السلام عليكم
اشتهر على الألسنة القول "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا, واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا"
وهذا القول ليس بحديث ولم يصح سندًا حسب علمي نسبته إلى أحد الصحابة
ولكن العامة يعدونه إما حديثًا شريفًا أو قولًا حكيمًا ويقولون لك "الحكمة ضالة المؤمن"
هل المقولة صحيحة؟
لنختبر هذا القول "اعمل لـــ", عندما نعمل لـــ "شئ ما" فإنما نعمل ابتغاء الحصول على هذا الشئ!!
فهل من الصحيح أن نعمل للدنيا؟ بحيث تكون الدنيا غايتنا؟
قال تعالى
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ"
صدق الله العظيم
وهذه الآية الكريمة تحدد وظيفتنا في الحياة وهي العبادة, وهل العمل لبلوغ الدنيا "كغاية" من العبادة؟
ولكن الله تعالى فسر لنا مراده منا في الدنيا بقوله
"قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
صدق الله العظيم
إن هذه الآية حددت غاية نبي الله إبراهيم وهى رضا الله رب العالمين, والمتميز في هذا النص أنه يحل المعضلة! المعضلة التي ربما ثارت في عقول القارئين, ألا نعمل لدنيانا؟ أنصلي ونصوم ونحج فقط؟ وكيف هذا وقد أمرنا الله بالسعي في طلب الرزق؟
نص الآية الكريمة يجيب جوابًا بديعًا على هذه المعضلة
إنه يرسخ مبدأً جديدًا وأصيلًا في الآن ذاته فقد قررت الآية أن الدنيا ذاتها يجب أن تكون لله وذلك لأن المحيا هو الدنيا وعليه فإن عملنا لا يكون للدنيا بل يكون في الدنيا لبلوغ الآخرة بأمان ودخول الجنة والنجاة من النار
فإذا أردنا أن نصحح العبارة المشهورة "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا, واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا"
فإننا نقول
"اعمل في (دنياك) لــ (آخرتك) كأنما تعيش أبدًا"
فالعمل هو كقطف الثمار التي نبتت على الشجر الطيب في طريق الدنيا والتخلص من ثمار الشجر الخبيث المكتظ في الطريق, التخلص منه مهما زها لونه وفاحت رائحته. تلك الثمار التي ينبغي أن نقطفها من الشجر الطيب هي التي يجب أن نقتات عليها حتى نبلغ باب الجنة.
لكن علينا أن نعلم أن هذا الوصول للباب لا يكفي لأن ندخله, فلا ندخله إلا أن يتغمدنا الله برحمته فيفتح لنا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (صحيح البخاري):
لن يدخل أحدا عمله الجنة . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : لا ، ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة ، فسددوا وقاربوا ، ولا يتمنين أحدكم الموت : إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب
و عملنا في دنيانا عملًا يبلغنا الآخرة فيجب أن يكون عملًا آخذًا في الاعتبار مستقبل الدنيا كأنما نعيش أبدًا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي صححه الإمام الألباني على شرط مسلم :
"إن قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة, فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها"
كيف نعمل في الدنيا للآخرة؟
العمل في الدنيا للآخرة يكون عن طريق اتخاذ كل الوسائل للمساعدة على بلوغ الآخرة بأمان كالفرائض وذكر الله, قرءانًا وسنةً وتدبرًا في كونه الفسيح وخلقه البديع, واتخاذ كل أنواع التقنيات والابتكارات في العلوم والاقتصاد والسياسة التي تقوي من شوكة المسلمين وترفع من راية الإسلام بتبليغ الناس أجمعين دين الله, الإسلام, حق التبليغ دون تفريط.
هل الترويح الحلال عن النفس عمل للدنيا؟
إن الله أنزل الإسلام على البشر لتوائم طبيعتهم, وطبيعة الإنسان تأبى أن تكون جادة نحو العمل للآخرة دومًا دون قليل من اللهو الحلال الذي يقوي همة الإنسان نحو مواصلة العمل, فقد ورد في الحديث الصحيح (صحيح مسلم) :
"كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . فوعظنا فذكر النار . قال : ثم جئت إلى البيت فضاحكت الصبيان ولاعبت المرأة . قال فخرجت فلقيت أبا بكر . فذكرت ذلك له . فقال : وأنا قد فعلت مثل ما تذكر . فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت : يا رسول الله ! نافق حنظلة . فقال " مه " فحدثته بالحديث . فقال أبو بكر : وأنا قد فعلت مثل ما فعل . فقال " يا حنظلة ! ساعة وساعة . ولو كانت ما تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر ، لصافحتكم الملائكة ، حتى تسلم عليكم في الطرق " . وفي رواية : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم . فذكرنا الجنة والنار"
وعليه فإن الترويح الحلال عن النفس هو ليس عملًا في الدنيا
الخلاصة
لا تعمل لــ (دنياك) ولكن "اعمل في (دنياك) لــ (آخرتك) كأنما تعيش أبدًا"
واتخذ النية في كل عملٍ تعمله في دنياك أنه زادٌ لآخرتك, حتى اللهو الحلال حاول أن تتخذ فيه نية ترويحك عن نفسك به لمواصلة العمل للآخرة.
والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم
اشتهر على الألسنة القول "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا, واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا"
وهذا القول ليس بحديث ولم يصح سندًا حسب علمي نسبته إلى أحد الصحابة
ولكن العامة يعدونه إما حديثًا شريفًا أو قولًا حكيمًا ويقولون لك "الحكمة ضالة المؤمن"
هل المقولة صحيحة؟
لنختبر هذا القول "اعمل لـــ", عندما نعمل لـــ "شئ ما" فإنما نعمل ابتغاء الحصول على هذا الشئ!!
فهل من الصحيح أن نعمل للدنيا؟ بحيث تكون الدنيا غايتنا؟
قال تعالى
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ"
صدق الله العظيم
وهذه الآية الكريمة تحدد وظيفتنا في الحياة وهي العبادة, وهل العمل لبلوغ الدنيا "كغاية" من العبادة؟
ولكن الله تعالى فسر لنا مراده منا في الدنيا بقوله
"قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
صدق الله العظيم
إن هذه الآية حددت غاية نبي الله إبراهيم وهى رضا الله رب العالمين, والمتميز في هذا النص أنه يحل المعضلة! المعضلة التي ربما ثارت في عقول القارئين, ألا نعمل لدنيانا؟ أنصلي ونصوم ونحج فقط؟ وكيف هذا وقد أمرنا الله بالسعي في طلب الرزق؟
نص الآية الكريمة يجيب جوابًا بديعًا على هذه المعضلة
إنه يرسخ مبدأً جديدًا وأصيلًا في الآن ذاته فقد قررت الآية أن الدنيا ذاتها يجب أن تكون لله وذلك لأن المحيا هو الدنيا وعليه فإن عملنا لا يكون للدنيا بل يكون في الدنيا لبلوغ الآخرة بأمان ودخول الجنة والنجاة من النار
فإذا أردنا أن نصحح العبارة المشهورة "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا, واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا"
فإننا نقول
"اعمل في (دنياك) لــ (آخرتك) كأنما تعيش أبدًا"
فالعمل هو كقطف الثمار التي نبتت على الشجر الطيب في طريق الدنيا والتخلص من ثمار الشجر الخبيث المكتظ في الطريق, التخلص منه مهما زها لونه وفاحت رائحته. تلك الثمار التي ينبغي أن نقطفها من الشجر الطيب هي التي يجب أن نقتات عليها حتى نبلغ باب الجنة.
لكن علينا أن نعلم أن هذا الوصول للباب لا يكفي لأن ندخله, فلا ندخله إلا أن يتغمدنا الله برحمته فيفتح لنا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (صحيح البخاري):
لن يدخل أحدا عمله الجنة . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : لا ، ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة ، فسددوا وقاربوا ، ولا يتمنين أحدكم الموت : إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب
و عملنا في دنيانا عملًا يبلغنا الآخرة فيجب أن يكون عملًا آخذًا في الاعتبار مستقبل الدنيا كأنما نعيش أبدًا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي صححه الإمام الألباني على شرط مسلم :
"إن قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة, فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها"
كيف نعمل في الدنيا للآخرة؟
العمل في الدنيا للآخرة يكون عن طريق اتخاذ كل الوسائل للمساعدة على بلوغ الآخرة بأمان كالفرائض وذكر الله, قرءانًا وسنةً وتدبرًا في كونه الفسيح وخلقه البديع, واتخاذ كل أنواع التقنيات والابتكارات في العلوم والاقتصاد والسياسة التي تقوي من شوكة المسلمين وترفع من راية الإسلام بتبليغ الناس أجمعين دين الله, الإسلام, حق التبليغ دون تفريط.
هل الترويح الحلال عن النفس عمل للدنيا؟
إن الله أنزل الإسلام على البشر لتوائم طبيعتهم, وطبيعة الإنسان تأبى أن تكون جادة نحو العمل للآخرة دومًا دون قليل من اللهو الحلال الذي يقوي همة الإنسان نحو مواصلة العمل, فقد ورد في الحديث الصحيح (صحيح مسلم) :
"كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . فوعظنا فذكر النار . قال : ثم جئت إلى البيت فضاحكت الصبيان ولاعبت المرأة . قال فخرجت فلقيت أبا بكر . فذكرت ذلك له . فقال : وأنا قد فعلت مثل ما تذكر . فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت : يا رسول الله ! نافق حنظلة . فقال " مه " فحدثته بالحديث . فقال أبو بكر : وأنا قد فعلت مثل ما فعل . فقال " يا حنظلة ! ساعة وساعة . ولو كانت ما تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر ، لصافحتكم الملائكة ، حتى تسلم عليكم في الطرق " . وفي رواية : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم . فذكرنا الجنة والنار"
وعليه فإن الترويح الحلال عن النفس هو ليس عملًا في الدنيا
الخلاصة
لا تعمل لــ (دنياك) ولكن "اعمل في (دنياك) لــ (آخرتك) كأنما تعيش أبدًا"
واتخذ النية في كل عملٍ تعمله في دنياك أنه زادٌ لآخرتك, حتى اللهو الحلال حاول أن تتخذ فيه نية ترويحك عن نفسك به لمواصلة العمل للآخرة.
والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق