شتان شتان بين ثلاث
بين الصبر على الآلام والجزع منها وفقدان الإحساس بها, لا يستوون بل يتباعدون.
فالصبر على الآلام هو كظم لجزع الجوارح من الإنسان مع إحساس مرهف دفين يختلج ويموج في الأعماق, إحساس هو تمامًا كَلُبِ بركان ثائر مغمور في بحر الرضا, فما تلبث ثورته أن تحيا حتى يطفئها ويطببها ماء البحر المحيط بالفوهة من كل جانب, يطببها ببرده وسلامه, فيخرج من البركان معادن نقية تمكث في قاع البحر لتمنح دفئًا يحيي كائنات قاعه التى كادت تبرد من السقيع, وهذه هي ثمرة الرضا والصبر
أما الجزع من الآلام فهو إطلاق سراح جوارح الإنسان ولسانه, يتخبطون بما لا يُرضي ربًا ولا عبدًا, مع إحساس هائج يظهر منه أكثر مما يبطن. هذه المرة بركاننا يكون بريًا, تعلو فوهته فوق السحاب, يقذف حمائمه الخبيثة في كل مكان ليمطر بها البلاد والعباد محرقا بها كل ما تقابله أو يقابلها من أخضرٍ ويابس, ولكن ربما نجد لهذا الحريق تجديدًا للحياة وإثمارًا لها من جديد في سلام وأمان
وأخيرًا حيث ينبغي أن يكون مكانه في هذا المقال, الذي استعار اسمه منه!!, يأتي التبلد وفقدان الإحساس وقسوة القلب. قسوة القلب التي خلفت موته عندما مرت عليه أزمانٌ سحيقة! والتبلد في الإحساس يجعل صاحبه مستحقًا بجدارة لا تُضاهي بتمثيله بجبل ميتٍ لا يحتوي لبُه أي حراكٍ ولا حتى مَوات!!. هذا الجبل الموحش المتقبح بصلادة لبه لا ينفع بل هو عائقٌ يخفي نور الشمس عمن حوله.
ولكن سبحانك ربي فلم تخلق شيئًا إلا وله نفع وإن كان غير واضح للعيان.
قال تعالى "الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" صدق الله العظيم
فكفى بالقلوب القاسية من فائدة أن تجعل القلوب الحية أكثر إخباتًا خوفًا على نفسها من التحول لهذا النقيص وذلك عند معايشتها لها ودفع هشاشة صلادتها بمتانة غضاضتها.
هناك تعليقان (2):
أحسنت يا أخي العزيز. إمتدادا للفكرة، هل التبلد وفقدان الإحساس وقسوة القلب شي إختياري أم مرضي؟
شكرًا جزيلًا
كلما اقترب الانسان من ربه رق قلبه والاقتراب من الله اختياري اذن تجنب قساوة القلب اختياري
والله أعلم
إرسال تعليق