الاثنين، 27 يوليو 2009

وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى

السلام عليكم

قال تعالى:
"وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا"
صدق الله العظيم

كثير من الناس يظنون أنه باستطاعتهم أن يضحكوا أو يبكوا في أي وقت شاءوا ولكن ما لا يعلمونه أن الأمر على خلاف ذلك تماماً فلا أحد غير الله تعالى يملك للإنسان ضحكاً أو بكاءاً وليس أدل على ذلك من الآية الكريمة التي عرضناها.

البكاء قد يكون حياة
البكاء قد يكون نعمة جليلة من عند الله يعطيها لمن يشاء لما فيه على النفس من أثر التسكين والتخفيف للمصاب الذي تعانيه والجرح الذي تتكبد عناءه ولذلك فقد جاء رابط خفي في الآيتين المتتابعتين بين البكاء والحياة لأن البكاء إما حاصل لهم أو حزن أو غم لم بالإنسان فتخفيف أحدهم هو رحمة بالإنسان وراحة للنفس المكلومة وإما أنه بكاءٌ من خشية الله ففيه إحياء للقلوب الميتة وجلاء للنفوس المريضة التي شابتها أدران الحياة بما فيها من ذنوب يقترفها الإنسان و من جروح يتلقاها من الغير سواءاً شعروا بذلك أم لم يشعروا.

الضحك قد يكون موتا

إن ضحك الإنسان في موقف عابر لطيف طريف على النفس لا شئ فيه ولا لوم وإنما يمن الله به أحياناً على عبده ليسرى قلبه من أوجاع الحياة ولكن لاننسى في هذا المقام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بسوماً ليس ضحوكاً فكان يبتسم بكثرة ولا يرفع صوته في الضحك فلنكن على سنته عليه أفضل الصلاة والسلام.
ويوجد رابط آخر في الآيتين الكريمتين بين الضحك والموت وهذا يدل على أن كثرة الضحك مضرة ضرر قد يصل لموت القلب والعياذ بالله. فكثرة الضحك على كل شئ يمر بالإنسان هو عرض ومرض فهو عرض لانشغال القلب والعقل عن حقيقة الحياة الدنيا وحقيقة اقتراب الموت بما فيه من حساب لا يستطيع الإنسان منه فِراراً وأيضاً هو لاهٍ للعقل عن التأمل والتفكر في ملكوت الله ومانع له من سبر غور الأشياء واستبيان حقائقها. وهو في الوقت نفسه مانع للقلب من الخشوع وممارسة عبادة الذل لرب العالمين .. هذه العبادة التي تعز الإنسان أمام نفسه وتعزه أمام الكون بأسره فهو يشعر أنه وإن كان هيناً ليناً متواضعاً إلا أنه ملئ بعزة الإيمان وشرف الإسلام. وفي هذا المقام فقد ورد عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن كثرة الضحك تميت القلب كما قال في الحديث:
"لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب"
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3400
خلاصة الدرجة: صحيح

الخلاصة:
اللهم ارزقنا البسمة التى تنبع من الفرح المختلج في نفوسنا وكذلك نُفرح بها من نحب من اخواننا. اللهم ارزقنا البكاء النابع من خشيتك والندم على معصيتك ففيه حياة للقلوب والنفوس.


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأحد، 26 يوليو 2009

حكمة التحريم والثقة بالله

السلام عليكم

لقد رأيت فيديو مرسل لي على أحد المواقع وتحته عبارة "لهذا لحم الخنزير حرام" وعندما شاهدته وجدت شخصا يحاول أن يقنع الناس بأسلوب بارع لماذا حرم الكتاب المقدس لحم الخنزير وكيف أن الخنزير لحمه مضر وأن عملية الهضم عند الخنزير تسمح ببقاء الكثير من السموم في لحمه. والحق يقال أن اسلوب الرجل كان بارعا في الشرح والاقناع

ولكنني أتساءل أنحن نحتاج لهذه المعلومات حتى نقتنع بتحريم لحم الخنزير وهل كل أمر أو نهي من الله تعالى يحتاج شرح وافي.

إن لحم الخنزير حرام لأن الله حرَّمه هذا سبب كافي ولا أحتاج للاقتناع بالفوائد المادية من تحريم لحم الخنزير. ولا أعني بهذا عدم التدبر والتفكير في خلف الله وابداعه وحكمته. ولكني أقول أني لا أحتاج أن أستمع إلى هذا لكي أقتنع بالأمر.

لقد أعملت عقلي فوجدت أن الكون لابد له من خالق يبدعه وقيوم يحفظه ووجدت أن هذا الخالق لابد أنه حكيم وأنه يهدينا بنوره إلى الحق ورأيت في الاسلام الدين الحق الذي لابد وأن الله عز وجل أرسله لنا ليهدينا والقرآن كلام الله لا يمكن لبشر أن يقول مثله.

بعد أن أعملت عقلي إني أسلم أمري لله لا أحتاج إلى سبب لكي يقنعني بتحريم شيء إني أثق بربي وبأنه حرم علي الخبائث ولذلك لا أحتاج إلى سبب آخر لكي أقتنع بتحريم شيء.

السبب الوحيد المقنع لي هو أن الله حرمه.


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

يا مَعْشَر الأَنْصَار كَرَّةٌ كَكَّرةَ حُنَيْن

السلام عليكم

الأنصار
الأنصار في الاسلام هم فئة نادرة من البشر ظهرت في بداية الدعوة في أصعب أوقاتها حين عاني المسلمين في مكة من أسوأ أنواع الاضطهاد والتعذيب المادي والمعنوي. ظهرت كالغيث يرسله الله رحمة منه بعد الجفاف. وما لبث الأنصار بعد أن دخلوا في الاسلام حتى أصبحوا حصنه الحصين ودرعه المنيع. فبدأت بالمدينة تكوين الدولة الاسلامية وانتشارها لنشر الاسلام بالعالم أجمع.
وأغلب المسلمين يعلمون قصة بيعة العقبة وهجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة ونصرة أهل المدينة من الأنصار للرسول عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.

ولكن السؤال هو هل يطلق الأنصار فقط على صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أهل المدينة وليس أحد سواهم.

الإجابة كلا إن الأنصار صفة لا تخص أصحاب رسول الله من أهل المدينة فقط وإنما هم أول من أطلق عليهم هذه الصفة في الاسلام فهم السابقون.

والدليل على ذلك هذا الحديث الصحيح

قالت الأنصار : إن لكل قوم أتباعا ، وإنا قد اتبعناك ، فادع الله أن يجعل أتباعنا منا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم اجعل أتباعنا منهم ) . قال عمرو : فذكرته لابن أبي ليلى ، قال : قد زعم ذاك زيد . قال شعبة : أظنه زيد ابن أرقم.
الراوي: والد حمزة رجل من الأنصار المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3788.

وقوله سبحانه وتعالى:

(وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة - 100

حيث جمع الله السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار مع الذين اتبعوهم

وقوله سبحانه وتعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) الصف-14

حيث أمرنا الله أن نكون أنصار الله.

ولكن ماهي صفات الأنصار وماذا نفعل لكي نكون من الأنصار.
لكي نعلم صفات الأنصار علينا أن نرى ماذا فعلوا لنصرة هذا الدين ومن أشد المواقف التي ظهر فيها الأنصار هو يوم حنين حين تجلت صفات الأنصار واضحة كالشمس في كبد السماء.


يوم حنين وفتنة الاغترار بالأسباب الدنيوية

إن يوم حنين من المواقف شديدة الصعوبة التي تعرض لها المسلمون. إن شدته مرتبطة بأن المسلمين كانوا شديدي الثقة بالأسباب الدنيوية التي توافرت لديهم قبل المعركة. وهنا تكمن الصعوبة. إنها فتنة شديدة تتسرب إلى النفس من ثنايا كثيرة لتبعدها عن صانع الأسباب إلى الأسباب نفسها.

موقف الأنصار

إن للأنصار موقف شديد الروعة في تلك الغزوة. حين فوجئ المسلمون بما دبره لهم المشركون في وادي حنين وانقلب الكثير منهم راجعين لا يلوون على أحد. وفي هذا الموقف العصيب ثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر قليل (ما أعظمه من قائد) وصار ينادى على الأنصار يا معشر الأنصار. يا معشر أصحاب السمرة (يذكرهم ببيعة العقبة وما عاهدوا الله عليه)

فلبى الأنصار الدعوة وصدقوا ما عاهدوا الله عليه وقالوا لبيك يا رسول الله وأقبلوا مسرعين إلى رسول الله لنصرته وقد وصف العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه المشهد في الحديث الصحيح:

شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين . فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلم نفارقه . ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له ، بيضاء . أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي . فلما التقى المسلمون والكفار ، ولى المسلمون مدبرين . فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض على بغلته قبل الكفار . قال عباس : وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم . أكفها إرادة أن لا تسرع . وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي عباس ! ناد أصحاب السمرة ) . فقال عباس ( وكان رجلا صيتا ) : فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ؟ قال : فوالله ! لكأن عطفتهم ، حين سمعوا صوتي ، عطفة البقر على أولادها . فقالوا : يا لبيك ! يا لبيك ! قال : فاقتتلوا والكفار . والدعوة في الأنصار . يقولون : يا معشر الأنصار ! يا معشر الأنصار ! قال : ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج . فقالوا : يا بني الحارث بن الخزرج ! يا بني الحارث بن الخزرج ! فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته ، كالمتطاول عليها ، إلى قتالهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( هذا حين حمي الوطيس ) . قال : ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار . ثم قال ( انهزموا . ورب محمد ! ) قال : فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى . قال : فوالله ! ما هو إلا أن رماهم بحصياته . فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا . وفي رواية : نحوه . غير أنه قال : فروة بن نعامة الجذامي . وقال ( انهزموا . ورب الكعبة ! انهزموا . ورب الكعبة ! ) وزاد في الحديث : حتى هزمهم الله . قال : وكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم على بغلته .
الراوي:
العباس بن عبدالمطلب المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1775




الأنصار بعد المعركة ودرس عظيم في مقارنة متاع الدنيا بالدين

بعد المعركة جاء تقسيم الغنائم وأعطى الرسول صلى الله عليه وسلم نصيبا كبيرا للمؤلفة قلوبهم ووجد بعض الأنصار في أنسفهم شيئا وبلغ هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ودار حوار عظيم بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الأنصار

" يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم ألم آتكم ضُلَالًا فهداكم الله بي ، وعالةً فأغناكم الله بي ، وأعداءً فألف الله بين قلوبكم ؟ "
تذكير بنعم الله عليهم ومدى عظمتها مقارنة بمكاسب دنيوية

"قالوا : الله ورسوله أَمنُ وأفضل . "

إنه أدب الإيمان الجم و معرفة الحق.

ثم قال صلى الله عليه وسلم " ألا تجيبوني يا معشر الأنصار ؟ قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله لله ولرسوله المن والفضل . قال " أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم, أتيتنا مُكَذَبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلًا فآسيناك.

ما أعظم خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يذكرهم بما يمكن أن يجيبوا به.


أوجدتم علي يا معشر
الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليُسْلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاء والبعير وترجعون برسول الله إلى رحالكم فوالذي نفس محمد بيده لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به

أنظر إلى التعبير "وكلتكم إلى اسلامكم". إن الإسلام الحقيقي لهو أعظم نعم الله وأكرمها. ومن يملكه لا يخشى فقد أي شيء من الدنيا
يا من تحملون هم الدنيا وتنسون الآخرة أذكر نفسي وإياكم بأن متاع الدنيا قليل.

ولولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار
، ولو سلك الناس شعبا وواديا ، وسلكت الأنصار شعبا وواديا لسلكت شعب الأنصار وواديها ، الأنصار شعار والناس دثار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار

وإني والله لأغبط الأنصار لهذا الوصف ولهذه الدعوة.

" فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا : رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسما وحظا "
يا ليتني من الأنصار. يالعظمة نصيبهم إنه أعظم من كنوز الدنيا جميعا. إننا لو قارنا نصيب الأنصار بأي نصيب من الغنائم لما وجدنا أي وجه للمقارنة.

إن ما سبق قد وضح ما فعله الأنصار في حنين حين أوفوا بعهدهم الذي عاهدوا الله عليه ألا وهو نصرة هذا الدين في أحلك المواقف وفي أصعب الأزمات غير مبالين بحياتهم فإنهم يرونها ثمنا رخيصا لنصرة هذا الدين.
كما يوضح لنا نصيب الأنصار من الدنيا لم يكون نقودا أو متاعا بل كان أعظم وأجل
إن نصيبهم يوم حنين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يوجد في الدنيا ما يعادله من نصيب.

الأنصار يوم اليمامة

حين حارب المسلمون مسيلمة الكذاب في معركة اليمامة وحين كان الموقف شديد الصعوبة على المسلمين وظهر الضعف في بعض صفوقهم وبلغت القلوب الحناجر ظهر أحد الأنصار مناديا على الأنصار وهنا جاء دور الأنصار ليظهروا في أحلك المواقف وتجمع حوله الأنصار شوقا لنصرة هذا الدين حتى أن الصحابي الجليل أبو عقيل الأنيفي رضي الله عنه وقد كان بين الجرحى فلما سمع النداء على الأنصار لبى وحين قيل له أن المنادي لا يعنى الجرحى قال (أنا رجل من الأنصار وأنا أجيبه ولوحبواً)
و جعل ينادى (ياللأنصار كرة كيوم حنين) .

أخرج ابن سعد عن جعفر بن عبد الله بن مسلم الهمداني رضي الله عنه قال :
... لما كان يوم اليمامة كان أول الناس جرح أبو عقيل الأنيفي رضي الله عنه رمي بسهم فوقع بين منكبيه وفؤاده فشطب في غير مقتل فأخر السهم ووهن شقه الأيسر – لما كان فيه . وهذا أول النهار وجرّ إلى الرحل ،
فلما حمي القتال وانهزم المسلمون وجاوزوا رحالهم وأبو عقيل واهن من جرحه سمع معن بن عدي رضي الله عنه يصيح بالأنصار :
... الله ! الله ! والكرة على عدوكم واعنق معن يقدم القوم وذلك حين صاحت الأنصار :
... أخلصونا ! أخلصونا فأخلصوا رجلاً رجلاً يميزون .
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه فنهض أبو عقيل يريد قومه ، فقلت ما تريد يا أبا عقيل ! ما فيك قتال ؟

... قال : قد نوه المنادي باسمي . قال ابن عمر فقلت إنما يقول ياللأنصار لا يعني الجرحى .
... قال أبو عقيل : أنا رجل من الأنصار وأنا أجيبه ولو حبواً .
قال ابن عمر فتحزم أبو عقيل وأخذ السيف بيده مجرداً ثم جعل ينادي ياللأنصار كرة كيوم حنين. فاجتمعوا – رحمهم الله – جميعاً يقدمون المسلمين دربة ( أي جرأة وشجاعة وقفة ) دون عدوهم حتى اقتحموا عدوهم الحديقة فاختلطوا واختلفت السيوف بينهم .
قال ابن عمر : فنظرت إلى أبي عقيل وقد قطعت يده المروحة من المنكب فوقعت على الأرض وبه من الجراح أربعة عشر جرحاً كلها قد خلصت إلى مقتل ، وقتل عدو الله مسيلمة ،
قال ابن عمر : فوقعت على أبي عقيل وهو صريع آخر رمق
... فقلت : يا أبا عقيل
... فقال : لبيك – بلسان ملتاث – لمن الدبرة ؟
... قال قلت : أبشر ، ورفعت صوتي قد قتل عدو الله
فرفع إصبعه إلى السماء يحمد الله ومات يرحمه الله.
قال ابن عمر : فأخبرت عمر رضي الله عنه بعد أن قدمت خبره كله فقال : رحمه الله ما زال يسأل الشهادة ويطلبها ، وإن كان ما علمت من خيار أصحاب نبينا - صلى الله عليه وسلم - وقديم إسلام

ما أشبه اليوم بالبارحة

إن حال المسلمين اليوم يمكن وصفه بدقة بما وصف الله في كتابه العزيز ليوم حنين
قال الله تعالى في سورة التوبة
(
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)

إن المسلمين اليوم زاد عددهم على المليار فما أغنت عنا كثرتنا شيئا
لقد ضاقت علينا الأرض بما رحبت في كل المجالات ليس فقط في المجال العسكري ولكن في العلم والاقتصاد وفي كل المجالات
ضاقت عليهم الدنيا يوم فرحوا بالحياة الدنيا وتعلقوا بأسبابها فقط

فمن يكون الأنصار من المسلمين اليوم

من يترك الانشغال بمتاع الدنيا ومشاغلها ويسعى لنصرة هذا الدين
من يجعل نصرة الأمة نصب عينيه ومتاع الدنيا تحت قدميه.

أنظر إلى هذه الآية التي تسبق آية يوم حنين في سورة التوبة

قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ


من يصدُق ما عاهد الله عليه وينصره في أشد المواقف ولا يركن إلى الدنيا ومتاعها.

حاجتنا للأنصار في كل المجالات

لقد تأخر المسلمون في كل المجالات وصار المسلمون بحاجة شديدة إلى هذه النوعية من البشر (الأنصار) لينصروا هذه الأمة وليقفوا على كل ثغورها وهي كثيرة.


من ينصر المسلمين في كل مجال من المجالات
من للمسلمين في الطب
من للمسلمين في الهندسة
من للمسلمين في الزراعة
من للمسلمين في كل مجال



إن الله ناصر دينه لا محالة وليس الاختيار بين أن ينتصر الدين أو لا ينتصر ولكن الاختيار هل تريد أن تكون ممن ينصر الله هذا الدين على يديه أم لا تريد

هل تريد أن تكون من الأنصار؟



فيا معشر الأنصار

كَرَّةٌ كَكَّرةَ حُنَيْن


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 16 يوليو 2009

عقبات الإصلاح أمام النخبة في بلادنا

السلام عليكم
لكي نتحدث عن الإصلاح التي تأمل بالقيام به النخبة يجب أن نحدد "إصلاح ماذا؟". ببساطة الإجابة هي إصلاح الجهل والظلم. والجهل ينقسم لنوعين : الجهل بالعلوم الشرعية والجهل بالعلوم المادية

تعتري الأمة الإسلامية عقبات كؤود تدمر كل حسن وتنمي كل فاسد, تحول دون أي محاولة للإصلاح ويمكن تلخيص أهم هذه العقبات في الآتي:

1- عدم تناغم النخبة في كل بلد إسلامي مع أولي أمرهم! فالأهداف غير الأهداف بل أن السماح للنخبة بتنفيذ ماتريده من إصلاح يتعارض مع مصالح أولي الأمر.

2- يأس الكثير من النخبة من الإصلاح في بلادهم بينما يجدون المغريات الفتانة في الخارج ولاسيما لدى أعداء غير صريحين, فلا يجدون حرجاً في السفر بحجج مثل (اعطاء قدوة لتفوق المسلمين, الانتظار بالخارج حتى تتحسن الأوضاع في بلادهم, الدعوة .... والكثير من الحجج التي تكون في غالب الأحوال تسكين للنفس اللوامة وحسب).

3- صعوبة العمل في فريق سواءاً داخل نفس البلد أو الأصعب عند محاولة العمل في فريق خلال بلاد مختلفة, وهذا امتداد لأهداف تفكيك الخلافة (من أهم أهداف تفكيك الخلافة هو تطبيق مبدأ "فرق تسد" على أي عمل جماعي بين شباب الباحثين في الأمصار المختلفة).

4- افتقار شباب المصلحين إلى القدوة التي تأخذ بأيديهم وتوجههم, إلا ما ندر.

5- اتهام النخبة المصلحة سواءاً كان في مجال العلوم أو مجال إصلاح القيم والأخلاق بالتطرف. ووضع الفئة الفاسدة من الشباب موضع القدوة من قِبَلِ الإعلام.

وأخيراً ندعوا الله أن يزيل هذه الغمة التي تحجب الإصلاح عن المفتقرين إليه وأن يبعث الهمم العالية في نفوس النخبة المصلحة ويطرد أي ذرة يأس من قلوبهم. فالإصلاح صبر ساعة.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

علاقة خلق الكون بخلق الإنسان

السلام عليكم
الحياة في الفلسفات الإلحادية
إن الفلسفة الإلحادية السائدة في الغرب "المتقدم مادياً" تعتبر بداية الحياة هي نتاج صدفة حدثت في ظروف معينة في جو مهيئ لحدوثها ألا وهو جو الكرة الأرضية, ولذلك فإن اعتقاداً يسود الأوساط العلمية الغربية يقول أن معادلة الحياة هي:
بيئة مناسبة لاستمرارية الحياة + وقت كاف لحدوث صدفة بداية الحياة = حياة بدائية
وهذه الحياة البدائية أخذت وقتها خلال عملية الانتخاب الطبيعي حتى أنشأت الحياة المركبة.
وحسب هذه النظرة فإنه بحساب احتمالية وجود بيئة صالحة لاستمرار الحياة واحتمال حدوث صدفة بداية الحياة فإنه يمكن استنتاج أن احتمالية وجود حياة أخرى في الكون ليست معدومة.
والنموذج السابق لا يحتاج إله في ادعائهم لوجود حياة!!!

أحد الثغرات الهامة في النظرة للحياة في الفلسفات الإلحادية
إن هذه النظرة لم تنجح في شرح الكيفية التي تمت بها الحياة "بالصدفة" وإلا لكان إعادة هذه العملية في نظام محكم لا يخضع للصدف في المعمل ممكنة وهم لم ولن ينجحوا في انشاء تلك العملية لأن ما يجحدونه أن هذه العملية هي عملية خلق من إله قدير وهم لن يستطيعوا تكراره في المعمل. وليفعلوا إن كانوا صادقين! فأقصى ما يمكن فعله من قِبَلِهم هو انشاء مركبات عضوية غير حية أو على الأكثر انشاء خلايا سليمة عضوياً ولكنها ميتة ...

نظرة الإسلام لعلاقة خلق الكون بخلق الحياة عامة
إن القرءان الكريم يربط ربطاً أخاذاً بالألباب بين خلق الكون وخلق الحياة في أكثر من آية من آياته الكريمات

قال تعالى
"أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ"
صدق الله العظيم

وهنا إشارة قوية إلى علاقة هذين الخلقين العظيمين, خلق الكون عامةً من فتق الرتق وخلق الحياة من الماء. وكأن الله تعالى يشير بأن الغرض الأصيل لخلق الكون هو التمهيد لجو مناسب لخلق الحياة من الماء.

فقد قال تعالى
"وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ"
صدق الله العظيم

وأجد والله أعلم أن الآية الكريمة ربما تشير إلى ارتباط غامض بين خلق السموات والأرض والماء أو على أقل تقدير بين خلق الحياة فقط والماء كما تشير سابقتها.

نظرة الإسلام لعلاقة خلق الكون بخلق الإنسان خاصةً
هذا بالنسبة للحياة بوجه عام أما بالنسبة للإنسان بوجه خاص فقد قال الله تعالى
"مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا"
صدق الله العظيم



والآية السابقة تؤكد هذا الارتباط بل تؤكد أن الكون خلق للحياة وأن الكون والحياة خُلقا للإنسان, ونفس المعنى نجده في قوله تعالى:

قال تعالى
"خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ * هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ "
صدق الله العظيم

وتدل الآية الكريمة على ربط خلق السماوات والأرض بخلق الحياة عامة والإنسان خاصة وتدل أيضاً أن الله تعالى سخر الله ما في الكون جميعاً للإنسان.

شبهة ورد

وقد يقول قائل: ولماذا خلق الله تعالى كل هذا الكون الشاسع لمجرد خلق حياة؟! ألم يكن يكف أن يخلق كوناً كافياً لقيام حياةٍ وحسب؟

ونرد بما يلي:
1- أن كون الغرض الأصيل لخلق الكون هو احتضانه للحياة فلا يمنع ذلك وجود مرامي أخرى من خلق الكون يعلمها الله ولم يطلعنا عليها عِلماً
قال تعالى
"لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"
صدق الله العظيم

فقد يكون معنى الآية أنه توجد أغراض أخرى من خلق الكون غير خلق الحياة وقد يكون الأمر مختلفاً!

2- راجع مقال

الكون لنا - تأمل في قضية التسخير


3-إن خلق السماء وتسويتها سبع سماوات وتسخير ما في السماوات من نجوم وغيره يرتبط بوضوح في القرآن بمهمة خدمة الأرض والحياة التي قُدر لها أن تُوجَدَ فيها ولذلك فإنه ينبغي ألا نحكم على الأمور بأن الحجم الشاسع الظاهر أمامنا للسماوات مقارنة بالأرض ليس له وظيفة والدليل فيما يلي:

قال تعالى
"قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ"
صدق الله العظيم

وقد قال تعالى
"إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"
صدق الله العظيم

من الآيتين السابقتين يتضح لنا أن الله تعالى:
خلق السماوات والأرض في ستة أيام =(خلق الأرض أولاً مُقَدِرٌ فيها أقواتها في أربعة أيام = يومين خلق عادي كأي كوكب + يومين لتقدير الأقوات وتهيئة الظروف اللازمة لقيام الحياة كجعل الجبال الراسيات بحساب دقيق حفظاً للحياة واستمراريتها) + (وجعل السماء سبع سماوات وإيحاء أمر كل سماء فيها وتزيينها بالنجوم والكواكب في يومين)

ومن هنا نرى شيئين:
أولاً: أن الأرض خُلِقت أولاً قبل تسوية السماء إلى سبع سماوات وذلك يدل أنها الأصل والأساس وأن السماوات التي جاءت تسويتهما من السماء متأخراً هو لخدمة الأرض وما سيخلق عليها. (كان ذلك في يومين)
ثانياً: بناءاً على ذلك, يظهر بوضوح أن تهيئة الكون لاستقبال الحياة كان له نصيب أربعة أيام من جملة الستة أيام التي خلق فيهن السماوات والأرض وبالطبع لا نقول أن هذه الأيام بالضرورة هي من جنس أو مقدار أيامنا المعتادة.

4- ما يُعرف بتأثير الفراشة (Butterfly Effect) وهو ينص باختصار أن الظروف الأولية لأي نظام معقد لو اختلفت قليلاً يمكن أن تؤدي إلى نظام مختلف تماماً في المستقبل عن النظام بدون هذا الاختلاف وبالتالي فإن فتق الرتق (ما يُعرف بين علماء الكونيات الآن بالانفجار العظيم) قد تم بطريقة هائلة الإبداع والدقة بحيث تولد كوناً له مكان وزمان (حيث لم يكن هناك زمان ولا مكان في الرتق نفسه) يهيئ قيام حياة على الأرض. وبدون هذه الشروط الأولية وتمدد تأثيرها في الكون باتساعه لما كان على الأرض الظاهرة لنا بحجم غاية في الصغر حياة لا بسيطة ولا مركبة.

5- ما يُعرَف بمبدأ ماخ (Mach Principle) وهو ينص باختصار أن أي جسم في الكون يؤثر على أي جسم آخر مهما كان بعده عنه وبالتالي حسب هذا المبدأ والذي ظهرت صحته في نظرية النسبية العامة ينبغي ألا نقلل أبداً من شأن تأثير المجرات البعيدة عن كوكب الأرض والحياة عليها.

6- ما يُعرف بالترابط الانفصالي (Entanglement) والذي تم اكتشافه في ميكانيكا الكم وينص أن أي جسيمين بينها ترابط انفصالي يظلان مترابطان مهما كان البعد بينهما, بحيث لو تم التأثير على أحدهما يحدث تأثير بنفس المقدار على الآخر حتى لو كان أحدهما على الأرض والآخر في أبعد نقاط الكون عنا. وهذا التأثير يدل أن الحياة على الأرض لم تكن لتقوم إلا بعمل جماعي من ذرات الكون أجمع!!

7- يُوجد ما يُسمى بنظرية الكون الأرضي (للدكتور مصطفى عبد القادر استاذ الرياضيات بجامعة الأسكندرية) وهي تنص أنه يُوجد نموذج آخر للكون لا يقل صحة عن النموذج الحالي ولا يمكن التفرقة بينهما بأي تجربة عملية كانت. هذا الكون فيه الضوء يسير في خطوط دائرية (إن لم يؤثر عليه مؤثر) مما يجعل نظرتنا للأرض على أنها ذلك الكوكب الصغير الذي نلحظه من سفن الفضاء نظرة فيها خداع للبصر والحقيقة حسب النظرية أننا نعيش على السطح الداخلي لكوكب الأرض والكون كله محتوىً فيه من مجرات وشموس وكواكب ويُوجد مركز الكون منطبقاً على مركز الأرض! .
في هذا الكون كلما ابتعدت الأجسام عن سطح الأرض تجاه مركز الأرض المجوفة قلت أبعادها وسرعتها حتى يصلان للصفر عند المركز (لا يستطيع أي جسم الوصول لمركز الكون الأرضي).

8- توجد فلسفات تجعل ليس من الأرض وحسب هي مركز الكون ولكن تجعل من الإنسان ذاته مركزاً للكون ولكن هذه الفلسفات خارج حدود هذه المقال.

الخلاصة

أن الكون خُلق للحياة وأن الكونَ والحياةَ خُلقا للإنسان


المراجع:


1-القرءان الكريم
2- Parallel Worlds - A Journey Through Creation....-By Michio Kaku
3- Abdelkader, Mostafa, "A Geocosmos: Mapping Outer Space Into a Hollow Earth", Speculations in Science and Technology, 1983, vol 6, pg 81-9

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأربعاء، 15 يوليو 2009

دروس من الحياة (2)

السلام عليكم

01- الكثير من الناس يفهمون حلم الحليم أنه ضعفٌ. فانتقِ من تتعامل معهم بحلم.

02- الكثير من الناس يظنون أنفسهم مركز العالم.

03- إنه من الحماقة أن تصف الغضب بالحماقة. فمن لا يغضب لا يشعر. الحماقة الكبرى أن يلعب بك غضبك ولا تسيطر عليه.

04- لا تفضِ بكل أسرارك لبشر أياً ما كان. إن أردت فتحدث مع ربك فيها, ولا تنس أنه أعلم بها منك.

05- انتظار العطف من الآخرين نوعٌ من التسول. فإن لم يأت تعاطفعم دفاقاً منهم فلا خيرَ فيه. عليك بربك فهو اللطيف بعباده.

06- توخَ الحذر كثيراً قبل أن تصدق أن إنساناً يحبك أكثر من نفسه. هو ليس مستحيلاً ولكنه شديد الندرة.

07- بعض الناس تعمل نفسهم اللوامة بشكل شاذ. فهم يقنعون أنفسهم أنهم لا يمكن أن تزل قدمهم حتى لا يتعرضوا لسياط نفسهم اللوامة.

08- لن ترضي الجميع. فقط ارض ربك ولا تلم نفسك بعد ذلك.

09- الأطفال هم أصدق الناس مع أنفسهم ومع الآخرين. فلا تغتل طفولتهم بإصرارك بجعلهم نسخةً منك إلا إن كنت على الحق مقارنةً بدين الله.

10-وطن نفسك على العطاء في هذه الدنيا ولا تنتظر أجراً أو حتى مقابلاً من أحد. ثق في عدل الله فلن يضيع عطاؤك.

11-لا تخشَ غير الله. فخشية غيره تشكيك بلسان الحال في حسن تدبيره.

12-قبل أن تتكلم, سل نفسك: لماذا أريد أن أتكلم؟ وما النفع والضرر المحتملين من كلامي المقبل. ستصمت إن فعلت في أغلب الأحوال.

13-إياك أن تفرح بأنك من الطائعين, فإنك إن فعلت تكون قد فرحت بنعمةٍ ليس لك يدٌ فيها.

14-لا تنشغل كثيراً بمصير الأفراد من جنةٍ أو نار. فهذا صلف وظن بالباطل أنك تستطيع أن تفهم كيفية عدل الله. ولكن اشغل نفسك بادخال كل من تقابله الجنة.

15- اعطف على صاحب الكبيرة وخذ بيده إلى الطاعة فليس ما أنت فيه من الطاعة إلا هبة, شكرها الأخذ بأيدي غيرك إلى مثلها.

16- إياك أن تعجبك صدقتك بعد إخراجها, فما أنت إلا مُنعَم عليك باختيارك سبباً في إخراجها.

17- إياك أن يُعجبك علمك فلا ضامن لك أن تنام وتصحو به!! وطبق ذلك على باقي نعم الله عليك.

18- لا تجزع عند الضائقة, فإن جزعك دليل على عدم استشعار معية الله لك.

20- يوجد دائماً نقطة وسط بين التهور والتخاذل وهي الحكمة. فلا توهمن نفسك أن تخاذلك حكمة.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأحد، 5 يوليو 2009

ثقافة الجن والعفاريت

السلام عليكم
اكتشاف مؤلم
كنت اتصفح موقعا مشهورا للفيديو وإذ بي أفاجأ أنه يوجد أعداد طائلة من العرب يضعون مرئيات لجن وعفاريت استطاعت الكاميرا ادعاءا أن تلتقط صورهم وهم يتحركون.

في الحقيقة لقد صدمت ليس من الموضوع نفسه ولكن من الكم الهائل من المشاركات التي تتناول نفس الموضوع. لقد كاد أن يصيبني اليأس من إصلاح هذه اﻷمة
لوﻻ أن تذكرت أن اليأس ليس من شيم المؤمن.

قال تعالى
"
يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ "
صدق الله العظيم

موقف اﻹسلام:
1- ﻻ ينكر اﻹسلام الجن ولكنه ﻻ يتحدث أيضا عنهم باستفاضة بل يتناول هذا اﻷمر في كتابه الكريم في عدة مواضع تُعد على أصابع اليد الواحدة. بينما تجد مواضيعا مثل اﻹيمان بالله والعمل في سبيله وقصص من قبلنا للعبرة تشغل جل كلام الله المنزل إلينا. ومن المعروف أن اهتمامنا باﻷمور ينبغي أن يكون على قدر إهتمام القرآن والسنة بها.

2- يوضح القرآن أننا ليس في استطاعتنا رؤيتهم وهذا من رحمة الله بنا لنتفرغ لعبادته والجهاد
* في سبيله.
قال تعالى
"
يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ "
صدق الله العظيم

3- إن اﻻنشغال بهذه اﻷمور عن خدمة اﻹسلام لهي خيانة كبرى لدين الله. كما أنها
صد عن سبيل الله لمن أراد أن يعرف اﻹسلام عن طريق حال المسلمين.

قال تعالى
"
وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ"
صدق الله العظيم

خطأ شائع في التفكير: رد الفعل العكسي
كثير ممن يدعون الثقافة والعقل يقعون في فخ فكري مشهور وهو إنكار ما جرى على ألسنة العامة وذلك لسببين:
أ- الكبر واعتقادهم أنهم باعترافهم ببعض ما يقوله العامة أصبحوا مثلهم في جهلهم
ب- الحكم المنطقي الخاطئ بأن كل ما يؤدي إلى التخلف فعكسه صحيح. فهم يتبعون منطق اﻷبيض واﻷسود وﻻ يعرفون الوسطية والتي تميز بها اﻹسلام.

وأدى رد الفعل العكسي هذا إلى إنكار كثير من المتعلمين والمثقفين وجود الجن والملائكة بالكلية

قال تعالى
"
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ "
صدق الله العظيم

ألم يأن لنا أن نكون خير أمة كما أمرنا الله؟!
مقومات خيرية اﻷمة:

قال تعالى
"
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ "
صدق الله العظيم

1- اﻹيمان بالله ( وضعف اﻹيمان بأن كثير من المسلمين أصبحوا يخافون الجن والعفاريت مع أن الخوف من غير الله فيه شبهة شرك به)

2- اﻷمر بالمعروف (من المعروف أن نكون سادة العالم روحيا وأخلاقيا وعلميا ( علما نظريا أم تجريبيا))

3- النهي عن المنكر
( لقد تشبعت مجتمعاتنا بالمنكر وقل النهي عنه ولم يظهر الحياء (بل الخجل, فالحياء كله خير) إﻻ في النهي عن المنكر!! فانتفت صفة المنكر عنه ﻷنه لم يعد يُنكر!!! وما هو ليس منكر يصير مع اﻹلف والتعود معروفا).
------------------------------------------------------------
* ملحوظة: ﻻ يجب الخلط بين الجهاد والقتال حيث أن القتال حالة خاصة جدا من الجهاد الذى له معان وشعب كثيرة


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم