الأحد، 30 أغسطس 2009

الكبر

السلام عليكم
إن الكبر من المرديات العظام في عُرف اﻹسلام فقد حذر منه الله ورسوله تحذيرا مُغلظا

قال تعالى في سورة النحل آية 23
"
لا جرم ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون انه لا يحب المستكبرين"
صدق الله العظيم

وقال صلى الله عليه وسلم
"لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر . قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة . قال : إن الله جميل يحب الجمال . الكبر بطر الحق وغمط الناس"
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 91
خلاصة الدرجة: صحيح

والكبر من أمراض القلوب ولكنه كثيرا ما يظهر على اﻹنسان في أفعاله وخصوصا ﻷولي اﻷلباب من حوله. والسؤال الذي يطرح نفسه للمتكبر. بماذا تتكبر ولماذا تتكبر؟

1-أتتكبر بما أوتيت من نعم في الحياة الدنيا وتظن نفسك أفضل من غيرك ويتسلل بطر الحق وغمط الناس إلى قلبك؟
فإن كنت كذلك فاعلم أنك ﻻ تخرج عن احتمالين أولهما يكاد يكون مُحاﻻ

أ- أنك فعلا تملك ما يفوق الناس في كل شئ دنيوي.
إن كنت كذلك فتفكر في أمرين
* أن هذا كله يمكن أن يأخذه الله منك في طرفة عين وتصبح من الخاسرين بكبرك.
* أن الفوز الحقيقي ليس فوز الدنيا بل هو الباقيات الصالحات في الدار اﻵخرة فما تملكه ﻻ يساوي شيئا إن لم يُزَين بتقوى الله تعالى وبفلاحك في اﻵخرة.

ب- أنك ﻻ تملك إلا بعض النعم وتفتقد إلى بعضها.
إن كنت كذلك فوالله إنه من العجب أن تتكبر, فإنك إن فضلت امرءا في شئ فضلك في أشياء. هذا فضلا على أن ما تتكبر به ليس بذي قيمة إن لم تتحل باﻹيمان والتواضع وتكسب اﻵخرة. بل هو قيمته سالبة عليك لأنه سيرديك في النار يوم لا ينفع مال ولا بنون.

2- أم تتكبر بما آتاك الله من معرفتك إياه وعبادتك له وتظن نفسك تفضل غيرك في العبادة.
وهنا الطامة الكبرى, فقد زرعت ما ينسف قربك إلى الله بنفسك, وذلك بتكبرك بهذا القرب. فيصير قربا مزيفا خادعا, فهو ليس إلا بعدا وأنت لست إلا من المغرورين

قال تعالى في سورة الكهف اﻵيتين 103-104
"قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا"
صدق الله العظيم

وقال تعالى في سورة اﻷعراف آية 99
"
افامنوا مكر الله فلا يامن مكر الله الا القوم الخاسرون"
صدق الله العظيم

الخلاصة
الكبر لا يجلب للإنسان إلا الخيبة والخسارة في الدنيا والآخرة. فاعرف قدر نفسك وضعها في مكانها الصحيح وكن حكيما ولا تتكبر!

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 27 أغسطس 2009

التغير والثبات ووجود الله

السلام عليكم
التغير هو سر وجود الكون
التغير هو سر وجود الكون فلوﻻ التغير كان سيصبح فناءا, والالكترون إن لم يدر حول نواته تحطم الكون كله لتحطم الذرة, وفي علم الديناميكا الحرارية تتغير درجة حرارة كل شئ في نظام معزول حراريا (ويمكن اعتبار الكون من ضمن هذه الأنظمة) لانتقالها من الأسخن إلى الأبرد وبهذا التغير في الحرارة وحده, وليس بالحرارة ذاتها, نستطيع أن نستفيد منها, فإذا تساوت حرارة كل أجسام الكون دخل في مرحلة يسميها علماء الديناميكا الحرارية بالموت الحراري, Thermal Death, لأنه لاداعي للحركة الغير عشوائية أو الانتقال الحراري طالما كانت درجة حرارة الكون كله واحدة, ولا يمكن الاستفادة بطاقة الكون ساعتها رغم أنها مهولة, مهولة ولكنها مكافئة للصفر في اﻵن ذاته.

وينتهي الأمر أن حركة الزمن, أو حركتنا في الزمن, كبعد رابع حسب نظرية النسبية, هي التي تحشو الكون بالطاقة, ﻷنها تستمد قيمتها من تحركنا في البعد الزمني بسرعة الضوء, بالتالي فلولا الحركة الدائبة لكل شئ لتوقف كل شئ حتى الزمن ذاته, وذلك لأننا لا نشعر بمروره إلا بالحركة المستمرة لأبعاض الكون.

وحتى في عالم المعلومات لوﻻ التغير ﻻنعمدت المعلومات فالرسالة التي كلها حرف واحد مكرر كالرسالة الفارغة تماما لا تحوي أية معلومات ﻷنه ينقصها التغير.

مرجع التغير هو الثبات!
التغير يحتاج إلى تغير مختلف حتى يكون له معنى, فلا معنى لحركة سيارة من وجهة نظر سيارة أخرى تسير بنفس السرعة ولكن يوجد معنى لحركتها بالنسبة لمشاهد ثابت بالنسبة للطريق أو سيارة أخرى تخالفها السرعة. ولكن الثابت بالنسبة للطريق يجب أن يكون متغيراً بالنسبة لآخر!. وتستمر عملية نيل معنى وجود التغير (وجود الكون حسب تعريفنا للوجود أعلاه) من معنى الثبات النسبي حتى يضطرنا التفكير المنصف السليم للوصول لمرجع مطلق لا ينتابه التغير, وهذا المرجع يخالف كل ماعداه, فكل ما عداه من موجودات تتغير.

الله تعالى
يبدو أننا نتكلم عن الله تعالى, فهو الصمد الذي يستند لوجوده كل شئ, ووجوده في المقابل ﻻ يستند لشئ, وبالتالي فهو خالق التغير (خالق اﻷشياء حسب تعريفنا أعلاه), وخالق الزمن بالتبعية وهذا يؤكد عدم تغيره ﻷن خالق الزمن ينبغي خروجه عن الخضوع للزمن, فوجوده ﻻ يحتاج للتغير, وهو واجب الوجود ليس كباقي اﻷشياء, فهو كما قال عن نفسه في القرآن الكريم "ليس كمثله شئ". وهكذا يتكشف لنا أن وجوده من طبقة أعلى من وجود باقي الكائنات.

الخلاصة:
وجود الله صحيح بدون الحاجة إلى وجود الكون, ولكن وجود الكون ليس له معنى بدون وجود الله. والملحدون يتحيرون بين كون بدون إله وكون مع إله, وهذا خطأ, والصحيح أن الخيارين الوحيدين الصحيحين هو كون مع إله, أو لا كون على الإطلاق. وحيث أننا نحيا في كوننا الجميل, فلا مناص للجاحدين الملحدين عن اﻻعتراف بوجود الله.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 20 أغسطس 2009

الإخلاص

السلام عليكم

مقدمة
تفكرت في معنى الإخلاص وأغراني ذلك بالتفكير في سؤال أوسع وهو - هل المسلمون الموجودون حاليًا يفهمون هذا المعنى الجليل حقًا؟ وتأملت لو أن مسلمي اليوم غابت عن أذهانهم معاني الإسلام الأساسية مثل الإخلاص والتوكل والإيمان والعمل الصالح وغيرهم من المعاني الجليلة, هل يُعدون آنذاك من الأمة التي وعد الله بنصرها حيث قال
"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "
صدق الله العظيم

وإن كانت مفاهيم الإسلام الأساسية غير مفهومة على وجهها الصحيح, فإنه من الظلم أن ندعي أن سلف الأمة يتميزون عنا في كم الإيمان والعمل فقط, وإنما بدون الفهم الصحيح للعقيدة السليمة يكون سلف الأمة قد تميز عن خلفها في كيف الإيمان والعمل وليس فقط في كمهما.

وإن كانت هذه هي حال الأمة فلماذا ننتظر وعدًا لم تتحقق شروطه؟!! إننا بذلك نكون في غفلة عن شكل الإسلام ومضمونه, مقصرين في كم الإيمان و ذاهلين عن كيفه, فلا نلومن إلا أنفسنا إذ أصبحنا أهون أناس على عدوٍ لهم!, حتى الشيطان نفسه لا يحتاج أن يتكلف عناء الوسوسة لأناس سائرين على درب غير الدرب الذي أراده الله لهم, فلماذا يرهق نفسه في إضلال أناس ضالين بالفعل!!!.

الإخلاص
قد وفر الله سبحانه علينا كبد التفكير في معناه الدقيق فأنزل من القرآن وأوحي من السنة لرسوله صلى الله عليه وسلم ما يكفي لفهمه فهمًااًدقيقًا فأنزل سورة من سور القرآن تشرح مضمونه لأولي الألباب!

قال تعالى:
"قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ"
صدق الله العظيم

إن كلمة "أحد" تتمايز عن كلمة "واحد" تمايزاً هائلاً من حيث أنها تنفى أي تعددية أو تجزئ ويتضامن مع هذا المعنى ويكمله آخر السورة "وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ" فهو ليس كمثله شئ في وحدانيته وليس له شبيه, فقد يكون غيره واحد ولكن له شبيه ولكن الله أحد فهو ليس له شبيه أو ند مُطلقًا.
أما "الصمد" فمعناها هو "المقصود وحده في الحوائج"

ولكن مهلاً ألسنا نقصدُ بعضَنا في الحوائحِ ويقضي بعضُنا حوائجَ بعضٍ دون تحريم لذلك من الشرع الحنيف؟
كيف يمكن التوفيق بين المعنيين؟ وكيف نحقق الإخلاص مع ذلك؟

الجواب والله أعلم أنه ينبغي على المسلم الاعتقاد بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله فلا شئ يتحقق سواءاً على أيدينا أو على أيدي الغير أو في الكون إلا بمشيئة وتمكين الله تعالى لهذا الفعل أن يحدث حتى وإن كان فعلاً يُغضبه من إنسان مخلوقٍ له قرر بحرية إرادته معصية ربه. وتلك هي الأمانة التي حملناها نحن بني اليشر بجهلنا وظلمنا وهي تحمل مسئولية أن يُفَعِلَ لنا الله إرادتنا ويشاءها, وذلك حتى لو كانت عكس رضاه.

قال تعالى
"وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين"
صدق الله العظيم

وقال تعالى
"فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"
صدق الله العظيم

وقال تعالى بشأن حمل الأمانة:
"إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا"
صدق الله العظيم

فيجب على المسلم تبعاً لهذا التأمل أن يعتقد بأنه لا يتم أي عمل إلا بإذن الله تعالى.

مثال
فمن الخطأ أن أظن أنني أطلب المساعدة منك وأنت تساعدني .... ليس الأمر هكذا فلا يمكن إخراج الله عز وجل وعبادتنا له من أي عمل ... فلولا تفعيل الله لطلبي منك لما تم الطلب ولولا تفعيل الله لإرادتك مساعدتي بحيث تقع المساعدة لما تمت تلك المساعدة.
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم التالي وصيته لابن عباس رضي الله عنه بالإخلاص الحقيقي
كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما قال يا غلام ، إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، ( رفعت الأقلام وجفت الصحف )
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2516
خلاصة الدرجة: صحيح

فطلبي من مخلوق مثلي يجب أن يكون تحت مظلة أنني أطلب من الله حقيقةً وما تحرك لساني الذي طلب ولا فعل هذا المخلوق المطلوب منه إلا بمشيئة الله رب العالمين. فحقيقة الطلب هي من الله وحقيقة التلبية هي من الله أيضًا وينبغي على المسلم لكي يكون مُخلصًا أن يكون تعامله مع الكون من حوله حتى مع جوارحه من خلال تعامله مع الله تعالي فهو يعلم أن الله هو قيوم السماوات والأرض وأنه يحول بين رغباته وبين تحقيقها (اسقاطها على جوارحة وانتاج تغيير مادي في الكون), فلا تتحقق إلا بإرادة الله.

قال تعالى
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ"
صدق الله العظيم


فائدة الإخلاص الجليلة
إن من يخلص لله حق الإخلاص يشعر بمعية الله شعوراً في كل لحظة ويشعر أنه لا حول ولا قوة له إلا بإرادة الله وهذا يجعله يعبد الله حق عبادته فكل عمل يفعله فهو لله وبحول الله ويتحقق به مراد الله من الآيات الكريمات:
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ"
صدق الله العظيم

وقال تعالى
"قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
صدق الله العظيم

الخلاصة
المسلم المخلص والذي يعتقد بمعية الله وعبادته كل لحظة وبأن حول الله وقوته هي التي تُفَعِل إرادته وتحولها لواقع فهو يتعامل مع الكون أجمع بما فيه من حي وجامد وهو يعلم أنه يعامل الله أصلًا في كل لحظة أما تعامله مع الكون فهو غير مباشر وليس أصلي. هذا المسلم يستحي أن يجعل حول الله وقوته تُفَعِلُ له معصية لله وهذا الحياء يمنعه من اقتراف إلا كل ما يُرضي الله عز وجل فيدخل الجنة بإذن الله.


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الاثنين، 17 أغسطس 2009

هل تأملت يوما؟


السلام عليكم

01- هل تأملت يوما أن بالرغم من اﻻنقطاع المتكرر في الكهرباء نتيجة لسوء خدمة شركة الكهرباء إﻻ أنك لم تصحُ يوما من نومك فوجدت خدمة الجاذبية اﻷرضية مقطوعة؟! لماذا؟!

02- هل تأملت يوما أنك تصحو من نومك فتجد ما حدث لك باﻷمس مازال في ذاكرتك؟ مع أنه ﻻ يوجد ضامن مادي لاحتفاظك بذاكرتك؟ فإذا افترضنا جدﻻ أن الذاكرة هي كيمائيات في دماغك, فهل معك ضامن مادي أنها ستحتفظ بصورتها إلى الغد بل إلى أعوام؟

03- هل تأملت يوما في أن وثوقنا في أن بيتنا مازال في مكانه لحظة عودتنا من العمل هو مجرد إلف وعادة .... وأنه ﻻ ضامن لذلك إﻻ الحفيظ سبحانه؟

04- هل تأملت يوما أننا إﻻ من رحم ربي نفترض افتراضا مُضمرا في عقولنا الباطنة أننا لن نموت إﻻ عندما نهرم؟! مع أن الواقع يكذب ذلك كل يوم أمام أعيننا , وﻻ اتعاظ!

05- هل تأملت يوما أن اﻷهم من قوتك اليومي من أكل وشرب ومال هو معية الله عز وجل و النهل منه مباشرةً عند اتصالنا به أوقات الصلاة والذكر؟

06- هل تأملت يوما أن اﻷكل والشرب والعلم هم رزق من لدن الله, كل ما عليك لتحصيلهم هو بذل الجهد من أجل إعطاء الله إياهم لك!! وليس من أجل حوزتهم مباشرةً!!

07-هل تأملت يوما أن سعيك للرزق هو سبيل له وليس ثمنا له؟ فأنت ﻻ تستحق الرزق لسعيك ولكنه منة من الله وفضل أما السعي فلا قيمة له إﻻ تعويد الله إياك على نواميس ثابتة تنتظم بها الحياة وتستقر بها المجتمعات!!

08- هل تأملت يوما أن العمل الصالح هو سبيل للجنة وليس ثمنا لها؟

09- هل تأملت يوما أن النعم ﻻ تُحصى وأننا نحصيها فلا نجدها "ﻻ نهائية" أمامنا مع وثوقنا بلانهائيتها, وهذا يدل أننا مقصرون دوما في حق الله تعالى من شكر النعمة. فكيف نشكر نعما لم نحصها أصلا؟!

10-هل تأملت يوما أنك إن أحسنت علاقتك مع رب الناس فقد وصلت إلى من يكفيك الناس جميعا ﻷنه هو المهيمن على قلوبهم بلا استثناء.

11- هل تأملت يوما أن إيمانك بالله وتقديره حق قدره هو "تصفير" لقدرة ما سواه. هذا يدفعك أﻻ تخشى أحدا سواه وأن تتعامل مع الناس ومع نفسك عطفا عليهم فكلكم "أصفار" أمام قدرة الله.

12-هل تأملت يوما أن وجودك في الدنيا ما هو إﻻ مرحلة انتقالية لطين يمشي على اﻷرض عكس حالته الهامدة الراكدة وأنك بصدد أن تعود إلى أصلك بين لحظة وأخرى.

13- هل تأملت يوما أنك نادرا ما تتأمل في خلق الله لتعرف ربك وفي نعم الله لتشكره تعالى؟!

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الجمعة، 14 أغسطس 2009

الحب بين الموت والحياة!

السلام عليكم

الجاذبية والحب .. هل من علاقة؟
هل فكرتم من قبل أن الأجسام الكونية تجذب بعضها البعض لحنين قديم كان ومازال موجوداً بينهم من لحظة أن كانوا جسمًا واحداً, لحظة الانفجار العظيم؟ وما قوانين الجاذبية إلا صياغة رياضية لهذا الحنين وتغيره مع الكتلة والمسافة والسرعة؟ هل فكرتم من قبل أن دوران الكواكب حول الشموس هو حنين دائم للأم الكبيرة الشمس التي في الوسط؟ ........... ولكن ماذا لو أن دوران أحدهم توقف ماذا يكون مصير الكوكب الصغير؟ سيقط متهافتا على حبيبته الشمس ويذوب فيها تماما!... الذوبان الكلي في المحبوب وما هو الموت بذاته!

الحب قد يفضي للهلاك؟!
هل فكرتم من قبل لو أن أحدكم سقط من علوٍ رهيب على أمه الأرض التي خرج منها حيًا والتي تتمنى أن يعود إليها دائمًا (التمني يتمثل في جاذبيتها المستمرة له!!) ماذا تكون النتيجة؟ إنه الموت المحتم .... فيكون هذا هو الحب الذي قتل.

هل فكرتم من قبل أننا حتى ونحن نمشي على الأرض مستقرين تجذبنا الأرض دوما وتكون حياتنا رهنًا بأننا لا ننزل إلى أسفل سطحها عندما يتحقق غاية هذا الحب؟!! إنه القبر, بطن الأرض الذي يحن إليك منذ أن خلقت من ترابه!! ... فيكون هذا هو الحب الذي ينتهي بالموت!
قال تعالى:
"هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"
صدق الله العظيم



هل أدركتم كيف يمكن أن يكون حب البشر مُهلكا؟! ... إنه عندما يذوب المحب في محبوبه الأرضي ذوبانا فهذا هو الموت مقنع .... أتعلمون لماذا؟ إنه حب قد يمنع الإنسان من طاعة أو يدفعه إلى معصيته إرضاءاً للمحبوب, بل يلهيه عن تذكر ربه وذكره.
قال تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"
صدق الله العظيم

وقال تعالى:
"قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ"
صدق الله العظيم


التوازن هو سر الحياة!
إن خير الأمور الوسط.  ويخلق الله دائما للتأثيرات تأثيرات معاكسة حتى يحصل التوازن.
هل فكرتم من قبل لماذا يتسع الكون دومًا؟! هل تعلمون أنه لولا هذا الاتساع لانتهت قصة حب الأجسام الكونية لبعضها نهاية أليمة؟ وهو رجوع الكون كله إلى سباته التام.

فقضى الله التوسع لذلك:
"وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ"
صدق الله العظيم
فالاتساع الكوني هو تحرير محسوب للأجرام من جذبها بعضها البعض بحيث لا تصبح الجاذبية هي المهيمنة.
وأيضًا حافظ الله على الأجرام في حالة دوران دائب في فللك بعضها البعض كي يمنعها من التساقط بتأثير الجاذبية (الحب) وتستمر الحياة الدائبة المتوازنة بينهم
"وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ"
صدق الله العظيم


 
وكذلك في عالم الإنسان فعندما يتصل الإنسان بربه فإنه ينطلق في آفاق الارتقاء الروحي فيبعد عن الطين بعدنا معنويا - بالرغم من كونه مجذوب له - ويقترب من السمو
قال تعالى:
"كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ"
صدق الله العظيم

وبالرغم من أن الأرض تشده إلى ذل الشهوات الأرضية إلا أنها هي نفسها تساعده في السمو إلى ربه وجعل الشهوات في اتجاه طاعة الله حريةً لا ذلا!!
* ومن العجيب أن ذلك يحدث تمامًا في الكون, فالتوسع نفسه ظهر لعلماء الكونيات مضمراً في معادلات الجاذبية!!

وهنا تأتي نتيجة التوازن ... إن الحب المقنن بين البشر مفيد كالجاذبية المقننة بين الكواكب .... يحفظهم متآلفين في مجتمع واحد متحابين.

 قال تعالى:
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"
صدق الله العظيم

وهو الحب بين الذكر والأنثى الذي قننه الله بالزواج ويكون نتيجته النسل والتعارف بين الشعوب ليستفيدوا جميعا ...


الخلاصة
أحبب البشر ماشئت ولكن اجعل حبهم بما شرعه الله وفي طريق حب الله ومُوصلا إليه ومُسخرًا له
والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 13 أغسطس 2009

إيثار الواهمين

السلام عليكم

يدعي المدعون ويتشدق المتشدقون ويزكون أنفسهم بالرغم من نهي ربهم عن فعلها "الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى" صدق الله العظيم.

والجلُ يزهون من داخلهم وتفوح رائحة زهوهم بين الورى أنهم من شيمهم الكبرى الإيثار, ولكن المساكين مغرورون مخدوعون فهم يعيشون في وهم كونهم مؤثرين على الرغم أنهم لم يُوضعوا في ظروف امتحان الإيثار, في ظروف بيانه ما إذا كان حقاً أم زيفاً, إنهم مساكين مغرورون فالغالب منهم عندما يشاء الله أن يُبتلوا في امتحان الإيثار والأثرة يقع في تناقض عجيب, فالناس يكشفون زيفه ويرونه حقيقةً لا تتوارى خلف أي حجاب, والمساكين المؤثرين إيثار الواهمين الموهومين مازالوا غارقين في وهمهم أنهم قدوة الإيثار ومعينه, يالهم من مساكين!!!!.

كل الناس الذين يزكون أنفسهم هم مؤثرون ولكن ليس عندما تلم بهم الخصاصة!! فياله من إيثار لبنات بنائه الأثرة! أيخدعون أنفسهم أم يخادعون الله, فما له من خادع, قال تعالى:
"وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" صدق الله العظيم

فمن يظن نفسَه مؤثراً دون خصاصة يُمَحِصَ بها إيثاره هو أسوأ حالاً ممن لمت به الأثرة ولكنه يعلم أنها طبعه ولبه وقشرته. فالأول كذب على نفسه وصدق فيه قول رب العالمين الذي يعلم خائنة الأنفس وما تُخفي الصدور:
"الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا" صدق الله العظيم

أما الآخر فهو والله لأحسن حالاً فقد صدق مع نفسه. فهو مازال الأمل فيه لأنه خَبَرَ عَطَبَ خُلُقهِ واستنشق رائحتها العفنة, فنرجوا الله ألا يتحملها كثيراً ويصلح من نفسه.

الخلاصة:
أخلص مع نفسك أخيي واصدقى نفسك أخيتي فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق فيتحالف مع النفس الأمارة بالسوء تحالف الدناءة والعفن فيخدعونك أنك مُؤْثِرُ بل يدفعونك لمعاونتهم في الخداع بينما قد تكون الأثرة أوهمتك بأن لديك إيثاراً لتشابه حروفهما!!.
فالحذر الحذر, فإنه والله لداء عظيم دب في ناس يومنا هذا وأسوأ ما فيه تلونه بغير لونه ولبسُه زينةً تُزيغُ البصيرةَ فتراه بهياً جميلاً رغم أنه أقبح القبحاء!!!.


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأحد، 2 أغسطس 2009

دبيب الموت

السلام عليكم

إن اﻹنسان منا عندما يُولد, فإنه يكون مفعما بالحياة, يتحرك في كل اتجاه بدون قصد معين, ولكن ﻻ عجب فإنه نبعُ الحياة الذي يتفجر من نفسه وجسده تفجرًا ملؤهُ الطاقةُ والزَخم.

ويحينُ اﻷجلُ فيكون اﻹنسانُ عاجزًا عن تحريك بَعضه, ثم يتطور معه اﻷمر, فيعجز عن تحريك بضعة منه, فإذا بها سكرات الموت تهيمن هيمنة الجبابرة على الجسد وتطرد ما تبقى من حياة, فيجف نبعها إﻻ من نقطة واحدة, تنتظر رياح المنية التي تهب مجففةً لها, ويحل محلها الموت البارد, فيبرد معه الجسد وتؤوب الروح إلى بارئها, الله تعالى, الذي نفخها في الجسد أول مرة.

أما في بحر حياته فهو في مزيج بين الحي والميت. مزيجٌ غريبٌ تتصارع فيه الحياة والموت فيشعر اﻻنسان أحيانًا أنه مفعمٌ بالحيوية ويشعر أحيانًا أخرى أنه يذبل ويكاد يتساقط من فرط ضعفه وجدب حيويته نفسيًا أو جسديًا . وكلما تقدم به العمر كلما زاد نصيب الفرد من الموت وأفلس من الحياة حتى ينتهي أجله.

ولكن مالعمر؟ العمر؟! .....ما العمر إﻻ اﻷلم الذي أحس به اﻹنسان في حياته والخبرة التي حصلها وكلاهما يدوران في فلك بعضهم فالألم يُزيد اﻹنسان حكمة وخبرة والخبرة والحكمة مع اﻻحتكاك بالبشر (على اﻷقل صورتهم كالبشر) يزيدان اﻹنسان ألما فوق ألم.


أما العجب كل العجب أن كثيرًا من البشر ﻻ يشعرون إﻻ بالحياة وﻻ يشعرون بإفلاسهم منها على مر الساعات واﻷيام والشهور بل السنين والعقود, بل اﻷعجب أنهم يشعرون بتجمد عمرهم عند شبابهم, فيشعرون أنهم دائمي الشباب مهما بلغوا من السن .... ياللعجب, إن حب أكثر الناس للحياة وكرههم للموت يعميهم عن حقيقة دبيب الموت فيهم تمامًا كما عبر الشاعر:


أﻻ كل ما هو آت قريب ....... وللأرض من كل حي نصيب
وللناس حب لطول البقاء ..... فيها وللموت فيهم دبيب


الخلاصة:
أَحيي حاسة استشعار الموت فيك وإلا ستعض بنان الندم يوم لا ينفع مال ولا بنون ....

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم