الأربعاء، 31 ديسمبر 2008

جدران الموت

السلام عليكم
الغرفة تعج بالأحياء. بعض أحيائها يصدون نيراناً هي كالنيران في ظاهرها مندفعة من بعض ابوابها ولكن مع اقترابها وحرقها إياهم فإذا بها برداً وسلاماً تبث فيهم حياة فوق حياتهم مع أن ظاهرهم تغير فأصبحوا أشباه الموتى ولكنهم في حقيقتهم أحياء, حياتهم فوق الحياة وموتهم وهمٌ فوق وهمٌ.
جدران الغرفة هي جدران ليست كالجدران بل جدران من جثث الموتى التى تراكمت من خارج الغرفة فتعالت أشلاءاً على حدود الغرفة المضيئة بضوء الحياة. ولكن من أين تناثرت كل هذه الأشلاء التي كونت جدران الموت؟! ... من خارج الغرفة؟!!... يالهول المنظر, بينما تعج جوانب الغرفة وشرفاتها بنور الحياة إذا بي أرى عالم من الموتى خارجها ولكن شأنهم يبدو غريباً مرعباً ... إنهم يتحركون ويأكلون ويشربون ولكن رائحة الموت تنبعث من كل عضو في أعضائهم ...
ياله من عالم غريب ... أشلاء ساكنة تعج بالحياة حرة في غرفة من نور رحبة رحابة كون كامل .... وكائنات تتحرك تعج بالموت مقيدة في عالم يقطن ثقب مِخْيَط.

والله أعلم
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الجمعة، 12 ديسمبر 2008

كتاب لأولي الألباب

السلام عليكم

أسلوب يرقى بالألباب
إننا إذا تأملنا القرءان الكريم بوصفه كلام الله حقاً ولو أننا حقاً أدركنا حقيقة أن فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على عباده لأدركنا أن بين أيدينا كنز ليس كمثله كنز. إننا لو قرأنا لمفكر كبير أو عالم جليل مقالة أو كتاب لأحسسنا ان فهم كلامه يصعد بعقولنا من مستواها إلى مستوىً أرقى, فما بالنا بقراءتنا لكتاب أنزله ملكُ ملوك السماوات والأرض الذي لا يعلو بلاغةَ كلامه بلاغة ولايضاهي فصاحته ومحتواه المعرفي فصاحة نثرِ أديبٍ أو شعرِ شاعرٍ أو بحثِ عالمٍ متفحصٍ.

نظرة ضرورية!!
إن هذه النظرة لكتاب الله عز وجل لهي نظرةٌ ضروريةٌ لكل من يقرأه. لأنك إن لم تنظر لكتاب الله هذه النظره فلن تُقدر له قَدره وتعرف ما يميزه عن سائر الكتب كما أنك لن تستطيع الاستفادة منه لأنه لن تتولد عندك الهمة اللازمة لاستخراج نفائسه من كنوز الإيمان والعلم والمعرفة.

فهمٌ موضوعيٌ يزيدُ الألبابَ رقياً
إن معظم من يقرأون في كتاب الله يظنونه مقاطعاً وآياتٍ منفصلة, كل مقطع منها يتناول موضوعاً ما. ولكن ما لا يعرفه جل المسلمين أن كتاب الله مترابطةٌ أجزاؤُه ترابطاً عجيباً والعجيب في هذا الترابط أنه ترابطٌ خفي جلي!! فهو خفيٌ لمن يقرأ القرءان قراءة سطحية ويتعامل معه ككتاب عادي, وهو جليٌ لمن أعطي هذا الكتاب حقه من التأمل والتفكر وذلك نتيجةً لإيمانه بأنه كتاب الله جل شأنه فيجب أن تكون قراءتُه على مستوى هذا الكتاب فلا تكون قراءةً عادية تقليدية. إنما جُعل بيناً واضحاً لأولي الألباب الذين يُعطون القرءان حقه من التدبر والتأمل

قال الله تعالى
كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ
صدق الله العظيم

ضرب الأمثلة في القرءان يوصل المعنى ويشحذ الألباب
إن الله تعالى عودنا أن يضرب لنا الأمثلة في القرءان ليوضح لنا المعنى, ولكنها ليست كأمثلة البشر التي توضح المعنى فحسب بل إنه تعالى يحب المسلم القارئ للقرءان قوياً في ذهنه وقريحته فيعطي المثل بحيث يوضح المعنى دون إرخاء الذهن على عكس شروحات البشر. فالمثل القرءاني يكون في صورة لايمكن للقارئ سبر ما ورائها إلا بإعمال عقله والتفكر في معانيه وبالتالي بشحذه وتقويته.
يقول الله تعالى

وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ
صدق الله العظيم

كتاب يحث على العلم وعلم يحث على الإيمان

إن القرءان الكريم يعج بالآيات الكونية التي تلفت بصائرنا وعقولنا إلى خلق الله المحكم لكونه الرائع
قال تعالى
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ
صدق الله العظيم

كما أن الله تعالى يأمرنا أمراً بالتفكر والبحث في الكون من حولنا وفي بداية الخلق وما في هذا من عبرة ودلالة على إمكانية إنشاء الدار الآخرة ليكون بهذا الفكر العميق الأصيل إيمانُنا سبباً في إعمالِ عقولنا ويكون إعمالُها من ثَم سبباً في زيادة إيماننا !! فياله من كتاب يفتخر به كل من يتخذه مُرشداً ودليلاً.
قال الله تعالى
قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
صدق الله العظيم

الخلاصة
إن كتاب الله كتاب هداية وإرشاد لمن آمن به في هذه الحياة. ولن يتحقق هذا الرشد إلا بتقوية عقل المسلم وفكره. فالقرءان الكريم ليس كتاباً عادياً يقرأه القارئ وهو مسترخي الذهن خاملُه. ولكنه كتابٌ لأولي الألباب لا يستطيع استخراج كنوزه ونفائسه إلا من شحذ ذهنه قبل قراءته وأعمل عقله فيه وقتها. فليعلم كل مسلم أن دينَه وكتاب دينِه يريدُه بل ويعدُه ليكون من أولي الألباب الذين يفهمون كتاب الله ويفهمون كون الله كلاهما معاً متلازمين مترابطين.


والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

السبت، 6 ديسمبر 2008

العقيدة والتفكير .. بين التوافق والتعارض

السلام عليكم
دوائر المعرفة
توجد ثلاثة دوائر للمعرفة:

أ- أصغر دوائر المعرفة هي دائرة المحسوسات, وهذه الدائرة يشترك فيها الإنسان مع غيره من الكائنات التي تتمتع بحواس. والمحصور في دائرة المحسوسات لا يصدق إلا ماهو موجود بها أي إلا ما يحسه بحواسه فقط لا غير. وإذا انحصر الإنسان في هذه الدائرة فهو كالأنعام لأنه لا يدرك ما هو ليس محسوساً بل هو أضل من الأنعام لأنه يمتلك العقل ولكن لا يستخدمه في هذه الوظيفة.
قال الله تعالى
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ
صدق الله العظيم

ب- دائرة أكبر وتحوي دائرة المحسوسات تُسمى دائرة المعقولات وهذه الدائرة لا يتم معرفة ماهو داخلها وخارج دائرة المحسوسات بشكل مباشر عن طريق الحواس الخمس ولكن العقل يستنبط حقائقها بشكل غير مباشر من دائرة المحسوسات.

مثال من الكون
نعطي مثالاً وهو قضية "وجود الالكترون" . بالرغم من أنه لم ير أحد قط ولن يرى الالكترون لكن وجوده حتمي بالعقل وذلك لأنه من المشاهدات التجريبية والتأثيرات التي يحدثها, نستطيع أن نسنتج وجوده بل وخصائصه بالرغم من عدم رؤيتنا له.

مثال من الميتافيزياء
ومن هذه الدائرة وجود الله عز وجل لأنه لا يُوجد كون دون خالق ولا تُوجد قوانين كونية دون مؤلف وصائغ لها.

كتاب الله وسنة رسوله من دائرة المعقولات
ويتتبع وجود الله عز وجل وخلقه للكون وللحياة وجود ما يرشد الإنسان على الدليل الذي يجب أن يهتدي به حتى لا يتخبط في سيره حيث أنه حر الإرادة وليس كالجماد مجبول على الطاعة. فيجب عقلاً أن ينزل هذا الإله الحكيم ما يرشد مخلوقه العاقل إلى الطريق القويم ويجعل من رسله من يفسر هذا الإرشاد ويطبقه تطبيقاً عملياً ليكون قدوةً للناس جميعاً. ولذلك فمن هذه الدائرة أيضاً وجود كتاب منزل من لدن الله فيه هداية البشرية للعمل بما يريده الله تعالى منهم في هذه الحياة ووجود رسول من لدنه يبلغ رسالته ويفسرها ويطبقها.

الإيمان بصحة نسب كتاب الله إليه من دائرة المعقولات
الحكم على كتاب "يُقال" بأنه من لدن الله أنه كذلك أم لا وذلك بمقارنته بكتب البشر من حيث المُحتوى والإسلوب والحكم على خلوه من التناقضات الداخلية والخارجية هو من دائرة المعقولات

الإيمان بصحة نسب سنة رسول الله إليه من دائرة المعقولات
الحكم على أقوال وأفعال "ُيقال" بأنها من أقوال وأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم, التي أمره الله تعالى أن يقولها أو يفعلها, أنها كذلك أم لا وذلك عن طريق علم الحديث هو من دائرة المعقولات

جـ- دائرة المُصدقات. ويقع في هذه الدائرة كل ما لا يمكن استنتاجه بالعقل مباشرةً ولا يمكن الإحساس به ولا تتكون هذه الدائرة إلا من خلال الثقة المطلقة في الله عز وجل الذي عرفناه من دائرة المعقولات والثقة في صدقه حيث أنه لا يحتاج إلى الكذب سبحانه وتعالى عن هذا علواً كبيراً. فلو آمنا بالله إلها ورباً وآمنا بالقرآن ككتاب الله الذي لم ينله التحريف إيماناً مبنياً على العقل , فإنه من السهل علينا بعد ذلك تصديق أي معلومة في القرءان حتى لو كانت غير مألوفة

العقيدة
العقيدة هو كل معلومة يقينية بحيث تكون كالعقدة التي عقدت في ذهن الإنسان. والعقيدة في رأيي تنطبق أكثر على دائرتي المعقولات والمصدقات أكثر من انطباقها على دائرة المحسوسات, وذلك أن الإحساس قد يتطرق إليه إيهام بشكل جزئي وليس عام ولذلك فإن المعقولات ينبغي بناؤها على ما ثبت وتكرر وتواتر من المحسوسات وحينئذ تكون اليقينيات العقلية ومن ثم المُصَدقات المبنية عليها أكثر يقينية من المحسوسات.

العقيدة والتفكير
إن العقيدة تُسْتَنْبَط بشكل غير مباشر من دائرة المعقولات عن طريق تصديق موثوق به ثقة تامة منتمي إلى دائرة المحسوسات أو المعقولات. ومن أمثلة الموثوق به ثقة تامة في دائرة المعقولات, بل هو الوحيد فيها, هو الله سبحانه وتعالى. وينبني على هذه الثقة بعد ذلك تصديق ما جاء إلينا عن طريق الوحي (الذي حكمنا على صحة انتسابه لله عز وجل بالعقل) تصديقاً وتسليماً بصحته ومثال ذلك وجود الملائكة وأيضاً الجنة والنار كتمثيل فعلي للثواب والعقاب (اللذان يُعدان من دائرة المعقولات) , وهذا دون إعمال العقل مرة أخرى إلا فيما يتعلق بتحويل نصوص العقيدة إلى عقيدة فعلية مرتبطة بكيان كل المسلم

التفكير يكون في الشريعة والتفكر في آيات الله
بتفسير الوحي والتفكر في آليات تطبيق أوامر الله عز وجل والتدبر في آياته القرءانية والتي وردت في السنة المطهرة وربطها بآياته الكونية لنكون من الأقوام المتفكرة التي أطرى عليها القرءان الكريم في مواطن عدة.

المراجع
1- القرءان الكريم
2- برنامج "أسماء الله الحسني" تقديم فضيلة الدكتور "محمد راتب النابلسي" على قناة الرسالة
3- كتاب "في البحث عن الله" لفضيلة الإمام "وحيد الدين خان"
4- كتاب "القرءان .. المعجزة الأبدية" لفضيلة الإمام "وحيد الدين خان"
5- العقل

والله أعلم


تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008

السميع البصير

السلام عليكم
السمع لابد له من وسط ينقل موجات الصوت
إن الكائنات الحية لكي تسمع مصدراً للصوت لابد من مقومات لهذا السمع. وهذه المقومات هي أداة استقبال موجات الصوت ووسط ينقل موجات الصوت. وهذا الوسط يتكون من ذرات وتضاغط وتخلخل هذه الذرات هو الذي ينقل موجات الصوت إلى آذاننا لكي نسمعها ومن ثُم تدركها عقولنا.
ولكن تأمل معي قليلاً ..... إن أي وسط أياً كان لا يمكن أن يكون شفافاً تماماً لأن ذرات هذا الوسط تبعثر وتمتص موجات الضوء (أو فوتوناته).
شفافية الهواء نسبية
إن شفافية الهواء الذي نعيش فيه هي شفافية نسبية غير مطلقة. فشفافية الهواء هي كافية لإبصار الكائنات التي تعيش على كوكب الأرض للأشياء من حولها إبصاراً يعطيهاً كم المعلومات التي تعرف بالأشياء معرفةً تخدمها في حياتها اليومية وحسب.

أما لو تحدثنا بشكل علمي عن الهواء من حولنا فسنجده غير شفاف لكثير من التطبيقات العلمية وبالنسبة لنطاق واسع من ترددات الضوء حيث أن الهواء يمتص قدراً من الضوء المنقول فيصل أضعف إلى جهاز القياس. فمما لا شك فيه أن وجود الهواء (كوسط ناقل للصوت) يضعف مقدرة أجهزتنا أن تكون "بصيرة" بالأشياء من حولها.

إيضاح أكثر للفكرة
تخيل لو أننا نعيش في وسط من الجوامد بدل الهواء .... إنه تخيل غريب ولكنه يوضح فكرتنا .... إن سرعة انتقال الصوت في عنصر البريليوم مثلاً تساوي 12890 متراً لكل ثانية أي أنها تفوق سرعة انتقال الصوت في الهواء بـ 40 مرة تقريباً ... ولكن هل نستطيع أن نرى أي شئ حولنا إذا عشنا في وسط من البريليوم؟! بالطبع لا

إذن وجود الوسط من حول أداة القياس هو المسئول عن كمال السمع (أن تكون سميعاً) ولكنه في الوقت ذاته يضعف المقدرة على الإبصار (ألا تكون باصراً فكيف بكونك بصيراً؟!)

الله هو السميع البصير دوناً عن مخلوقاته جميعاً
إن سمع الله وبصره سبحانه لا ينطبق عليه حدود سمعنا وبصرنا لمخلوقات له .. وذلك لإنه جل شأنه يسمع تمام السمع فهو سميع بدون أن يؤثر ذلك عن إبصاره تمام الإبصار فهو بصير

سبحانك اللهم يا من تفردت بكامل القدرة حتى على الأشياء التي يستحيل اكتمالها معاً لنا نحن المخلوقات مثل قدرة السمع والبصر .... فها أنت السميع البصير ليس كمثلك شئ.
قال تعالى
فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

صدق الله العظيم
والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 27 نوفمبر 2008

اللطيف الخبير

السلام عليكم
قياس النظام يغير من حالته
إن المُطلع على علم الفيزياء لا يُخطئ حقيقةً هامةً ألا وهي أن قياس أي نظام طبيعي لابد وأن يعبث بحالته الأصلية فتكون النتيجة أننا لا نستطيع أن نرى نتيجة قياس مطابقة تمامًا لواقع النظام الطبيعي قبل عملية القياس. وهنا تتجلى حقيقة أخرى مرتبطة بالأولى ألا وهي أنه كلما زادت رغبتنا في الحصول على نتائج أدق يزيد تلقائيًا العبث بحالة النظام وبالتالي قلت دقة قياس النظام!! والعكس صحيح فكلما قل العبث بالنظام أثناء القياس قل تأثيرنا على حالة النظام الأصلية ولكن قل معه تمكننا من القياس لهذه الحالة الأكثر قربًا للواقع. وهنا تأتي الحقيقة الأكثر إيلامًا في علم الفيزياء أننا كبشر لا نستطيع أن نحصل على قياس دقيق أبدًااً لأننا لا نستطيع القياس بدون تغيير موضوع القياس وهو النظام الفيزيائي.
في عبارة موجزة:
كلما "ترفقنا" (تلطفنا) في التأثير على النظام أثناء قياسه كلما قلت "خبرتنا" بهذا النظام فيستحيل علينا كبشر أن نتلطف مع الخبرة فإما نتلطف ونفقد خبرة وإما لا نتلطف ونفقد أيضًا خبرة كما أوضحنا اعلاه!! فيالَ ضعفنا ويالجهلنا المغروس في خِلقتنا!!
أمثلة واقعية للتوضيح
1- قياس موضوعًا كميًا في العالم الذري (الكمي): إن الكترونًا قد يكون كمية تحركه الزاوي له اتجاهان متعاكسان متراكبان في نفس الوقت فقد يكون اتجاه هذا الزخم لأعلى بنسبة 40% واتجاهه لأسفل بنسبة 60%. ولا يُعد هذا تناقضًا في عالم ميكانيكا الكم فالالكترون يمكن أن يلعب عدة أدوار على مسرح الكون في "آن واحد" طالما لم يقسه بشر!! فإذا هَمَ بشرٌ بأن يعلم (يخبر) حالة الالكترون وقع للالكترون شئ نسميه "انهيار الحالة الكمية". ففي حالتنا مثلًااً تنهار الحالة الكمية لكمية التحرك الزاوي عند القياس لتكون إما لأعلى أو لأسفل باحتمالية 40% إلى 60% بالترتيب.
ماذا حدث هنا؟
لقد تغيرت حالة الالكترون عند القياس لأننا لم نتلطف في القياس!! فعلمنا بحالته يؤثر عليها حتى لو لم نستخدم أي قدر مذكور من الطاقة في قياسنا!! وبالتالي فإننا نقيس حالة غير التي كان عليها. أما إذا تلطفنا فإننا لن نقيس وبالتالي لن نحصل على أية معلومة!!! ياله من تناقض مكتوب علينا نحن البشر بين اللطف والخبرة!!

2- مثال أقرب للعالم الماكروسكوبي: وهو مثال استخدام مقياس لفرق الجهد في دائرة كهربية. إن آلة قياس فرق الجهد بين نقطتين في دائرة كهربية تحتاج الى تيار وإن قل لكي يديرها. هذا التيار يعبث في حالة الدائرة المقاسة وبالتالي فإنه لابد إن أردنا من قياس فرق جهد بين نقطتين ألا تكون الكمية المُقاسة هي نفسها الكمية الحقيقية قبل القياس. فإذا تلطفنا في جهاز القياس وجعلناه لا يستهلك تياراً, كانت النتيجة أن يتوقف عن القياس ولم نستطع أن نختبر فرق الجهد المُراد قياسه!!!
ياله من مثال آخر يوضع عجزنا عن الخبرة بدون عبث بالمُختَبر لأننا لن نكون لطفاء معه إذا أردنا فعلاً قياسه! أما لو كنا لطفاء فلن نتفاعل مع المُختبَر أصلًا وبالتالي سنعجز أيضًا عن الخبرة بحالة المُختَبَر !!.

اللطيف الخبير
اللطف في العمل هو الترفق فيه (مُختار الصحاح). يفاجئنا القرءان الكريم بهذه الآية التي تدفع من يتدبرها أن يخر ساجدًا لله اعترافًا بعظمته وقدرته على كل شئ
قال تعالى:
"أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ"
صدق الله العظيم
إن الله تعالى هو الوحيد الخبير بحال كل شئ في هذا الكون خبرةً أصيلة بدون التأثير على حالته مع علمه التام به لأنه لطيفٌ سبحانه. إن الله تعالى هو خالق الكون بأسره وهذا هو سر علمه به بدون الحاجة لقياسه فهو خبير لأنه الخالق ولطيف لأنه لايحتاج إلى القياس أصلًااً حيث أنه عليمٌ تمام العلم بحال خلقه بداهةً.
فسبحان الله اللطيف الخبير الذي تفرد بهاتين الصفتين مجتمعتين دونًا عن الوجود بأكمله.

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

السبت، 22 نوفمبر 2008

قيومية الله

السلام عليكم

إمساكه تعالى لقوانين الطبيعة
إن لكل حدث سبب ولكل سببٍ سببٌ يعتمدُ عليه فإذا تتبعنا سلسلة الأسباب لكل حدث على انفراد لوجدنا اننا تقابلنا في النهاية مع أحد قوانين الطبيعة كبداية لسلسلة الأحداث التي تتبعناها ولكننا عند تلك النقطة نجد أنفسنا مجبورين أن نسأل سؤالاً مهما:
ما سبب قوانين الطبيعة؟ من الذي يمسك هذه القوانين حتى لا تنهدم فتنهدم سلاسل الأسباب المتصلة بها؟

يقول الله تعالى خالق الكون ومدبره في القرءان الكريم
"إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا "

صدق الله العظيم

وضعه تعالى لقوانين الحفظ
إن المتأمل في قوانين حفظ الطاقة وكمية التحرك الخطية والزاوية وغيرهم من قوانين الحفظ يجد نفسه إن كان نابهاً غير غافل معترفاً أن الأصل في الأشياء هو الزوال! فالطاقة مخلوقة من لاشئ وتتوق أن تعود لأصلها دائماً وهو اللاشئ!
ولو تأملنا نوعاً من الطاقة وهو طاقة الوضع لوجدناها تشير ببنانها إلى هذه الحقيقة الخفية الجلية! نجد أن وضع الارتياح للجسم المقترن بطاقة وضعه أن يكون له أقل طاقة وضع ممكنة.
هكذا الأمر مع طاقة الكون إجمالاً وتفصيلاً. فطاقة الكون أصلها العدم ونقلها من العدم إلى الوجود يحتاج وجود عظيم لا يخضع للزمان والمكان وقوانينهما. هذا الوجود الأعظم هو الله تعالى وهو الذي أنشا الكون من لا شئ وأمسكه ألا يعود لحالته الأصلية مرة أخرة بقيوميته على الكون وحفظه له.
وينبغي عليك أيها المسلم ان تحمد الله أنك تسيقظ من نومك كل صباح لتجد بيتك هو هو وتجد عربتك هي هي وفي مكانها الذي تركتها فيه بالأمس و ذلك لأنه كما قلنا الأصل دائما هو اللاشئ. فالأصل ألا تجد بيتك ولا سيارتك ولكن وجودهما يدل على ذات عليا تقوم على أمر الكون تحفظ لنا الطاقة من الزوال (والذي يُسمى قانون حفظ الطاقة).
إن مكتشفي قانون حفظ الطاقة من غير المسلمين استراحت قلوبهم وعقولهم بقانون الحفظ ولكنهم نسوا أو تناسوا هذا السؤال المهم:
إذا كان هناك ثمة قانون لحفظ الطاقة, فمن هو الحافظ؟
إنه من العبث الفكري أن نفكر أن القانون هو الذي يحفظ ولكن الحقيقة أن القانون يخبرنا عن حفظ الله تعالى للطاقة كخالقٍ لهذا الكون, قيومٍ على أمره, ماسكٍ له أن يزول كما ورد في الآية الكريمة أعلاه.

إمساكه تعالى للكون من الانهيار تحت تأثير الجاذبية
إن الكون إذا تُرك تحت قوى الجاذبية بدون امساك من الله تعالى لهذا الكون أن يتلاشى لتحطم من قبل أن يُولد
قال تعالى
"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ "
صدق الله العظيم
ولكي يتم هذا الإمساك الذي يعادل الجاذبية بل ينتصر عليها فقد قضى الله عز وجل أن يكون مُتَسِعاً اتساعاً محسوباً لحكمة يعلمها
قال تعالى
وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ
صدق الله العظيم
فالله تعالى يمنع انهيار الكون بهذا الاتساع وأيضاً يمنع هذا الاتساع من التسبب في انفجار الكون كفقاعة الصابون وذلك بقوى الجاذبية الكونية
قال تعالى
اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ
صدق الله العظيم

الخلاصة:
1-إن الله تعالى لم يخلق الكون ليتركه هملاً كما ادعت بعض الفلسفات القديمة ولكنه قيوم عليه مدبر لأمره.
2- يجب على المسلم أن يشكر الله تعالى باستمرار على قيوميته الدائمة على أمره وأمر الكون من حوله.

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 30 أكتوبر 2008

وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ


إن الشائع في الثقافة الإسلامية الحالية هو التسامح والتسامح فقط مع المسئ ومما لا شك فيه أن للتسامح شأن عظيم في الإسلام ويُوجد ما لا أحصره من الآيات الكريمات والسنة النبوية الشريفة ما يُشجعُ على التسامح.
ما أود أن أثيره في هذا المقال هو الفرق بين تسامح القادر وتسامح الخانع. أما الأول فلقد رحبت به الشريعة الإسلامية أيما ترحيب وحثت عليه فهو مُستمَدٌ مباشرة من روح الإسلام وتعاليمه. ولكي نعرض مثالاً موجزاً لهذه القضية من القرآن الكريم نستشهد ببعض من آيات الله الكريمات في سورة الشورى.

وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ * وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ


إن هذه الآيات الكريمات تضع النقاط فوق الحروف في قضية هذا المقال. فإن الإسلام لا يمنع القصاص العادل من الظالم بل يحث عليه ويشجعه وإنما يكون التسامح المباح إسلامياً هو التسامح المبني على القدرة على القِصاص وليس تسامح التخاذل والخنوع الذي يربي كثيرٌ من المسلمين عليه أولادهم بدعوى أنه من الإسلام والإسلام منه براء.
ولا يغيب على متأمل وفاهم لروح الإسلام أنه لا يدخل في هذا التخاذل والخنوع من يُظلم وهو لا يستطيع أن ينتصر لنفسه فيحتسب ذلك عند الله عز وجل وإنما يدخل فيه من يتهاون في حقه خوفاً من بطش الظالم, فإن الذي ينبغي ألا يُخشى غيره هو الله العزيز الجبار.

قال الله تعالى في سورة آل عمران آية 173


فنعم تسامح القادر وبئس تسامح الخانع

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأربعاء، 29 أكتوبر 2008

الأسباب ومشيئة الله المطلقة

السلام عليكم
إن المتأمل في سنن الكون يجدها تشير بكل جلاء إلى وجود الواحد القهار, الله عز وجل. فالعلم الحديث يخبرنا كل يوم (لمن يريد مزيداً من الاطلاع عليه دراسة ميكانيكا الكم) أن ظواهر الكون وأحداثه إنما تحدث بطبيعة احتمالية لا يستطيع الإنسان أن يجزم فيها بمعرفة الدقائق - وذلك يظهر أيما ظهور على المستوى الذري الميكروسكوبي - ولكن الله برحمته سن لنا على مستوى معيشتنا العادية قوانين للكليات الظاهرة لنستطيع أن نبني الحضارة الإنسانية.
وعلى هذا فالعلم لا يستطيع يقيناً إخبارنا هل النار ستحرق القطن الذي سنلقيه فيها اللحظة القادمة أم لا؟! ولكن المشاهدة تخبرنا بأن احتمال حرق النار لهذا القطن كبير جداً يكاد يصل إلى الواحد الصحيح ولذلك لا أظن أن أحداً من القراء رأى من قبل ناراً لا تحرق. وتتجلى هنا مشيئة الله المطلقة فهو يستطيع - لا غيره- اختيار الأحداث دون حد أو قيد وهذا ما حدث في معجزة عدم حرق النار لنبي الله إبراهيم عليه السلام. ويخبرنا القرآن الكريم عن هذه الحادثة الفريدة التي اختارها الله بقدرته في هذا الموقف العصيب الذي وُضع فيه نبي الله:
قال تعالى في سورة الأنبياء آية 69
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ
صدق الله العظيم
ومن هنا يأخذ المسلم العبرة أن الأسباب التى نراها هي أسباب ليست لها اتصال متين بالنتائج التي تليها ولكن الله بقدرته يريدها كذلك في معظم ما نتعامل معه من شئون الحياة تيسيراً لنا للمضى قُدماً في هذه الحياة. وعلى المسلم ألا ينسى يوماً هذه الحقيقة وهي أنه إن من شئ إلا بقدر الله وقدرته
يقول الله تعالى في سورة الواقعة 63-64
أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ , أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ
صدق الله العظيم

وكذلك كل شئون الحياة لا سبب لها فعلى إلا إرادة الله المطلقة وإنما ما ندعيه أسبابا إنما جعلها الله متلازمة في أغلب الأحوال مع النتائج رأفةً ورحمةً بنا, فلا شفاءَ إلا بإذنِ الله الذي يجعل تعاطي الدواء المناسب ملازماً للشفاء إن أراد هو ذلك لا غير.
يقول الله تعالى في سورة الشعراء الآية 80
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
صدق الله العظيم

وبالطبع لا يجوز لعاقل أن يترك التداوي ويقول سيشفيني ربي ولكن العاقل من يدرك أنه يجب عليه تعاطي الدواء احتراماً لسنن الله في كونه وفي الوقت ذاته يجب عليه التسليم بأن الدواء ليس بشافٍ ولكن الشافي هو الله تعالى.

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

السبت، 20 سبتمبر 2008

رحلة في كهف الإلحاد بقبس من نور

السلام عليكم
إنه لكهف عجيب ... .إنه كهف الهروب من الواقع .. إنه كهف الانغماس في الحيوانية الضالة (قال تعالى: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا ), إنه كهف اتباع الباطل وترك الحق عن عمد وإجرام وتحد وكبرياء مقيت (قال تعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ). أهله اعتادوا الظلام حتى أنني عندما دخلت أدعوهم للخروج منه ليغمرهم نور الله انزعجوا بشدة ... انزعجوا لأمور عدة

1- انزعاج من قبس النور الذي استمسك به, فتراهم يغطون أعينهم بمجرد اقترابه منهم وتراهم يقولون لك ما هذا الضلال الذي تحاول ازاعجنا به ولكن هيهات هيات فنحن نُغشي أبصارنا عنه
قال تعالى في سورة البقرة آية 7
خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
صدق الله العظيم

2- انزعاج من ذكر النور الذي خارج الكهف فيكذبونك ويقولون لك: انما نحن في النور وما خارج الكهف الا وهم فلا يوجد خارجه نور وإنما هي خيالاتك وتخرصاتك
قال تعالى في سورة النور آية 35
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
صدق الله العظيم
قال تعالى في سورة الفرقان آية 60
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا
صدق الله العظيم


3- انزعاجهم بتذكيرهم بأنهم داخل الكهف يعبثون ويلعبون في ظلامه الحالك, فيكون حتى لعبهم وعبثهم هو خارج عن الفطرة السليمة, غريب, يفعلون كل ما يحلوا لهم مغرورين بأنه الصواب, ولما لا وهم يتخبطون في ظلام حالك فلا يكادون يرون ما يفعلون.
ويكتمل انزعاجهم بتذكيرهم بأنه يوجد في النور أناس وهبوا أنفسهم للحق يعملون من أجله ولنصرته, أناس لا يعيشون الدنيا بغية متعها وانما يعيشونها بغية الأخرة حتى متع الدنيا لم يحرموا أنفسهم منها ولكنهم امتطوها للوصول لمتع الأخرة الباقية
قال الله تعالى في سورة الأحقاف آية 11
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ
صدق الله العظيم

ومن مناقشة الكثير من سكان الكهف المظلم الذين فقدوا البصر والبصيرة من جراء شدة إظلامه, خلصت إلى أسباب دخولهم هذا الكهف الكريه

أسباب الإلحاد وإنكار وجود الخالق عز وجل:

1- الكبر ... فعندما نقص جهلهم ظنوا انه اكتمل علمهم وهذا الظن لا يدل إلا على ازدياد جهلهم وليس نقصه ... فقالوا نحن كنا بحاجة إلى الله لتفسير مايحدث في الكون .. أما الآن فلدينا العلم ... إنهم عبدوا قوانين الطبيعة وتركوا واضعها ومصممها!! وذلك حتى يتملصوا من الذل لله وعبادته ... إنه الكبر, أول جريمة شهدتها الإنسانية في صورة تكبر إبليس عن طاعة ربه بالسجود لآدم عليه السلام. وأيضاً ظنهم بأن الدين هو للدهماء من الناس وأنهم هم الأخيار الذين كان لهم من الذكاء ما جعلهم يأبون أن يتبعوا قطيع المتدينين في رأيهم.

2- ظنهم أن وظيفة للدين هو سيطرة كبراء القوم على دهمائه بأن يقلل الدين من غضبة الدهماء وثورتهم على الكبراء بأن يتلقوا وعوداَ, في نظرهم زائفة, بتعويضهم عن هذا الإجحاف والذل الدنيوى في الحياة الآخرة, التي يكفر بها الكبراء ويؤمن بها الدهماء فى رأيهم.

3- الجهل وانعدام المنطق ... أفمن المنطق يا قوم أن تستغنوا بمعرفة البعض عن "طريقة إدارة الله تعالى للكون" (قوانين الطبيعة) , تسغنوا بهذا عن الله عز وجل واضع هذه القوانين وبارئها وبارئ الكون وبارئكم ومصوركم وجاعلكم في أحسن تقويم؟ ولكن لما العجب وقد اخترتم بأنفسكم أن تكونوا أسفل سافلين!

4- الإغراق في المادية وحصر الموجودات في المادي فقط ونسيانهم أو تناسيهم أن الوجود المادي هو أسفل أنواع الوجود. وأن الوجود الأسفل لا يدرك الوجود الأعلى بحواسه المباشرة وإنما يدركه بما كمن فيه من الحواس العليا كحاسة العقل والروح.

5- التعميم ... فلما رأى القوم عدم منطقية بعض الكتب السماوية المحرفة والديانات غير السماوية, عمموا المبدأ على كل دين وافترضوا التحريف في كل كتاب سماوي ثم ما لبثوا أن أنكروا الوحي بالكلية وافترضوا أن كل الكتب السماوية من صنع بشر, وذلك حتى من غير قراءة وتدبر في الإصدار الأخيري لكتاب دين الله الإسلام, القرءان الكريم (حكمة الله تحتم أن يكون الإصدار الأخير معصوم من التحريف ليكون هدايةً للبشر من بعده وينتفي العبث عن خلق الله سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً) ليفهموا استحالة اتيان البشر بشئ من القرءان في زهائه وبهائه وإغداقه وإثماره وحلاوته وطلاوته وإعجازاته المختلفة.

6- وأخيراً وليس آخراً هو عدم رغبتهم في الإبصار وتناسي الدار الأخرة بقصرنظرهم الذي وصل بهم إلى العمى الكامل, فآثروا متعة الحياة الدنيا الزائلة الناقصة المعيبة عن متعة جنة الفردوس المقيمة الكاملة المثالية.

اللهم أنر قلوبنا وعقولنا بنور الإيمان به كما ملأت أكوانك الفسيحة بنورك الذي بين لكل شئ سبيله دون التباس ولا تخبط. اللهم ثبت قلوبنا على الإيمان والخشوع لك وجوارحنا على طاعتك. اللهم ألهمنا العزة بكامل الذل لك. اللهم آمين


والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الاثنين، 15 سبتمبر 2008

اهدنا الصراط المستقيم: دعاء الكون لله

السلام عليكم

مقدمة
====
ما أجمله من صراط, إنه صراط لا اعوجاج فيه, يستطيع المرأ أن يرى آخره من أوله ويتأكد أنه على الحق. أتأمل كثيرًا في التشابه والاختلاف بين كون الله المُكلف (الثقلين : الإنس والجان) والذي حمل الأمانة باختياره وبين كون الله المقهور على طاعته طوعاً منه!
إن الإنسان مُخيرٌ, إما أن يسير في صراطٍ مستقيمٍ مسترشدًا بأوامرِ ربِه وسنةِ نبيِه صلى الله عليه وسلم, وإما أن يحيد عن هذ الصراط فتتشعب به الطرق في متاهات ظلمة المعصية.
قال تعالى في سورة الأنعام آية153 :
"وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"

ولكن الكون المادي يسير دائماً في صراطٍ مستقيمٍ رسمَهُ الله عز وجل له. .... إنها عقيدة طالما حدثت بها نفسي...
كنت أتأمل ذات مرة, وأنا في غمرة القراءة والكتابة في منتدىً للنظرية النسبية العامة, كنت أتأمل في هذه العقيدة التي أؤمن بها فوجدت أن ظاهر حركة الأجرام السماوية وفي الفضاء من حولنا ليس في خطوط مستقيمة فقلت في نفسي: لعل الصراط المستقيم للجماد يتمثل في عمل كل جماد لوظيفته كما أمره الله وحسب. لبثت قليلًا ثم ما فتئت أن تذكرت أن أينشتين في نظريته, النسبية, قد أعاد فيها صياغة الكون الثلاثي الأبعاد من حولنا في كون جديد ذي أربعة أبعاد شريطة أن يكون البعد الرابع هذا هو متناسب مع الزمن. وفوجئت عندما تذكرت أن مسارات الأجرام في هذا الفضاء الرباعي الأبعاد يكون خطًا مستقيمًا, بينما يخرج عن استقامته فقط إذا نظرنا للعالم بمنظور منقوص على أنه ثلاثة أبعاد.!!

ولتبسيط أمر بعد الزمن أطرح على حضراتكم مثالين
--------------------------------------------
1- عندما تواعد صديقًا على لقاء, هل تستخدم لتحديد اللقاء ثلاث معلومات فقط وهم البعدان الأفقيان والبعد الرأسي؟ إنك لو اكتفيت بذلك لكان من المحتمل جدًا أن يذهب كل منكما إلى نفس المكان الثلاثي الأبعاد ولكن يذهب أحدهما يوم الاثنين والآخر يوم الأربعاء فلا تلتقيان واللقاء هنا هو المحك ويظهر لنا فيه اهمية تحديد رقم رابع بالإضافة إلى الطول والعرض والارتفاع حتى يتم اللقاء بنجاح ألا وهو بعد الزمن.

2-نظرًا لمحدودية سرعة الضوء فإن الضوء الآتى لنا من الشمس يحمل لنا معلومات عن شمسنا الحبيبة ولكن من ثمان دقائق وليس الآن!! وذلك حيث أن نبضة الضوء النابعة من الشمسية إلينا لا تصلنا إلا بعد ثمان دقائقَ من خروجها من منبعها, ولا نستطيع بحال أن نكتشف ماذا حدث في الشمس منذ سبع دقائق لأنه يُعد مُستقبلًا بالنسبة إلينا!!.

المستفاد من هذا أنك عندما تنظر لقرص الشمس لحظة الغروب الجميل من على شاطئ البحر فإنك لا تنظر إليه من خلال الــ 150 مليون كيلو مترًا, الفاصلة بيننا وبين الشمس, فقط وإنما تنظر إليه من خلال 150 مليون كيلو مترًا مكانية وثمان دقائق زمنية

نظرة نظرية النسبية العامة لمسارات الكواكب والأجرام
=========================================
إذًا فقد بسطنا, أرجو ذلك, فهم كيف أن نظرية النسبية حولت نظرة الإنسان إلى الكون من كون مُكون من ثلاثة أبعاد إلى كون مُكون من أربعة أبعاد.
وجاءت النظرية النسبية العامة من بعد تلك الثورة فأدخلت مفهوماً ثوريًا آخر لا يقل إبداعًا عن مفهوم البعد الرابع. وهذا المفهوم هو أن الكتل الثقيلة تصيب الفضاء الرباعي الأبعاد (الزمكان = المكان + الزمان) من حولها بالإنحناء!! بحيث أن قوانين الهندسة الإقليديسية التي درسناها صغاراً في المدارس لا يصح تطبيقها في هذه الحالة.

ولم تعتبر نظرية النسبية العامة قوة الجاذبية الكونية قوة كباقى القوى بل اعتبرت أن دوران الأرض حول الشمس مثلًا ما هو إلا دورانها في طريقها الثلاثي الأبعاد (يوجد أصل له في الأبعاد الأربع) وقد انحنى بفعل وجود الشمس وإحنائها للفراغ الرباعي الأبعاد الموجود حولها, وانحناء تلك المركبة الثلاثية الأبعاد من الطريق كإسقاط لإنحناء الطريق الرباعي الأبعاد, وهذا يتم دون أن يشعر قاطنو الأرض بأدنى تغيير عن حالة عدم وجود الشمس بالكلية. ... لا يشعرون مثلًا بأي دوران أو قوة طاردة مركزية في مركبتهم ... إنما يشعرون أنهم يسبحون في فضاءٍ خال
وهذا في الواقع هو التفسير الحقيقي لحالة "انعدام الوزن" التى نراها لرواد مركبات الفضاء عندما تدور مركباتهم حول الأرض مثلًا وليست تلك الحالة نتيجة أنهم خرجوا من مجال الجاذبية كما نُوهم من الإعلام! والأفلام!, فمجال الجاذبية امتداده لانهائي!

الاكتشاف المثير الآخر الذي وضحته النسبية هو: أن الجاذبية تحولت من قوة إلى تعبير عن مقدار انحناء الزمكان فإن كل هذه الأجرام والكواكب السيارة ترسم خطًا مستقيمًا إذا نظرنا إليها من وجهة نظر زمكان رباعي الأبعاد منحي. وتعريف الخط المستقيم في الفضاءات المنحنية يظل كما هو وهو "أقصر مسافة بين نقطتين" في حدود ما يسمح لنا الفضاء المنحني!
هل يذكركم ذاك بشئ؟ ..... إن كل هذه الأجرام التى تبدو للناظر على أنها تسير في مسارات إهليجية هي في واقع الأمر تسير في مسارات "مستقيمة" (بمعنى أقصر مسافة) في فضاء رباعي الأبعاد (العلم الحقيقي كما تقره النسبية) منحنىٍ, وما المسار الإهليجي الذي نراه في الثلاثة أبعاد المألوفة إلا مسقطًا للصراط المستقيم لهذا الكوكب في حالته الأصلية رباعية الأبعاد على الفضاء الثلاثي الأيعاد.

الخلاصة
أننا كما أُمُرنا بالسير في صراط مستقيم لنصل بسلام إلى جنة الخلد فإنه قد سبقنا إلى طاعة هذا الأمر هذا الكون الجميل, بأجرامه وذراته, بمجراته والكتروناته وذلك حتى يتم انسجام الكون الطائع مع العبد الطائع ويصيران في حال محبة في الله. إنها محبة تبدو غريبة بين إنسان وجماد ولكنها موجودة كما وصف رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم جبل أحد, أنه جبل نحبه ويحبنا نحن المؤمنين بالله.

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأحد، 14 سبتمبر 2008

تأملات في الصلاة

السلام عليكم
جلست متأملاً في أن الإنسان كثيراً ما يصرفه اعتياد العبادة وإلفها عن التدبر والخشوع فيها . وعلى الرغم من قناعتي التامة بأن هذا فيه ظلم قبيح للنفس أن نُفقد أنفسنا نعمة التدبر والخشوع إلا أن تساؤلاً قفز في ذهني ..... هل من حكمة أجتهد فيها في أن تكون صلاة الفريضة لها عدد محدد من الركعات والركعة تحوي أركاناً أساسية لا تصلح الصلاة بدونها؟! تأملت قليلاً فوجدت عجباً, وجدت أن الله تعالى قد جبل الكون بأكمله عدا الإنسان على السير على نواميس ثابتة وكان استثناء الإنسان بإرادة الإنسان واختياره
قال الله تعالى في سورة الأحزاب آية 72
انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا
صدق الله العظيم

فوجدت النظام الذي اتبعه في كل صلاة فرض يذكرني بباقي الكون في طاعته المطلقة لله قلباً وقالباً, جوهراً ومظهراً فإذا بي أجد أنه قد تكون من حكم الصلاة على هذه الهيئة المحددة وفي مواعيد منتظمة حيث قال تعالى في سورة النساء آية 103

فاذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فاذا اطماننتم فاقيموا الصلاة ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا

صدق الله العظيم

أقول فإذا بي أجد أنه قد تكون من حكم الصلاة على هذه الهيئة المحددة وفي مواعيد منتظمة أن ننسجم مع الكون خمس مرات باليوم والليلة ونتصالح معه بمشاركتنا إياه في عبادة ربنا الواحد فنكون وحدة واحدة تعبد الله عز وجل في خشوع أيما خشوع. فكما يسيرالكون على نواميسَ ثابتة, نتشبه نحن به في صلواتنا ونسيرعلى نظام ثابت علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون الكون كله ساعة الصلاة, وهي ممتدة على سطح الأرض, ساجداً لله العزيز الحكيم, فما من دقيقة إلا وتجداً فرداً ساجداً لله عز وجل

قال تعالى في سورة الحج آية 18

الم تر ان الله يسجد له من في السماوات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم ان الله يفعل ما يشاء

صدق الله العظيم

الخلاصة

أن نظام صلواتنا الثابت يجب أن نستفيد منه في التأمل والشعور أننا حين نصلى على مناسكَ ثابتة أخذناها عن رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فإنما نكون في وئام مع الكون يحبنا ونحبه في الله عز وجل. ولا يجوز مطلقاً أن يصرفنا هذا النظام المحدد عن الخشوع والتدبر في الصلاة فإنه عكس المراد من رب العالمين


والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 7 أغسطس 2008

لا أحب الآفلين

السلام عليكم
كانت حجته البالغة على قومه, ابراهيم عليه السلام, كان يدرك أن قومه يؤمنون بوجود ربهم ولكنهم ضلوا الطريق في التعرف عليه فأراد أن يرشدهم بشكل عملي.
قال الله في كتابه الكريم في سورة الأنعام الآيات من 75 إلى 79
وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ *فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
صدق الله العظيم
القواعد التي اتبعها نبي الله أمام قومه في التعرف على الإله
1- أن من صفات المخلوق الأفول والغياب. ولذلك فقد رفض كل ما كان مآله إلى الأفول.
2- أن وجود الله مسلم به لنبهاء البشر فلا محل لعاقل نابه للحيرة في هذا الأمر. وإنما تكون الحيرة والتساؤل في التعرف على الإله وعلى ما الدور الذي أراده لنا أن نقوم به في الكون من الميلاد إلى الوفاة.
3- أن معرفة الإله وصفاته و الدور الذي أراده لنا أن نقوم به في الكون لابد لها من الاستعانه بالإله نفسه. فهو أقدر من العقل البشري على التعريف بنفسه.
تأمل أعمق في حجة الأفول
إن إبراهيم عليه السلام قدم سبيل الإيمان في حجته على قومه بطبيعة وجود الله عز وجل بالرغم من عدم رؤيته له ! وقد رأينا أنه يكره الأفول ويعتقد أن صفة الأفول يستحيل وجودها في الإله الحق. لفد فكر إبراهيم عليه السلام بجلاء غريب ونفوذ بصيرة مدهش. لقد وجد أن كل ما هو ظاهر لحواسنا المادية مآله إلى الأفول. وأنه لكي يجد الإله الحق الذي لا يأفل يجب ألا يبحث في فئة المُدركات المادية. فيجب أن يكون الله غير مدرك بحواسنا المادية حتى يجوز بديهيًا أن يتوفر فيه صفة عدم الأفول. وهكذا نرى عجباً, نرى أن إبراهيم عليه السلام توصل بقريحته المفطورة على التفكير العميق الجلي إلى أنه لكي تتوفر صفة عدم الأفول يجب أن يصاحبها شرط عدم الظهور المادي. فالله عز وجل هو غير آفل ولذلك فإنه يستحيل ظهوره لحواسنا الخمسة المادية! فالظهور لحواسنا المادية وعدم الأفول لا يجتمعان.
ملحوظة: هذا الأمر مُطَبَق في الحياة الدنيا فقط فقواعد الآخرة مختلفة ولا مجال لسرد الاختلاف في هذا المقال

حاسة الروح
إن الإنسان تعرف على الله عز وجل بإحساسه العميق بوجوده وهذا هو أصل الإيمان بوجود الله. فالمؤمن يحس بوجود الله عز وجل دون أن يدركه بحواسه المادية. ولكنها الروح, ذلك السر العجيب الذي يستخدم أجسامنا في التعايش مع الكون المادي. هذه الروح لها قدرة البصيرة التي ترى بها الله عز وجل رؤية أعمق وأجلى من رؤية البصر المحدودة.

أدلة وجود الله ... لماذا؟
إن استخدام الاستدلال على وجود الله هو من باب إزالة الدرن عن حاسة البصيرة الروحية. ونسرد بعض الأدلة على سبيل المثال لا الحصر:
1- اكتشاف بداية للكون وأنه محدود زمانًا ومكانًا وذلك ضد ما كان سائداً في طفولة البشرية العلمية, وبالتالي فإن وجود بداية للكون أصبحت حقيقة لا ريب فيها ولابد لكل حدث أن يكون له مُحدث.
2- الحياة واستحالة خلقها باستخدام العلم البشرى مهما ربا وتطاول. وقد تم التحدي بخلق ذبابًا أمد الدهر في القرءان الكريم. وهذا التحدي وإن كان دليلًا على وجود الله وتفرده بخلق الحياة فإنه يدل أيضًا أن القرءان الكريم هو من لدن العزيز الحكيم.
3- وضع قوانين الطبيعة من لدن الله تعالى وطاعة الكون لها طاعةً لله. حيث أن كل تصرف في الكون يمكن نظريًا "تبريره" بسلسلة من "الأسباب" تنتهي بالقوانين الأساسية للكون. ولكن من ألف هذه القوانين؟ واختارها بعناية تفوق التصور البشري؟ إنه الله تعالى.
4- قيومية الله على هذه القوانين حفاظًا على استقرارها (من حيث صيغها الرياضية وقيم ثوابتها الفيزيائية) وإمساكًا بهذا الاستقرار الكون أن يزول.

وأقول أن مثل هذه الأدلة وغيرها هي ليست للإنسان المؤمن بفطرته والمتمتع بحاسته الروحية التي يدرك بها معية الله وقيومته. بل أن هذه الأدلة هي كالدواء الذي يساعد من تلوثت فطرته وحاسته الروحية لكي يعود إلى صوابه باستخدام العقل ويجلى بصيرته من أدرانها, فينير الله حياته من جديد بنوره الذي أنار به السموات والأرض. فوجود الله أثبت من أن يُبرهن عليه فهو وجود بديهي ولذلك فإن العقل يستدل على وجوده بآثار هذا الوجود ولكن يستحيل عليه برهان وجوده لأن البديهيات لا يُمكِنُ برهانها!.

الإلف يُفقد الإنسان احساسه:
الإنسان لا يشعر بنعمة تنفسه للهواء من حوله ليل نهار بالرغم من قيام حياته بها ... لماذا؟ لأنه تعود على وجودها حتى أنه لا يكاد يشعر بها بالرغم من دورها البالغ في حياة الإنسان فالإنسان عادةً ما ينسى شكر الله على منحه نعمًا لمجرد أنها مستديمة !! وقد لا ينسى شكر الله (إن كان مؤمناً بلغة عصرنا) على النعم المؤقتة!, مع أن العقل يقضي بإن النعم المستمرة أولى بالشكر من النعم المؤقتة!! يالها من غفلة مضحكة مبكية. بل إنه مما يدعو للسخرية أن كثيراً من الناس أبدلوا شكر النعمة المستمرة بالغضب والتبرم من غياب هذه النعمة أحيانًا. وكأن هذه النعمة أصبحت حقًا مُكتَسبًا. ياله من جحود أو غفلة أو كليهما.

إلحاد الغفلة ... معناه
الإلحاد هو أكبر انتكاسة للعقل البشري وأعظم ارتكاسة للروح الإنسانية. وأسباب الإلحاد وأنواعه كثيرة وليس هذا المقام مناسبًا لسرد أسباب وأنواع الإلحاد. ولكننا سنتناول بالبحث هنا نوع واحد من الإلحاد هو ما أسميه "إلحاد الغفلة". إن فئةً من الجنس البشرى من دوام تعودها منذ أن كانت سليمة الفطرة على الإحساس بالله فقدت هذا الإحساس لإلفه وعدم تجديده فانقلبت من عمق الإحساس بالله إلى إنكار وجوده بالكلية واعتبرت أن الموجودات هي محصورة في الكون المادي فقط بل وتوارثت هذا الاعتقاد من جيل لآخر.
فلقد ذهبت حماقة الإنسان الملحد به إلى أن ينكر ما هو ليس بآفل لا لسبب إلا أنه ليس بآفل!!!

الوقاية من إلحاد الغفلة:
والوقاية من الغفلة عامةً هو تدريب النفس على عدم الإلف والتعود. فلو أن الإنسان صلى لربه عز وجل - حيث يكون العبد أقرب لله من أي وقت آخر ولاسيما وقت سجوده - بتدبر وتفكر في كل صلاة كأنها صلاته الأولى لله عز وجل. ولو أن الإنسان تفكر دوماً في أن الأصل في النعم هو "عدم وجودها" وليس العكس و وأن الاستثناء "هو رزق الله" إيانا هذه النعم. لو طبق الإنسان المسلم هذا لَشَكر الله كل صباح أن مد له نعم الأمس إلى اليوم ولم يقبضها منه وبالتالي يظل على صلة وطيدة بالله عز وجل عقلياً ونفسياً فيقل احتمال فتنة إلحاد الغفلة بعون الله ومشيئته. ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بطريقة عملية بذكره دوماً للأذكار اليومية في الأوقات المختلفة حتى تكون هذه الأذكار جُنةً ووقاية لنا من الغفلة حيث أن الكثير منها هو شكر لله تعالى على نعمه الغامرة. ولا يفوتنا هنا أن ننبه أنه لا يجوز لنا أبداً أن نغفل عن معاني الأذكار المروية بسيب كثرة قولها فنألفها ونعتادها. فلا يُعقل أن نغفل عن معاني الأذكار التي تقينا الغفلة!!

الخلاصة
الله عز وجل هو أظهر ما يكون لسليم الفطرة فهو ظاهر لبصيرته, فيكون يقينه بوجوده أكبر من يقينه بالحسوسات المادية. وفي الوقت ذاته, فإن الله عز جل هو أخفى ما يكون عن الحواس الخمسة المُفرغَة من الروح السامية والعقل الزكي الذكي.
وأخيرا أقول أن خفاء الله عز وجل عن حواسنا المادية مرتبط بقمة ظهوره تعالى لبصائرنا وعقولنا (عدم أفوله) . فالله تعالى هو الظاهر الباطن.
والله أعلى وأعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأربعاء، 7 مايو 2008

مُسَير أَمْ مُخَير (1)

السلام عليكم
إن مسألة التخيير والتسيير وموقف الإنسان منها هل هو مخير أم مسير في هذه الحياة أخذت من العقل الإسلامي حيزاً كبيراً لا تستحقه وأضاع الفلاسفة المسلمون وقتاً ثميناً فيها مع أن المسألة واضح حلُها وضوح الشمس في رائعة النهار إذا تأملنا الواقع وتدبرنا القرءان الكريم:

موقف الإنسان البسيط سليم الفطرة
إن معرفة موقفه لم يأخذ منه جهداً عقلياً لأنه تعامل مع الواقع مباشرةً. فهو عندما يريد أن يصلي فإنه يقوم ليتوضأ ويصلي وعندما يريد أن يحصد الزرع فإنه يحصده ببساطة. فاحتمال أنه مسير لا نجده يداعب خاطره أبداً ! فالأمر واضح جلى ولربما اتهم هذا الإنسان المفطور على التفكير البسيط القويم من يقول بالتسيير بالبله وقلة العقل, وذلك لا يتعارض مع ادراكه أنه يُفرض عليه عدة أمور كمكان وزمان ميلاده وأبيه وأمه ... ولكنه يعلم أن هذه الأمور ليست من أفعاله بل هي من قدره.

شرح القرءان الكريم للمسألة للبسطاء من الناس:
إن القرءان الكريم يعطي حلاً يتناسب مع الإنسان البسيط عقلُه حتى لا يحار في هذا الأمر فيقول الله تعالى مثلاً في سورة الكهف آية 29:
"وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا"
صدق الله العظيم
ونلاحظ هنا منهجاً هاماً اتبعه القرءان الكريم في تبسيط المعلومة وهو عدم الإخلال بصحة المعلومة من أجل تبسيطها كما يفعل عكس ذلك الكثير من الآباء حتى يبسطوا المعلومة لأولادهم الصغار فتراهم يغيرون ويبدلون في المعلومة ليستطيع الطفل أن يتخيلها كأن يسأل "أين الله؟" فنجيبه خطأً "في كل مكان".

شرح القرءان الكريم للمسألة لقوم يتفكرون:
ولكن القرءان ذاته يخاطب من هم أكثر تركيباً في فكرهم مع عدم الاخلال باستثاغة البسطاء في فكرهم لمعنى الآية ككل تدون تحليلها فيقول مثلا في سورة الإنسان آية 30
"وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"
صدق الله العظيم
وفي سورة التكوير آية 29
"وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"
صدق الله العظيم
وفي سورة الأنفال آية 17
"فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"
صدق الله العظيم

وفي الآيات السابقة جمع الله تعالى بين فعلين ومشيئتين, فعل الإنسان وفعل الله من جهة ومشيئة الإنسان ومشيئة الله من جهة أخرى. وفي هذا الجمع إثبات للمشيئتين وللفعلين معاً دون تعارض وإن التبس على بعض الأذهان وجود تعارض ظاهري ولم يفقهوا أن حل اللغز (التخيير والتسيير) كله في فهم هذا التعارض الظاهري على حقيقته ليكون توافقاً حقيقياً.

شرح لهذا التوافق
إن الله تعالى خلق الإنسان ونفخ فيه من روحه
قال الله تعالى في سورة الحجر آية 29
"فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ"
و قال في سورة الإسراء آية 85
"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا"
ومعنى "من أمر ربي" هنا الذي أراه, والله أعلى وأعلم, ليس معناه فقط أن ذاتها خافيةٌ خصائصُها ولكن أن فيها من صفات الله عز وجل وإن كانت صفات ليست كصفاته تعالى في سموها وكمالها. ومن أظهر هذه الصفات الرحمة والرأفة والقدرة على الحب و الإرادة الحرة, والصفة الأخيرة هي موضوعنا ها هنا إذ أن الإنسان حرةٌ إرادتُه تماماً وذلك هو مناط التكليف .... قال الله تعالى في سورة الأحزاب آية 72:
"إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"
صدق الله العظيم

وهنا نجد أمراً يدعو للتفكر, فإن الإنسان ليس بمالك إلا لإرادته الحرة فهو "يريد" دون قيد عليه ولكن تحول هذه الإرادة إلى واقع هو منوط بسماح الله عز وجل بهذا التحول حتى إن لم يكن راضياً عن الفعل وذلك ليكون الاختبار حقيقياً وتزر كل وازرة وزرها. وذلك المعنى الذي أراه لــ "وما تشاءون إلا أن يشاء الله" و "ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" أي أنه لن تتحول إرادتكم "الحرة" إلى واقع إلا بإرادة الله لها هذا التحول. فأنت تملك أن تريد تحريك ساعدك ولكنك لا تملك إطلاق إشارة القشرة المخية المسـئولة عن حركة الساعد في مركز الحركة في المخ بل الله تعالى هو الذي يطلقها لك. وبالتالي فأنت تريد والله يخلق لك الفعل المقابل لهذا الإرادة إن شاء.
قال تعالى في سورة الصافات آية 96
"وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ"صدق الله العظيم
الخلاصة:
أن الله تعالى خلقنا ونفخ فينا من روحه التي تتميز بحرية الإرادة فنحن نريد والله يخلق لنا أفعالنا المقابلة لإرادتنا إن شاء أن يحول إرادتنا إلى واقع ملموس. وبهذا فإن الإنسان مخير ولكن تخييره لا يتيح له الفعل بل الفعل بيد الله تعالى فهو خالق كل شئ ومن ضمن الأشياء هو أفعالنا.

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

تأمل في عدم التحدي الصريح بآية قرآنية

السلام عليكم
التحدي الصريح المُبْهِت
لقد تحدى الله عز وجل صراحة في كتابه العزيز أي كائن ذي عقل أن يأتى بمثل هذا القرءان في شموله للمنهج القويم للبشر في حياتهم حتى يبلغوا الفلاح بعد مماتهم وحتى يؤدوا ماأراده الله منهم على النحو الذي أراده الله. هذا فضلاً عن التحدي بالإتيان بمثل هذا المنهج في كتاب بليغ فصيح جلي بهي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
قال تعالى في سورة الإسراء - آية 88
صدق الله العظيم
ولكن أنى لمخلوقات لله أن يأتوا بكلام مثل كلام الله مهما كانت قوة قريحتهم وفصاحتهم؟!
وإمعاناً في تحدي المنكرين أن القرءان الكريم من لدن عزيز حكيم فقد تحدى الله العالمين أن يأتوا بعشر سور من مثل سور القرءان
قال تعالى في سورة هود- آية 13
صدق الله العظيم
فلما كان هذا بعيد المنال عن البشر وأشعرهم بعجزهم فقد تحداهم الله بالإتيان بسورة واحدة من مثل القرءان الكريم مهما صغرت هذه السورة
قال تعالى في سورة البقرة الآيتان 23 و 24

وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ
صدق الله العظيم
ولقد فشل العالمون في هذا التحدي بالرغم من نزول القرءان في العصر الماسي للغة العربية, لغة القرءان, وما زلنا نطالع فشلهم وخيبتهم على صفحات الأنترنت كل يوم في محاولات بائسة يائسة يريدون بها أن يكذبوا الله فما كان منهم الا أن أتوا بكلام أخرق أبعد ما يكون عن أن يُنعت بأنه "مثل القرءان" فأثبتوا صدق القرءان الكريم بأنفسهم بدلاً من أن يثبتوا كذبه, فيالها من خيبة تتبعها حسرة!!
قال تعالى في سورة الأنفال - آية 36
صدق الله العظيم
لم يتحد القرءان البشر بآية واحدة ..لماذا؟!! .... نظرة تأمل
إن الإنسان إذا فكر في هذا الأمر بسطحية فإنه قد يستنتج أن العالمين قادرون أن يأتوا بآية من آيات القرءان ولهذا لم يتحدهم الله بالإتيان بها. ولكن مهلاً مهلاً . إن المتدبر في القرءان الكريم يجد أن الآية الواحدة مُعجزة للمُتحدين. وهذا التدبر يقودنا إلى التفكر في سبب أكثر قرباً للعقل السليم من السبب السطحى الأول.
إن التحدي هنا يأتي في أشد صوره على عكس المُتوقع فإنه إذا اتفقنا أن الكلمات هي لبنات بناء اللغة العربية فإن آي القرءان هي لبنات بنائه وبالرغم من أن هذه اللبنات مُكونة من الكلمات العربية ولكنها لبنات كلام الله وليس كلام البشر. إن المتأمل يجد أن هناك تحد عظيم في عدم التحدي بآية !!! ماهو؟
كأن الله تعالى يقول للعالمين "أنا لم أتحدكم بآية لأتيح لكم الفرصة أن تستخدموا لبنات بناء كلامي "الآيات" كما هي في الإتيان بسورة من مثل سور القرءان! فاستخدموا الآيات مفردات كما هي كلبنات بناء بدلاً من الكلمات ولكن بتصميم مختلف عن تصميم القرءان وستفشلون أيضاً في إيجاد سورة من مثل سور القرءان" من حيث خصائصها الإعجازية
إنه تحد فيه تيسير المهمة عليهم . ياله من تحد !! إنه ضربة قاصمة لهم عندما يفشلوا فيه بالرغم من هذا التيسير
فسبحان الله الملك العزيز الحكيم

تحدى خلق كائن حي مُعقد مثل الذبابة .... هل من وجه تشابه؟
بالطبع يوجد اختلاف أساسي هنا بين كلام الله ومخلوقاته لأن كلام الله منزل ومخلوقاته مخلوقة. ولكننا هنا نتوقف عند وجه التشابه لا الاختلاف.
قال تعالى في سورة الحج آية 73
صدق الله العظيم
ويتكرر السؤال هنا... لماذا لم يتحد الله البشر بخلق خلية حية؟!
قد يثب رداً على هذا السؤال إلى الذهن بأن البشر في عهد نزول القرءان لم يعرفوا كائناً أحقر من الذبابة, ولكني أجد هذا كلاماً مردودا عليه لأن الله تعالى نزل كتابه ليهدي به كل البشر في كل العصور حتى قيام الساعة. ويستطيع ربنا حتماً أن يلمح بمعنى الخلية حنى يفهمها من هم في عصرنا. وقد حدث ذلك في القرءان الكريم عندما تحدث القرءان عن شئ أصغر من الذرة (أصغر شئ يعرفه البشر في أي عصر).
قال تعالى في سورة سبأ آية 3
صدق الله العظيم
هنا نجد معنى مشابه جدا لعدم التحدي بآية مفردة فكأن الله تعالى لم يتحد العالمين بخلية مفردة ليقول لهم "استخدموا لبنات بناء الكائن الحي الذي خلقه الله (الخلايا ) مفردة كما هي في بناء كائن حي في معاملكم من مثل الكائنات المخلوقة (الذبابة كمثال) - لكن بتصميم مختلف والا فإنكم حينئذ لم تفعلوا إلا التقليد! - ولن تستطيعوا".
الاستنتاج

لم يتحد الله العالمين بآية إمعاناً في إشعارهم بالعجز عن إنشاء سورة من مثل أصغر سور القرءان ولكن باستخدام الآيات المفردة كما هي كلبنات بناء للسورة المفتراة ولكن بالطبع بترتيب مختلف
والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 8 أبريل 2008

تأملات في معنى السعادة

السلام عليكم
تأملت كثيراً في معنى السعادة وفي تعريف جامع مانع لها فلم أجد إلا أنها شعور لا يوصف باللغة بشكل دقيق ولكني بالرغم من ذلك لم استسلم في محاولة الاقتراب من معناها وإن لم أصل إليه.
السعادة شعور داخلي بحت
وجدت أن السعادة هي شعور داخلي بحت. فإن كان شعور الإنسان بالسعادة معتمداً على الظروف التي يتعرض لها فليوقن أنه واهم وأن هذا الشعور الذي يشعره هوأي شئ آخر عدا السعادة
معنى السعادة
وجدت أن معنى السعادة له علاقة بالروح واسرارها فكما قلنا آنفاً السعادة هي شعور داخلي بحت وبالتالي فليس لها علاقة البتة بحالة الجسد ولا المحيط بالجسد (الكون), بل إنها حالة روحية جميلة. إذن السعادة مرتبطة بحلاوة الروح وجمالها
ولكن ما هو الجمال
الجمال المطلق هو جمال الله عز وجل فكل ما صنعه الله عز وجل جميل ارتشافاً من جمال الخالق, والإنسان بحرية إرادته التي وهبها الله له إما أن يتناغم مع هذا الجمال ويحافظ عليه وإما أن يفسده
ولكن كيف تكون الروح جميلة؟
لقد ذكرنا أن الإنسان السعيد هو الإنسان الذي يكون في حالة من جمال الروح وحلاوتها وذكرنا أيضاً أن الله عز وجل هو مصدر الجمال ومرجعيته. إذن السعادة الحقيقية هي حالة من تناغم الروح مع بارئها
قال الله تعالى
"فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ"
صدق الله العظيم
فالله تعالى نفخ فينا من روحه الجميلة وكفل لها حرية الإرادة فإما أن تريد هذه الروح ما يرضى عنه ربُها فتكون سعيدة متناغمة مع بارئها عز وجل فتستمد منه جمالها ويكون صاحبها سعيداً بغض النظر عن حالة الوسط المحيط به من جسد وبشر وكون
قال تعالى
"مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ"
صدق الله العظيم
, وإما أن تريد أن تنشز عن طاعة ربها والإيمان به فتكون في حالة أخرى غير حالة الجمال والبهاء أي تكون في حالة مغايرة للسعادة.
الحب وعلاقته بالسعادة
إن السعادة الحقيقية لا تتأتي إلا من حب من لا يفنى ولا يتركك ويبتعد. كثير من الناس يظنون أن السعادة في حب بشر مثلهم ولكن هيهات هيهات فهذا البشر مفارقك لا محالة إما بحوادث الدنيا وعوارضها وإما بالموت.
السعادة الحقيقية في حب من لا يفنى
إذا تأملنا في علاقة الحب والسعادة فسنجد يقيناً أن السعادة الحقيقية لا تتأتى إلا بحب الذات التى لا تفنى وهو الله عز وجل الباقي الله عز وجل الأول الله عز وجل الآخر. والمحب دائماً يريد أن يتقرب ممن يحب والتقرب من الله لا يتأتى أبداً بمعصيته بل بطاعته ليحدث التناغم بين الروح وبارئها الذي ذكرناه آنفاً
يقول الشاعر
تعصي الإله وأنت تظهر حبه *** هذا لعمري في القياس بديع.
لو كان حبك صادقاً لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع
الاستنتاج
إذا أردت السعادة فعليك بحب واهب السعادة والتقرب إليه وأعلم أنه ما من مخلوق يستطيع إمدادك بالسعادة فهي هبة من الله عز وجل لمن يتقرب إليه ويطيعه ولا يجعل روحه ناشزاً عن أوامر نافخها فيه فيستمد من جمال الله فتكون روحه جميلة بهية فيكون سعيدا بغض النظر عن الأحوال الخارجة بحلوها ومرها

والله أعلم
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأحد، 23 مارس 2008

تناغم المسلم مع الكون

السلام عليكم
قال الله تعالى في سورة النساء آية 103
فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا
صدق الله العظيم


تأملت في معنى "كتابًا موقوتًا " فقلت في نفسي "على أي ميقات نؤقت صلواتنا؟" فوجدت أننا نؤقت لصلواتنا حسب أطوار الشمس من خلال اليوم

وقال تعالى في سورة البقرة آية 183
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
صدق الله العظيم
فتأملت من أين لنا معرفة ميقات شهر رمضان الذي نصومه, فوجدت الإجابة في أننا نستعين بالقمر وأطواره لمعرفة الشهور عامة ورمضان خاصة.
ثم وجدت قوله تعالى في سورة البقرة آية 203
وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
صدق الله العظيم
فوجدت أننا نعلم ميقات الحج إلى بيت الله العتيق من القمر كما قال تعالى في سورة يونس آية 5
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
صدق الله العظيم

وأيضًا وجدت نفس المبدأ منطبقًا على الزكاة, هذه العبادة الهامة التي نخرج أموالنا فيها تزكية لأنفسنا بعد مرور عام قمري كامل على نصاب أموالنا .... وها هنا تظهر حركة القمر في فلكه من جديد في تناغم مع عبادة الزكاة

ثم تأملت في الشمس والقمر والنجوم والمجرات والكون بأسره من أكبر مجرة لأصغر جسيم أولى فوجدته يسبح طائعًا لله باتباع قوانينه ساجدًا له معترفًا بفضله
قال تعالى في سورة الحج آية 18
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء
صدق الله العظيم
ففكرت مليًا في علاقة الإنسان بالكون من حوله وعلاقتهما معًا بالله عز وجل فوجدت الإنسان نوعين

1- نوع طائع لربه متبع لأمره فهو في تناغم مع الكون من حوله يحمد الله على تسخير الكون له يفرح بالكون كما يفرح الكون به!! نعم فالكون منسجم معه يراه جزءًا منه صديقًا له لأنهما يعبدان الله معاً وحتى في نفس الأوقات !! فالمسلم يعبد الله مع عبادة الشمس له (الصلاة) ويعبد ربه مع عبادة القمر لله (الصيام والحج والزكاة) . وبهذا يكون المسلم معززًا مكرمًا في كون الله الذي سخره لأجله يحس بأنه في قصره الرحب الجميل

2- نوع غير طائع لله أراد بحريته التي منحها الله له أن يعصي ربه فكان بهذه المعصية نشازًا في الكون يعاف الكون من حوله ولا يتأمل فيه ولا يتفكر في حسنه وحسن خلقته كما يعافه الكون من حوله فيود لو أن له الحول والقوة لطرد هذا الناشز عن نغم عبادته الجميل خارجه ليقول له "لا مكان لك بيننا فنحن جميعًا نعبد الله الفرد الصمد" . وبهذا يحس الغير مسلم بالضعة والهوان ويحس أنه نقطة مهينة في وسط كون فسيح لا يلتفت إليه ولا يهتم به. في وسط كون لم يُخلق لأجل الحياة (من وجهة نظر الكافر) بل خُلق معاديًا للحياة غير مهيئ لها.

الاستنتاج
كن كريمًا بانسجامك مع الكون من حولك في طاعة الله لتكون في سعادة وحب مع نفسك ومع الكون من حولك ومع الله فائزًا فوزًا عظيمًا في الفردوس الأعلى من الجنة ولا تكن مهينا وضيعًا بنشوزك عاصيًا لله معلنا حربك على من أكرمك بإيجادك من عدم .... خاسرًا خسرانًا مبينًا في دار القرار

والله أعلم

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الفيروس ووجود الله

السلام عليكم
الفيروس .... ماهو؟
الفيروس هو مجموعة من الجزيئات مرتبة ترتيبا خاصا يسمح لها بتغيير خصائص الخلية الحية مما يجعلها تعمل لصالحه هو وتنتج منه نسخ مطابقة له مما يعدي خلايا حية أخرى وهكذا وبالتالي يتكاثر الفيروس بشكل اسي مع الزمن. وهو لا يفعل ذلك فحسب بل يسبب ضرراً للجسم الحي العائل له في أغلب الأحوال أو كلها.

صفات الكائن الحي وموقف الفيروس منها
وجد علماء الأحياء أن للكائن الحي صفات عديدة منها على سبيل المثال الحركة والتغذي والإخراج والتكاثر ولكن عندما نتأمل في الفيروس نجد أنه لا يمتلك من هذه المقومات الا التكاثر فقط وذلك فقط عند وجود عائل حي له ولا يستطيع فعل ذلك في حال عدم وجوده بالعائل الحي.
يتبقى هنا السؤال قائما ---- هل الفيروس كائن حي؟

هل الفيروس كائن حي؟
الفيروس الحيوي كفيروس الحاسوب
إن المتأمل في تصرف فيروس الحاسوب يجد انه برنامج صغير يفعل شيئين
1- يتكاثر عن طريق تغيير برمجة برامج الحاسوب وتوظيفها لانتاجه
2- يضر بالحاسوب في أغلب الأحوال أو كلها!
ولتطابقه في صفاته مع الفيروس الحيوى أخد اسمه منه!
مما لا شك فيه أنه ما من عاقل يستطيع نعت فيروس الحاسوب بالحياة لمجرد تكاثره بالاستعانة ببرامج الحاسوب!! ولذلك فإنه بالقياس لا يمكننا أن نعد الفيروس الحيوي كائناً حياً وإنما هو لا يعدو أن يكون برنامجاً حيويا يغير في برمجة الخلايا الحية

الفيروس دليل ناصع على وجود الله
ولكن مهلاً يوجد شيئ مثير ها هنا ... الفيروس حسب هذا الفهم هو برنامج يفعل وظيفة محددة ويتكاثر مع أنه ليس حياً وبالتالي لا يمتلك غريزة حب البقاء. عجباً عجباً إنه دليل واضح على وجود من برمجه ورسم له خطته التي يؤثر بها في الخلايا الحية ... إنه الله عز وجل بارئ السماوات والأرض ... أليس كذلك؟؟ إنه دليل واضح على أقل تقدير كوضوح دليل وجود من صنع فيروس الحاسوب من البشر !!!

قال تعالى في سوره طه آية 50
قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى
صدق الله العظيم

الاستنتاج
إن وجود الفيروس من الأدلة الواضحة التي تتحدي الملحدين وتلجمهم بحقيقية وجود الله عز وجل وهدايته لمخلوقاته

والله أعلم

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأربعاء، 20 فبراير 2008

الفهم الكامل للكون -- هل من سبيل؟!

السلام عليكم
يوجد الكثير من العامة - بل وللأسف من العلماء - يظنون أنه بإمكان الجنس البشري أن يصل إلى فهم كامل للكون وما يجري به, وقد نسى هؤلاء الفئة أو تناسوا حقيقة بسيطة وهي أنه لو صمم إنسان عبقري ماكينة ما فإنه من المستحيل على من هم أقل منه ذكاءاً بمراحل عدة أن يسبروا غور تصميم الماكينة إلا بمساعدة من هذا المصمم العبقري.
هذا اذا أخذنا بعين الاعتبار تصميم عبقري لمصمم عبقري من بني آدم, فما بالنا بخالق هذا الكون الفيسح وتصميمه؟! إن الذي صمم الكون والقوانين التي تحكمه ليس إنساناً عبقرياً بل هو الله الواحد الأحد القدير الذي ليس كمثله شئ. فكيف لنا بعد هذه المعرفة أن نخدع أنفسنا بأنه بإمكاننا أن نفهم تصميم الخلق في كونه دون عون منه لنا على هذه العلم؟!! فقد قال تعالى في سورة البقرة آية الكرسي
"ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء"
صدق الله العظيم

وهذا كما أوضحنا أعلاه منطقي بل بديهي. فالعجب كل العجب لمن يتيه به صلفه وغروره إلى الاعتقاد أو حتى الظن أنه يمكن أن يفهم الكون فهماً كاملاً.

إن المسلمين قد ارتكبوا جرماً عظيماً عندما فرطوا في علوم الكون وتخاذلوا في تحصيلها وتركوها لغير المسلمين الذين قد لا يجدون حرجاً أن يتطاولوا على الله عز وجل حتى أننا نجد من علمائهم من يتجرأ على الله عز وجل قائلا "أنا بصدد أن أعرف كيف يفكر الله" ياله من حمق وغرور لا يغتفر!!! أأنت أيها الإنسان الحقير ستفهم كيف يفكر الله. ياله من صلف وسوء تقدير.

إن هذا التفكير لا يسانده عقل ولا دين فالعقل يخبرنا بأننا المخلوقين الضعفاء يستحيل علينا فهم تصميم هذا الكون المُعجز دون عون من الله. والدين ينهانا أن يخطر ببالنا ولو مجرد خاطرة أننا قد نصبح أندادا لله مهما ازددنا علماً . فالعلم أولاً وأخيرا هبة من الله عز وجل
والله أعلم
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم