السبت، 11 يونيو 2011

الله - الوحي - الدار الآخرة ... منظور عقلي

السلام عليكم

تأمل وتفكير
=======
 نظرت للعالم حولي فوجدته يعتريه النقص في أحوال, ووجدت من هذه الأحوال أحوالا فيزيائية مثل التي يصفها القانون الثاني للديناميكا الحرارية (قانون زيادة الانتروبي أو الفوضى) . يصف هذا القانون حالة تبدد الطاقة في النظام المعزول لتنتقل من الصورة المنظمة إلى الصورة الفوضوية. وبالنظر إلى الكون كنظامٍ معزولٍ حراريًا, فإننا نرى أنه ملئ بالشموس والنجوم الساخنة وأيضًا ملئ بالكواكب الباردة والفضاء الخالي البارد. وهذه الصورة التي نراها الآن هي في الواقع صورة منظمة, فكل شئ في الكون حاليًا يؤدي دوره وذلك لأنه منظمٌ إلى درجة كبيرة. ولكننا نرى هذا النظام ينهدم, فيحدث تبدد مستمر للطاقة من النجوم الساخنة و ميل الكون إلى أن يصل إلى توزيع متساوي في درجات الحرارة وهذا ما يُعرف علميًا بـــ"الموت الحراري" لأن الكون حينئذ يصل إلى السكون, حيث لا يوجد ما يحفز على الحركة (الاختلاف دائمًا يحفز على الحركة). والسؤال هنا ... أليس الإنسان يعد الموت نقصًا؟ والإجابة ... بلا ...  إذن فهو يرى هذا العالم ناقصًا لأنه يموت "فيزيائيًا" مثل الإنسان في نهاية أمره.

أخذت أفكر في الكون ونقصه فقطع حبل تفكيري منظرٌ لطفل مُعاق يسير على عكازين في الحديقة المجاورة للمنزل ... وسألت نفسي ... ما هذا؟ أليس هذا نقصًا آخر ولكن في عالم البشر هذه المرة؟... إن العالم فيه من المرضى الكثيرون ... بل إن كل البشر يموتون في النهاية, نعم إنه في المقابل يولد للحياة مواليد أكثر من الوفيات ... هذا حقيقي في الوقت الحالي, ولكننا نعلم أن الجنس البشري كله متجهٌ إلى الهاوية بما سببه بعقله "الناقص" - الذي هو جزء من مظاهر النقص العديدة في الإنسان - من اختلالٍ (الاختلال نقص!) في توازن البيئة المهم للحياة.

حدثت نفسي فقلت "مالي أرى الصورة قاتمة؟" أليس من شئ كامل في هذا الكون؟ استغرقت في التأمل زمنًا ليس بالطويل, فكانت المفاجأة!!
 لقد وجدت نموذج للكمال ما أروعه ومن اللطيف أنه مختبئٌ داخل النقص الذي رأيته لتوي! ... إن سير الكون على القانون الثاني للديناميكا الحرارية بدقة بالغة - لا يحيد عنه أبدا - هو نوعٌ من الكمال!! وقوانين الطبيعة كثير وقانون زيادة الانتروبيا ليس إلا مثالا واحدًا منها. ... إن هذه القوانين متناسقة تمامًا مع بعضها في نظامل قانوني "كامل"!! والكون يسير طبقًا لهذا النظام "الكامل" حتى وإن قاده ذلك السير إلى نقصٍ في صورة فناء!!
وعدت إلى صورة الطفل المعوق فإذا بي أنظر له من زاويةٍ أخرى! فهذه الإعاقة ما كانت لولا أن جسد الطفل سار بدقةٍ شديدة على شفرته الوراثية التي تكمن فيها الإعاقة ذاتها!! فجسد الطفل سار "بكمالٍ" تام وفق أوامر ثابتة نابعة من شفرته الوراثية - تلك الشفرة المتناسقة داخليًا تناسقًا تامًا "كاملًا" (كبرنامج كمبيوتر متناسق تمامًا) -  وذلك بالرغم أن هذه الأوامر نفسها قادته إلى النقص!!

بدا الأمر وكأن الصورة تنجلي لي شيئًا فشيئًا ... إن ملخص تأملي في الكون والحياة هو: إن العالم ناقص إلا أن هذا النقص يحمل كمالات بداخله!! ... ما أعجب هذه العبارة!!

وجود الله
=======
أخذت أحلل هذه العبارة فلسفيًا
مالي أرى كمالات في هذا العالم تحتل ثنايا النقص فيه!!؟؟
إن هناك ومضة فكرية أضاءت عقلي لوهلة .... إنها تبدو لي كأنها بصمات كيان كامل تركها لنا نحن البشر وسط هذا النقص لنعلم بوجود هذا الكيان!! نعم نعم إن هذا الكيان الكامل هو الله تعالى خالق هذا العالم.
 سبحانك يا رب إن اسمك "الظاهر" حقٌ, فأنت تظهر من خلال آثار كمالك المتمثلة في دقة وكمال قوانينك التي وضعتها للكون كي يسير عليها, وقد أجبرت الكون أن يسير عليها بكمالٍ تام, وإلا من ذا الذي يستطيع أن يدعي أن الكون يسير على نظام دقيق وهو ليس حي وليس له إرادة؟!! لابد وأن كيان عظيم كامل - ذلك لأن خالق الكمال لا يكون إلا كاملًا - غير خاضع لقوانين الطبيعة التي وضعها يسيره بهذه الدقة.

وجود الوحي
========
ولكن كما أن لله تعالى بصمات كمالٍ ظهرت على خلقه الذي ليس له حرية إرادة (كل شئ عدا الإنسان) وهي سير مكونات الكون على قوانين الطبيعة بكمال تام, وحيث أن الله كاملٌ يحب الكمال ولا يرضى النقص لطريقة حياة خلقه الواعين (الإنس), كما أنه لم يرضه لمكونات الكون الأخرى, فإنه ولابد وأن يرسل للبشر قوانين وأسس حياة كاملة بحيث إذا ساروا عليها طوعًا بحرية إرادتهم يكونون محسنين طائعين لربهم وتكون حياتهم كاملةً متناغمين مع باقي الكون الطائع لربه, أما إذا أهملوها طوعًا بحرية إرادتهم يكونون ظالمين لأنفسهم عاصين لربهم وتكون حياتهم ناقصةً شاذين عن باقي الكون الطائع لربه.

وجود الدار الآخرة
===========
جلست متفكرًا, فإذا بي ألحظ ملاحظةً عجيبة ... ما أدرانا أصلًا أن العالم يعتريه نقص!؟ إننا عندما نرى تفاحةً مأكول بعضها نستطيع تمييز نقص التفاحة, ولكن لماذا؟ لأننا ببساطة نعرف التفاحة الكاملة, رأيناها من قبل , فقارنا التفاحتين فأدركنا نقص الناقصة!
لقد وجدتها!! ... لابد وأن هناك صورة ما لعالم آخر كاملٍ في عقولنا الباطنة, عالم خالد! عالم غير قابلٍ للاختلالات البيئية!, عالم به عقابٌ لمن ينتقلون للعيش فيه وقد طبع عليهم كلمة "ظالمون"  وأيضَا, عالمٌ به ثواب ونعيم كامل لمن ينتقلون للعيش فيه وقد طبع عليهم كلمة "محسنون"!!
ولكن من أين أتت تلك الصورة إلى عقولنا الباطنة؟! ... لابد وأننا رأيناه (علمناه) ككل دون تفاصيل دقيقة - حيث أننا لا نستطيع تحديد التفاصيل الدقيقة لهذا العالم الكامل وإنما نستطيع فقط معرفة وجوده ومعرفة معالمه الرئيسية
المثير للتساؤال هنا هو أننا لم نر شيئًا كهذا في الدنيا! ... الاحتمال الوحيد في رأينا هو أن الله الذي خلقنا أشهدنا عليه بصورة كلية قبل وصولنا إلى هذه الحياة, وذلك لنستنبط وجوده من مشاهدتنا لعالمنا الحالي والتفكر في نقصه كما تقدم بيانه.

والله أعلم

سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد ألا إله إلا أنت ، أستغفرك و اتوب إليك

الأربعاء، 8 يونيو 2011

حينما يهجرك الناس

 حينها ... تذكر أنك بالنسبة لكل إنسان تعرفه موضوعٌ في درجة أولوية معينة. فإن كنت في صحبةِ وأنس بعيدٍ أو قريب - لا فرق -  وشغله ما هو أولى منك عنده فسيهجرك ولا بد ! ... ولا يُلام على هذا الهجر إنسان فهي طبيعة البشر وسنة الله في خلقه
حينها ... تذكر لحظة مماتك فسيبكي عليك الأقربون ويغسلوك ويكفنوك ثم يقبروك. وما أن دفنوك تركوك وغادروا جميعًا لا فرق في هذا بين أمك وابنتك وأبعد الناس عنك ... الكل سيغادر بلا استثناء ... الكل سيتركك وحيدًا لتلاقي الله تعالى, الله, والله فقط دون أحد من الناس قريبهم وبعيدهم. ولا عجب هنا من هذا الهجر الجماعي! فقد أصبحت بالنسبة لهم جسدًا ميتًا تحت التراب, فبالتأكيد تكون وقتها أقل أولوية عندهم من أي شئ آخر في حياتهم

يمكن أن يستفيد الإنسان من تلك الحقيقة - حقيقة هجر الكل له بعد موته إلا الله تعالى - في أمرٍ هام وهو التيقن بأن الله تعالى كما أنه هو الباقى له فهو كذلك الدائم معه في الدنيا والآخرة. فليأتنس به في الدنيا ولا يترك علاقة أنسه به تكون مؤجلة لما بعد الموت. ولا يكون هذا الائتناس ولا يحصل إلا عندما يجعل الإنسان ربه هو أولى أولوياته في حياته, ولا يكون جزاءٌ لهذا من الله الكريم إلا أن يؤنسه جزاءًا له ويغنيه عن الناس أجمعين فلا يحتاج لؤنس قريب أو بعيد.
وأنس الله لإنسان لا يعطل أنسه لإنسان آخر ائتنس به, فالله تعالى غير البشر فإن كانوا هم يقدمون أولويةً عن أخرى - ولذلك هجرك من هجرك منهم - فذلك لنقصهم وضعفهم, أما الله سبحانه فلا ينشغل بعبدٍ عن آخر
هو ملك الملوك تعالى علوًا كبيرًا ومع ذلك يمن علينا نحن الناس بلقائه والائتناس به وقتما نريد... ما أكرمك يا ربي ومولاي وإلهي العظيم

---------------------------------------------------------------- 

الخلاصة: ائتنس بالله تعالى تُغني نفسك بؤنسه عن الناس وأنسهم

السبت، 4 يونيو 2011

دائرة الحياة وهوة الموت


 يظل الإنسان يعدو في دائرة الحياة, تلك الدائرة التى اتخذت الموت مركزًا لها منذ الأزل!, هذا المركز الذي هو هوة سحيقة. وبينما يدور الإنسان فهو يبذر بذور النجاح أو بذور الخيبة ويسقيهم من ماءٍ واحد, ماء جهده في البذر والحرث والعناية. .يدور وهو مربوط بهوة الموت برباط متين يشده باستمرار إليه, ويمضي في الدائرة مقتربًا من مركزها ومبتعدًا ... كلما أصابه المرض أبطأ في عدوه فاقترب من الموت وشم رائحته, التي هي أعراض المرض ومعاناته!!, وكلما صح أسرع في عدوه فابتعد عن الهوةِ وأكمل مشواره. 
يقضي الإنسان في عدوه زمنًا زاد أم قصر, إلا أن النهاية واحدة وهي أن يسقط في الهوة السحيقة, مركز دائرة الحياة ... الموت. ويحدث السقوط بأحد احتمالين لا ثالث لهما, إما تقل سرعة عدوه إلى الصفر نتيجةً لمرض الموت ... فيسقط تدريجيًا, وإما أن يجذبه الرباط على حين غِرةٍ ... فيسقط فيها أيضا ولكن فجأة. ... وكلا الاحتمالين يفضيان إلى الهوة حيث عالمٍ غيرَ العالم, عالمِ الحصاد ... فإن كان الحصاد نجاحًا مضى في طريق الفلاح حيث جنة الخلد في آخر الطريق, وإن كان الحصاد خيبةً مضى في طريق الحسرة حيث جهنم في آخر الطريق. ... اللهم ربَنا إننا هاوون هاوون في هوةِ الموت, فاجعل طريقنا بعدها هو طريق الجنة, برحمتك وليس بعملنا ... اللهم آمين

الجمعة، 3 يونيو 2011

الإصلاح ... حوار نفس مع عقل

بسم الله

قررت أن أساهم في الإصلاح من شأن مسلمي العصر. هممت بالنظر من حولي لأرى العالم حتى أشخص علته لإحدد دواءه!, فنهرني عقلي وقال لي, أتتفحص العالم للبحث عن علله ولم تبحث بعد عن العلل الكامنة في دواخل نفسك؟!.... ارتدعت من نهره, فنظرت في طيات نفسي فوجدتني معيبًا مظلمًا ... أخذني الوجل من الظلام وحزنت على ما آلت إليه نفسى وقلت لها ... أعلم أن المهمة شاقة في إصلاح نفسك بدايةً ... ولكن, من باب الفضول الإنساني لا غير, فلتنظري للناس من حولك علك ترين ما يسر. فنظرت حولي فإذا المسلمين - إلا ما شاء ربي - ذاهلون عن أنفسهم وعن عالمهم الذي يعيشون فيه - ولا يحيون - وعن ربهم الذي خلقهم فسواهم في أحسن تقويم, فإذا هم برادي أنفسهم إلى أسفل سافين. حزنت حزنًا أكبر وقلت لنفسي هلمي وشمري عن ساعديك لتنقذي المسلمين من يم الغفلة والذهول, هممت بالتشمير, فلحظني عقلي, فضحك وقال لي, ها أنت نسيت حال نفسك مرةً أخرى حتى بعد ما كشفته بنفسك من عيوبٍ وعلل, وها أنت تهم بالبدأ في إصلاح من حولك أولًا ...تخافتت الضحكة إلى ابتسامة تحمل في طياتها مزيجًا من السخرية والحزن وقال لي ... يا صديق, كيف لك بإصلاح العالم من حولك وبيتك خربٌ من الداخل؟! إنك حتى لن تجد وسط هذا الخراب ما يساعدك من أدواتٍ لإصلاح العالم! اذهب يا صاح نظف بيتك وأنره من الداخل واصلح من أدوات الإصلاح قبل أن تصلح بها !!, فإن بدأ المنزل ينير وينصلح فابدأ في اصلاح الناس من حولك في نفس وقت اكمال مسيرة اصلاح نفسك.
لكن أعطيك نصيحة لا تفرط فيها ... إياك إياك أن تظن أن بيتك قد انصلح من الداخل فتتوقف عن إصلاحه, حينها, إذا فعلت, فاعلم أنه بدأ ينحدر إلى بئر الخراب من جديد, وأنك عائد من حيث أتيت صِفرَ اليدين. لكي تكون مصلحًا بحق .. عليك أن تعكف على الإصلاح من نفسك ومن الناس ولتتقبل في الآن ذاته محاولات إصلاح الناس لك فلهم من خارجك نظرات إلى جوانبَ من نفسك لا تراها ولن تراها مهما كنت نابهًا ... وفقك الله إلى ما يحبه ويرضى

الأربعاء، 1 يونيو 2011

مكانة الإسلام للمسلم


بسم الله

 يجب أن يكون الدين الإسلامي بالنسبة للمسلم كنظام التشغيل بالنسبة للحاسوب (1).
السؤال هو: هل يستطيع أن يعمل الحاسوب عملًا قويمأ بدون نظام التشغيل؟ .
 الجواب: .. لا ...
 كذلك المسلم يجب أن يُطبع نفسه ألا يستطيع حتى التنفس بدون  أن يملأ الدين حياته بالكامل
وموقف الدين من مستجدات الحياة في أي مكانٍ أو زمان كموقف نظام التشغيل من تثبيت أي برنامج في ظله. يقبل نظام التشغيل أي برنامج جديد بشرط ألا يتعارض مع أساسياته وألا يكون ضارًا به.
--------------------------------------------------------------------------
(1) مع الفارق الجوهري بالطبع بين الحاسوب والمسلم وهو وعي وحرية إرادة المسلم وضرورة اتخاذه نية صالحة في كل صغيرة وكبيرة من الحياة

والله أعلم