الخميس، 30 أبريل 2009

الكبر وتضخم الأنا

السلام عليكم

إننا نعيش أيامًا يبسات من الحب والإيثار الحقيقين ترى فيهن كثيرًا من الناس ذِئابًا في مسالخ بشر, كلُ ذئبٍ يُهِمُهُ حياتُه ورغدُها ويرنو حلوَها ويتجنبُ مرَها, وكثيرًا ما يكون حلوها هذا في ضررٍ من حولها.
إن أناسًا يلبسون زي الرحمةِ تفوحُ رائحةُ القسوةِ الكريهةِ من تحتِ ملابسِ رحمتهم الظاهرة الوهمية, وهم يحرصون بين حين وحين أن يُحسِنوا مظاهرهم ويظهروا وكأنهم رحماء!!. ولكن هيهات هيهات أن تظهر رحمةُ حقيقيةُ عندما تتعارض المصالح بين "الراحم" و"من يحتاج الرحمة" .ومن المثير للسخرية المبكية أن تجد من يأخذ دور الراحم في هذه المسرحية الهزلية مصرًا على إكمال لُعبة المظاهر الخادعة فيوهمك أنه يقسوا عليك ليرحمك! .... ما أعجب هذا الزمان.

الكبر وتضخم الأنا


إن تضخم هذه الأنا هي وراء كل كبر وغرور وشح نفس بل وأنانية. إن الأنا المتضخمة هي كفيلةٌ بأن تكون محورًا يلتف حوله كل شر إنساني, بل إنها ضد روح الإسلام قلبًا وقالبًا

قال صلى الله عليه وسلم في التعريف بالكبر وضرره
" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر . قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة . قال : إن الله جميل يحب الجمال . الكبر بطر الحق وغمط الناس "


وما أقبح خلق بطر الحق وغمط الناس ففيه الشر كله وفيه الظلم كله وفيه المكر السيئ كله وفيه الكذب كله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم, نعم المولى ونعم النصير

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الاثنين، 27 أبريل 2009

فعالية الدعاء - شبهات وردود

السلام عليكم

من اللادينيين من يتبنى فكرة أن تأثير الدعاء وهمٌ وليس حقيقي . وهذه الشبهة يقع فيها هذه النوعيات من البشر كلٌ متأثر بشبهته:

1- من يظن أن الدعاء ما هو إلا كلامُ يشتد إيمان الإنسان بأن له تأثير فيتوهم تأثيراً ليس له وجود على أرض الواقع
2- من يظن أن الدعاء يدفع الإنسان ليجعل ما دعا الله به ماضياً, فيتوهم أنه قد استجيب فعلاً
3- من ينكر الدعاء بحجة أن كل شئ له سببه المعروف.
4- من ألقاه كبره في وهم حقيقي بأن تأثير الدعاء هو ملهاة للدهماء, أما ذوي النهى فإنهم يعلمون أنه إن هو إلا وهم كبير.
5- من يستحوذعليه العطب في التفكير فيفهم الدنيا بشكل مادي بحت (لها علاقة بالشبهة رقم 3).
6- من لا يفهم قضية الجبر والاختيار فيتسرع بقوله أنه جفت الأقلام وطويت الصحف فما فائدة الدعاء إذن؟!



الرد على تلك الشبهات:
1- لنتخيل اثنين من الناس أحدهما مسلماً والآخر بوذياً وكل منهما مريض بمرض لا شفاء منه في المعتاد لكن أحيانا يحدث شفاء, وكان المسلم دعا الله بالشفاء بينما دعا البوذي بوذا بالشفاءِ أيضاً والنتيجة أنه قد شُفي الاثنان. أقول أن هذا ليس دليلاً عملياً أن الدعاء ليس له قيمة بينما تكون رغبة الإنسان في الشفاء هي المؤثرة, ولكن الدليل العملي يكون إن كررنا هذه التجربة مرات عديدة على عينتين عشوائيتين :
الأولى: مسلمة وتدعو الله بالشفاء
الثانية: بوذية وتدعو بوذا بالشفاء
فإن كانت نسبة عدد من يُشفون بدعاء الله مساوية لمن يشفون بدعاء بوذا لكان الاستنتاج بأن الدعاء - غير مؤثرتأثيرا ماديا في الدنيا - له وزن علمي. أما إن تفوقت نسبة الذين يُشفون بدعاء الله تعالى على الآخرين فإن الدعاء له قيمة وتأثير . ولكن دعني أسأل المنكرين سؤالاً : هل قمتم بعمل هذه التجربة؟! فإن كان الجواب لا فالشبهة غير ذات قيمة.

2-هذا كلام يتعرض لحالات خاصة جداً وهي أن يكون المدعو به في مقدرة الإنسان, ولكن يطرح سؤالٌ نفسه هاهنا! لماذا لم يفعل الإنسان بنفسه هذا العمل إذا كان في متناول يديه ... لابد أن غالبية من يدعون الله بأمر معين خبروا صعوبة أو استحالة عملية للمدعو به في ظل امكاناتهم من تحقيق هذا الأمر!!

3- إن التفكير والتأمل في ذواتنا يؤكدان أننا ليس لنا في هذه الدنيا إلا حرية الإرادة فقط لاغير. فإننا حتى لا نستطيع كيف نحرك أيدينا أو أرجلنا وإنما نراهم أمراً عادياً لأننا اعتدنا على أن نريد تحريكهما فيتحركون. أما إن صادفك من باستطاعته أن يحرك أذنه (يوجد من الناس من يمتلك هذه القدرة) وسألته كيف تحركها كي أفعل مثلك ... سينظر لك بحيرة ويقول: "لا أعلم, إنما أردت أن يتحركا فتحركا!!" لا بد وأنه يوجد من حركهما لي عندما أردت تحريكهما. من هو؟ هو الله الحي القيوم. فإن حاجك أحد بأنه ثمة نبضة عصبية خرجت من نقطة ما في دماغك عند رغبتك ! فقل له ولماذا هذه النبضة بالذات وليست غيرها هي التي انطلقت ... لا بد من وجود من أطلقها! وباتأكيد لسنا نحن من أطلقناها, نحن أردنا وحسب فعل التحريك والله تعالى قد خلقه لنا.
فإذا ثبت لنا هذا عن طريق تأملنا في ذواتنا, فلماذا نستبعد استجابة الله لأمر ما نرغبه خارج حدود جسدنا؟! إنهما ينتسبان إلى نفس المبدأ وهو امتلاك الإنسان فقط حرية التفكير والإرادة والدعاء وأنه ما من شئ يتحول إلى واقع ملموس إلا أن يكون فعلاً لله تعالى.

4- إنه هو الذي في وهم كبير فمن لا يؤمن بتأثير الدعاء الحقيقي لا يؤمن بوجود الله الحي القيوم الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء فمن غير المعقول وجود رب إله يترك عباده هملًا إذا استغاثوا به. ولا يخفى أنه من لايؤمن بوجود الله هو أحمق الحمقى فهو لا يؤهمن بأكثر الحقائق بداهةً في الوجود!

5- من يستحوذ عليه التفسير المادي للكون هو إنسان متأخر أكثر من قرن كامل عن ركب العلم !! فإن العلم قد نبذ من زمن بعيد افتراضية أنه لا موجود إلا أن يُرى ويُحس. وإن شاء أن يتعلم فليدرس علم الفيزياء من بعد 1905 حتى الآن.

6-إن من يعتقد ذلك يتكايس في محل يثبت فيه أنه ليس بكيس. فإن الله تعالى غير محكوم بزمان لأن الزمان مخلوق له سبحانه وبالتالي فإن دعاء الشخص ربه قدرٌ كما أن استجابة الله لدعاء نفس الشخص هو قدرٌ أيضاً!. وبالتالي فإن الله تعالى يُرتبُ أقدراً على أقدار.

ولك هذا السؤال وإجابته إيها القارئ الكريم هدية مني:
السؤال:
ظهرت نتيجة امتحان طالب في الجامعة وعُلِقت على الحوائط وانتهى الأمر ولكنه لم يعلم النتيجة بعد فهم بالذهاب للجامعة لمعرفتها. هل يدعو الشخص أثناء رحلته من البيت إلى الجامعة ربه بالنجاح؟!
الجواب:
نعم يدعوه لأنه من الجائز جداً منطقياً أن يكون الله تعالى قد وفق هذا الطالب في الاختبار بناءاً على دعائه الذي سيدعوه بعد أن تظهر النتيجة !

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 23 أبريل 2009

لا

السلام عليكم

لن أدرج في هذا المقال "لا" في الأمور التي ينهى عنها الشرع لأنها معروفة من ناحية وخيرٌ مني يقومون بالنهي عن المنكر شرعاً من ناحية أخرى. ولكن سأحاول تقديم "لا" حيث لم يتعود الناس أن يجدوها!!

1-لا تمتنع عن نصيحة الناس لمجرد أنك لا تفعل ما تنصحهم به بل قل لهم مثلا "إني أريد أن تساعدوني في ترك هذه العمل".
2-لا تُهمل في عملك فإن ذلك يُغضب ربك.
3-لا تعطي انطبعاً لغير المسلم أن ما يصنعه المسلم شيئاً عاديًا, بل ينبغي أن يكون متميزًا مثل تميز صانعه.
4-لا تظن أننا بفقدنا عدة وعتاداً في حرب ما مع الكافرين أن المسلمين ينهزمون, فأنت لا ترى إلا نقطة صغيرة من منحنى كبير من وقائع صعود وهبوط الأمم وأنت وغيرك الذين ترسمون هذا المنحنى.
5-لا تقع في فخ الفلسفة, فإن أغلبها كلام ليس له معنى, وقد زُين بواسطة خبراء (الفلاسفة) حتى يظهر أنه كلام عميق جدًا. واعلم أن حقيقة الفلسفة لا تصمد أمام النقد العلمي الجاد.
6- لا تصدق كل ما يقال لك إلا بقرينة أو أن يقال لك من شخص تثق فيه وثوق رؤيتك للشمس في وضح النهار. ولا تنشر كل ما صدقته إلا لحاجةٍ تُقَدَرُ بقدرها.
7-لا تقع في فخ "الانطباعة الأولى" فكثيرًا ما تكون كاذبة.
8-لا تعتمد على حدسك في تقييم الأشخاص وإنما قيمهم بأعمالهم واترك نواياهم لله فهو المُحاسبُ عليها.
7- لا تقتل أخاك لتنقذه من خطر بعوضة تقف على رأسه.
9-لا تنتظر شكرًا من أحد ولكن احتسب عملك عند الله وتذكر دائماً أن - الحياة قصيرة جدًا.
10- لا تسمع كلام من أمامك ولكن استمع لما يقصده بكلامه ... ستتجنب الكثير من المتاعب إن فعلت ذلك.
11- لا تعتمد على مكالمة هاتفية أو بريد الكتروني في تصفية خلاف بينك وبين صديق. ولكن اذهب وواجهه بلطف واحرص على الابتسامة فتبسمك في وجه أخيك صدقة.
12-لا تبدأ بعيوب المُنْتَقَد عند نقده بل ابدأ بالثناء على حسناته.
13-لا تنتقد شخصاً لمجرد النقد بل اسع جاهدا لتفكر معه في مجموعة من الحلول للمشاكل المطروحة.
14-لا تبدي تعليقاً على تغير سلبي مُفاجئ في مظهر زميلك فإن هذا قد يحرجه. التغافل هنا هو من حسن الفطن.
15- لا تشك في سوء نوايا الناس حتى يثبت ما يدعو للشك ولا تثق في حسن نواياهم حتى تثبت هذه النوايا الحسنة. بمعنى آخر "ظن أن الناس حسنو الظن إلى أن يثبت عكس ظنك في حسن ظنهم!!".
16- لا تتكلم إلا بسبب وفي خير. واحفظ هذه القاعدة عني: إن كان ثمة شخص يريد أن يسبر غورك على غير هواك, فتحل بالصمت, فإن كل كلمة تنطقها تهدي له معلومة عنك من حيث لا تدري.
17- لا تبدأ بمناقشة نقاط الاختلاف بل ابدأ بترسيخ نقاط الاتفاق لتكون قاعدة قوية تسند إليها في الإقناع أو الاقتناع في نقاط الخلاف.
18- لا تدخل حديثاً وأنت غير مستعد عن التخلي عن بعض أفكارك.
19- لا تحدثن نفسك بالآتي " رأيي صواب لا يحتمل الخطأ ورأي خيري خطأ لا يحتمل الصواب"
بل حدث نفسك بـــ " رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"
20-لا تضع حلاً واحداً أبداً لأي مشكلة.
21- لا تحزن فالحزن عن شئ قد مضى لا يفيد وإنما الاستفادة في التعلم من أخطائك في الماضي
22- لا تغتم فالله وكيلك وبيده مقاليد الأمور كلها وهو عند حسن ظنك به فأحسن الظن به يُزْحْ من عليك الغم بشرط أ تكون قد بذلت ما عليك أولا.
23- لا تهتم (لا تصبح مهموماً) فإن ما أنت مهموم من أجله قد لا يحدث أصلاً . اجتهد قليلا في وضع حلولاً بسيطة لمواقف المستقبل ثم اجعل الله وكيلك وقل في نفسك "(سيحلها الله من لدنه إذا حل وقتها من حيث لا أحتسب)
24-لا تنعزل عن الناس فتصبح غريباً ولا تخالطهم فتصبح مصاباً بكثير من الأمراض الاجتماعية المُعدية. خالطهم بقدر يكفل فقط نقل صفاتك الحسنة إليهم ونقل صفاتهم الحسنة إليك. وهذا لا يتم بالانعزال التام ولا بالمخالطة التامة.
25- لا تحرص على الكلام إلا إذا طُلِبَ منك وكان كلاماً يرضي الله. واعلم أن الكلام شهوة وخصوصا أمام الجماعة وهي شهوة مشتقة من شهوة حب الظهور.
26- لا تتعلم لكي تعلم فإنك لن تعلم مهما تعلمت ولكن تعلم لكي تعمل فإنه بالعلم اليسير تستطيع عمل الكثير بفضل الله وتوفيقه.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

من تظن نفسك أيها المغرور!؟

السلام عليكم
الإنسان .... ما أعجب هذا المخلوق .... لقد كرمه الله عز وجل وجعله في أحسن تقويم وخلقه طِفلًا صغيراً حيث الجهل والظلام وخلق له سمعه وبصره وفؤاده, حتى يتعلم ويستفيد مما تعلمه بأن يرتقي درجات بعلمه على سلم المجد الحقيقي, سلم رضا الله وجنته, وأسبغ عليه نعمَه ظاهرةً وباطنةً, فهو يعيش ولا يحمل هم تسيير نظام داخلى كامل في أشد حالات التعقيد والإتقان, بل إنه في معظم الأحوال لا يدري شيئًا عن هذا النظام. وسخر له الشمس لتضئ له نهاره وتمده بالحرارة وتنبت له زرعه الذي يتقوت به ومحا تأثير كمال ضوء نجوم الليل لتكون آية الليل مظلمة حتى يسكن الإنسان ويرتاح فيه, وإذا ما حمله أمر على عدم النوم, يجد النجوم مصاحبة له هادية له في مساراته على وجه البسيطة ووجد القمر أنيسَه المنير الذي ينير له أينما راح أو غدا.
مهلًا مهلًا ماذا أنا بفاعل؟! أتراني أحاول إحصاءِ نعم الله على الإنسان؟!!بالطبع
لا:
قال تعالى
"وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ "
كلا والله فإن من الحماقة محاولة إحصائها, وإن كان من الكياسة محاولة التفكر في أنواعها وكثرتها والوصول بعدها لاستحالة إحصائها, ولكن حديث نفسي هذا لا يعدو أن يكون تمهيداً لتخيل مقدار إثم الإنسان الذي أعماه الغرور عن إبصار الحقيقة ...  لقد ظن نفسه شيئاً فتجده يتعالى على عباد الله وكأنه سيخرق الأرض وسيبلغ الجبال طولاً!!.... يالشفقة العقلاء على بني آدم من غير العقلاء .... فلينظر لنفسه ذلك المغرور عندما يقع فريسة لجندي من أصغر جنود الله في الأرض مثل الفيروس!...






إن فيروساً لا يكاد يُرى بالميكرسكوب, شأنه أن يقعده عن الحركة منبطحاً مُنْكَبًا مَنْكُوبًا مُتَحَسِرًا خائباً, يود أن لو كان تراباً منثورًا, فقد يجعله هذا الجندي الصغيرعاجزًا حتى عن قضاء حاجته, ياله من ضعف وهوان .. يالها من ضعةٍ عَلَهُ ينزجر بهذا ذلك المغرور!!
إن إنسان يعجز عن قضاء حاجته بسبب فيروس بسيط جداً في تركيبه النسبي, حقُ عليه أن يعرف قدر نفسه في هذه الدنيا وألا يظن نفسه بالغاً بغروره شيئًا مذكورًا عند من له شأن حقيقي وهو الله تعالى, وحقٌ عليه أن يكفَ عن التطاول عن بني جلدته من البشر فهو مثلهم إن لم يكن أقل منهم بعدم إدراكه حجم نفسه الحقيقي.
والله إن العاقل ليرى هذا النوع من الناس, وهو الذي يغفل عن حقيقة ذاته الوَهِنة, مثيرًا لمزيج من الشفقة والاشمئزاز وذلك لتكبره وهو أسفل سافلين. فبماذا يتكبر؟! بجسد ليس له حول ولا قوة إلا بحول الله وقوته؟! أم بذكاء ليس له ضامن أن يصحو من نومه فيجده لم يستحل غباءاً سرمدياً إلا بحول الله وقوته؟!
فلا متكبرَ بحقٍ إلا الله عز وجل, أما أن يجلس أناسٌ على باب التكبر يدعُونه لأنفسهم , فهم قد أشقوا أنفسهم تارةً بإلقائها بعيداً عن الجنة فإنه لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر!! وتارةً أخرى عندما أثاروا شفقة واشمئزاز غيرهم من عقلاء الخلق الذين يعرفون أن التكبر لله وحده لاشريك له.
وبارتداء ذلك المغرور رداء الكبر فقد صار خصيمًا لله ولكن هيهات هيهات إنها لخصومة لا تنعكس إلا على نفسه بكل وبال!! ولكن هذه هي صفة الكثير من البشر إلا من رحم ربي وهداه فقد قال تعالى
"خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ "
صدق الله العظيم

اللهم اجعلنا من المتواضعين لعظمتك المتذللين لك بمعرفتنا قدرنا أمامك. اللهم اجعلنا من المتواضعين للناس, لا نحمل مثقال ذرة من كبر في نفوسنا تجاههم .... اللهم آمين

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم


السبت، 18 أبريل 2009

فتنة التكرار

السلام عليكم
قال تعالى
"إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"
صدق الله العظيم
إن الله تعالى عرض أمانة حرية اختيار عبادة الله من دونها على السموات والأرض والجبال والانسان فلم يتضلع بها إلا هذا الإنسان. لقد أدركت كل كائنات الكون أن هذه الأمانة شديدة عسيرة فحرية عدم الطاعة تلفت نظر العبد هنا وهناك وتجعله ينصرف عن عبادته بأشياء أخرى لا تقع في إطار العبادة بل تجعله مُعرض لأن يترك العبادة بالكلية. كٌل هذه الرزايا مُتوَقعة من لدن هذا الظلوم الجهول ومن أسوئها هو إلف العبادة لتكرارها وتحولها إلى عادة صماء.
إن السموات والأرض والجبال دائبون في عباتهم وتسبيحهم, فحياتهم هي عبادتهم وعبادتهم هي حياتهم ولا يوجد صارف لهم عن هذا لأنه ليس لهم اختيار في ذلك بعد أن اختاروا طائعين في بداية الخلق أن يكونوا عديمي الاختيار فيما بعد في عبادتهم: يقول تعالى
"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ"صدق الله العظيم
أما الإنسان فيوجد له صوارف عديدة يخرجها هو بظلمه وجهله عن العبادة بتغيير نيته فيها ليكون اتجاهها الحياة الدنيا الزائلة. فلما أخرج أجزاءً من حياته عن ماهية العبادة السرمدية لله تعالى, جعل الأصل هي الصوارف والاستثناء هو العبادة فقسم حياته لدين ودنيا وما أجهله وما أظلمه من تقسيم فقد فطنت السموات والأرض والجبال لخطورة الوقوع في هذا التقسيم فابتعدت عنه ورفضت المغامرة.
إن تقسيم الإنسان حياتَه لدين ودنيا جعله يفعل ما يسميه "دينا" في حياته كعبادات منفصلةٍ تؤدى في أوقات معينة وأخرج نفسه من العبادة المستمرة لله عز وجل حيث يفعل ذلك كل من في السماوات والأرض عدا الإنسان: قال تعالى
"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ"
صدق الله العظيم
ومن هذا نشأ التكرار!! فلم ينشأ إلا من التقطع!! ونشأت فتنة التكرار التي أوقع الإنسان فيها نفسه بترك التفكر المستمر في ملكوت الله وأخذ نوايا العبادة في كل عمل يعمله في حياته حتى لو كان المصمم في تصميمه والعامل في مصنعه!!
نشأت فتنة التكرار فتبعتعا فتنة إلف العبادة والتعود عليها وعدم التفكر فيها ولا تسبيح الله بها تسبيحاً مستمراً بما تقتضيه كل عبادة. فشذ الإنسان عن الكون كله فأصبح الكون كله في تسبيح رائع متناغم ولكن يخترق هذا التناغم نشاذ تسبيح الإنسان المتقطع أو عدم تسبيحه
قال تعالى
"يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
صدق الله العظيم
اللهم ألهمنا تسبيحك المستمر حتى ننغمس في التفكر في عظمتك من خلال التفكر في كونك الذي نتناوله بالعمل الدائب تحت مظلة عبادتك.

والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 9 أبريل 2009

مذكرات طائف بالبيت العتيق

السلام عليكم

أتعجب جداً لحال هذه الأمة فهي مثخنة بالجراح من ناحية ومن جهة أخرى فالجهاز المناعي عندها يكاد يكون منهاراً ومن مظاهر هذا الانهيار في نظري والذي يظهر جلياً بالطواف بالبيت العتيق كالآتي:

1-الإيمان والخشوع مرتبط ارتباطاً جلياً بالماديات والتمسح والتشفع بها, من ستار للكعبة إلى مقام إبراهيم إلى حِجْر اسماعيل إلى الحجر الأسود , أو حتى الركن اليماني .. المهم أن الناس (إلا من رحم ربي) عاجزون أن يتضرعوا لله دون أخذ وسيط مادي بينهم وبين بارئهم ... وهم بذلك ليسوا بشديدي البعد في عقيدتهم عن مشركي قريش الذين يقولون "
مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى" وإن كنت لا أكفرهم, فالتكفير قضية خطيرة لا أتعرض لها.

2- الكعبة هي هدفٌ في ذاته وليس الله تعالى وهذه مصيبةُ كبرى تلحق بزميلتها السابقة, فترى الناس تركيزُهم على الكعبة هو أقوى كثيراً من خشوعهم لرب الكعبة. ولك أن تحدث ولا حرج عن الطوابير التى يصنعها المسلمون لتقبيل الحجر الأسود
(السنة في تقبيله هو تقبيله عند الإتاحة وإلا فالإشارة إليه).

3- الضرب الشديد الذي يكيله الحارس الحِجازي للمعتمرين عند تعدي أحدهم الوقت المُخصص له لتقبيل الحجر الأسود!! والأدهى والأمر هو السعادة التي تظهر على وجهه في صورة ابتسامة خافتة .... ويريح نفسه قليلًا من الضرب ثم يعيده ضد المعتمرين.

4- خلو العبادة من جوهرها وهو الخشوع القلبي والعلاقة المباشرة بين العبد وربه, فبدل أن تجد العبد مناجياً ربَه بما يحفظ من الأدعية المأثورة أو حتى من مناجاته الخاصة بينه وبين ربه, تجد جَلَ الناس يقرأون من كتاب أو يرددون وراء قائدٍ كلامًا يدل نطقهم به أنهم ليسوا بعرب ولا يفهمونه عربياً, ولا أعرف ما الضير أن يناجي كل عبدٍ ربَه باللغة التي يجيدها؟!

5-انتشار العنف بين المسلمين وخاصة عندما يتعلق الأمر بالاستباق للمس وتقبيل ما هو مادي وهذا إن دل فيدل على ذهول الناس عن حقيقة الإيمان وعن جاهلية كامنة فيهم غارسة براثنها في أعناقهم.

6- المعاملة التي ملؤها الاحتقار (تجد هذا مرسوماً على ملامحهم قبل أفعالهم) من المُطوِعِين الحِجازيين للنساء خاصة. فهم يعاملونهن كأنهن ماشية يريدون أن يحصروهن في سياجهن.


اللهم قد بلغت بعضاً من علل عوام المسلمين الفتاكة, اللهم فاشهد

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

بحور الآثام وتزيين الشيطان


السلام عليكم
يالها من أنهارٍ عذبة, أسبحُ في مائِها الفرات, كالعسلِ في مذاقهِ, ممتعة السباحة فيه والاغتمار به. كان هذا حالي ليل نهار وما أحلاه وماأطلاه من حال. كان الزمان يعبر علي أو أعبر عليه بسرعةٍ أستبق فيها الأحداث أوتستبقه. وفي ذات يوم وأنا أغوص غوصاً عميقاً في بحري الشهي الذي أنساني أني كائن بري فأصبحت لا أغادره ليلَ نهار, فإذا بي برجلٍ للتو خرج من بحر ذي ملحٍ أجاج ولونُ سوادِه كالقار الخام, رائحته كريهة, فعجبت من أمره عجبًا! ما الذى رمى هذا الرجل على تحمل كل هذه الغصة؟!
عرض على الرجل كوباً من مسبحه المقيت لأشرب منه!! تعجبت لذلك كثيراً وحسمت أمرى ألا أتناوله, إلا أنه أقسم علي أن أتذوقه فقط بطرف لساني فإن لم يعجبني تركته, ولكن اشترط علي شرطًا قبل شرابي! أن أستعيذ بالله من وساوس نفسي والشيطان, ففعلت لإتخلص من إلحاحه ولكني قلتها بإخلاص شديد وخشوع, لا أعرف لماذا وكيف تنسجم حالتى هذه من إخلاص وخشوع مع سأمي من إلحاح الرجل. ذقت طعمه بطرف لساني .... ما هذا؟! يالها من مفاجأةٍ يُجَنُ منها العاقل!!

أحسست إحساسًا غريبًا, قشعريرةً كأنما أُبَدِلَ نفسي وروحي وأحاسيسي. وجدت نفسي أرتشف المزيد من هذا السائل الذي بدا لي قبل شرابه قاراً فإذا به الآن يتحول إلى عسل لم أذق في حلاوته ما يضاهيه!! وما أن حدث هذا وجدت المسبح الذي كنت اسبح وأغوص فيه, وجدته سائلًا أسوداً آسنًا عفنًا ووجدتنى مُجرداً من الملابس تماماً. ووجدت الرجلَ ملابسُه جافة بالرغم من أنه يسبح هو الآخر في مسبحٍ كمسبحي!! ووجدت عبق مسك فواح يأتيني من مسبحه. فما أن وجدت هذا أدركت أنه ما من تغيير طرأ على الماء نفسِهِ, ولكن التغيير طرأ على إدراك حواسي له فقد كنت مغروراً في حقيقته, والآن أراه كما هو دون تزيين نفسٍ ولا إغواء شيطان. فالآن أرى مِسبحي آسناً وأراني مكشوف العورة فيه, بينما أرى المسبح الآخر جميل العِطرِ ويسبح السابح به مستورةٌ عورته!!

فأدركت أن ما أنا فيه هو بحر الآثام العفن وتذكرت قول ربي سبحانه
"يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْـزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ "
صدق الله العظيم

وربطت ذلك بعريي لخلو أفعالي من التقوى, فما ترددت أن أقفز من بحر الآثام الآسن إلى مياه التقوى العطرة, فتبدل انكشاف عورتي بسِتر جميل بهي زكي وتذكرت حينئذ انطباق قول ربي علي في السابق قبل توبتي وانتقالي من الآثام للذلِ والإنكسار والطاعةِ لله
قال الله تعالى
"أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ "
صدق الله العظيم

فقد كنت أرى سوء عملي حسناً والآن أراه سيئاً عَفِنًا وتعجبت من نفسي أن كنت ميتاً وسط هذا الوسط القَذِر .... إنه إغواء النفس وتزيين الشيطان.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم