بصيص النور المتبقى عندهم فأمسوا يرون الطريق المستقيم معوجاً والطريق المعوج مستقيماً حتى جذبهم شدة الظلام إلى أن شقوا أنفاقاً مهتدين بالظلام الآتي إليهم حتى وصلوا الى طريق مظلم فاطمئنوا أنهم على الحق وقال بعضهم لبعض .. ألا ترون شدة إظلام طريقنا نحن نرى بوضوح ... إننا على الحق.....
أما القسم الثالث من اصحاب الطريق المستقيم فأبهر الظلام أعينهم المريضة ورأوا طريقهم المستقيم قد اعوج بهم فقرروا أن يقلدوا أهل الظلام حتى يستضيئوا من الضوء المظلم ويعدلوا طريقهم المعوج بنظرهم حتي يصير كطريق الظلام الذى أمسى مستقيماً بنظرهم.
اختلاط
وقد دفعهم هذا إلى زرع مصابيح تشع ضوء الظلام في طريق النور حتى اختلط ثلاثة أنواع من الأنوار والأضواء في هذا الطريق المستقيم. نور صافٍ مازال اصحابه يحاولون الرؤية به رغم تزاحم الطريق بأهل الطرق الأخرى في الإنارة والإضاءة. ونور مكدر ضعيف لأنه تم العبث في مصدره أو اهمال ارشادات الإنارة به. وضوء مظلم يحاول به أصحابه تقويم الطريق في نظرهم (إثنائه عن الجادة في نظر أصحاب النور) وأصبح الثلاثة أقوام يتصارعون في الطريق الذي آخره نور الهداية فاصبح في معظم الأحوال الطريق مظلماً حالك الظلمة بآشعة ضياء الظلام والتى صنعها الذين يثنون الطريق حتى يصبح موازياً لطريق الظلام فتختفي النهاية المنيرة, ولكن يظهر كل حين وآخر قوم يقهرون شدة الظلام بنصاعة بياض النور فيعمون أهل الظلام وينيرون لأهل النور الذين كانوا يتخبطون في جداران الطريق المعوجة فيصلحون ما اعوج من الطريق حتى تظهر لهم النهاية المضيئة من جديد.
سنة التنقية وتكرارها
ظل الحال على هذا ليس بكثير حتى آثر أهل الظلام وأهل النور المكدر الالتحاق باصحابهم في الطريق المظلم الذي يعج بالأصوات الخرساء والضياء المظلم وذلك حينما حمل أهل الظلام في الطريق المعوج بحملة قوية من ضيائهم المظلم على الطريق القويم فسحروا أعين كل من أصحاب النور المكدر وأصحاب الضوء المظلم المُقلد فهجروا الطريق القويم الى الطريق المعوج فرادى وجماعات.
واستمر كلٌ في طريقه سائراً, أهل النور الصفي يتجهون إلى هدفهم المنير الصافي وأهل الضياء يسلكون الطريق المظلم يترنحون بين ثناياه فرحين باضوائهم الدامسة الظلام وبأصواتهم المغرقة في الصمت.
..... وكل حين وآخر يحدث هجومُ من أهل الظلام على أهل النور ويحدث ما حدث سابقاً من اختلاط الانوار والاضواء في الطريق القويم ثم ما تلبث السنة في تكرار نفسها وينفصل النور عن الظلام كانفصال القار عن الماء ............. واستمرت السنة إلى أجل يعلمه الله

والله أعلم
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 12 فبراير 2009

معنى النظرية الفيزيائية ومعيارا سلامتها وقبولها

السلام عليكم


تعريف
النظرية الفيزيائية هي نموذج رياضي يدعي التعبير عن الواقع العملي

تركيب النظرية الفيزيائية
فرضيات غير مستنتجة رياضياً من فرضيات أخرى + معالجة رياضية = نموذج رياضي = نظرية فيزيائية

معيار سلامة النظرية الفيزيائية
1- منطقية النظرية
ومعناها عدم تعارض النظرية مع نفسها
والتعارض يتم بإحدى عنصرين
أ-تعارض مسلمات النظرية مع نفسها
ب-تعارض نتائج النظرية مع مسلماتها (صورة مكافئة للعنصر "أ") حيث أن الرياضيات لا تضيف معلومات


ملحوظتان هامتان:
1- لا علاقة بمنطقية النظرية بتقبلها من الحس العام حيث أن الحس العام يعتمد على الخبرة والخبرة تعتمد على أحداث الحياة اليومية
2- أنه لو ثبت عدم منطقية النظرية (ولكن بمراعاة معنى المنطقية المحدد أعلاه) فهي غير سليمة لأنه يستحيل حينئذ تحقيق عنصر الصدق (انظر تعريف صدق النظرية بالأسفل)


2- صدق النظرية

وصدق النظرية يعني عدم معارضة كل من فرضيات النظرية و نتائج النظرية لجميع التجارب العملية حتى الآن !!

إمكانية وجود أكثر من نظرية سليمة تفسر نفس الواقع
هذا ممكن بشرطين
1-ألا تتعارض فرضيات النظريات المختلفة
2-ألا يمكن اشتقاق فرضيات نظرية من فرضيات أخرى وإلا لكانتا نفس
النظرية

معايير قبول النظرية الفيزيائية الجديدة

1- سلامة النظرية
2- أن تصف النظرية الظواهر الفيزيائية التي لم تصفها أية نظرية أخرى بعد

والله أعلم



































بعض الأخطاء الشائعة في التفكير

السلام عليكم

من الأخطاء الشائعة في التفكير على سبيل المثال لا الحصر:


1- إصدار أحكام مبكرة على أشخاص أو أفكار (الانطباعة الأولى تدوم). وتأثر تقييم الشخص أو الفكرة بهذه الانطباعة الأولى إلى حد كبير.

2- فهم فكرة أو شخص في ظل خلفية معرفية مسبقة عن هذه الفكرة أو الشخص. كأن يُقال على شخص أنه ماكر فيبدأ الذهن تفسير كل كلامه على أنه يقصد من ورائه كلاماً آخر. مع أن هذا ليس بلازم إذا كان وصف هذا الشخص صحيحًا فما بالنا بكونه غير صحيح.

3-عدم القدرة على تمييز العبارات والأسئلة ذات البنية المنطقية المختلة وبالتالي الحكم على العبارة أنها كاذبة أو خاطئة أو الإجابة على السؤال بـ "نعم" أو "لا" بينما ينبغي فضح اختلال العبارة منطقيًا, لا التصديق ولا التكذيب ولا الإجابة.
مثال للعبارة: "اللون الأحمر طعمه مر" لا يصح بحال أن نحكم على مثل هذه العبارات بالصدق والكذب وذلك لعدم صلاحيتها منطقيًا لأن الطعم ليس من صفات اللون.
مثال للسؤال: هل الخمسة كيلوجرامات أكبر من الأربعة أمتار ؟ هذا السؤال لا يصح الإجابة عليه لا بـ"نعم" أو بـ "لا" لأن السؤال يسأل عن مقارنة الكم بينما الكيف مختلف.

بالطبع أنا أعطيت هنا أمثلة ساذجة يسهل اكتشاف خطئها المنطقي ولكن يوجد كثير من كلام الناس وخصوصاً الفلاسفة خال من المعنى أصلًا ويختلط على الناس أنه له معنى ويشغلون أدمغتهم به دهورًا في إجابة أسئلة أو فهم عبارات خاويةٍ من المعنى.

4- التعميم. كأن أرى مجموعة من المسلمين يستخدمون العنف. فأقول "المسلمون يستخدمون العنف".

5- اسقاط تصرفات الزاعمين بالانتماء لفكر معين على الفكر ذاته. كأن أقول: بما أن العالم "الإسلامي" متخلف علميًا, إذن الإسلام يدعو للتخلف. وتجاهل التساؤل عن إن كان العالم "الإسلامي" يتبع الإسلام فعلاً أم أنه يتوهم أو يزعم خاطئًا أنه يتبعه.

6- تصديق الأخبار ونقلها دون تحري صحتها وإرفاقها بمرجعها.

7- الخلط بين غير المنطقي والكذب. مثال: عبارة " البرتقالة أكبر من البطيخة - والبطيخة أكبر من البيت - إذن - البرتقالة أكبر من البيت" كثير من الناس سيدعون أن هذه العبارة غير سليمة منطقيًا مع أنها تخلو من أي تعارض منطقي وإنما هي عبارة كاذبة فحسب لأنها لا تنطبق مع الواقع ولكنها منطقية تمامًا.

8- الخلط بين غير المنطقي وغير المعتاد: مثال: عندما تسير الطائرة فإن طولها يقصر في اتجاه حركتها. كثير من الناس الذين لم يألفوا نظرية النسبية سيقولون هذا كلام غير منطقي. مع أن العبارة تخلو من التناقض المنطقي وإنما هي بالكاد غير معتادة لمتلقي العبارة. ولكن من حق الذي يفكر تفكيراً سليمًا أن يُخضع العبارة للمقارنة مع الواقع فإن وافقته كانت صادقة وإن خالفته كانت كاذبة ولكن حتى إن كانت تخالف الواقع فهذا لا يقدح في منطقيتها.

9- الخلط بين عدم القدرة على التخيل الشئ ووجوده من عدمه. كنفي الملحدين وجود الله لعدم قدرتتهم على تخيل كيان مستقل عن الزمان والمكان.

10- الحكم على وجود الشئ من عدمه بوجود إحساس مباشر به من عدمه, وإنما ينبغي الحكم على وجود الشئ من عدمه بوجود تأثير له من عدمه. نحن لا نرى الالكترون مثلًا ولكن ان كنت لا تصدق وجوده, افتح المذياع الإلكتروني ستجد الصوت أثرًا على وجود الالكترون بالرغم أنك لا تراه.

11- ربط الأحداث ببعضها ربطاً سببيًا لمجرد وقوع حدث قبل حدث مباشرًة, كسقوط المرآة منكسرةً على الأرض عندما فتحت الصنبور, فأزعم أن فتح الصنابير يُسقط المرايا.

12- إقحام فرضيات ليس لها أساس في استنتاج نتيجة ما. وإنما ينبغي الاكتفاء بالمعطيات الأساسية. أو إن كان ولابد فيجب ربط النتيجة بوجود الفرض اذا تم اقحام الفرض.


13- تمسك الإنسان بمعتقدات خاطئة مهما وجد من براهين وأدلة على خطئها لمجرد أنه نشأ عليها و عدم المرونة في تقبل المخالفة لأفكاره إن كانت أفكاره غيره صحيحة.


14- الذهاب لنقيض الفكرة التي يرفضها الإنسان فإذا كان يرفض الرأسمالية مثلاً فتجده تلقائياً يتبنى الاشتراكية مع احتمال وجود حلول وسط قد تكون هي الأصح.

15- استخدام العكس في المنطق بطريقة غير سليمة
مثال:
كل من بالغرفة أذكياء .... إذن .... كل من ليس بالغرفة أغبياء .....
.وهذا ليس بلازم منطقيًا والصحيح .... كل من ليس بالغرفة ليسوا بالضروري ذكي
مثال آخر:
إذا مرض الإنسان المسلم فهذا فيه ثوابٌ من ربه, إذن, إذا صح الإنسان المؤمن فهذا فيه عقابٌ من ربه!!


16- استخدام قاعدة نفي النفي اثبات بطريقة غير سليمة

مثال:
ليس كل العجائز تفكيرهم غير سليم ..... إذن كل العجائز تفكيرهم سليم .... والصحيح ...... بعض العجائز تفكيرهم سليم


17- توهم التناقض
مثال: "كل ما أقوله كذب" .... إذن ...... العبارة السابقة كاذبة لأنها مما قلته .... إذن ..... كل ما أقوله صدق ..... إذن ..... العبارة الأولى صادقة ..... إذن العبارة ليس لها معنى لأنه وصفت بالصدق والكذب معًا
وهذا ليس بصحيح
فعبارة "كل ما أقوله كذب" قد تعني ببساطة أن "بعض ما أقوله كذب" ومن هذا البعض هو عبارة "كل ما أقوله كذب"

18- المنطق المعكوس
كأن أتجاهل, متعمدًا أو غافِلًا, أن قوانين الفيزياء ما هي إلا توصيفًا لإسلوب حكم الله للكون, ونهم بالقول بعد أن يتقادم العهد بنا مستخدمين لهذه القوانين أن نقول "قوانين الكون تحكم الطبيعة"




والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

السبت، 7 فبراير 2009

مأساة النخبة والمصلحين في المجتمعات المتخلفة

السلام عليكم

لابد للإنسان من رسالة سامية في الحياة يتحدد قدرها بما من الله به عليه من نعم. والنخبة الذين أنعم الله عليهم بنعمة العقل على وجه الخصوص هم أكثر الناس معاناة في مجتمعاتنا.. وطلب الرزق لابد أن يكون وسيلة والا بكونه غاية ينُزع عن الإنسان إنسانيته فهو لا يحقق حق العبادة لله تعالى لأنه بدد ما أنعمه الله عليه في غير عبادة الله. والمؤلم حقاً أن يكون طلب الرزق في مجتمعاتنا المتخلفة مادياً وأدبياً يأكل الوقت كما تأكل النار الهشيم فحتى بكون هذا وسيلة إنما هي وسيلة لا تتحقق الغاية من ورائها لأنه لا لوقت لتحقيقها. والمؤلم أكثر أن يكون لديك وقت صغير لتحقيق غايتك من طلب رزقك فلا يسلم هذا الوقت من طمع كل من له حقٌ فيه بدعوى أنه حق ولا شك أنهم يكونون محقين في أغلب الأحوال!! ولكنهم ليس لديهم استعداد للتضحية.
بهذا يكون ذوو العقول في بلادنا قد وضعهم أعداؤهم من الداخل والخارج في حصار ضيق أشبه بحضانات الأفكار المفيدة لهم يفكرون لهم ولا ينفعون مجتمعاتهم إلا بالنذر اليسير وذلك يتحقق بالآتي:
1- أن يكون طلب رزقهم لا يتناغم مع أهدافهم التي تخدم مجتمعهم بواقعية فنجد ذوي العقول مسروقين في الخارج ومن لم يستطع العدو أن يسرقه لينتفع به خارج بلاده سرق وقته وجهده وتفكيره لهدف ترقية بلاده في الخارج لأنهم يشتغلون بأعمال هي أعلى ما يمكن عن المتطلبات الحقيقية لنهضة بلادهم.
2-أن تنتشر ثقافة الأنانية بين ذووي هؤلاء النخبة من الناس فيطلبون لنفسهم البقية المتبقية من وقتهم وجهدهم للالتفاف بهم والتحدث في أمور غير ذات معنى. وإن فاجأ ذو العقل هذا ذويه بمحاضرة مفيدة أو معلومات نفيسة فإنهم يُعرضون عنه كما يُعرض المتقون عن الفواحش والكبائر. فالناس تريد أن تعيش (لا أن تحيا) وحسب. فلا تجد التضحية عند ذوي النخبة إلا قليلاً فيسقطون بتخليهم عن التضحية من رتبة النخبة (إذا ساعدوا ذوييهم) إلى مجرد مُلحقين بهم إن لم يكونوا عبئاً عليهم فحالهم بين عدم اكتراث وعدم تشجيع بل تثبيط لهم.
3-أن يصابوا بالإحباطات المتكررة لعدم وجود من يؤازرهم في مجتماتهم بل عدم وجود من يقدرهم ويشجعهم على استكمال الطريق الشاق بين الأشواك.

اللهم أحينا إن كانت الحياة خيراً لنا وأمتنا إن كان الموت خيراً لنا. اللهم إليك المشتكى. اللهم إنا مغلوبون فانتصر. فحسبنا أنت ونعم الوكيل .

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأحد، 1 فبراير 2009

بعض الآفات الحالية في الأمة الإسلامية

السلام عليكم

لقد قرأت كثيرا وسمعت كثيراً من كافة الفرق الإسلامية ولقد وجدت فيهم من الآفات ما يستحيل أن تقوم معها لهذه الأمة قائمة قبل أن تُمحى وتُزال: من فضلك ضع بعد كل من هذه الآفات عبارة (إلا من رحم ربي).

الآفة الأولى: عدم فهم النصوص الجزئية للقرءان والسنة في ظل المقاصد الكلية للشريعة والتي أتت من الفهم المتكامل للقرءان والسنة كوحدة واحدة.

الآفة الثانية: عدم استطاعة دارسي الشريعة تفهم مقصود مخالفيهم ولذلك لعدم الابتداء بحسن الظن ولضيق أفقهم واحتكار الحقيقة.

الآفة الثالثة: مخاطبة الناس بأن العلوم الشرعية هي روح بل وجسد الأمة أما العلوم الطبيعية فهي تأتي على هامش الوعي والاهتمام الإسلامي. والصحيح أن العلوم الشرعية هي روح هذه الأمة والعلوم المادية هي جسدها الذي ينبغي أن يكون قوياً للذب عن الإسلام ولإعمار الأرض. فلن يحيا الإسلام على هذه الأرض بروح بلا جسد كما أنه لن يحى بجسد بلا روح.

الآفة الرابعة: توجيه الفكر الإسلامي وإنهاكه نحو تناحر المسلمين على "أيهم أقرب للحق" وأي الفرق هي الفرقة الناجية وعدم التركيز على العدو المشترك ولا حتى على عيوب الذات.

الآفة الخامسة: إضفاء اللمحة التقديسية على الأشخاص (وخصوصاً العلماء والأولياء) بقصد أو بدون قصد فإذا قال العالم الفلاني شيئاً فهو صحيح وإن كان مخالفاً للقرءان والسنة.

الآفة السادسة: نسيان الأصل وعدم الاهتمام به كالاهتمام بــ "تفسير الأصل" من قبل علماء كانوا يعيشون في زمان يصلح تفسيرهم له ولكنه ربما لا يصلح لزماننا. فالأصل صالح لكل زمان ومكان وليست بالضرورة تفسيرات العلماء لهذا الأصل.

الآفة السابعة: النقد اللاذع (الذي يصل كثيراً للسب بل والتفسيق وقليلاً للتكفير) الذي يتجرأ به بعض العلماء لبعض أمام عامة الناس مما يخلق تجرأً من العامة على العلماء ويخلق أيضاً بلبلة عند العامة في قضية "أيهم نتبع"!! فضلاً عن القدوة السيئة الذين يعطونها عن علاقة المسلم بأخيه المسلم فضلاً عن علاقة العالم بأخيه العالم.!

الآفة الثامنة: عدم قبول الخلاف والظن الواهم لبعض الدعاة أو العلماء أنهم سيصلون إلى الحل الواحد للمعادلة الإسلامية وذلك بحجة أن الحق واحد. وهم لا يدركون أنهم مهما بذلوا من جهد فكل ما سيفعلونه في النهاية هو إضافة مذهب جديد لا غير. والصحيح أن تعدد آراء العلماء في الإسلام يجب أن يكون متكاملاً بحيث يساعد على عالمية الدين وليس متناحراً يصر كلٌ على رأيه كأنما احتكر الحقيقة.

الآفة التاسعة: شبه الاستغناء عن القرءان الكريم "بتفاسير" القرءان الكريم وهو نوع من الهجر الذي نهانا رسولنا صلى الله عليه وسلم منه وأيضاً إلغاء باب التدبر الشخصي في القرءان الكريم. ولو كان للقرآن الكريم تفسيراً وحيداً محدداً لفسره لنا الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته ولكنه ترك جله دون تفسير لكي لا ينتهي تدبرنا لآي القرءان الكريم الصالحة لكل زمان ومكان. هذه ليست دعوى للتفسير بالرأي والهوى وترك تراثنا من كتب التفسير ولكنها دعوى لترك باب الاجتهاد مفتوحاً للعلماء وتشجيع الأفراد على التدبر الشخصي في كتاب الله تعالى فهذا يُوجد علاقة مباشرة بين المسلم وربه كأنما يكلمه ربه مباشرة وأيضاً يشحذ الأذهان لفهم مراد رب العالمين ويطهر القلوب بتلاوتة ومحاولة الإحساس مواطن الجمال في أطهر كلام. فينبغي أن يكون الأصل هو العلاقة المباشرة بين الإنسان وكلام ربه والاستثناء هو اللجوء لكتب التفسير عند استعصاء الفهم على الأذهان.

الآفة العاشرة: فهم القرءان والسنة على نحو يختلف مع مراد الله ورسوله فترانا نتصارع عددأ من السنين في قضية "هل سيخلو العرش من الله عز وجل أم لا عند نزوله للسماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل" وكأن الحديث القدسي هذا مرادُه!!. مع أن مراد الله واضحُ للإنسان العادي البسيط وهو ببساطة أن نستغل الليل في التوبة والأوبة واللجوء إلى الله!!! وليس مطلوباً منا أكثر من ذلك.

الآفة الحادية عشر: تحويل العقيدة البسيطة التي تتناغم مع فطرة الإنسان البسيط إلى فلسفات معقدة لا قِبلَ للعامة بها وهو ما يؤدي الى سوء فهم العقيدة السليمة بل وإثارة شبهات في نفس الدارس كان من الممكن ألا تخطر بباله أصلاً.

الآفة الثانية عشر: هو طرح شبهات الأقدمين التي برزت بل وماتت أيام معاصرة الفلسفات اليونانية للثقافة الإسلامية على دارسي العقيدة الآن وكأننا مُجمدون في الزمن. وترك الشبهات الأكثر قوة التي يتشبث بها الملحدون في أيامنا هذه للتدليل على صحة منهجهم.

الآفة الثالثة عشر: الاستدلال المتعسف بالاكتشافات العلمية الحديثة لإثبات صحة القرءان والسنة وهذا هو ناشئ في أغلب الأحوال بالشعور بعدم الثقة الكاملة في دين الله. وإنما ينبغي ألا يُدرج في باب الإثبات العلمي إلا الحقائق وليست النظريات. وكمثال لهذه الحقائق ذكر القرءان بدقة بالغة مراحلَ تطور الجنين في بطن أمه.

الآفة الرابعة عشر: محاولة تفسير الغيبيات كطلوع الشمس من مغربها مثلاً كعلامة من علامات الساعة تفسيرات فيزيائية وهذا ان دل فإنما يدل على الإحساس الكامن عند بعض المسلمين بالدونية وعدم احساسهم بقيمة دينهم. لأن الإيمانيات الأصل فيها التصديق ولو كانت الإيمانيات محل إثبات علمي نظري أو عملي لما ثبت الابتلاء بالإيمان والتصديق. وإنما يكون استخدام العلم إما في الفهم الحديث لبعض آيات القرءان في ضوء ما جد علينا من معرفة أو الاستدلال على نسب القرءان لله رب العالمين ببعض الحقائق العلمية الثابتة المذكورة فيه.

الآفة الخامسة عشر: هو المسارعة في التحريم بدون نص قطعي الدلالة قطعي الثبوت.

الآفة السادسة عشر: هو عدم إدراك المسلمين أن تحصيل العلوم التطبيقية واستخدامها في تقوية شوكة المسلمين داخلياً وخارجياً هو فرض على الأمة وهو في الحقيقة جهاد زمننا الحالي لأنه لا جهاد بدون قوة ولا قوة بدون علم.

الآفة السابعة عشر: هو الاحجام عن تعلم الحكمة من غير المسلمين وإن كانت في المجالات الاجتماعية والنفسية بحجة أن الإسلام كافٍ لهذا الغرض. ولكن مالا يدركه الكثيرون أنه مع صحة حجتهم فما لم نستطع أن نصل إليه من الكتاب والسنة لعجزنا أو لقلة فهمنا لا حرج علينا أن نتعلمه من غيرنا طالما لم يصطدم بتعاليم شريعتنا.

الآفة الثامنة عشر: هو ترك علم عالم بالكلية لمجرد أنه اختلف معنا في الرأي في مسألة (بل حتى لو كان خطأً بيناً وليس مجرد اختلاف في الرأي) وكأننا ننتظر من العالم أن يكون إما معصوماً وإما مارقاً ولا وسط بينهما!! وإنما ينبغي أن نغوص في بحر علم علماء أمتنا فننتقي الآلئ ونترك ماليس صحيحاً.

الآفة التاسعة عشر: هو التخلي عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كفريضة إسلامية حتى صار المعروف منكراً والمنكر معروفاً وتخلى معظم العلماء عن دورهم في قول كلمة الحق في وجه الحكام المخطئين دون أن يخشوا في الله لومة لائم.

الآفة العشرون: أننا إما أن نستورد النماذج الغربية للإصلاح بما فيها من مميزات وعيوب وإما أن نتركها بالكلية. والصحيح أن يكون ديننا هو حبل الله المتين الذي نعتصم به ونضم إلي حضارتنا كل علم نافع علمه الله لبشرأيا ماكانت ملته وننبذ ما عداه من فساد وعلم غير نافع.

الآفة الحادية والعشرون: هو جهل كثير من علمائنا بأحوال الدنيا من حولهم وبأساسيات العلوم المادية.

الآفة الثانية والعشرون: هو عدم فتح الفرصة أمام علماء العلوم التجريبية لإبداء رأيهم في آيات القرءان التي لها علاقة بعلومهم المادية. فعلماء الشريعة الحاليون ليسوا بقادرين على التأمل في مثل هذه الآيات. (يُشترط أن يكون هناك تعاونا بين عالم الطبيعة وعالم الشريعة واللغة حتى لا يزل أحدهم في تأويل متعسف أو مجانب للصواب).

الآفة الثالثة والعشرون: هو عدم وجود ثقافة ترتيب الأولويات بين علمائنا في وعظ الناس وبين عامتهم بالتبعية.

الآفة الرابعة والعشرون: الاجتهاد فيما ينبغي التوقف عن الاجتهاد فيه لأننا لن نصل لرأي جديد عما سبقنا فيه آلاف العلماء (مثل فقه الطهارة والصلاة ) وعدم الاجتهاد فيما ينبغي الاجتهاد فيه (مثل الاقتصاد الاسلامي والسياسة الدولية الاسلامية والقضايا الطبية الحديثة وموقف الشرع منها).

الآفة الخامسة والعشرون: عدم احترام التخصص الدقيق في علوم الشريعة وظهر ذلك جلياً عندما فتحت الفضائيات أبوباها للأسئلة الشرعية, فتجد عالم الحديث يفتي فتاوى فقهية يلزمها دراسة عميقة في اصول الفقه و تجد الفقيه يصصح ويضعف الأحاديث وكأنه خبير بعلم الرجال والجرح والتعديل.

الآفة السادسة والعشرون: غياب العمل الجماعي والفتاوى الصادرة من هيئات كبار العلماء وشيوع الفتاوى الفردية بين الناس ومما هو معلوم أنه مهما بلغ العالم من علم فإن فرصة أن يفتي برأي خاطئ أكثر بكثير من فرصة خطأ مجموعة من العلماء الذين يصوب بعضهم بعضاً.

الآفة السابعة والعشرون: الاستخدام الغير مسئول لألفاظ شرعية مثل "إجماع" و "جمهور العلماء" فتجد من يقول أن هذا هو "رأي الجمهور" وتجد مخالفاً له في الرأي يقول أن رأيه هو هو "رأي الجمهور" دون حتى أن يوضحوا للعامة معنى كلمة "جمهور" أو "إجماع" وضوابط استخدامها.

الآفة الثامنة والعشرون: عدم توعية الناس بأنه يوجد ما يُسمى الخلاف بين العلماء وأن هذا طبيعي وأنه لو أراد الله أن يُفهم النص بطريقة واحدة لفعل ولكنها حكمة الله في دينه ليكون الدين دينا عالمياً صالحاً لكل البيئات وكل الأزمنة مادام النص يُفهم في حدود اللغة العربية السليمة وفي ضوء غيره من النصوص المرتبطة بنفس القضية. ويرتبط بهذه الآفة إيهام العامة أنه لا يُوجد إلا رأي واحد.
وإنما ينبغي تنبيه العامة على وجود الخلاف وأن المفتي هو أميل لرأي معين من الآراء المختلفة.
وأن اختلاف العلماء لا يلغي وجود الاتجاه الاسلامي العام الذي "بعكس ظن الكثيرين" هو في اتجاه الحق ولكن عن طريق حبل غليظ تختلف اتجاهات خيوطه داخله ولكن اتجاه الحبل ككل هو نحو الحق بإذن الله تعالى.
ملحوظة: اختلاف اتجاه الخيوط تكون تقوية للحبل الغليظ وليس اضعافاً له إذا كانت الخيوط تساعد بعضها بعضا ولا تتناحر ويقطع بعضها بعضا.


الآفة التاسعة والعشرون: هو انزلاق الكثير في وضع الفتوى أولاً تأثراً بالبيئة المحيطة ثم انتقاء النصوص التي تؤيد هذه الفتوى والصحيح هو العكس وهو أن يتم جمع جميع النصوص المرتبطة بقضية ما وتطبيق عليها علم اصول الفقه لاستخراج الفتوى بغض النظر إن كانت موافقة لبيئة المفتى أو ميله الشخصي أم لا.

الآفة الثلاثون: هو عدم مراعاة الأقليات وأحكامهم الخاصة وعدم مراعاة الإسلام كدين عالمي فتجد الفتوى التي تُفتى لمستفتي مصري مثل االفتوى التى تُفتى لمستفتي ألماني مع اختلاف البيئة المحيطة بالمستفتي بل ونفسية المستفتي تماماً. ولا أقول بتغيير الفتوى حسب المكان بلا قيود ولكن أقول أن قواعد شريعتنا من المرونة بأن تسع العالم كله بكل ظروفه.

الآفة الحادية والثلاثون: هي فتح باب الفضائيات للأفتاء اللحظي على الهواء وهذا مزلق خطير فقد تكون الفتوى تحتاج للتفكير العميق بل قد تكون محتاجة لأخذ رأي متخصصين في مجالات أخرى داخل تخصصات الشريعة الإسلامية وخارجها.

الآفة الثانية والثلاثون: هو استدراج بعض برامج الفضائيات الخبيثة لبعض العلماء حسني الظن قليلي الوعي بحيث يكونون من مدارس فكرية مختلفة وافتعال المعارك الكلامية بين العالمين واستفزازهم حتى يخرجوا عن هدوئهم وقد يقعون في الخطأ في حق بعضهم البعض. فيتحقق بذلك الغرض الشيطاني للبرنامج وهو فقدان الناس احترامهم لكلا العالمين والاحساس بالضياع بين آرائهم وفقدانهم الثقة بوجود رأي إسلامي سديد حول الشئون الإسلامية المعاصرة.

ملحوظة هامة: ترتيب الآفات لا يدل على ترتيب أهميتهم

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم