إن الشائع في الثقافة الإسلامية الحالية هو التسامح والتسامح فقط مع المسئ ومما لا شك فيه أن للتسامح شأن عظيم في الإسلام ويُوجد ما لا أحصره من الآيات الكريمات والسنة النبوية الشريفة ما يُشجعُ على التسامح.
ما أود أن أثيره في هذا المقال هو الفرق بين تسامح القادر وتسامح الخانع. أما الأول فلقد رحبت به الشريعة الإسلامية أيما ترحيب وحثت عليه فهو مُستمَدٌ مباشرة من روح الإسلام وتعاليمه. ولكي نعرض مثالاً موجزاً لهذه القضية من القرآن الكريم نستشهد ببعض من آيات الله الكريمات في سورة الشورى.
وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ * وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
إن هذه الآيات الكريمات تضع النقاط فوق الحروف في قضية هذا المقال. فإن الإسلام لا يمنع القصاص العادل من الظالم بل يحث عليه ويشجعه وإنما يكون التسامح المباح إسلامياً هو التسامح المبني على القدرة على القِصاص وليس تسامح التخاذل والخنوع الذي يربي كثيرٌ من المسلمين عليه أولادهم بدعوى أنه من الإسلام والإسلام منه براء.
ولا يغيب على متأمل وفاهم لروح الإسلام أنه لا يدخل في هذا التخاذل والخنوع من يُظلم وهو لا يستطيع أن ينتصر لنفسه فيحتسب ذلك عند الله عز وجل وإنما يدخل فيه من يتهاون في حقه خوفاً من بطش الظالم, فإن الذي ينبغي ألا يُخشى غيره هو الله العزيز الجبار.
قال الله تعالى في سورة آل عمران آية 173
فنعم تسامح القادر وبئس تسامح الخانع
والله أعلم
تنويه هام
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم