الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

نعمة قصور حواسنا !!

السلام عليكم

مقدمة
===
ربما يظن بعض الناس أن تكويننا البشري أقل شأنًا من بعض المخترعات الحديثة التي تستطيع أن تكتشف نطاق واسع من ترددات الضوء أو الصوت على سبيل المثال, نطاقًا أوسع من ذلك الذي نستطيع نحن البشر أن نكتشفه بحواسنا التي رزقناها الله تعالى. تُرى هل هذا الظن صحيح؟ ذلك ما سنحاول التفكر فيه في هذا المقال

حساسية الضوء
=========
من المعروف أن العين البشرية تستطيع أن ترى نطاقًا محددًا من الأطياف الضوئية (ترددات موجات الضوء). لنحاول معًا تخيل ماذا يحدث لو كنا نرى نطاق أوسع من تلك الترددات.
تخيل لو أننا نستطيع مثلًا رؤية موجات اتصال أجهزة الهاتف النقال! وموجات ارسال المذياع والتلفاز, هل تستطيع كبشر تحمل رؤية الموجات التي تخترق منافذ بيتك وجدرانها نهارًا وليلًا؟ إنك حينئذ سترى ضوءا خافتًا دائمًا يخترق جدران بيتك إلى أي مكان فيه. ربما يبدو هذا الأمر مُحتملًا في وضح النهار عندما تكون المنافذ مفتوجة ليتلألأ ضوء الشمس في شرفات البيت, ولكن أسيكون محتملًا في الليل؟ سيكون مزعجًا جدًا أن نرى جدران المنزل مضيئة بالليل لاختراق الموجات لها, بل الأكثر ازعاجًا ويمكن أن يصيب الإنسان بانهيار في جهازه العصبي أن جفن العين لا يحجب تلك الموجات وبالتالي سيراها الإنسان حتى عندما يحاول أن ينام وسينتهي الليل من حياة الإنسان مع أهميته القصوى للسكن والراحة.
قال تعالى
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ"
صدق الله العظيم
بل أن الليل سينتهي حتى لو لم تعبث التقنيات الحديثة بسكنه وسكونه, سينتهي بسبب الخلفية الميكرويفية للفضاء من حولنا, فضلًا عن الآشعة السينية وآشعة جاما المتولدة من تفاعل النجوم داخل مجرتنا مع بعضها.
حساسية السمع
========
تخيل أن أذنك نستطيع أن تسمع الترددات القليلة جدًا أو الترددات العالية جدًا ... هل ستستقيم لك حياة بهذه القدرة الفذة؟!
الإجابة هي لا بالطبع! لأن الهواء ممتلئ بالموجات الصوتية العالية التردد جدًا والصغيرة التردد جدًا ومعظم هذه اﻷصوات هي في الواقع ضوضاء لا يحتاج الإنسان لسمعها, بل إن سمعها سيكدر عليه صفو حياته وسيفقده تركيزه عما يريد سمعه من الأصوات وربما يودي بحياته كلها نتيجة للتوتر الدائم الذي سيصاب به من تنوع وشدة الإصوات التي يسمعها .
بل تخيل أنك أصبحت ذا قدرة هائلة في سمع جميع الأصوات مهما كان ترددها, إنك ستسمع موجات الرنين للأجسام الضخمة مثل البنايات الشاهقة العلو, فهي تصدر موجات رنين فائقة الصغر في ترددها, وأيضًا ستسمع الترددات الصوتية العالية جدًا الناتجة عن موجات رنين الأجسام الصغيرة جدًا الموجودة حولنا, فحتى ذرات التراب لها موجات رنين ذات ترددات فائقة في الكبر.

الخلاصة
=====
ما قد نظنه بتعجلنا في إصدار الأحكام نقصًا في بنيتنا البشري هي من تمام خلق الله تعالى للإنسان خلقًا يليق بتكريمه إياه وجعله السمع والأبصار والأفئدة وسائل لتعلمه من الكون حولنا من لحظة ميلاده إلى موته, ولولا هذا النقص المقصود في قدرات حواسنا لما كَمُلَ خلقنا.
فسبحان الله الذي أتقن كل شئ صنعًا.



والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

عندما تقسو القلوب

السلام عليكم

شتان شتان بين ثلاث

بين الصبر على الآلام والجزع منها وفقدان الإحساس بها, لا يستوون بل يتباعدون.

فالصبر على الآلام هو كظم لجزع الجوارح من الإنسان مع إحساس مرهف دفين يختلج ويموج في الأعماق, إحساس هو تمامًا كَلُبِ بركان ثائر مغمور في بحر الرضا, فما تلبث ثورته أن تحيا حتى يطفئها ويطببها ماء البحر المحيط بالفوهة من كل جانب, يطببها ببرده وسلامه, فيخرج من البركان معادن نقية تمكث في قاع البحر لتمنح دفئًا يحيي كائنات قاعه التى كادت تبرد من السقيع, وهذه هي ثمرة الرضا والصبر

أما الجزع من الآلام فهو إطلاق سراح جوارح الإنسان ولسانه, يتخبطون بما لا يُرضي ربًا ولا عبدًا, مع إحساس هائج يظهر منه أكثر مما يبطن. هذه المرة بركاننا يكون بريًا, تعلو فوهته فوق السحاب, يقذف حمائمه الخبيثة في كل مكان ليمطر بها البلاد والعباد محرقا بها كل ما تقابله أو يقابلها من أخضرٍ ويابس, ولكن ربما نجد لهذا الحريق تجديدًا للحياة وإثمارًا لها من جديد في سلام وأمان

وأخيرًا حيث ينبغي أن يكون مكانه في هذا المقال, الذي استعار اسمه منه!!, يأتي التبلد وفقدان الإحساس وقسوة القلب. قسوة القلب التي خلفت موته عندما مرت عليه أزمانٌ سحيقة! والتبلد في الإحساس يجعل صاحبه مستحقًا بجدارة لا تُضاهي بتمثيله بجبل ميتٍ لا يحتوي لبُه أي حراكٍ ولا حتى مَوات!!. هذا الجبل الموحش المتقبح بصلادة لبه لا ينفع بل هو عائقٌ يخفي نور الشمس عمن حوله.

ولكن سبحانك ربي فلم تخلق شيئًا إلا وله نفع وإن كان غير واضح للعيان.

قال تعالى "الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" صدق الله العظيم

فكفى بالقلوب القاسية من فائدة أن تجعل القلوب الحية أكثر إخباتًا خوفًا على نفسها من التحول لهذا النقيص وذلك عند معايشتها لها ودفع هشاشة صلادتها بمتانة غضاضتها.