السبت، 28 مارس 2009

الصلاةُ نبعُ حياة

السلام عليكم
كنت أتوضًا وبينما كنت أغسل وجهي قفز إلى ذهني قول الله تعالى
"أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا ففتقناهما وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ"
صدق الله العظيم

فتأملت في أني أضيف من صفة إحياء الماء بإذن ربها إلى حياتي كالنبت الذي يترعرع رِيًا عندما يُغمَرُ بالمياه. ثم تذكرت وماذا لو أن الماء لم يكن موجودًا, فوجدت التيمم بالتراب بديلًا, فتعجبت, أليس ربُنا خلقنا من تراب؟!

قال تعالى
"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ"
صدق الله العظيم

ومن التراب وُهِبْنا الحياة بإذن ربنا.

وأثناء وضوئي لاحظت حشرة ضئيلة عن كثب فقلت في نفسي "سبحان الله" ما هذا الإبداع في الخلق؟! إن هذه الحشرة مكونةٌ من ذرات من جماد (وإن كانت تعج بالحركة الداخلية الدائبة) ولكني أرى كاثناً حيًا يسير على قدميه ويطير بجناحيه.

وصدق الله حين قال
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ والمطلوب"
صدق الله العلى العظيم

فرغت من وضوئي واتجهت لصلاتي فإذا بي أتذكر قول الله تعالى
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحشَرُون"
صدق الله العظيم

فقلت سبحان ربي العظيم إن الله يدعونا لِيمدُنا بالحياة خمس مرات يومياً وهو يعلم أن الموت أقرب إلينا من شراك نعالنا ,أو كما قال القائل

ألا كل ما هو آتٍ قريب ... وللأرض من كلِ حي نصيب
وللناس حبٌ لطولِ البقاءِ ... فيها وللموت فيهم دبيب

ثم تأملت في الصلاة ذاتِها فوجدت عجباً, وجدت الصلاة فيها سكناتُ لا يُسمحُ للمُصلي فيها بحركة فهي تذكرة للموت وسكونه. ووجدت على النقيض فيها حركات, لا يُسمح للمصلي فيها بالسكون فهي تذكر بالحياة وحركتها, وكأن الله تعالى يذكرنا بأنه تعالى له الفضل وحده في بث الحياة فينا وفي إبقائنا أحياءً فهو يستطيع قبضَ روحنا وقتما شاء وأينما شاء وكيفما شاء.

ثم تفكرت في السجود فوجدت عجباً, لقد وجدت أمراً من الله بالاقتراب منه عز وجل في كلِ ركعة في الصلاة من خلال السجود

فالله ربُنا يقول في كتابه
"كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ"
صدق الله العظيم

فإن أقرب ما يكون العبد لربه يكون وهو ساجدٌ لأنه في تمام الذل لله يجد العبد شعوراً غير عادياً بتمام العزة المتنزهةِ عن الكبر.
قال تعالى
"يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ "
صدق الله العظيم

ويقول تعالى
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ "
صدق الله العظيم

وأيضًا لا يخفى أن الاقتراب الشديد من الله يعطي المؤمن شحنة من الحياة الروحية والقلبية لاقترابه من الله الحي القيوم فنجد السجود خاصةً والصلاة عامة هما بمثابة الشحنة للمؤمن ليزداد حياةً حقيقيةً فوق حياتِه الزائلةِ التى يتمتعُ بها مؤقتًا في هذه الدنيا.

الخلاصة
الصلاة هي نبع حياة للمؤمن يحيا قلبه وتنتشي فيها روحه

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الجمعة، 27 مارس 2009

الإسلام الحقيقي ومحاربته لغبار الوثنية

السلام عليكم
تعريف الإسلام
الإسلام هو علاقة المخلوق بخالقه في صلة روحية عذبة تؤدي إلى الخشوع الكامل والاستسلام الكامل لله رب العالمين. فكما أن الإنسان روحُ وجسد, فإن الإسلام نزل ليلائمه, فهو روح وجسد. والروح لا توجد في الكون بغير جسدٍ سليمٍ والجسد لا يحيا بغير روح. وروح الإسلام هو علاقة الشعور بالعبودية الكاملة لله رب العالمين وجسده هو مقتضيات هذه العلاقة من طاعة كاملة واستسلام كامل لله في اتباع أوامره واجتناب نواهيه وحب ما يحب من قول وعمل وكراهية ما يكره منهم.

تعريف الوثنية
تنقسم الوثنية إلى درجات تتدرج في شدتها فمنهن من يقتل الإسلام في نفس العبد ومنهن من يُمرضه ومنهن من يوهنه وهناً شديداً وهن بالترتيب:
1-الوثنية الصريحة هي كل تعبد أو ذبح أو دعاء لغير الله مما لا ينفع ولا يضر سواءً كان إنسانًا أم حيوانًا أم جمادًا.
2- الوثنية الغير صريحة وهي كل تقرب إلى الله تعالى بالتبرك بإنسانٍ أو بضريحٍ أو بحجرٍ أو شجرٍ له تاريخ متعلق بالصالحين.
3- الإسلام الذي غُطي بغبار الوثنية وأقصد به تفريغ الإسلام من أي معنى روحي أو فكري وقصره على حركات غير مُتَدَبَرٍ في مغزاها وأقوال غير مُلتَفَتٍ إلى معناها فيصبح الإسلام طقوسًا فارغة من معناها فلا خشوع فيها للروح لبارئها ولا تدبر فيها للذهن لخالقه.

ما ينبغي على المسلم حتى ينقي إسلامه من غبار الوثنية
ينبغي على المسلم أن تتسم عبادته كلها بعنصرين أساسين:
أ- الخشوع : فينبغي وجود صلة روحية دائمة بين المسلم وربه خلال كل حركةٍ وسكنةٍ في عبادته لربه شاملًا حياته العادية حيث أنها جزءٌ من هذه العبادة.
قال تعالى
"قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
صدق الله العظيم
فالمسلم يكون دائمًا ذليلًا لله عز وجل دائمًا وأبدًا في نسكه وفي غير نسكه مما يورثه عزةً من عزة الله في الدنيا والآخرة

قال تعالى
"يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ"
صدق الله العظيم

ب-التدبر: فلا ينبغي على المسلم أن يحرك ساكنًا أو أن يُسَكِنَ متحركًا في عبادة له لله تعالى سواءً بجسده أو لسانه إلا ويتدبر فيها ويفكر ويتفكر ويسأل نفسه:
ما الدروس المستفادة المُحتمَلة من هذا الفعل أو تلك الكلمة؟
وما الحكم المحتملة لإتيانها هنا في هذا الموضع تحديدًا وليس في ذاك؟
وما الحكم الممكنة لاستخدام تلك الكلمة في هذا الأمر وعدم استخدام مرادف قريب لها في المعنى؟

ثم إنه ينبغي ألا تمر علينا عبادة كان لمنشئها أصل تاريخي إلا وتفَكَرنا في أصلها بالإضافة لاستحضار نية الطاعة المطلقة والتدبر في أذكارها وأعطى مثالاً على ذلك:
  • ذبح الأضحية, فينبغي أن نكف عن الذبح الفارغ من معني العبودية وذلك بجعله ذبحًا "طقوسيًا", فنستحضر مثلاً قصة نبي الله إبراهيم ومدى الابتلاء النفسي الرهيب الذي مر به في أمر الله له بذبح أول أبنائه الذى رُزِقَ به وهو كبير السن بعد أن يئس من الإنجاب, ومدى انصياعه لهذا الأمر على صعوبته!! وأيضًا استحضار طاعة نبي الله اسماعيل لله أولًا ولأبيه ثانياً طاعةً جعلته يستسلم استسلاماً تامًا للذبح!! ياله من استسلام يدل على إسلام نقى ليس به مقدار ذرة من كَدَر!! كل هذا يجب استحضاره وتخيله عند ذبح الأضحية وليس الانشغال بمجرد القيام "بطقس" الذبح!!

ثم إنه ينبغي حتى في العبادات التي نفعلها فقط امتثالًا لأمر الله تعالى:
  • كالابتلاءِ على الصبر في الطاعة المطلقة بأن نستحضر هذه الطاعة المُطلقة في هذا الموضع, فنستحضر مثلاً الطاعة المُطلقة في عدد ركعات الصلوات وفي ترتيب أفعال الوضوء وفي عدد أشواط الطواف حول الكعبة وما إلى ذلك من أمثلة بعجز العقل أن يتدبر في حِكم ممكنة من أمرنا بفعلها من قِبِلِ الله عز وجل. فنتدبر في ذلنا لله بقبولنا تنفيذ أوامر لمجرد إثبات عبوديتنا واستسلامنا المطلق لله جل شأنه.


إنه لأمر مقيت ألا نستفيد من عباداتنا ونخرج منها كما دخلناها كالحمار يحمل أسفارًا.. إنه لأمرٌ مؤسفٌ حقًا.

ملحوظة هامة:
التدبر غير الفهم .. ففهم مراد الله الحقيقي من العبادة مستحيل إلا أن يكون مُبيناً من الله ذاته أو من رسوله عليه صلوات الله وسلامه. أما التدبر فهي محاولة قدح الفكر لفهم الحِكمِ المحتملة لا غير, ونتيجتها غير يقينية طالما لم تقترن بنص قطعي الثبوت قطعي الدلالة

الخلاصة:
إن أكبر رزية بُلي بها مسلمي اليوم أنه قل من ينطبق عليهم بحق التعريف الكامل لكلمة "مسلم" وهذه ليست دعوة للتكفير والعياذ بالله فمن كفر مؤمناً فقد باء بها أحدهما أو كما قال صلى الله عليه وآله وسلم, ولكنها دعوة لإيقاظ المسلمين من غفلتهم العميقة, فالمسلمون اليوم تتراوح أحوالُهم ما بين غير مكترثٍ بدينه كما ينبغي ومكترثٍ بدينه كأي شأن من شئون الحياة بل أقل ومكترثٍ بدينه اكتراثًا كاملًا ولكن ياللأسف والحسرة فهو اكتراثٌ يشوبه غبار الوثنية الخفي وهو الاكتراث "الطقوسي" إن جاز التعبير ......... إننا نجد هذا النوع وهم جل المتدينين يلتزمون بكل كبيرة وصغيرة في الدين ولكن دون عنصري التنزه عن غبار الوثنية وهما الخشوع والتدبر.
وأخيرًا وهي فئة قليلة جدًا في تقديري المتواضع من يعيشون لله , يعيشون للإسلام وبالإسلام قانتين لله خاشعين متفكرين في كونه تتجافي جنوبهم عن المضاجع من أثر الحب والخشية والخشوع والتفكر في ملكوت الله يقولون بقلب حي يدفعهم للعمل ويندفع بالعمل ,ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 24 مارس 2009

القوة الذهنية للمسلم

السلام عليكم
فكرة الغرب عن المسلمين
إن تاريخ المسلمين الحديث وواقعهم أعطى انطباعاً فاسداً عن المسلمين أنهم قليليو الذكاء عامةً حيث أن الشواهد التى تُري من انتاج ردئ على المستوى المادي والأدبي وتخلفٍ في ميداني التقنية والأخلاق لهم أدلة لهم اتخذوها على قلة ذكاء المسلمين.

أسباب تخلف المسلمين في نظر الغرب
إن العالم الغربي هو عالم يتسم بالجدية حتى في هزله!! وأوضح ما يميزهم هو الصدق مع النفس.!! فلاداعي لأحد منهم أن يقول أنه متدين ثم يفعلُ ما يخالف دينَه. وهم يظنون غيرهم كذلك! فلما رأونا نصلي خمس مرات في اليوم ونصوم رمضان ونحج البيت ونقول إننا لمسلمون, وهم ليسوا على دراية كافية بنفسية مسلمي اليوم بالإضافة إلى عدم الدراية بفهم قومنا الخاطئ للإسلام, فقد ربطوا بين كوننا مسلمين وبين كوننا متخلفين مادياَ وأدبياً. فظنوا أن نموذج تكبيل الدين للتقدم العلمى الذي بُليت به أوروبا يتكرر مع المسلمين اليوم. ومما يُدمي الفؤاد ويزعج العقل أن بعضاً ممن ينتسبون للإسلام اليوم تبنوا وروجوا لنفس الفكرة النكراء.

استثناء ملحوظ في فكرتهم
ولكن المتنبه للأمر يكتشف أن الأمر ليس كذلك مع كل المسلمين وخصوصاً من يسافر للعمل بالخارج فيجدون كثيراً منهم يبلي بلاءاً حسناً بل ويتفوق على أقرانه من غير المسلمين.

تفسيرات محتملة لديهم للاستثناء
1- أن القلة التي حظت بسفرها للغرب ما هي إلا نتيجة انتقاء طبيعي حدث لأنهم حاربوا بقوة حتى يحصلوا على هذه المكانة ولن يتسنى لذلك إلا للقلة الأذكياء من المسلمين فلا عَجَب إذن كون من يسافر بالخارج أذكي ممن هو قاعد ببلاده.

2-أن مسلمي المهجر نجحوا في التخلص من الهيمنة الدينية على حياتهم وبالتالي فقد كرروا خلاص أوروبا من هيمنة الكنيسة ومحاكم التفتيش ضد العلماء في نهايات عصور أوروبا المظلمة. وحيث أن الدين الإسلامي لا يختلف كثيراً في نظر الغرب عن غيره من الملل والنحل, فإنهم ظنوا أن تفسيرهم هذا لا يخلوا من علة.

فكرتنا عن المسلمين وواقعهم
لن أنبري هاهنا لأدافع عن واقع المسلمين فإن نظرة الغرب لواقع المسلمين في مجملها ومعظمها صحيحة. إلا أنهم جانبوا الصواب وجانبهم في جزء ليس بالقليل من تفسيرهم لهذا الواقع وتفسيرهم بالتالي لوجود استثناءت بين المسلمين وتفسير هذه الاستثناءات. وفي الواقع إن جل غلطهم يكمن في عدم فهم الإسلام حقيقيةً وجهلهم بتاريخ الإسلام. ولكي نكون منصفين فإن نظرتهم صحيحة تماماً فقط لمن شابههم من "المسلمين" في عدم فهمه للإسلام وجهله بتاريخ المسلمين!!

التعليق على الاستثناء الملحوظ
لا يستطيع أي من كان أن ينكر هذه الحقيقة الواضحة اليانعة وذلك بأن البعض من الشباب المسلم الذكي أو متوسط الذكاء يتفوقون على غيرهم عندما يسافرون إلى الغرب وذلك بالطبع في أغلب الأحوال وليس في كلها.

موقفنا من تفسيراتهم للاستثناءات
1- أما التفسير الأول فنحن نتفق معهم فيه, فبالفعل, من نحت في صخور التخلف في معظم بلاد المسلمين ونجح في السفر إلى الخارح من الطبيعي أن يتفوق على قرينه الغربي الذي يتمتع بنفس نسبة الذكاء لأنه وصل إلى ما وصل إليه بكد وعناء وهذا يعطيه صلابة في تفوقه يندر وجودها عند قرينه الغربي.

2- أما التفسير الثاني فلنا فيه تأمل طويل فإنه لا يستقيم الرد عليه دون تفصيل ونبدأ بتقسيم مسلمي المهجر إلى أقسام

أ- المسلمون الذي لا يفهمون الإسلام فهماً صحيحاً ويعتقدونه تكبيلا للإبداع المادي.

ب- المسلمون الذين يفهمون الإسلام فهماً يقارب الفهم الصحيح ويعتقدونه أنه ليس مكبلاً للإبداع فلا تعارض بين العلم والدين وحسب.

جـ - المسلمون الذين يفهمون الإسلام فهماً يكاد يكون صحيحاً وهو أن الإسلام يشجع على الإبداع وليس فقط لا يكبله فهو يذكر في عدد لا أحصيه من الآيات القرآنية الكريمة على الأمر بإعمال الذهن والتفكر في خلق الله. ويفصل ذم الابتداع في أصل دين الله عن مدح وتشجيع بل وجوب الإبداع في العلوم المادية.

د- المسلمون الذين يفهمون الإسلام فهماً صحيحاً وهو أن الإسلام لا يوجب الفكر والتفكر والإبداع فقط وإنما يورث ذهن المؤمن رجاحة فكر وثقب بصيرة وحدة في الذكاء لا يتمتع بها غير المسلم!!

الدليل من القرءان والسنة على القوة الذهنية للمسلم الحقيقي
1-كنت في مناقشة مع زميلي في المدونة "created from water" قلفت نظري لملمحٍ دقيق في آية من سورة البقرة لم ألتفت إليها من قبل.
قال تعالى
"يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ"
صدق الله العظيم

كنت لم ألتفت من قبل بأن المنافقين لا يفشلون في خداع الله تعالى وحسب (وبديهي أن يفشلوا في ذلك) ولكنهم أبضاً يفشلون في خداع الذين آمنوا (وهذا هو ما يحتاج لتأمل) وذلك لرجاحة في لبهم ونور في ذهنهم رزقهما الله لهم نتيجة لإيمانهم.

2- إن القرآن الكريم صالح لكل مكان وزمان ومما لا شك فيه أن الغلبة في المعارك في يومنا هذا تكون غلبةً فكرية في معارك فكرية أو حقيقية ولكن الفكر هو ذو اليد العليا في حسم المعارك, وحيث أن الله تعالى قد قال في كتابه الكريم

"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ"
صدق الله العظيم

لاحظ نسبة الغلبة للمسلمين نتيجة لصبرهم "الفكري في هذا الاستدلال" (الاجتهاد في التفكير) مع عدم الفقه للكفار كتوطئة لهذا الاجتهاد

قال تعالى أيضاً
"الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ"
صدق الله العظيم

لاحظ هنا أن الفرق بين هذه الآية والتي قبلها هو قلة اجتهاد المؤمنين "فكرياً في هذا الاستدلال" (وعلم أن فيكم ضعفاً) مع عدم ذكر نقص فقه الكفار ولذلك فإن نصاب النصر قد قل بنسبة الخُمْس.

وقال الله تعالى في سورة النمل
" قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ * وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ"
صدق الله العظيم

وهذا دليل آخر على أنها ,ملكة سبأ, لو كانت تؤمن بالله لاهتدت إلى حقيقة عرشها أنه هو وليس (كأنه هو)

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ مما قد يكون سبباً فيه عللٌ عقليه وذلك في الحديث الشريف:
"اللهم إني أعوذ بك من أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي"
الراوي: - المحدث: النووي - المصدر: مناسك الحج - الصفحة أو الرقم: 47
خلاصة الدرجة: صحيح

الخلاصة
أن الإيمان يزيد المرأ قوة في عقله ونوراً في ذهنه وحصافة في قريحته هم ليسوا لمن لم يُنعم الله عليه بالإيمان. فلو تساوت كل ملكات الإنسان الوراثية والمُكتَسَبة من علوم مادية لكان إيمان المسلم في صالحه مقارنةً بقرينه الغير مسلم بزيادة في ذكائه بنسبة كبيرة. ويكفى أن تَعَلُمَ المسلم العلومَ الماديةَ وتطبيقها في الخير هو عبادة عنده لله جل وعلى.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الجمعة، 20 مارس 2009

معيار الإيمان الصادق - وتطبيقه على الإسلام

السلام عليكم
الإيمان:

إن كثيراَ من الملل والنحل تقوم على إيمان بحت بأن مجموعة من المعتقدات صحيحة وهذا لاشك أنه إيمان كامل (لا أقصد أنه بالضرورة صادق... فهناك فرق :تنبه) .فالإيمان هو هذه الحالة التي يرى فيها المؤمن ما يؤمن به بروحه كأنما يرى بعينه شيئاً مادياً في يقظته.

تعدد الإيمان على وجه الأرض:
وعلى ما ذكرناه في أعلى النص من تعريف للإيمان الكامل (وليس الصحيح بالضرورة), نجد أن هناك الكثير من العقائد المختلفة.

القاعدة الفكرية للإيمان:
يوجد نوعان من الإيمان:
1-إيمان بحت غير قابل للتأصيل الفكري وهو الشائع بين الناس وهو يأتي بالتوارث إلى الأبناء عن الآباء.
2-إيمان قابل للتأصيل الفكري عن طريق اتباع دوائر المعرفة من الداخل للخارج:


فكما أقررنا فالإيمان هو تصديق تام في النهاية ولكن يوجد إيمان يمكن تأصيله فكرياً عن طريق الثقة التامة بخبر (تصديق) يأتي من دائرة المعقولات وهي الدائرة التي نصل إليها بعقلنا عن طريق دائرة المحسوسات. فإذا كان المُخْبِرُ في دائرة المعقولات موثوقاً به تماماً فخبره يُعدُ إيماناً مؤصلاً فِكْرِياً. ويوجد شرطٌ آخر للإيمان المؤصل فكرياً هو خلو معلوماته من التناقضات المنطقية.

معيار الإيمان الصادق:
إن النوع الثاني ولا شك هو الذي يمكن الحكم عليه بأنه إيمانٌ صادق أم كاذب وذلك بمراجعة السبيل الفكري للوصل إليه ومقارنة ما هو في دائرة المحسوسات منها بالواقع لمعرفة صدقه من كذبه. أما النوع الأول فلا سبيل إلى معرفة صدقه من كذبه لأنه خارج دائرة المحسوسات فلا يمكن مقارنته بالواقع ولامعنى لمقارنة أصوله بالواقع لأن ليس له أصول.

أمثلة:الإيمان بالله رباً وإلهاً وبالدار الآخرة واقعاً وبالقرآن الكريم كتاباً للإسلام منزلاً:

إن هذا الإيمان من النوع الثاني وهو الإيمان الذي يمكن تأصيله فِكرياً
إنك تستطيع اتخاذ الكون وأيضاً اتخاذ الكتاب الذي يقول أنه آخر كتب الله إلى الأرض دليلاً من دائرة المحسوسات على صحة العقيدة الإسلامية.

إن المتفحص في الكون يجد الآتي:
1-قوانين ثابتة غير عبثية مُصَمَمَة تصميماً دقيقاً أدى إلى كون رائع مُحكَمٍ وهذا لا يمكن إلا بوجود خالق للكون ليس منتمياً إليه وضع هذه القوانين ووضع قيم ثوابتها الرياضية بحيث تنطبق تلك القوانين على خلقه ولا تنطبق عليه لأنه هو واضعها وخالقها.
2-قوانين الكون المُكتَشَفة تتحد بعضها ببعض مع مرور الزمن في عصرنا الحديث حتى أنها في النهاية أوشكت على الاتحاد في قانون واحد وذلك آية ودليل على وجود خالق ومدبر واحد للكون لأنه لو كان هناك أكثر من إله لاختل نظام الكون لتصارعهما على حكمه ولما آلت قوانينه إلى قانون واحد أو على اقل تقدير إلى منظومة متناغمة من القوانين.
3- تضافر علمي الفلك (الانفجار العظيم وتوسع الكون) والديناميكا الحرارية (زيادة الانتروبي) على وجود بداية للكون وأنه ليس بأبدي وهذا يؤدي بنا إلى وجود عملية خلق في البداية وهذه العملية لا تُفَسَر بقوانين الطبيعة حيث أن قوانين الطبيعة تؤيد الاتجاه من النظام للعشوائية (الديناميكا الحرارية) وليس العكس وتؤدي إلى توسع الكون (علم الفلك) وليس العكس.ومما لا شك فيه أنه قد تم إطلاق عمل قوانين الطبيعة التي نعرفها عند لحظة ما في بداية الخلق حيث سارت بعد ذلك مسارها الطبيعي بنقلها الكون من النظام إلى العشوائية (زيادة الانتروبي) ومن ناحية أخرى توسع الكون (سبب ونتيجة الانفجار العظيم في الآن ذاته).
4- وجود الحياة لهي من أكبر الأدلة على وجود الخلق والخالق حيث أن الحياة هي ظاهرة لا يمكن تفسيرها إلا بإدخال عنصر التدخل الإلهى لحفظها من الزوال كما أنه لا يمكن توقع سلوك الكائن الحي ولا حتى احتمالات سلوكه بقوانين الطبيعة وحدها إلا بافتراص عنصر حرية الإرادة.
5- تحريكي ليدي دلني على شيئين: أ) وجود الروح لأنني أردت أن أحرك يدي فانطلقت أول إشارة عصبية من المخ إلى أن وصل تأثيرها عضلات يدي ولكن ليس لدي تفسير للسؤال الآتي : لماذا انطلقت هذه الإشارة بالذات وليس غيرها .. والجواب هو: "لأنني أردت ذلك" ولكن من "أنا" الذي أراد؟ لابد أنني لا أخضع للنظام العصبي ولا أنتمى لجسمي المادي لا بد أنني روح يلبس جسداً ولست جسدي.
ب) دلني أيضاً أنه ليس بإمكاني إلا إرادتي الحرة ... ولكن من أطلق لي أول إشارة عصبية؟ إنه ليس جسمي ولا روحي إن الذي أطلقها يبدو مهيمناً على كل شئ مُسخراً جسمي لإرادتي الحرة ... إن الأدلة تشير إلى خالق الحياة والكون ....
6-وجود الروح لا يفسر وجود المعلومات التي يتم عرضها على أرواحنا باستمرار وإنما يلزم وجود من يعرض على أرواحنا تلك المعلومات التى لا نعلمها مسبقاً وليست من خيالاتنا. ووحدانية الخالق تتمثل في النسق الواحد غير المتضارب للمعلومات المعروضة.


وجود الدار الآخرة:
إن وجود الدار الآخرة لهي من المعقولا ت قبل أن تكون من المُصدقات! ذلك بأن الاعتراف بوجود الخالق الرب الإله يستدعي بداهةً نسبة كل ما هو حسن إليه ونفي كل ما هو سيئ عنه. ومن الحسن اللازم في حق الله تعالى هو عدل الله. وحيث أنه يُوجدُ أناس يعيشون ويموتون وهم مهضومو الحقوق .... إذن لا بد من حياة أخرى بعد الموت تكون داراً للجزاء وتحقيق العدل بحيث يقتص الله العادل من الظالم لصالح المظلوم.




إن المتفحص في القرءان الكريم يجد الآتي:
1- تناغم اسلوبه مع بعضه البعض بحيث أنه لو تم إثبات صحة بعضه لتم إثبات صحة كله.
2- التفرد في اسلوبه عن اسلوب البشر حتى البلغاء والمتمكنين من لغة العرب منهم.
3- احتوائه على معلومات يستحيل على كتاب تاريخي عادي تضمينها لأنها لم تظهر إلا في العصور الحديثة ومن ضمنها معلومات لا يعلمها إلا من خلق الكون نفسه. وعند مقارنة هذه المعلومات التي تنتمي إلى دائرة المحسوسات بالواقع نجدهما يتطابقان. ومن رقم (1) يتضح لنا أنه بصدق بعضه يكون كلُه صادقاً.
4- القول في سياق القرءان أنه من عند الله ولم يعارض أحدٌ هذا الادعاء وقال إنه من عند نفسي مع أن ذلك كان سيجلب له مجداً أيما مجد.
5- عدم اختلاف المسلمين (العقلاء منهم) على صحة القرءان مع اختلافهم على أشياء أخرى كثيرة وفي هذا آيتان: الآية الأولى أنه لولا وجود حافظ للقرءان محايد من التحريف لما حُفظ وهذا الحافظ ينبغي أن يكون هو خالق الكون نفسه ومنزل القرءان حتى يكون لديه القوة الكافية لحفظه مهما تآمر المُتآمرون على تحريفه.
الآية الثانية أنه يتأكد بعدم تحريف القرءان عير العصور كما حرفت الكتب السابقة أنه كتاب الرسالة الأخيرة والذي يستلزم أن منزل القرءان ذاته هو الذي حفظه لأنه لو لم يفعل لانتفت الحكمة من الخلق ولما عُرف الحق من الباطل ولتحول الإنسان إلى حيوان ليس له هدف سامي يتعلق به ألا وهو الدار الآخرة.
6- مما سبق, مثالاً وليس حصراً!!, يتضح لنا عقلياً (انتقال إلى دائرة المعقولات) أن القرءان هو كلام الله المنزل من لدنه لهداية البشر للتواصل مع ربهم والتعامل مع كونه.
7- عدم تحريف القرءان مع تحريف ما سبقه من كتب وقع بإرادة الله وإذنه ... تُرى لماذا سمح الله تعالى بتحريف ما سبق من الكتب مع أن عدم تحريفها لا ينفي نسخ القرءان لما سبقه من كتب سماوية؟!
أرى والله أعلم أن الله تعالى سمح بذلك حتى يسهل معرفة أن القرءان الكريم هو كتاب الله الخاتم وأنه من لدن العزيز الحكيم, لأنه إن لم تُحرف الكتب السابقة لكانت لمدعي كذب القرءان وعدم نسبته لله تعالى الفرصةُ الكبرى في أن يدعوا أن الأمر ليس كتاب واحد لدين واحد وأن القرءان هو كتاب الله الخاتم. أقول لكانت الفرصة أكبر لديهم أن يدعوا أن الكتب المختلفة هي لأديانَ مختلفةً متوازية. وهذا والله لهو عين الباطل. فالعقل يحكم أن وحدة الإله تحتم وحدة الدين ولو كان هناك أكثر من دين صحيح لدل هذا على وجود أكثر من إله حقيقي وهذا ما بينا بطلانه عقلاً.

الخلاصة:
أنه لا تستوى أنواع الإيمان فالإيمان الذي له قاعدة عقلية هو الإيمان الذي يمكننا الحكم في صدقه أو كذبه أما الإيمان الآخر فلا معنى للحكم بصدقه أو كذبه وبالتالي فهو منبوذ عقلاً.
والإيمان بالدين هو من أعظم القضايا العقلية ولو لم يكن لهذا الإيمان قاعدة عقلية لما كان من الجائز معرفة صدقه من كذبه. والإيمان الإسلامي هو النوع الوحيد من الإيمان الديني الذي يحظى بقاعدة عقلية يستند أليها وتستند إليه. فالحمد لله رب العالمين على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 19 مارس 2009

الدعاء بين الاستجابة والتلبية

السلام عليكم
الدعاء ووعد الله بالاستجابة
قال تعالى في كتابه الكريم
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"
صدق الله العظيم
وقال أيضاً
"وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ"
صدق الله العظيم

فمعنى هذا أنه يوجد وعدٌ من الله عز وجل "بالاستجابة" كنتيجة للدعاء.

تعجل وخلط في المفاهيم
إن الكثير من الناس لا يفهمون معنى "الاستجابة" فضلاً عن استعجالهم إياها. إننا بانتظارنا "تلبية" الله لنا ما نريده وقتما ندعو وبالذي دعوناه, إننا حينئذٍ قد نكون ما قدرنا الله حق قدره!!...... لماذا؟

إننا نحكم على الإنسان الذي يأخذ "رد فعل" نتيجة لفعلٍ ما دون تدخل عقله في الحكم مسبقاً في تحديد عدد الأفعال التي يمكن أن يفعلها "كاستجابة" للفعل وأي الأفعال سيختار وفي أي وقت وبأي مكان, بناءاً على المصلحة, نحكم عليه بأنه إنفعالي. أما إذا "اختار" ما ينفذ ومتى يتفذ وأين ينفذ فعله المبني على الفعل الأول فإنه يكون شخصاً مستجيباَ حيث أنه استجاب للفعل ولم يكن انفعالياً في التصرف بدون تفكير ولا حكمة.

الفرق بين الدعاء والأمر وبين الاستجابة والتلبية
وإذا كان هذا الحال في شئون العباد!! فكيف برب العباد العليم الحكيم؟ إنه بلا شك لن يتخذ إلا موقفاً كله حكمة لأنه هو الحكيم تعالى عما يصفون. وهذا هو الفرق في الواقع بين التلبية والاستجابة, عندما يدعو شخص ما الله عز وجل بطلب معين!!.... إنه لمن البخس لحق الله أن نظنه ملبياً وليس مستجيباً. فإن من يلبي يطيع دون تفكير وهو ما يليق بالعباد تجاه أوامر رب العباد ولا يليق أبداً برب العباد تجاه العباد فنحن ندعو الله ولا نأمره, (وإن كانت ترد في صيغ الدعاء فعل الأمر ولكنه يكون له غرضاً بلاغياً آخر ألا وهو الترجي والدعاء), أقول أننا ندعو الله عز وجل ولا نأمره والله يستجيب لنا ولا يلبي. فالله يفعل ما يراه مناسباً لدعائنا كيفما شاء وأينما شاء ومتى شاء.

استجابة الله عز وجل قد تكون في الآخرة
كما وضحنا فإنه تعالى يستجيب أينما شاء ومتى شئ وكيف شاء ومما هو معروف في عقيدة المسلم أن الآخرة هي امتداد الدنيا وهي دار القرار ودار الجزاء, فلا عجب إذاً أن تكون استجابة الله لدعاء عبيده يتم في الدنيا كيفما شاء وأينما شاء ومتى شاء أو في الآخرة على صورة ثواب من عند الله الكريم يُجازى العبد به برفع درجات في الجنة ونعيمها أو تخفيف عذاب في النار وسعيرها.

الخلاصة:
ينبغي علينا ألا نتعجل نتيجة دعائنا لله عز وجل وألا ننتظر أن يكون وقتما دعونا وكيفما دعونا وأينما دعونا فإن الله عز وجل سيفعل ما فيه الصالح لنا يقينا لأننا لا نعلم أكنا ندعو بالخير أم ندعو بالشر وذلك بافتفادنا علم الغيب الذي يستأثر به الله تعالى.
قال تعالى
"وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولا"
صدق الله العظيم

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 17 مارس 2009

الإنسان .... ذلك المغرور ....

السلام عليكم
الإنسان .... ذلك المغرور .... إلا من رحم ربي
الإنسان الذي مَنَ الله عليه بالوجود من اللاشئ إلى الشئ

قال تعالى
"قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شيئا"

وقال تعالى

"
هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا"
صدق الله العظيم

الإنسان .... ما أهونَه على الله بل على نفسه والكون إن لم يكن طائعاً لربه قانتاً له ..... أيظن أنه شئٌ يذكر؟!! .... لا والله إن لم يك طائعاً لربه مستمداً وجودَه الحقيقي من تبتله لبارئه .... لقد خُلق ولم يك شيئاً ووَضَع الله بيده الاختيار إما أن يكون في عِليين بطاعته لربِه وإما أن يكون أقلَ وأوضعَ من حالتِه قبلَ أن يُوجدَ واقعاً في هذا الكون.

قال تعالى
"
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ"
صدق الله العظيم

إن أمره ..... إلا من رحم ربي...... ليدعو لشفقة العاقلين .... فقد خدع نفسه أيما خداع..... إن ربه ممسك به أن يخور من ولادته إلى وفاته! ألا يعلم هذا؟! ....يإلهي لقد وصل به الغرور أيما درجة ... لقد ظن أنه قائم بذاته ... ولا يعلم أن كل شئ فيه يجري بأمر ربه فلا قلباً يدِير ولا كبداً يُعمل ولا لساناً يُنطِق ولا دماغاً يُشَغِل.......... إنما هو قائم بأمر الله أمره بين الكاف والنون ............ إن أراد به ربه صَعقاً لخَر ولم يجد له نصيراً .......... يالهولِ جهلِه وصلفِه أفلا يتواضع ويدرك أنه صفرٌ أمامَ الواحدِ القهارِ ربِ السمواتِ والأرضِ وما بيتهما وما تحتَ الثرى؟ .... يالبؤسك أيها الذي لا تعرف قدرك وغرك بالله وبموقعك منهُ سبحانه وتعالى الغَرور ... أتظن أنك لن تحور... بلى وربي لتُحشَرَن ليزولَ عنك الغُرور.

قال تعالى
"
إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ"
صدق الله العظيم

أي كِبرٍهذا؟! ...... أي كِبر هذا الذي يوهمك زوراً أنك قائم بذاتك لا ربَ لكَ ولا قيومَ على أمركَ ما كبُرَ منه وما صغُرَ ولا إله ينبغبي عليك التذلل إليه ولا مردَ تُرد إليه يوم يقوم الأشهاد؟! ......اي كبرٍ هذا الذي كبلت به نفسك؟
والله إنك لاتتحملُ أن تشربَ شربةَ ماءٍ لا تخرجُ منكَ. وإنما هي تدخلك وتخرجُ منكَ لا بإذنك بل بإذن الرحمنِ الرحيمِ ذي القوةِ المتين.

أغرتك الحياة الدنيا؟! .... يالشقائك؟! .... إن مساكين الدنيا الأتقياء لهم أعزُ على اللهِ من عُجبائِها الذين غرتهُم الحياةُ الدنيا فظنُوا أنهم يفكرون قويماً عندما يعترضون على أصل الدين!! وهم يعلمون في أنفسهم صحته يقيناً!! ولكن لم لا وقد أملت عليهم ضِعتُهم أنهم سَيعلون بادعاء هدمِ العالي بدلاً من الاستمساكِ بالعروةِ الوثقي واستمدادِ الرفعةِ من العلو الأصيل .. علوِ دينِ ربِ العالمين العليِ العظيم.

قال تعالى
"
كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ "
صدق الله العظيم

الخلاصة:
إعرف قدركَ أيها الإنسانُ واسجد للهِ واقتربْ تكنْ في أعلى عليين بقربكَ منهُ العلىِ العزيز.


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأحد، 15 مارس 2009

الوقوف على سر الخلق, وهمُ فوقَ وهمْ.

السلام عليكم
استخدام ماهر
عندما يستخدم إنسان جهازاً الكترونياً ويتقن استخدامه فإنه يكون أقرب ما يكون من معرفة كل امكانيات الجهاز وكيف يحصل على أي نتيجة متاحٌ له أن يحصل عليها من استخدامه له.
فضول وشغف
قد يكون المستخدم له من الفضول ما يدفعه لأن ينظر كيف يعمل الجهاز من الداخل وما هي مكوناته وعلاقاتها البينية ..... ولكن مهلاً ... هل هذا كله, استخدامه الماهر وشغفه وفضوله يتيح له معرفة ما كان بخاطر المهندس حين صمم الجهاز؟ ولماذا صمم الجهاز بهذا الشكل وبهذه الآلية بالذات؟ إن أقصى ما يُمكن للمستخدم أن يحاول التفكير في تصميم الجهاز من وجهة نظر مستخدم ولذا فإنه لأمر بعيد المنال أن يفهم المستخدم كيفية التصميم.
فلو تكلمنا مثلاً عن تصميم جهاز تسجيل صوتي فإنه سيقول نعم ....إن المهندس صمم مكاناً للشريط ووضع عجلات صغيرة ليدير بها الشريط المغناطيسي ووضع مفاتيحاً متعددة لكل الوظائف التي يمكن أن تخطر على بالي. ولكنه لن يفكر مثلاً أن سرعة دوران عجلات الشريط محسوبة رياضياً لتكون بقيمة معينة وأن ذلك يستلزم تياراً بقيمة معينة يسير بملف مصمم بطريقة معينة وأن كل المفاتيح التي يستخدمها صاحب المُسجل هذا هي مجرد واجهة لدائرة إلكتروميكانيكية معقدة حُسب بدقة كل عامل فيها ..... كل هذا بعيد عن ذهن المُستخدم حتى إن كان ماهِراً شَغِفاً.

الكون والعلم الحديث بين الاستخدام وسر الخلق:
إن كثيراً من العلماء والمشتغلين بعلوم الكون ظنوا خطأً أنهم فهموا كيف خلق الله الكون لمجرد أنهم سبروا البعض القليل من غوره حتى وصلوا إلى الجسيمات الأولية التي ادعوا أنها المكونة لكل شئ. إنهم لا شك مهرةٌ شُغُفٌ باستخدام الكون بل وبتكوينه ولكنهم خدعوا أنفسهم وربما حاول بعضهم خداع الناس عندما أوهموهم أنهم فهموا "كيف خلق الله الكون" كما عبر عن ذلك العالم المرموق "ستيفن هاوكنج" بإسلوبه الخاص.
إن اكتشافنا للجزئ و الكوارك والميزون والنيترينو والفوتون وغيرهم سواءاً كان بطريق المشاهدة أو الاستنتاج أو حتى النظرية لهو بعيد كل البعد عن كشف سر هذا الكون وسر لبنات بنائه التى خلق الله تعالى منها كل شئ من الفوتون حتى المجرات من اصغرها إلى أكبرها إلى الكون سواء كان أحادياً أم كان أكواناً متوازية.
إن خلق مجموعة من لبنات البناء التي تجمع جميع الصفات اللازمة لتكوين أي ذرة وأي جزئ وأي مجرة وأي كون لهو خارج عن نطاق العقل البشري تماماً فما نحن إلا مستخدمين وأحياناً نكون مهرةً شغوفين بتركيب الكون وعلاقة أجزائه ببعضه ولكننا لا نعلم كيف جُعلت أجزاؤه بالصورة التي عليها ولماذا و كيف جُعلت العلاقة بين أجزائه بالصورة التي عليها.

وهم وغرور ليس لهما أصل
إن الإنسان حين يتوهم أنه فهم تصميم الكون لمجرد أنه تعرف على لبنات بنائه وعلى مايمسك بعضها بعضاً فإنه يكون واهماً غارقاً في وهمه لأنه لم يعرف لماذا جُعِلَت اللبنات هكذا ولماذا هي متماسكة كذلك وإنما كل ما يعرفه أنها هكذا.

الحدود
أما كم المعادلات الرياضية الخفية التي تكمن خلف تصميم لبنات الكون فلا يصلح أن يدركها الإنسان لأنه منها ولأنه يفكر فيها بعقلية مستخدمها وليس له خبرة أبداً بخلقها حتى يستطيع أن يفكر فيها بهيئة مختلفة وإن توهم غير ذلك.

قال الله تعالى مقراً ومحذراً لمن يدعون الفهم الكامل, والفهم الصحيح يقضي باعترافهم بعدم قدرتهم على الفهم الكامل
"مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا"
صدق الله العلي العظيم

وكذب كل من ادعى وقفه على أسرار الخلق التي لا يعلمها إلا الخالق سبحانه وتعالى علواً كبيراً عما يصفون

الخلاصة
يحسن بالإنسان أن يعرف مقامه في هذا الكون. فالكون مُسخرٌ له كي يستخدمه ويتفكر فيه حتى يُجلَ ربه وإلهه الله عز وجل ومن ثم يعبده حق العبادة يقيناً منه بأحقية خالق الكون ومليكه وإلهه بالاستسلام التام لأوامره والبعد الكامل عن نواهيه. وذلك يُوَفِرَ جهده فيما له طائل لأنه لن يصل لأبعد من ذلك مهما حاول.


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

السبت، 14 مارس 2009

آية الليل وخلق الكون

السلام عليكم
قصة النهاية (نهاية الاعتقاد بأبدية الكون)

قد شاع في الفلسفات القديمة وفي بداية عصر العلم الحديث أن الكون أبديٌ ليس له بداية ولا نهاية لا في الفضاء ولا في الزمان ولقد وضع العالم الشهير إسحق نيوتن نظريته عن الجاذبية وفي ذهنه هذه الفكرة المسبقة عن الكون .. كون لا نهائي في الفضاء والزمان ... إلى أن تلقى السير إسحق نيوتن عدة خطابات قاصمة الظهر من معاصريه كان أحدهم يثير شبة في غاية القسوة:

لو كان الكون كما تدعي لا نهائي الزمان والمكان لما عدمنا خط إبصار يكون في طريقه نجم مضئ على الأقل وبالتالي سيصلنا دائمًا بالليل بصيص من نور, أفلا يسبب هذا أن يكون الليل مضيئًا؟. يجيب على نفسه صاحب الرسالة ويقول "بالطبع سيتبادر إلى ذهنك أن آشعة الضوء الواصلة إلينا ستكون خافتة كلما بعد مصدرها عنا" ثم يجيب عن نفسه "صحيح أن شدة استضاءة النجوم تتناسب عكسيًا مع مربع المسافة إلا أن عددها في زاوية صلبة معينة تتناسب طرديًا مع مربع

المسافة وبالتالي فسيلاشى أحد التأثيرين الآخر وستنير النجوم الأرض دومًا ولن يكون هناك ليلٌ البتة"!!


قد حاول نيوتن حل هذه الشبهة ولكنه سكت عنها وعجزعنها تماماً

وكان حل الشبهة عجيبًا من رجل غير متوقعٍ منه حلُها, فقد كان رجل مهنته الشعر فكتب الحل في إحدى أشعاره!!

الحل المثير للشبهة
قال الشاعر إن الأصل في أن يكون الليل مُنارًا إلا أن النجوم ليست أبدية فهي لها نقطة ميلاد وبالتالي فالكثير منها من وُلد ولم يصل ضوؤه بعدُ إلينا نتيجة محدودية سرعة الضوء فكان الليل مظلمًا بدلاً من أن يكون مُنَارًا.
وكان في هذا القول تنبؤٌ لثورة علمية تهدم ثابتين من ثوابت العلم قبلها
أ- لا نهائية سرعة الضوء
ب-لا نهائية عمر الكون

فذكرني ذلك بضرب القرءان لنا الليل على أنه آية والآية هي العلامة ....فقلت سبحان الله, فعلاً, إن الليل هو علامة على وجود نقطة بداية للكون وبالتالي على وجود خالقه عز وجل لأن الزمن لم يعد مسرحا تدور عليه احداث لا نهائية القدم بل اصبح الزمن نفسه في حاجة إلى مرجع وبالتالي في حاجة إلى خالق خارج إطار سريان الزمن.

قال الله تعالى:
"وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا"
صدق الله العظيم

فنرى القرءان الكريم وقد عبر ببلاغة سامية عن محو آية الليل بحيث أن يُفهم منها جعلُ الليل مظلماً ليكون آيةٌ بإظلامه على وجود بدايةٍ للكون وبالتبعية على وجود فاطر السموات والأرض تعالى عما يصفون.
أما النهار فهو آية لا مجال للريب فيها على وجود من تولانا برعايته بأن وضع لنا سراجًا وهاجًا ليمدنا بالدفئ والنور وسط هذا الظلام الحالك الذي تولد من آية الله "الليل".
قال تعالى
"وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا"
صدق الله العظيم

ولا تمدنا الشمس بالدفئ والنورِ فحسب فاختلافه مع الليل وتعاقبهما هو آية في ذاته.

قال تعالى
"إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ "
صدق الله العظيم


فعندما يرى الإنسان تعاقب الليل والنهار يعرف انه كما بعد الموت (قبل الولادة) حياة ثم موت فسيكون بعد الموت حياة آخرة


الخلاصة:
التدبر في العلم والدين معًا يمدنا بتدبر أعمق في آي القرءان الكريم ويجعلنا في حالة دائمة من الشكر والعرفان لله الحي القيوم على خلقنا وإمدادنا بنعمه ظاهرةً وباطنةً بل وإمدادنا بآياته الكونية التي ترفع من إيماننا كلما فكرنا أو تفكرنا فيها. فالحمد لله رب العالمين.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الجمعة، 13 مارس 2009

وإنا لموسعون, آية-فوق-آية

السلام عليكم

مقدمة
عندما يتكلم الله عن شئ هو فاعله بصيغة المضارع بالنسبة للكون فإن هذا الكلام يكون باستمرار لأي لحظة من اللحظات تمر على الكون وذلك لأن القرءان الكريم يحتوي الزمان والمكان كله فينبغي علينا أن نفكر في الأمر باستمرارية. مثال:

قال الله تعالى
"وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ"
صدق الله العظيم

فإن معنى الاتساع هنا أن الله يوسع السماء باستمرار منذ خلقها إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً

قال الله تعالى
"يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ"
صدق الله العظيم

فحسب الآيتين فإن الله تعالى سوف يوسع في الكون إلى أن يقضي إنهيار الكون فجأة كما تنهار صفحات الكتاب على بعضها البعض عندما يغلقلها الكاتب.

ولكن ما بين الخلق والطي توجد عملية الاتساع التي أخبرنا الله تعالى عنها أنها دائمة مستمرة

معنى اتساع الكون
إن اتساع الكون يعني علمياً أنك لو رصدت النجوم من حولك من أي كوكب عشوائي الاختيار في الكون ستجد أن معظم نجوم الكون تبتعد عنك ولا تقترب, وحيث أننا نراقب من كوكب عشوائي الاختيار فإننا نستطيع أن نقول ببساطة بدون الدخول في تعقيدات علمية أن الكون يتسع.

احتمالات اتساع الكون عملياً
1-قد يكون الكون عملياً يتسع اتساعاً "متسارعاً" بمعنى أن معدل اتساعه موجب ولن ينكمش في المستقبل القريب
2-قد يكون عملياً الكون يتسع اتساعاً "متباطأً" بمعنى أن معدل اتساعه سالب وسينكمش في المستقبل
3-قد يكون الكون عملياً يتسع اتساعاً "منتظماً" بمعنى أن معدل اتساعه صفراً ولن ينكمش في المستقبل القريب

مفاجأة علمية:
تتوقع المعادلات (معادلات النسبية العامة آخذا في الاعتبار الكثافة الحرجة في الكون" أن يتسع الكون إتساعاً "متباطأً" إلى أن يصل إلى حالة "لااتساع -لاانكماش" ثم يأخذ في الانكماش مرة أخري .... وهذا يتعارض مع ظاهر الآية "وإنا لموسوعون" ولكن تأتي المفاجأة هنا مخالفة للعلم النظري وتصديقاً لكتاب الله حيث أن المشاهدة والتجربة اكتشفت أن معدل الاتساع تحول من الحالة المتباطئة إلى حالة متسارعة قبل أن يصل إلى حالة الانكماش المُتَوَقعَة بواسطة المعادلات. بل وُجِد العكس وذلك أن أخذ الكون حالة من التسارع تُسَمَى "تضخماَ" "inflation" .
وفي بداية الفيديو الآتي تصديقاً لهذا الكلام من أكبر العلماء في مجال الفلك والفيزياء النظرية في هذا الزمان وهو ستيفن هوكنج شارحاً كيفية خروج سلوك الكون فجأة عن المُتوقَع بغير تفسير فيزيائي معروف واتجاهه من حالة تباطؤ الاتساع إلى حالة التضخم وبهذا اتفق القرآن الكريم مع المشاهدة وخابت توقعات النظريات المعاصرة:




الخلاصة:
أن القرءان الكريم تعارض مع علوم نظرية صلبة جداً وتوافق مع المشاهدة والتجربة حيث فوجئ العلماء أنها تشذ عن هذه التوقعات الرياضية. وما لا يعلمه الكثير من المسلمين أن القرءان الكريم أنبأ عن توسيع الله للكون اتساعاً دائماً دون انكماش إلا عند قيام الساعة يوم يطوي الله السماء كطي السجل للكتب وهذا خارج عن قوانين الطبيعة لأنه يتعلق بالدار الآخرة.
وما يؤسف له أن المسلمين اكتفوا بالفرح بأن الكون يتوسع كما أخبر الله عز وجل ولم يتنبهوا إلى إخفاق العلم النظري بجانب القرءان وتوافق التجربة معه مما يؤكد تأكيداً فوق تأكيد أن القرءان الكريم ليس من تأليف بشر أياً ما كان ولكنه تنزيل العزيز الحكيم.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الاثنين، 9 مارس 2009

خواطر معتمر

السلام عليكم

لقد من الله علي بالعمرة ودارت بعض الخواطر بعقلي أثناء فترة العمرة وزيارة المدينة المنورة

الطواف

عبادة جميلة لا مثيل لها في أي من مساجد الله سوى المسجد الحرام

شعرت أثناء الطواف بأنني منسجم مع العالم من حولي فأنا مثل الأرض التي تدور حول الشمس خضوعاً لأوامر الله

مثل الالكترونات في الذرة تدور حول النواة خضوعا لله تعالى

فها أنا ذا أطوف حول المسجد الحرام خضوعاً لأوامر الله واتباعا لسنة نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم

وتذكرت حديث الفاروق عمر رضي الله عنه عندما قال عن الحجر الأسود

اني أعلم أنك حجر لا تنقع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك

وأحسست من حديثه مثل ما سبق وهو أن الطواف وتقبيل الحجر أو الإشارة إليه إنما نفعله طاعة لله وخضوعا له واتباعا لسنة نبيه تناغما مع كل مافي الكون

ثم أتممت الطواف وصليت ركعتين خلف مقام ابراهيم

وعندما كنت أصلي خلف مقام ابراهيم عليه السلام أتذكر رفع ابراهيم القواعد من البيت

وأشعر بمدى حبه للطاعة ومحاولة إتقانه لأوامر الله تعالى وتذكرت حديث أحد العلماء

بأن سيدنا إبراهيم عليه السلام لم يرفع القواعد إلى ما تطوله يده فقط ولكنه اتخذ حجرا ليقف عليه ليرفع القواعد قدر استطاعته

ويظهر من هذا مدى حبه لطاعة الله تعالى ومدى محاولة اتقانه للمهمة الموكلة إليه من الله تعالى وليس فقط إكمالها ولكن إكمالها بأكبر قدر من الإتقان والتفاني

ثم بدأت في السعي

بدأت من الصفا فدعوت الله تعالى وأنا أنظر للكعبة من الصفا ثم بدأت السعي

وخطر ببالي أن هذا السعي مثال رائع للسعي في الحياة

فإن الإنسان يسعى في حياته مثلما يسعى بين الصفا والمروة

فإن البداية نزولا من الصفا تكون سهلة حيث أنك تنزل من أعلى تم تبدأ وبعد قليل تبدأ منطقة الهرولة للرجال والتي يهرول فيها الرجال وكأنهم يعطون سعيهم دفعة قوية للأمام بمجهودهم وهكذا الحياه تحتاج إلى هذه الدفعة من حين إلى آخر ثم يكمل السعي بعد الهرولة فيبدأ الصعود للمروة ومع الصعود تزداد الصعوبة ولكن بعد الصعوبة مباشرة تكون مرحلة سهلة وهي الهبوط من المروة مثلما الحياه ففيها يمر الانسان بفترات صعبة ولكن عليه في كل الأحوال إكمال سعيه وسيجد المرحلة السهلة بعد الصعاب

ثم بعد الهبوط يستمر السعي ثم تأتي مرحلة الهرولة ثانية وخلال السعي يعطي الساعي هذه الدفعة بعد كل مرحلة سهلة وقبل مرحلة صعبة

وهكذا الحياة تحتاج إلى دفعات من آن لآخر ولربما تجد صعوبة في سعيك للحياة ولكن عليك أن تستمر وأن تعطي لنفسك دفعة وسرعان ما تتجاوز الصعوبة لترى ثمرة مجهودك



والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

مواقف المسلمين من الإسلام

السلام عليكم
الإسلام
من التعريفات التي جذبتني للإسلام هو أنه علاقة المخلوق بخالقه في صلة روحية عذبة تؤدي إلى الخشوع الكامل والاستسلام الكامل لله رب العالمين. فكما أن الإنسان روحُ وجسد فإن الإسلام نزل ليلائمه, فهو روح وجسد. والروح لا توجد في الكون بغير جسد سليم والجسد لا يحيى بغير روح. وروح الإسلام هو علاقة الشعور بالعبودية الكاملة لله رب العالمين وجسده هو مقتضيات هذه العلاقة من طاعة كاملة واستسلام كامل لله في اتباع أوامره واجتناب نواهيه وحب ما يحب من قول وعمل وكراهية ما يكره منهم.

تتغاير مواقف المسلمين من الإسلام في هذا الزمان تغايراً عظيماً وذلك استناداً على التعريف السابق كما يلي:

من يعيش الإسلام روحاً وجسداً باطناً وظاهراً آخرةً ودنيا:
وهذا هو من يحيى في سبيل الله يتقرب إليه بسائر الوسائل من طاعته والخشوع والذل له حتى يصبح موصولاً بالله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة من حياته. فإنه يحيى بالإسلام وللإسلام في علاقة منيرة مع ربه يعطي الآخرة وزنها في نفسه بما لها من نعيم أو جحيم مقيم ويزن الدنيا إليها فيجدها تافهة لا تسوى عند الجبار جناح بعوضة فيجعلها كذلك في نفسه, فتراه يمتطي الدنيا لبلوغ جنةٍ عرضها السماوات والأرض أُعِدَت للمتقين. فموقفه من الإسلام هو موقف الحي من الهواءِ والماءِ لا يستطيع الحياة بدونه لأنه فَقِه أن معنى الحياة الحقيقي هو بالصلة بالله عز وجل وطاعته في كل مظهر من مظاهر الحياة إنعكاساً لحقيقة حبه لله والخشية من غضبه.
قال الله تعالى في سورة السجدة آية 16
"تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ"
صدق الله العظيم
وقال تعالى في سورة الأنعام آية 162
"قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
صدق الله العظيم
ومما يُدمي القلب ويزعج اللب أن هذه الفئة هي فئة قليلة العدد ولكن في الآن ذاته نجد ما يواسي النفس أنها كبيرة القيمة حيث أنها الفئة الصالحة المصلحة.

ومنهم من يتخد هذا الدين ظاهراً فارغاً من روحه, جسداً بغير روح:
وهي فئة كثيرة العدد قليلة التأثير الإيجابي كثيرة التأثير السلبي على المسلمين عامةً وعلى صورة الإسلام أمام غير المسلمين وبالتالي على الدعوة للإسلام كدين عالمي المكان والزمان.
هذه الفئة تقوم بظاهر العبادات على أكمل وجه ولكنها عبادة بلا خشوع وبلا تدبر وبلا إحساس بالعلاقة المباشرة بين العبد وربه ويظن الإنسان القائم بهذا أنه قد أدى ما عليه تجاه دينه وربه, إلا أن ظاهرية تدينه تنعكس على فهمه للدين لأنه غافل عن مراد الله من عباده ,فتجده يفهم دينه فهماً سطحياً خالياً من الروح كما أن تدينه خالياً منها وتجد دينه أضحى عادات فارغة فهو أشبه بالطقوس منه للدين الحقيقي. وهذه السطحية تنعكس على أشياء خطيرة وهامة في الإسلام ومنها معاملة الإنسان للعباد فتجده يهمش من قيمة إتقانها ومراعاة تقوى الله فيها فتجده لا يتورع عن الكذب أو الغيبة وربما النميمة وغير ذلك من الموبقات التي قد يقوم بها ولا يشعر لأن علاقة المراقبة بينه وبين الله غير موجودة أو وَهِنَةٍ جداً فهو لا يستحضر في ذهنه بالتبعية نصوص الدين العديدة التي تحث أن حسن معاملة الناس من كمال الإيمان مثل قوله صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه"
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6475
خلاصة الدرجة: [صحيح].
ومن تبعات التدين السطحي الظاهري هو عدم توقير شعائر الله فتجد من يقرأ القرآن قراءة طقوسية بغير فهم ولا تدبر وخشوع ورهبة وحب نابع من إحساسه أنه كلام الله وليس كلاماً عادياً. فهذا الإنسان ديدنه أن يقرأ القرآن بأقصى سرعة ممكنة في أقل زمن ممكن ظناً منه أن هذا يوفر له أكبر عدد من الحسنات ذلك كفهم خاطئ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول { ألم } حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف"
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1416
خلاصة الدرجة: صحيح
ونسي أو تناسى كلام ربه في القرءان الكريم في سورة محمد آية 24:
"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا"
صدق الله العظيم
فالقراءة الطقوسية هي محل ذم في القرءان فلا يستقيم أن تكون هي المقصودة في الحديث الشريف فالجمع بين النصين يفيد أن نوعية القراءة المقصودة في الحديث هي ذاتها المذكورة في الآية.
وقد يعترض معترض ويقول لقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم مثالاً بالحروف المقطعى حتى نفهم قصده من نوعية القراءة وحيث أن هذه الحروف غير مفهومة المعنى فإن المقصود من الحديث التلاوة بتدبر أو بدونه, وهنا أذكره أنه هناك اختلاف كبير بين الفهم والتدبر فنحن مأمورون بتدبر الحروف المقطعة واحتمالات ما قد يكون مقصوداً بها مع أننا لن نصل إلى فهم يقيني لها وهكذا فإن هذا الاعتراض ليس في محله.
ونجد من مظاهر التدين الظاهري في هذه الأيام التي نعيشها ألا يتحرى الإنسان صحة الأخبار والإخبار عن الدين بدون سندٍ ولا حجة وكأنه يتعامل مع شئ فرعي ليس له أهمية في الحياة وليس مع أسمى ما في الوجود وهو دين رب العالمين.
ومما يؤسف له أنك تجد أناساً نالوا نصيباً من التعليم الذي تعامل مع الإسناد كتحضير رسائل الماجستير والدكتواراه, تجد نفس هؤلاء الناس الذين لا يستطيعون أن يكتبوا خبراً عِلمياً في بحوثهم دون مرجع يتعاملون مع كثير من نصوص الدين دون مرجع فتجدهم يتساهلون في التصديق والإخبار وربما يرسلون بريداً الكترونياً دون حتى قرائته لمجرد أنه ورد في آخره عبارة مُغَيبَة مثل (انشرها : ولك أجرها .... لن تخسر شيئاً فقط ستخسر لو لم تنشرها أجراً كان من الممكن أن تكسبه)
فنجده لمجرد أن قرأ هذا التلاعب العاطفي ("انشرها ولك أجرها" ...ولايعلم أنه قد يأخذ وزرها و "لن تخسر شيئاً" ... ولا يعلم أنه قد يخسر الكثير) يرسلها من غير تحرٍ أو حتى قراءة ممعنة.
قال الله تعالى في سورة النور آية 15
"إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ "
صدق الله العظيم

ومنهم من يتخد هذا الدين باطناً وهمياً ليس له ظاهر يصدقه, روحاً ميتة بغير جسد:
وهؤلاء نجدهم في فئة من الصوفية الذين ظنوا أن للدين باطن إن فهموه فهم ليسوا بحاجةً إلى الظاهر لأن الظاهر إنما جُعل ليوصل إلى الباطن فإن هم وصلوا لباطنه من غير ظاهر فقد حققوا المطلوب منهم. فتجد هؤلاء القوم يتهاونون في العبادت أيما تهاون بل ويرتكبون المنكرات بلا إنكار لا منهم على أنفسهم ولا من أمثالهم عليهم فيصير عندهم المنكر معروفاً والمعروف منكراً ويدعون ما يسمونه كذباً بالعلم اللدني الذي يأتي لهم أو لشيخهم فيفعلون ما فيه وإن كان ليس مستنداً لشئ من القرءان الكريم أو السنة الصحيحة المطهرة أو حتى أفعال الصحابة.
ومن هذه الفئة أيضاً أناسٌ توهموا بأن صلتهم جيدة بالله عز وجل وأنهم يحبونه ولكنهم يعصونه مثل فئات من المشتغلين في المهن المحرمة.
فهؤلاء وهؤلاء يصدق فيهم قول الله تعالى في سورة الكهف آية 104
"الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا"
صدق الله العظيم

ومنهم من يتخد هذا الدين هزواً ولعباً بغير روح ولا جسد لا ظاهر ولا باطن:
وهؤلاء القوم لا يستقيم أن ندرجهم ضمن قائمة المسلمين ولكننا لا نستطيع أن ندرجهم أيضاً ضمن المارقين من الإسلام إلا بإقامة الحجة عليهم. ومن صفات هؤلاء أنه ليس لديهم لاصلة شعورية روحية بالعبودية لله ولا عبادات ولو حتى صماء يقومون بها فهم "مسلمون" فقط بالاسم أو لفظ في ورقة حكومية. ومنهم أيضاً العلمانيون الذين آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض وادعوا بلسان الحال وليس المقال أن الله لا يعلم ماذا سيلم بحال العالم بعد نزول القرءان بــأكثر من 1400 عاماً وبالتالي فهم يقصرون الدين على العبادات دون المعاملات ويؤثرون فصله تماماً عن الدنيا إدعاءاً أن هذا هو سبيل التقدم لأنهم يتبعون المنهج الأوربي للتقدم عندما نبذوا الكنيسة وتعاليمها جاهلين أو متجاهلين أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي لم ينال التحريفُ نصوصَه وأن كتبَ النحلِ الأخرى قد نالها التحريف والتلاعب.


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 5 مارس 2009

هل خلق الله الشر؟ ..


السلام عليكم
قصة مشهورة .. تفتقد المنطق السليم




ما الغير منطقي في القصة؟
بالرغم من أن الطالب لم يخطئ عندما قال "لم يخلق الله البرودة ...لقد خلق الله الحرارة وما البرودة إلا مجرد غياب الحرارة" إلا أنه أخطأ بأن قال أن الشر هو غياب الخير !!
إنني لو كنت سائراً بجانب رجلٍ في شبابه ووقعت منه حقيبته فإنني إن انحنيت وجلبتها له من الأرض فقد فعلت خيراً ولكن إذا لم أفعل ذلك (غياب الخير الذي كان من الممكن فعله) فإنني بذلك لا أكون قد ارتكبت شراً .. فهو في أوج شبابه ولا ضير أن أتركه يجلب حقيبته بنفسه.
أما إذا انحيت وسرقت الحقيبة فإنني أكون قد ارتكبت شراً. إذن الشر موجود والخير موجود واستدلال الطالب خاطئ ..فالشر ليس غياب الخير ولكنه عكس الخير.. ولكن مهلاً فإننا ما زلنا لم نجب على سؤال المعلم.

هل خلق الله الشر؟
إذا تأملنا في مجموعة من الكواكب السيارة, هل سنجد فيهم شراً؟ بالطبع لا !!
إذا تأملنا مجموعة من الالكترونات التى توجد حول النواة, هل يوجد شر منطوى في وجودها حول النواة؟ بالطبع لا !!
إذا تأملنا مجموعة منتقاة بشكل عشوائي من الناس, هل سنجد بينهم شراً؟ بالطبع نعم !!
ولكن ماذا يميز الناس عن الكوالكب والالكترونات؟ الإجابة هي "الحياة المتسمة بوجود الروح التي تتعلق بها حرية الإرادة". إن الكواكب والالكترونات ليس لديها حرية إرادة!

تعريف الشر
عرف أحد الفلاسفة المسلمين المرموقين الشر تعريفاً متميزاً للغاية: "الشر هو إساءة استخدام حرية الإرادة التي وهبنا الله تعالى إياها"
إذن الله تعالى لم يخلق الشر بشكل مباشر ولكنه خلقنا ونفخ فينا أرواحنا المتمتعة بحرية الإرادة فأسأنا استخدام هذه الحرية أحياناً فسُمي هذا شراً.

قال الله تعالى في سورة آل عمران آية 165
"أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
صدق الله العظيم

فالمصيبة كانت نتيجة لسوء استخدامهم لحرية إرادتهم بفعلهم الشر.

وقد ورد في نصوص السنة:
يجمع الله الخلق في صعيد واحد فينفذهم البصر و يسمعهم الداعي فيقول : يا محمد ، فأقول لبيك وسعديك والخير في يديك ، الشر ليس إليك و عبدك بين يديك و بك و إليك و المهدي من هديت و لا ملجأ و لا منجا منك إلا إليك تباركت و تعاليت سبحانك رب البيت قال حذيفة فذلك المقام المحمود الذي يغبطه الأولون و الأخرون

الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: الألباني - المصدر: كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 789
خلاصة الدرجة: صحيح

الخلاصة
أن الله خلقنا وجعل لنا حرية الإرادة ليبلونا أينا أحسن عملاً فمنا من اقتصد ففعل خيراً ومنا من أسرف على نفسه وارتكب الشر وبالتالي نستنتج أن الأحياء أحرار الإرادة هم مصدر الشر بسوء استخدامهم لحرية إرادتهم الموهوبة لهم من الله تعالى, وهذا الشر سمح الله به أن يقع منهم لأنهم في اختبار في هذه الحياة الدنيا. فالمراقب في لجنة الامتحان لا يصحح للطالب إن أخطأ وذلك لكي تعبر نتيجة امتحانه عن مستواه الحقيقي ولا يكون ثمة مساواة بين من أحسن في الإجابة ومن أساء فيها يوم الدين.


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 3 مارس 2009

الفرق بين السعادة والسرور وبين الشقاء والحزن

السلام عليكم

السعادة
هو خلفية نفسية للإنسان يُحس فيها بالرضا عن الله وعن قَدْرِه حلوه ومره بطيب نفس واستسلام كامل وهي لا تكون إلا للمسلم. والسعادة هي شعور دفين دائم بعيد عن الأعراض المؤقتة السطحية من حزن وغم وهم التي لا تستطيع أن تنال منها.

السرور
هو شعور ينتاب الإنسان عندما يحدث له عارض مُفرح ولكنه عرض سطحي مؤقت وليس عميقاً كالسعادة ويكون السرور غالباً مرتبطاً بشهوة ما. وهو لا ينال من حال الإنسان الدفين الدائم من سعادة أو شقاء.

الشقاء
هو إحساس مقيت مؤلم بفقدان الهدف الأسمى والهوية العليا التي تتصل بالله عز وجل وتستمد سموها منه تعالى وبالتالي فهو إحساس رهيب بالإرتكاس أسفل سافلين. وهو إحساس دفين دائم يحاول صاحبه غالباً أن ينكر وجوده وذلك بمحاولة تناسية بما يدخل عليه السرور فينتقل من باعث للسرور إلى آخر حتى يثمل عن حقيقة شقائه. ومن الأشقياء في الدنيا من لا ينجح في تناسي شقائه فينتهي به الحال إلى قتل نفسه ظناً منه أن هذا هو نهاية الشقاء ولكن هيهات هيهات فهو بداية شقاء أشقى وأشقى.

الحزن
الحزن والغم والهم هم ثلاثة صور لإحساس مؤلم ينتاب الإنسان نحو الماضي و الحاضر و المستقبل بالترتيب. وهو كالسرور في سطحيته وفي كونه مؤقتا وهو لا ينال من حال الإنسان الدفين الدائم من سعادة أو شقاء.

الخلاصة:
أن الحزن والسرور هما إحساسان سطحيان مؤقتان ينتجان من عوارض الحياة ولا يتعارض وجودهما مع حال السعادة والشقاء اللذان هما إحساسان دفينان في خلفية نفس الإنسان وهما مرتبطان ارتباط وثيق بعلاقة الإنسان بخالقه الذي يُعد وصاله هو السعادة الدائمة وخصامه هو الشقاء الدائم.
وعليه فقد يوجد إنسان حزين سعيد ويوجد إنسان مسرور شقي فلا تناقض بين الحالين لأنهما لا يعملان في نفس الطبقة النفسية للإنسان.


والله أعلم


تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم