الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

نعمة قصور حواسنا !!

السلام عليكم

مقدمة
===
ربما يظن بعض الناس أن تكويننا البشري أقل شأنًا من بعض المخترعات الحديثة التي تستطيع أن تكتشف نطاق واسع من ترددات الضوء أو الصوت على سبيل المثال, نطاقًا أوسع من ذلك الذي نستطيع نحن البشر أن نكتشفه بحواسنا التي رزقناها الله تعالى. تُرى هل هذا الظن صحيح؟ ذلك ما سنحاول التفكر فيه في هذا المقال

حساسية الضوء
=========
من المعروف أن العين البشرية تستطيع أن ترى نطاقًا محددًا من الأطياف الضوئية (ترددات موجات الضوء). لنحاول معًا تخيل ماذا يحدث لو كنا نرى نطاق أوسع من تلك الترددات.
تخيل لو أننا نستطيع مثلًا رؤية موجات اتصال أجهزة الهاتف النقال! وموجات ارسال المذياع والتلفاز, هل تستطيع كبشر تحمل رؤية الموجات التي تخترق منافذ بيتك وجدرانها نهارًا وليلًا؟ إنك حينئذ سترى ضوءا خافتًا دائمًا يخترق جدران بيتك إلى أي مكان فيه. ربما يبدو هذا الأمر مُحتملًا في وضح النهار عندما تكون المنافذ مفتوجة ليتلألأ ضوء الشمس في شرفات البيت, ولكن أسيكون محتملًا في الليل؟ سيكون مزعجًا جدًا أن نرى جدران المنزل مضيئة بالليل لاختراق الموجات لها, بل الأكثر ازعاجًا ويمكن أن يصيب الإنسان بانهيار في جهازه العصبي أن جفن العين لا يحجب تلك الموجات وبالتالي سيراها الإنسان حتى عندما يحاول أن ينام وسينتهي الليل من حياة الإنسان مع أهميته القصوى للسكن والراحة.
قال تعالى
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ"
صدق الله العظيم
بل أن الليل سينتهي حتى لو لم تعبث التقنيات الحديثة بسكنه وسكونه, سينتهي بسبب الخلفية الميكرويفية للفضاء من حولنا, فضلًا عن الآشعة السينية وآشعة جاما المتولدة من تفاعل النجوم داخل مجرتنا مع بعضها.
حساسية السمع
========
تخيل أن أذنك نستطيع أن تسمع الترددات القليلة جدًا أو الترددات العالية جدًا ... هل ستستقيم لك حياة بهذه القدرة الفذة؟!
الإجابة هي لا بالطبع! لأن الهواء ممتلئ بالموجات الصوتية العالية التردد جدًا والصغيرة التردد جدًا ومعظم هذه اﻷصوات هي في الواقع ضوضاء لا يحتاج الإنسان لسمعها, بل إن سمعها سيكدر عليه صفو حياته وسيفقده تركيزه عما يريد سمعه من الأصوات وربما يودي بحياته كلها نتيجة للتوتر الدائم الذي سيصاب به من تنوع وشدة الإصوات التي يسمعها .
بل تخيل أنك أصبحت ذا قدرة هائلة في سمع جميع الأصوات مهما كان ترددها, إنك ستسمع موجات الرنين للأجسام الضخمة مثل البنايات الشاهقة العلو, فهي تصدر موجات رنين فائقة الصغر في ترددها, وأيضًا ستسمع الترددات الصوتية العالية جدًا الناتجة عن موجات رنين الأجسام الصغيرة جدًا الموجودة حولنا, فحتى ذرات التراب لها موجات رنين ذات ترددات فائقة في الكبر.

الخلاصة
=====
ما قد نظنه بتعجلنا في إصدار الأحكام نقصًا في بنيتنا البشري هي من تمام خلق الله تعالى للإنسان خلقًا يليق بتكريمه إياه وجعله السمع والأبصار والأفئدة وسائل لتعلمه من الكون حولنا من لحظة ميلاده إلى موته, ولولا هذا النقص المقصود في قدرات حواسنا لما كَمُلَ خلقنا.
فسبحان الله الذي أتقن كل شئ صنعًا.



والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

عندما تقسو القلوب

السلام عليكم

شتان شتان بين ثلاث

بين الصبر على الآلام والجزع منها وفقدان الإحساس بها, لا يستوون بل يتباعدون.

فالصبر على الآلام هو كظم لجزع الجوارح من الإنسان مع إحساس مرهف دفين يختلج ويموج في الأعماق, إحساس هو تمامًا كَلُبِ بركان ثائر مغمور في بحر الرضا, فما تلبث ثورته أن تحيا حتى يطفئها ويطببها ماء البحر المحيط بالفوهة من كل جانب, يطببها ببرده وسلامه, فيخرج من البركان معادن نقية تمكث في قاع البحر لتمنح دفئًا يحيي كائنات قاعه التى كادت تبرد من السقيع, وهذه هي ثمرة الرضا والصبر

أما الجزع من الآلام فهو إطلاق سراح جوارح الإنسان ولسانه, يتخبطون بما لا يُرضي ربًا ولا عبدًا, مع إحساس هائج يظهر منه أكثر مما يبطن. هذه المرة بركاننا يكون بريًا, تعلو فوهته فوق السحاب, يقذف حمائمه الخبيثة في كل مكان ليمطر بها البلاد والعباد محرقا بها كل ما تقابله أو يقابلها من أخضرٍ ويابس, ولكن ربما نجد لهذا الحريق تجديدًا للحياة وإثمارًا لها من جديد في سلام وأمان

وأخيرًا حيث ينبغي أن يكون مكانه في هذا المقال, الذي استعار اسمه منه!!, يأتي التبلد وفقدان الإحساس وقسوة القلب. قسوة القلب التي خلفت موته عندما مرت عليه أزمانٌ سحيقة! والتبلد في الإحساس يجعل صاحبه مستحقًا بجدارة لا تُضاهي بتمثيله بجبل ميتٍ لا يحتوي لبُه أي حراكٍ ولا حتى مَوات!!. هذا الجبل الموحش المتقبح بصلادة لبه لا ينفع بل هو عائقٌ يخفي نور الشمس عمن حوله.

ولكن سبحانك ربي فلم تخلق شيئًا إلا وله نفع وإن كان غير واضح للعيان.

قال تعالى "الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" صدق الله العظيم

فكفى بالقلوب القاسية من فائدة أن تجعل القلوب الحية أكثر إخباتًا خوفًا على نفسها من التحول لهذا النقيص وذلك عند معايشتها لها ودفع هشاشة صلادتها بمتانة غضاضتها.



الجمعة، 26 نوفمبر 2010

امتحان الحياة

السلام عليكم
كل امتحان هو اختبار في شئ ما. أما الحياة فهي الامتحان بحق! الامتحان الذي فيه الاستذكار والاختبار في نفس الوقت, فكل المعلومات أمامنا فيه من كتب مقروءة وكتبٍ كونية محسوسة. وأما الموت فهو نزع ورقة الإجابة منك في وقت لا تعلمه, وأما الحساب في الآخرة فهي ظهور نتيجة الامتحان, وأما التنعم بالجنان أو العذاب بالنيران فهو ما يترتب على نتيجة الامتحان


هل يتخيل عاقلٌ أن يفلح في الامتحان وهو أحد هؤلاء:
==============================
1- لا يعرف (أو يعرف ولا يدرك) أصلًا أنه في امتحان --- هو أبعد من أن يكون إنسان
2- يعرف أنه في امتحان وينكر هذه الحقيقة 
3- يعرف أنه في امتحان ويجيب الإجابة الخاطئة وهو يعلم أنها خاطئة !! 
3- يعرف أنه في امتحان ويتناسى هذا بخمور اللذة الزائلة 
4- يعرف أنه في الامتحان ويتناسى أن له نهاية أو يظنها على بعد اللانهاية!! 
5- يعرف أنه في الامتحان وكلما جاءته معلومة لتساعده على الإجابة داس عليها بالأقدام وأعرض عنها ..
6- يعرف أنه في امتحان غير معلوم الوقت, في لجنة امتحان مكشوفة للمراقب, ويحاول أن يتخفى منه ليفر من حتمية تسليم الورقة --- ولكنه يصطدم بحقيقتين إن فعل ذلك, حقيقة نزع الورقة, وحقيقة كونها فارغة أو مليئة بالترهات!!

أيٍ من هؤلاء أنت؟ أم أنك نجوت ولست منهم؟


من سيفلح؟
=======
من يدرك تمامًا أنه في امتحانٍ جدٍ ليس بالهزل, ويستذكر بهمة ما أُتيح له من المعلومات, بعد التحقق من صحتها وكشف الزيف فيها, بفهم على قدرِ ما أُوتي من قريحة, وإحساس على قدرِ ما وُهب من وجدان, ثم يجيب بهذا كله على قدر ما استطاع من قوة وهمة.


تذكر الموت دافع للحياة!
============
هل تذكر الموت مدعاة للحزن والعبس؟ بالطبع لا, والله ما أجد تذكر عدم معلومية وقت الامتحان إلا الزيادة في الهمة والنشاط في الإجابة على الامتحان بروحٍ عاليةٍ وعقلٍ رزينٍ, وذلك ﻹنجاز أكبر كم من اﻹجابات الصحيحة قبل نزع الورقة. وهذه اﻹجابات الصحيحة هي العمل بهمة على ملئ فراغ الورقة طوال وقت اﻻمتحان وليس في اﻷماكن المخصصة للفروض فقط.
وهل يتعارض هذا مع الترفيه الحلال المسموح به, بل المأمور به, من حين لآخر, في الامتحان؟ لا أبدًا ,بل يتوافق تمامًا مع تعليمات اﻹجابة, وذلك لاستعادة الهمة والزخم في الإجابة الموجبة لحصول الفلاح.
وهل الهمة في الإجابة دومًا استعدادًا لنزع الورقة في أي وقت إلا الحياة السعيدة الزاخرة الغضة؟


والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران


تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الجمعة، 1 أكتوبر 2010

حياة المسلم بين الهوية والتكيف

السلام عليكم

للكائن الحي خصائص يتميز بها عن العالم الجامد غير الحي ومنها, على سبيل المثال لا الحصر, النمو والتغذية والتكاثر والاستجابة لمؤثر خارجي والهوية والتكيف!

الهوية
ماذا نقصد بالهوية؟ مثال: كائن حي مثل السمك الذي يعيش في البحار المالحة, هل يكون لحمه مالح الطعم؟ الإجابة هي لا! لأنه يقاوم الوسط المحيط الذي يحاول أن يكسب هذا الكائن خصائصه. وطالما احتفظ الكائن بصفاته مغايرة لصفات الوسط المحيط وملائمة لمصلحته هو كان كائنًا حيًا, أما عندما تخور قواه ولا يصمد أمام التغيير المفروض عليه من الوسط فنستطيع القول بأن هذا الكائن قد مات! إنك إن اصطدت سمكةً ميتة من البحر لوجدت ما تبقى من لحمها مالحًا.




التكيف
ماذا نقصد بالتكيف؟ مثال: كائنات حية عديدة في الطبيعة يكون لونها مطابقًا للون الوسط الذي تعيش فيه. لماذا؟ كي تختبئ من أعدائها وفرائسها, فمن المصلحة ألا يراها كلاهما وإلا ماتت فريسةً أو ماتت هالكة من الجوع. ولكن تكيفها هذا لم يجعلها مثل الوسط الذي تكون فيه في جوهرها وطبائعا الأصيلة, بل إن لها هويتها الخاصة التي لولاها لما تمايزت عن باقي الكون.
إذن ما هو دور التكيف؟ إن التكيف الذي خلقه الله تعالى في الكائنات هو الذي يحافظ على هويتها من الزوال, أي يحافظ عليها من الموت.

ولكن ماذا لو أن تلك الكائنات لها أيضًا من المحتوى والطبيعة الباطنة ما يطابق محتوى وطبيعة الوسط المحيط؟ هل تكون بذلك أكثر تكيفًا وبالتالي أكثر حفاظًا على حياتها؟!
في تلك الحالة لن يقترب أي عدو منها! , نعم بالطبع, هذا صحيح!! ولكن سيكون ذلك على حساب وجودها نفسه, فكون محتواها وطبيعتها بالكامل كالوسط المحيط هو ضياع لهويتها, أو بمعنىً آخر, هو ضياع لذاتها!

**نستنتج مما سبق أن الحياة تحتاج الهوية بدرجةٍ أولى وتحتاج للتكيف بدرجة ثانية, ليس لذات التكيف, ولكن للحفاظ على الهوية.

الهوية الفكرية للإنسان وعلاقتها بالتكيف
إن الإنسان لو كان ذا مبادئ وعقائد لا تهتز مع رياح الظروف ولا مخالطة أناس مغايريين له في مبادئه وعقائده الأصيلة الداخلية, إنه حينئذٍ يكون "حيًا فكريًا"!!, لماذا؟ لأنه يكون له شخصية وهوية فكرية وعقائدية.
ولكن هل يمنع وجود شخصية صلبة لا تتغير بالداخل تكيفَ العوامل المتغيرة من فكر الإنسان مع البيئة الفكرية المحيطة ومع الزمان والمكان؟ الإجابة: لا, لأن التكيف مع ظروف العصر مع الحفاظ على الهوية تجعل الإنسان صلبًا فكريًا من الداخل ومرنًا فكريًا من الخارج وهذا يتيح له التعايش في المجتمعات الغريبة عنه فكريًا دون أن تزول هويته فيها أو بلفظ آخر دون أن يموت فكريًا فيها!

ولكن ماذا عن وجود إطار فكري خارجي قابل للذوبان بدلًا من كونه مرنًا؟ ماذا عن وجود ذلك الإطار الهش وسط أعاصير الأوساط الفكرية المحيطة؟ إنه الذوبان, ومن ثم الوصول للقلب الفكري والعقائدي للإنسان وذوبانه هو الآخر في تيارات الأوساط المحيطة. هل هذا تكيفًا يساعد على الحياة؟ لا, إنه "تكيفٌ" قاتلًا يجعل الإنسان يذوب فكريًا بالكامل في الأوساط الفكرية المغايرة له ومن ثم يختفي فيها, فلا تجد له شخصية ولا هوية وذلك هو الفناء بعينه!

المسلم وسط المجتمعات غير الإسلامية
ينبغي على المسلم في المجتمعات غير المسلمة أن يمارس كلًا من الحفاظ على هويته من الداخل ومرونته من الخارج في الآن ذاته بحيث لا يذوب فيها فيموت فكريًا ولا يتصلب فيها رافضًا للتكيف فيموت أيضًا بانكساره. وليس هذا منافيًا للإسلام أبدًا, فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام يمتلكون عقيدة لا تُنخر بحال ولكنهم في الآن ذاته حافظوا على شعائرهم ودعوتهم في طي الكتمان حتى قويت شوكتهم فأعلنوا كل هذه الأمور, وفي هذا مثال رائع على التكيف غير المضيع للهوية والهوية غير القاتلة لنفسها بعدم تكيفها.

مناسبة الإسلام لكل زمان ومكان وضحد العلمانية
يقول العلمانيون: هل تريدون أن تطبقوا علينا دينا نزل من أكثر من 1400 سنة؟ كيف هذا والدين ثابت والإنسان يتغير.

وأقول أنكم أخطأتم في معطيات المسألة فلا الدين ثابت بالكلية ولا الإنسان متغير بالكلية.
الإسلام هو بمثابة كائن حي نزل إلى كائن حي وهو الإنسان. فكما أن الإنسان قادر على التكيف بدون ضياع هويته فالإسلام كذلك. إن الإنسان الذي أنزل الله له الإسلام يتعامل مع باطنه الثابت الذي لا يتغير وذلك لما له من صفات دفينة وغرائز متوطنة, ويتعامل أيضًا مع الأجواء المحيطة التي تتغير.
كذلك الإسلام ففيه الجزء الثابت وهو ما نزل به نص صحيح صريح لا يحتمل التأويل وفيه الجزء الذي سُكت عنه أو نوه عنه بنصوص صحيحة غير صريحة تحتمل التأوليل أواختلاف الأفهام فيها, وهذا الأخير هو الجزء المُتكيف من الإسلام.
فالإسلام عقيدة وشريعة. والعقيدة وما نزل من الشريعة بنصوص صحيحة صريحة يمثلان لب الإسلام الذي يتميز به عن باقي الملل والنحل وتقوم به هويته. أما الجزء من الشريعة الذي يحتمل التأويل ففيه سعة لاختلاف الأفهام باختلاف الظروف والزمان والمكان, والجزء الذي سكتت عن الشريعة هو من باب المباحات أو المصالح المرسلة التي يُترك للناس تحديدها بالشورى بينهم ويكون ملزمًا للجميع بكونه جزءًا من الشريعة بعد التشاور والاتفاق عليه. أقول أما الجزءان الأخيران فهما يكسبان الإسلام مرونة قوية تحميه من الانكسار وسط موجات التغير.

وبهذا يتضح أنه طالما وُجد الإنسان فالإسلام صالح له لأنه نزل له, يكسب المسلم هويته التي لا تتغير ويكسبه التكيف الذي يستطيع به مجاراة تغيرات الأحوال وذلك من هوية وتكيف الإسلام ذاته.


الخلاصة:
لا تذب مع الوسط المحيط فتموت ولا تفرط في التكيف معه فتموت أيضًا ولكن كن صلد اللب مرنَ القشرةِ سميكَها حتى يكون لك هوية فتكون حيًا ويكون لك تكيفًا مع الظروف فتحافظ على حياتك التي اكتسبتها من هويتك.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الجمعة، 24 سبتمبر 2010

خواطر مبعثرة 6

السلام عليكم

1-النيران تزكي المعادن وتنقيها من الخَبَث, أما الماء الفرات فتفسدها.

2-القنوت يخلق المبادئ السامية, والقنوط يحلقها.

3-الاحتكاك والخصومة يكشفان الزيف بخدش القشرة الخارجية .

4-احذر صداقة من يشاركك مصلحة, فإنها غالبًا ما تفسد بفساد المصلحة.

5- من أعتى آفات النفس اعتبارها النعمة حقًا مضمونًا غير زائلٍ, بل عدم خشية زوالها بحماقاتها.

6- الفِطر السقيمة غالبًا ما تخطئ ترجمة الإحسان.

7- الإحسان كشاف الفطر, فهو يستعبد الفطر السليمة ويستضبع الفطر السقيمة.

8- ما أجمل أن تمتلك رقة مشاعر طفل وحكمة شيخ وعنفوان شاب.

9- خيوط رفيعة قل من يراها:
بين الحذر والجبن
بين الحياء والخجل
بين الشجاعة والتهور
بين الحب والأنانية*
بين العزة والكبر
بين الحزم والقسوة
بين الثقة بالنفس والغرور
بين الصبر والتبلد

10-النفوس الكبيرة لا ينتقصها الاعتذار ولو كان الحق بجانبها, والنفوس الضئيلة ينتقصها الاعتذار ولو كان الحق يجانبها.

11- ينتهي ظلم الظالم في القبر, كما ينتهي ظلم المظلوم في القبر.

12- المرض شفاءٌ للنفوس الطاهرة, وشقاء للنفوس الخبيثة.

13- ما أغبى الإنسان حين يستكبر ويتجبر وينسى أن فيروسًا لا يُرى يجبره على التزام الفراش.

14- لا يستقبح الجمال إلا قبيح النفس


------------------------------------------------------------------------------------
* فالأصل في الحب هو المشاعر التي تفيض بعمل المصلحة للمحبوب وإرضائه وإدخال السرور والفرح عليه والذب عنه من كل أذى وظاهره الحفاظ عليه من أي مكروه.
أما اﻷصل في اﻷنانية فهي مشاعر تفيض بعمل يقتضي اﻻستمتاع بمن يُظَنُ محبوبًا وظاهره أيضًا الحفاظ عليه من أي مكروه.


والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

مثال للدقة الرياضية في القرآن الكريم

السلام عليكم
مقدمة:
عندما أقول لك تلك السلعة بجنيه, ربما تسارع فتقول, وهل الأربعة منها بجنيهين اثنين؟ ... ربما أجبت عليه بالقبول أو الرفض!

ماذا لو قبلت وقلت لك لا بأس, الأربعة وحدات بجنيهين فقط من أجلك أنت يا عزيزي ... لن نسطيع حين إذن أن نعبر عن العلاقة بين عدد الوحدات والثمن برسم بياني خطي, بل سنجزم أن العلاقة لا خطية كمثل التي في الشكل الأول.


أما لو لم أقبل بالعرض؟ وقلت لك بل الأربعة وحدات بأربع جنيهات ستستطيع حين إذن أن تعبر عن العلاقة بين عدد الوحدات والثمن برسم بياني خطي كما بالشكل الثاني


حسنًا, لنأخذ مثالًا آخر, ماذا لو قلت لك السلعتين بجنيه ونصف وصمت. ماذا ستنسنتج من عرضي حينئذ؟
--------------------------------------------------------------------------------
أ- لو كنت انسانًا لست دقيقًا, بالمعنى الرياضي, ستظن فورًا أن الأربعة سلع بثلاث جنيهات, أي أنك ستبني استنتاجًا من معلومة واحدة.
ولكن لماذا ظننت أن ضعف عدد السلع ثمنه هو ضعف الثمن بطريقة تلقائية؟ الإجابة أن الفطرة البشرية تميل لاعتبار الأمور خطية, أما الواقع فيحتمل أن تكون خطية أو لا.

ب-لو كنت انسانًا دقيقًا, بالمعنى الرياضي, لن تبني استنتاجًا من مجرد معلومة واحدة عن عدد ثمن الأربعة سلع بل ستهم بسؤالي: أظن سيدي أن المعلومة ناقصة, وماذا عن ثمن الأربعة سلع؟ حينئذ من الممكن أن أجيبك بأن الأربعة سلع ثمنها جنيهان لا ثلاثة جنيهات, فأفهم أنه يوجد خصم على الأعداد الكبيرة من السلع.

آيات نصاب القتال في القرآن الكريم
قال تعالى
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ" [الأنفال: ٦٥]


السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا لم يكتفِ النص القرآني بالقول أن عشرين صابرين يغلبوا مئتين؟ بل أردف بمعلومة أخرى أن مائة صابرة يستطيعون أن يغلبوا ألفَا؟

لماذا لم يكتفِ القرآن بذكر المعلومة الأولى فقط ونحن نستنتج المعلومة الثانية من الأولى؟ فمن "الطبيعي" أن تكون النسبة ثابتة!

الإجابة أنه لو اكتفى القرآن الكريم بذلك مع عدم ذكر خطية العلاقة من عدمها ستكون المعلومة ناقصة, وذلك لأنه حينئذ سيكون النص القرآني مبنيًا على افتراض أنك ستعد العلاقة خطية, وهذا محض فرض أي مجرد احتمال, فماذا عن الاحتمال الآخر؟! لكن هيهات هيهات أن يترك الله عز وجل الآية مبهمة إلا عن عددٍ بعينه من المقاتلين, فالله تعالى لم يترك لأذهان ذات طابع رياضي لأناس حسني النوايا أو سيئيها الفرصة أن يقولوا مثلًا "وهل من الممكن ألا تستطيع المائة إلا أن تغلب ثمانمائة لا أكثر؟؟, وهذا وارد منطقيًا؟ لماذا لا يكون النص خاص بالعدد عشرين فقط؟؟", ولذلك فقد أعطانا الله عز وجل الرقمين الأخريين (مائة مقابل ألف), للإشارة أن العلاقة خطية وبالتالي نستطيع مثلًا أن نقول أن ألفًا صابرين يغلبوا عشرة آلاف من الكافرين.

ونفس التحليل أعلاه ينطبق على آية نصاب القتال التي أنزلها الله للتخفيف على المؤمنين والتي كانت فيها النسبة بين عدد المؤمنين وعدد الكافرين اثنين على خلاف الآية الأولى التي فيها النسبة عشرة
قال تعالى
"الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ" [الأنفال: ٦٦]




تدبر أكثر عمقًا
قال تعالى
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ" * "الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ" [الأنفال: ٦٥-٦٦]




لكن إن تدبرنا الآن بشيء أكثر تفصيلا وعمقا نجد لطيفة لغوية وروحية غير متوقعة في هاتين الآيتين, ألا وأن النسبة الأولى "عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ" قبل التخفيف و"مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغلِبوا مِائَتَينِ" بعد التخفيف قد وصفها الله تعاى بالصبر, لكن النسبة الثانية "مِائَةٌ يَغلِبوا أَلفًا" قبل التخفيف و "أَلفٌ يَغلِبوا أَلفَينِ" بعد التخفيف لم يصفها الله بالصبر, وإن أخذنا الآية الأولى - قبل التخفيف - كمثال فإن هذا قد يعني أنه وإن كانت المنحنى المنقط الأسود في الشكل أعلاه هو المنحنى الخطي الذي يُفهَم بدون تدقيق فإن هذا الخط يتكون من نقطتين كل منهما يقع على منحنى مختلف كل منهما "لا خطي", فالمنحنى الأحمرهو منحنى عدد الكفار المغلوبين من مؤمنين صابرين, والمنحنى الأزرق هو عدد الكفار المغلوبين من مؤمنين لا يشترط فيهم الصبر.
.
ويتجلى معنى المنحنى الأحمر في غزوة مثل غزوة مؤتة التي بلغ فيه عدد المسلون ثلاثة ألاف مقاتل بينما بلغ عدد الكافرون مئتي ألف مقاتل أي كانت النسبة 1:66 , وبالرغم من ذلك فقد وصل 
إجمالي القتلى من المسلمين إلى ثلاثة عشر مقاتلاً مسلماً فقط، أما عدد قتلى الروم فقد وصل إلى أكثر من ثلاثة آلاف وثلاثمئة مقاتل تقريباً، وهذا يظهر حجم الخسائر التي ألحقها جيش المسلمين بالروم
.
وبهذا يتضح كيف أن القرآن الكريم غني جدا بالمعاني فلا تنتهي معانيه, لكن بشرط أن نتدبره

 وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [لقمان: ٢٧]
-

سبحان الله العظيم الذي أحكم كتابه الكريم إحكامًا يفهمه البسطاء ويُثلج صدور المتدبرين في كل زمان ومكان .... اللهم إني اؤمن بأن كتاب الإسلام, القرآن, هو منزل من لديك فارحمني واغفر لي يا أرحم الراحمين


والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأربعاء، 11 أغسطس 2010

الصيام والحياة الربانية

السلام عليكم

ماهو الصيام؟
إن صيام رمضان هو ركن من أركان الإسلام الخمسة ويتحقق بنية الصيام وبالإمساك عن المفطرات المُحددة شرعًا في نهار رمضان.

الفرق بين الصيام وغيره من العبادات
إن غير الصيام من العبادات كالصلاة هي عبادات يأتي المسلم فيها بأعمال وأقوال مشروعة, ويقيمُ هذه الأعمالِ والأقوالِ النيةُ والخشوع والتدبر.
المتأمل في الصيام يجد أنه بدلًا من أن يأتي المسلم فيه بأعمال وأقوال كغيره من العبادات, يمتنع فيها عن عمل شئ من المفطرات, بينما ليس مطلوبًا من المسلم أن يأتي بأي عمل جسدي أو قولي كجزءٍ من الصيام!
إذن فالصيام عبادة امتناعية تركية, يمتنع فيها المسلم عن مجموعة من المباحات, على خلاف باقي العبادات التي يأتي فيها المسلم بمجموعة من الأفعال التعبدية.
هذا من ناحية الجسد الذي يمتنع ويمسك, فما بالُ الروح والقلب؟
إن الصيام هو تدريب للمسلم أن ينشغل فقط بالخشوع وإحساس القرب من الله عز وجل دون أن يأتي بأي فعل تعبدي متعلق بالصيام! ولكن هل يوجد خشوعٌ بدون أفعال تعبدية تكون محلًا له؟! نعم, وهذه هي غاية الصيام العُظمى وهي القرب من الله والخشوع له خشوعًا يُزهرُ ويُثمر ويَحلو بمرور الزمن فقط على الصائم. إنه ينغمس في عبادة روحية وقلبية تجعله يشعر كل لحظة بمراقبة الله له! وهذا القرب والخشوع لا يقطعه أي عمل عبادي كالصلوات المفروضة أوعمل عادي كعمل الموظف في وظيفته وعمل الزوجة على رعاية أبنائها, وعليه فإن الغاية الكبرى من هذا الخشوع المستمر هي اتقاء إغضاب الله في أي صغيرة أو كبيرة, أو بمعنى آخر هي التقوى.
قال تعالى
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "
صدق الله العظيم

الحياة الربانية
إن الاستفادة من شهر رمضان كل عام يكون بتجديد التدريب على عبادة الخشوع المطلق لله الذي لا يرتبط بعادة أو بعبادة أخرى, بل هو خشوع مرتبط بالحياة ذاتها, لا ينفك عنها وكأنه هو نفسه الحياة وكأن الحياة هي نفسها الخشوع. وهنا يأتي مفهوم "الحياة الربانية", يأتي هذا المفهوم ثمرةً لفهم الغاية من الصوم وممارسة هذا الفهم بالروح والقلب.
إن الحياة الربانية هي الحياة التي يكون مرور الزمن على المسلم في ذاته عبادة روحية وقلبية بالخشوغ والخضوع والذل لله رب العالمين الكبير المتعال, وعليه فهي تحقق وظيفة الإنسان في الأرض ألا وهو استمرارية العبادة لله وعدم انقطاعها.
قال تعالى
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ"
صدق الله العظيم
فالعبادة ينبغي ألا تكون متقطعةً فقط, مثلًا كالصلوات المفروضة, بينما يكون ما بينها خربٌ خاوٍ من أي عبادة! لا ليس هذه هي وظيفة الإنسان في الأرض. إن وظيفته أن يعبد الله في كل وقت وحين, في كل زمان ومكان, أن تكون قدمه ملتصقة بالأرض بينما روحه وقلبه وفكره محلقٌ في السماء. ويتخلل تلك الحياة الربانية الخاشعة لله بقية العبادات من صلاة وزكاة وحج وجهادٍ في سبيل الله والتفكر والتدبر في خلق الله.
وهذا هو سر تسمية الحياة كلها بانتمائها لرب الكون أي كونها حياةً ربانيةً في قول الله تعالى
"قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
صدق الله العظيم

الخلاصة
يروض المسلم نفسه على الحياة الربانية بصيام رمضان كل عام. الحياة الربانية التي ينبغي خلالها على المسلم أن يحيا خشوعًا لله رب العالمين, يستشعر في كل لحظةٍ فيها جبروته وعظمته وعفوه ورحمته. وتُعدُ الحياة الربانية بهذا الوصف في هذا المقال هي التقوى بعينها, فمن يجعل حياته كذاك, يسير على الطريق المستقيم الذي ارتضاه الله لعباده لا يضل ولا يغضب ربه.

اللهم اجعلنا من المتقين الذين يحيون لك.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اللهم إنا نعوذُ بكَ أن نكونَ جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

لا تعمل لدنياك!!

السلام عليكم

اشتهر على الألسنة القول "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا, واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا"
وهذا القول ليس بحديث ولم يصح سندًا حسب علمي نسبته إلى أحد الصحابة
ولكن العامة يعدونه إما حديثًا شريفًا أو قولًا حكيمًا ويقولون لك "الحكمة ضالة المؤمن"

هل المقولة صحيحة؟
لنختبر هذا القول "اعمل لـــ", عندما نعمل لـــ "شئ ما" فإنما نعمل ابتغاء الحصول على هذا الشئ!!
فهل من الصحيح أن نعمل للدنيا؟ بحيث تكون الدنيا غايتنا؟

قال تعالى
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ"
صدق الله العظيم

وهذه الآية الكريمة تحدد وظيفتنا في الحياة وهي العبادة, وهل العمل لبلوغ الدنيا "كغاية" من العبادة؟

ولكن الله تعالى فسر لنا مراده منا في الدنيا بقوله
"قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
صدق الله العظيم

إن هذه الآية حددت غاية نبي الله إبراهيم وهى رضا الله رب العالمين, والمتميز في هذا النص أنه يحل المعضلة! المعضلة التي ربما ثارت في عقول القارئين, ألا نعمل لدنيانا؟ أنصلي ونصوم ونحج فقط؟ وكيف هذا وقد أمرنا الله بالسعي في طلب الرزق؟
نص الآية الكريمة يجيب جوابًا بديعًا على هذه المعضلة
إنه يرسخ مبدأً جديدًا وأصيلًا في الآن ذاته فقد قررت الآية أن الدنيا ذاتها يجب أن تكون لله وذلك لأن المحيا هو الدنيا وعليه فإن عملنا لا يكون للدنيا بل يكون في الدنيا لبلوغ الآخرة بأمان ودخول الجنة والنجاة من النار

فإذا أردنا أن نصحح العبارة المشهورة "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا, واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا"

فإننا نقول

"اعمل في (دنياك) لــ (آخرتك) كأنما تعيش أبدًا"

فالعمل هو كقطف الثمار التي نبتت على الشجر الطيب في طريق الدنيا والتخلص من ثمار الشجر الخبيث المكتظ في الطريق, التخلص منه مهما زها لونه وفاحت رائحته. تلك الثمار التي ينبغي أن نقطفها من الشجر الطيب هي التي يجب أن نقتات عليها حتى نبلغ باب الجنة.
لكن علينا أن نعلم أن هذا الوصول للباب لا يكفي لأن ندخله, فلا ندخله إلا أن يتغمدنا الله برحمته فيفتح لنا


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (صحيح البخاري):

لن يدخل أحدا عمله الجنة . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : لا ، ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة ، فسددوا وقاربوا ، ولا يتمنين أحدكم الموت : إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب

و عملنا في دنيانا عملًا يبلغنا الآخرة فيجب أن يكون عملًا آخذًا في الاعتبار مستقبل الدنيا كأنما نعيش أبدًا

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي صححه الإمام الألباني على شرط مسلم :
"إن قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة, فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها"

كيف نعمل في الدنيا للآخرة؟
العمل في الدنيا للآخرة يكون عن طريق اتخاذ كل الوسائل للمساعدة على بلوغ الآخرة بأمان كالفرائض وذكر الله, قرءانًا وسنةً وتدبرًا في كونه الفسيح وخلقه البديع, واتخاذ كل أنواع التقنيات والابتكارات في العلوم والاقتصاد والسياسة التي تقوي من شوكة المسلمين وترفع من راية الإسلام بتبليغ الناس أجمعين دين الله, الإسلام, حق التبليغ دون تفريط.

هل الترويح الحلال عن النفس عمل للدنيا؟
إن الله أنزل الإسلام على البشر لتوائم طبيعتهم, وطبيعة الإنسان تأبى أن تكون جادة نحو العمل للآخرة دومًا دون قليل من اللهو الحلال الذي يقوي همة الإنسان نحو مواصلة العمل, فقد ورد في الحديث الصحيح (صحيح مسلم) :
"كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . فوعظنا فذكر النار . قال : ثم جئت إلى البيت فضاحكت الصبيان ولاعبت المرأة . قال فخرجت فلقيت أبا بكر . فذكرت ذلك له . فقال : وأنا قد فعلت مثل ما تذكر . فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت : يا رسول الله ! نافق حنظلة . فقال " مه " فحدثته بالحديث . فقال أبو بكر : وأنا قد فعلت مثل ما فعل . فقال " يا حنظلة ! ساعة وساعة . ولو كانت ما تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر ، لصافحتكم الملائكة ، حتى تسلم عليكم في الطرق " . وفي رواية : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم . فذكرنا الجنة والنار"

وعليه فإن الترويح الحلال عن النفس هو ليس عملًا في الدنيا

الخلاصة

لا تعمل لــ (دنياك) ولكن "اعمل في (دنياك) لــ (آخرتك) كأنما تعيش أبدًا"

واتخذ النية في كل عملٍ تعمله في دنياك أنه زادٌ لآخرتك, حتى اللهو الحلال حاول أن تتخذ فيه نية ترويحك عن نفسك به لمواصلة العمل للآخرة.

والله أعلم


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 13 يوليو 2010

آثَامٌ مَنسيةٌ

السلام عليكم

تَقدِمة
===
يظن معظم الناس أن الآثام تنحصر فقط في التفريط في أركان الإسلام --- ونسوا أن هناك آثامًا نسيها الناس يرتكبونها ليلَ نهار مع غفلتهم مساهمة اقتراف هذه الآثام في انحطاط المسلمين

الآثَامُ,على سبيل المثال
===========
01- التخلف الدراسي والثقافي (قلة القراءة والاستيعاب).

02- الدراسة لعبور الامتحان فقط وليس للتعلم ابتغاء مرضاة الله وذلك باتخاذ وسائل رفعة الأمة الإسلامية.

03-عدم اتقان العامل لوظيفته.

04-عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالوسائل المتاحة التي لا تجلب منكرًا أكبر من ذلك المنهي عنه

05- التعامل مع الناس كردود أفعال لمعاملتهم لنا, وإنما ينبغي التعامل معهم كما يرضى الله تعالى بغض النظر عن اسلوبهم في التعامل وإن ظلمونا.

06- الإسراف والمغالاة في الأفراح والمآتم.

07- المغالاة في المهور ومتطلبات الزواج.

08- عدم الاهتمام بالصحة الفردية والجماعية.

09- الفحش في الكلام عند الخصومة.

10- تغيير معاملة المُخاصم بعد وقوع الخصومة إلى الأسوء.

11- المجاملة !!, أي فعل الخير بنية ارضاء ما تملي علينا التقاليد والأعراف وليس لوجه الله تعالى. وينبغي ألا يكون فعل الخير مكافأة على فعل مثله سابق له لأن هذا يتنافي مع الإخلاص لله.

12- صلة من وصلنا فقط من الرحم!!.

13- غياب الرؤية والهدف في حياة الإنسان بحيث تخدم وظيفة استخلافه في الأرض من لدن الله تعالى وعبادته إياه.

14- الفظافظة في معاملة الزوجة وعدم تلبية وصية رسول الله على النساء بالإحسان إليهن.

15- ندية المرأة لزوجها وعدم طاعته فيما ليس بمعصية.

16- التحدث باالغات الأجنية من قِبِل المتقنين للغة القرآن - اللغة العربية - في حياتهم العادية. وينبغي الاقتصار على دروس اللغات.

17 - النزعة الفردية لدى الأفراد وعدم الاهتمام بروح الجماعة, فإنما تأكل الذئبُ من الغنمِ القاصيةَ.

18- عدم التواضع والاستكبار الداخلي الذين قد يكون في العقل اللاواعي.

19- النظرة الدونية لذوي المهن البسيطة. إن أكرمكم عند الله اتقاكم.

20- عدم تقبل الاختلاف في الآراء ولاسيما الدينية.

21- الحكم على الباطن بالظاهر من الإنسان. فعلى الإنسان أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بخصوص الظاهر من الأفعال, أما البواطن فهي في علم الله وحده.

22- إهمال ما يحدث في العالم حولنا وعدم الاهتمام به.

23- اهمال التفكير في مكائد أعدائنا بنا.

24- تربية الأولاد بالوراثة, فمن تربي على شئ نجده يربي ولده على نفس الشئ. وينبغي أن يكون الدين هو المرجع الأول والأخير.

25- اهمال العلوم الحديثة التي تتناول النفس البشرية وأمراضها مثل الطب النفسي وذلك بحجة أن قوة الإيمان تقى من الأمراض النفسية.

26- تركيز المثقفين على الأعمال الأدبية من كلٍ من المسلمين وغيرهم وإهمالهم العلومَ التطبيقية التي نحن في أمس الحاجة إليها لكي تقوى شوكتنا من جديد.

27- السلبية الشديدة في انتقاد الحكام وتقويمهم.

28- الرضا بالذل والظلم وعدم الأخذ على يد الظالم.

29- إهمال التفكر في كون الله وفي كتاب الله.

30- الخوف من غير الله, سواءًا في ذلك من الظروف أو الأشخاص.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 8 يوليو 2010

اعتزال الناس أم مخالطتهم؟

السلام عليكم

اعتزال الناس

هي إما خلوة بالنفس أو خلوة بالله
1- الخلوة بالنفس
والخلوة بالنفس سلاحٌ ذو حدين فهي:
أ- فهي إما أن تكون محاسبةً لها وتعليمًا وحوارًا نافعًا وتخطيطًا لمستقبلَي الدنيا والآخرة, وأيضا هي مفيدة في وقت الفتن إذا كانت الفتن أقوى من الإنسان ولا يستطيع تغييرها دون أن يُفتنَ في دينه.
قال صلى الله عليه وسلم ناصحًا من يخشى على نفسه أن يُصاب بالفتنة إثرَ مخالطة الناس وقت الفتن:
أمسك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك .
الراوي: عقبة بن عامر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2741
خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره

ب- وإما أن تكون أمرًا منها لك بالسوء, فإن النفس لأمارةٌ بالسوء.

2-الخلوة بالله
وما أحلاها من خُلوة, ففيها حديثك إلى الله بصلاتك ودعائك ومناجاتك, وفيها حديث الله إليك وذلك بتلاوتك القرآن والتدبر فيه وبنظرك في الكون وقراءة جلال الخالق وعظمته من خلال التأمل في ظواهر الكون. نعمت الخلوة هي الخلوة بالله عز وجل فيكون أنيسك ونعم الأنيس.

مخالطة الناس
و فيها مصالحٌ كثيرة وذلك لكل من الفرد والمجتمع ولا تخلو من المضار في أحوالَ لكل منهما
1- المصالح
أ- مصالح للنفس مثل التعلم من الناس المفيد من العلم وتقويم الناس للفرد إن قام بمنكر وأمرهم إياه بالمعروف والعمل والانتاج حيث لا يمكن انتاج عمل متكامل جيد في عصرنا الا بالعمل الجماعي والتعاون.

ب- ومصالح للناس مثل تعليمهم المفيد من العلم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر في المجتمع الذي يعيش الفرد فيه وبقدر مدى تأثيره وصلاحياته المتاحة, وتزويد القوة العاملة بقدرات الفرد ومواهبه.

2-المفاسد
أ- مفاسد تعود على النفس. وتكون أوقات الفتن إذا كان الإنسان ضعيف الإيمان أو الشخصية أو كليهما, فيمكن أن ينجرف مع تيار الفساد ويفسد بسبب اختلاطه.
ب- مفاسد تعود على الناس من الفرد. وذلك يحدث إذا كان الإنسانُ قدوةً في أهله وقومِه وحاد عن الطريق المستقيم ضعفًا منه وليس إصرارًا, في هذه الحالة فإن اعتزال الناس أفضل أن يكون قدوةً في الفساد نتيجة ثقة الناس العالية به وبصحة تصرفاته.

الخلاصة
يجب على الإنسان أن يوازن بين مخالطة الناس واعتزالهم وذلك لأن في كليهما خيرٌ محتمل وفي كليهما شر محتمل, وذلك على كل من النفس والناس, وهذه الموازنة يجب أن تأخذ في الاعتبار الظروف المحيطة وتكون مؤيدة بفقه الواقع.


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك


اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 22 يونيو 2010

الاستحالة المنطقية للشك المطلق

السلام عليكم

هل هذه العبارة سليمة منطقيًا؟

"كلُ المعلومات يعتريها بعضُ الشكِ"

إن هذه القاعدة معلومة , وبناءًا على ما معناها ذاتِه, فإن فيها بعض الشك!! وهذا بدوره يتناقض مع التعميم الذي حتمه لفظة "كل" في أول العبارة وبالتالي فإنها عبارةٌ خبريةٌ متناقضةٌ مع نفسِها, وعليه فهي غيرُ سليمةٍ منطقيًا وعليه فإنها تفتقدُ إلى المعنى أصلًا, فكفَتنا مؤونةَ البحثِ عن صدقِها!!!

النتيجة:
أحد احتمالين:
1- لا توجد أي معلومةٍ فيها بعض الشك = كل المعلومات يقينية
وهذا الاحتمال يكذبه الواقع بالإتيان بمعلومة واحدة ظنها أحد الناس يقينية وظهر خطؤها
2- توجد على الأقل معلومة واحدة يقينية

وحيث أننا استبعدنا الاحتمال (1) ... فإن الاحتمال (2) هو الواقع

الخلاصة:

العلم اليقيني هو عمل عقلي جاد لأن مجالَه هو اليقين, واليقين موجود منطقيًا لا محال ... وبذلك تنهدم النظرة العقلية التي تشك في كلِ المعلومات مهما كانت ويتضح أنه لا بد من وجود المُسَلَمِ به في عالم العقل.

موضوع ذو صلة (أترك لكم إيجاد الصلة):هو

مبرهنة جودل وعلمية الإيمان

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران


تنويه هام


ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

السبت، 12 يونيو 2010

هل كل غير مسلم كافر؟

السلام عليكم

الفرق بين الكافر وغير المسلم

الكافر

كفر في اللغة هي "غطى"


يقول صاحب الصِحَاح:
"الكافِرُ الليل المظلم لأنه ستر بظلمته كل شيء وكل شيء غطى شيئا فقد كَفَرَهُ قال بن السكيت ومنه سمي الكافِرُ لأنه يستر نعم الله عليه والكافر الزارع لأنه يغطي البذر بالتراب و الكُفَّارُ الزراع"


قال تعالى في سورة الحديد آية 20
"اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ"
صدق الله العظيم


وتفسير كلمة الكفار في الآية على حسب تفسير الجلالين هو : "كمثل "غيث " مطر "أعجب الكفار " الزراع "نباته " الناشئ عنه "


واسقاط هذا المعنى اللغوي في الشرع: هو من غطى الحق وستره... انظر تفسير ابن كثير لآية 6 , سورة البقرة


ومن غطى الحق وستره لابد وأن يكون عالمًا بأنه حق لزومًا, وإلا لما كان مصيره إلى النار


قال تعالى في سورة البقرة, آية 257
"اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"


غير المسلم
هو غير المتبع للإصدار الأخير للديانة الواحدة العامة "الإسلام"


قال تعالى في سورة آل عمران آية 19
"إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ"
صدق الله العظيم


وقد جاء تفسير ابن كثير لــ "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ"
"وقوله تعالى " إن الدين عند الله الإسلام " إخبارا منه تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم فمن لقي الله بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بدين على غير شريعته فليس بمتقبل كما قال تعالى " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه " الآية . "


. وهذا الإصدار الأخير بُعث به محمد صلى الله عليه وسلم في صورتي القرآن المنزل من لدن الله تعالى والسنة المطهرة التي جرت على لسان الرسول الكريم وأفعاله.


المقارنة
كل من لم يصله الحق هو تبعًا لم يغطه وبالتالى لا يصح أن نسميه بالكافر
أي أن: فإن كل كافر غير مسلم وليس كل غير مسلم كافر (أنظر الشكل التوضيحي في الخلاصة)


وبالتالي فإن ليس كل غير المسلمين يتيقنون أن الإسلام حق, وهذا يرجع إما إلى عدم وصول الإسلام إليهم, وهذا نادر, وإما وصوله إليه مشوهًا محرفًا.
وذلك بسبب الآتي:
أ- عمل معظم وسائل الإعلام ذات الرواج بين الشعوب في تشويه حقيقة الإسلام
ب- بسبب ندرة القدوة من المسلمين, قدوة الأخلاق الحسنة أولًا والتفوق المادي والعلمي ثانيًا, والتي من شأنها أن تثير التساؤل بين غير المسلمين, أي دين هذا الذي يتبعونه فيأمرهم بهذه الأخلاق الراقية.
جـ- التقاعس عن الدعوة, فكل مسلم عليه دعوة غيره من غير المسلمين في نطاق علمه وجهده.
د- غياب فقه الدعوة والذي هو (الغياب) أخطر ما يصد المسلمين عن سبيل الله بدلًا من تقريبهم للإسلام.


ولكن نعود فنقول أن بعض غير المسلمين يغطون على حقيقة صحة الإسلام وهم يعلمونها أي يكفرون به

تعقيب ورد
معذرة قد ذكرت طرحك عن ان ليس كل غير مسلم كافر.
فطلب منى الآتى 
ما الدليل من القرآن الذى يخبر عن هذا التقسيم واين أحكامهم ؟

هل الاية"وهو الذى خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن " تفيد التبعيض من الكل ام تفيد ان كل الناس لا يخرجون عن ايمان او كفر؟

انتظر ردك.

الرد


أولًا ... الأصل في المدلول اللغة, وبالتالي فإن الأصل في مدلول الكفر (التغطية) هو فعد متعمد من الإنسان بتغطية حقيقة الإسلام فيلزم أن يكون عالمًا بحقيقة الإنسان ومعارض لها وإلا لكان لا مبرر للتغطية
إذن ما خالف الأصل هو الذي يتطلب دليلا وليس ما ماوفق الأصل
فالدليل مطلوب حقيقة وإنصافًا ممن ادعى ان انسانًا لم يصله الإسلام أصلًا - مثلا - هو كافر ويستحق عذاب النار

ولكن استئناسا وإرخاءا للعنان دليلي هو قوله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" يفهم منها للعاقل أن من لم تأتيه الرسالة لم يُبعث رسول له - فالرسول هو المبلغ عموما بعموم اللفظ للتنكير (سواء كان كتابا ام انسان) وليس هنا الرسول النبي - إذن لن يعذب الله أحدًا لم تصله الرسالة (صحيحة غير مشوهة ولا مشوه معانيها) ... حسنا, افترض - جدلا - ان هناك كفار من ضمن من لم تصلهم الرسالة ... سيعذبهم الله لأنهم كفار (بنصوص القرآن الكثيرة لتعذيب الكفار), ولكن هذه النيجة تتناقض مع الاستنباط من الآية أن الله لن يعذب كل من لم تصلهم الرسالة ... إذن الفرض خاطئ ... إذن ليس  هناك كفار من ضمن من لم تصلهم الرسالة

----

ثانيا:  الاية"وهو الذى خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن " تفيد التبعيض من الكل  ("من" هي للتبعيض) مثل قوله تعالى "وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"

فهناك من الكائنات من يمشي على أكثر من أربع ولم يذكره الله في الآية

ولكن وضع الكافر مع المؤمن في نفس السياق يبينهما على أنهما طرفا نقيض يوضح اللاعبين الرئيسيين في حلبة الصراع, ولكن هذا لا يمنع وجود من هم خارج الحلبة يشاهدون او حتى غير مهتمين او حتى لا يعلمون وجود صراع بين أطراف معينة ...







الخلاصة:







والله أعلم


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك


اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران


تنويه هام


ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الاثنين، 7 يونيو 2010

وإنا له لحافظون - شبهة ورد

السلام عليكم ورحمة الله


شبهة معتبرة
======
الكثير من منكري نسبة القرءان الكريم إلى الله عز وجل أو حتى المتشككين في عصمته من التحريف يرفضون الآية الكريمة


سورة الحجر آية 9
"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"
صدق الله العظيم


كحجة في إثبات إلهية القرءان الكريم (أنه كلام الله) أوكحجة على عدم تحريفه, ويقولون كلامًا لا يخلو من المنطق أن الآية التي نحتج بها لإثبات إلهية القرءان وعصمته قد تكون جزءا من التحريف الواقع في الكتاب أو حتى قد تكون جزءًا من كتاب بشري نُعت بانتمائه لله تعالى زورًا.


دحض الشبهة
=======
فرض جدلي
--------
افترض جدلًا أن القرءان الكريم من تأليف بشر


مُعطيات لا يجادل فيها مجادل
--------------------
1- منصوص في القرءان أنه من لدن الله تعالى وليس من لدن بشر.
2- حلاوة اسلوب القرءان وطلاوته وتميزه بأحكام التجويد بالمقارنة بأي نثر أو شعر, بغض الطرف عن محتواه, حتى أن الأديب الكبير طه حسين قد قسم اللغة العربية إلى نثرٍ وشعرٍ وقرءان, فلم يسعه أن يضم القرءان مع النثر أو الشعر في التصنيف لاختلافه البته عن سمت كليهما.
3- احتوى القرءانُ تحديًا للعالمين على أن يأتوا بمثل أقصر سورةٍ من سوره.
4- العرب الذين لم يعترفوا بإلهية القرءان ظلوا أربعة عشر قرنًا من الزمان يحاولون إجابة التحدي ولم يستطيعوا بالرغم أن اللغة العربية كانت ميدان تفوقهم الرئيسي.
5-لا يوجد نسخ متعددة من القرءان تختلف في محتواها, كما حدث في الكتاب المقدس لليهود والنصارى.


نتائج من الفرض الجدلي والمُعطيات
--------------------------
أ- لابد إن صح الفرض الجدلي أن يكون مؤلف القرءان هو عبقري لا يُشقُ له غبار في مجال الإبداع اللغوي, وعليه فإن عبقريته سوف تجنبه أن يقع في الأخطاء الخفية التي يمكن أن تكشف أنه هو مؤلف القرءان, ومن باب أولى ستجنبه الوقوع في الأخطاء الجلية لاسيما أنه من لوازم العبقرية الحرص على إتقان عمله وعدم توريط نفسه وفضحها.


ب- لا شك أن واضع القرءان إن كان بشرًا يعلم تمام العلم أنه من اليسير جدا أن يتم تحريف القرءان بالزيادة أو بالنقصان بعد وفاته (سنستبعد التحريف التغييري لأنه سوف ينكشف عدم اتساقه مع اسلوب صياغة كتاب هذا البشر العبقري لغويًا) .


جـ- سنفترض احتمالين:
1- الكاتب لا يهمه أن ينفضح أمره بعد وفاته , مع أن هذا ضد فطرة الناس أن تظل سيرتهم حسنة بعد وفاتهم: وفي هذه الحالة سيكون من الطبيعي بالرغم من عدم أهمية فضيحته هذه ألا يورط نفسه فيها!! ... فالبتأكيد عدم الفضيحة أفضل!! ... إذن لن يُقدم الكاتب العبقري أبدًا على حماقة كأن يضع آية تقول أن الكتاب من عند الله ولن يتم تحريفه بالزيادة أو النقصان لأن وضع هذه الآية بصددها أن تكشف عدم إلهية القرءان عندما يحرفه البشر, كأمر طبيعي نتيجة لأهوائهم, مما يؤدي إلى ظهور نسخ مختلفة عن بعضها البعض منه بعد فترة من الزمان قصرت أم طالت, وعليه فإن وضعها يبين أن الآية كاذبة وبالتالي أن الكاتب نفسَه كاذب.


2- الكاتب يهمه ألا ينفضح أمره بعد وفاته: وفي هذه الحالة سيكون من المحال مع عبقريته المُتفقِ عليها وضعه لهذه الآية للأسباب نفسها الموجودة في الاحتمال (1), وذلك من باب أولى.


الاستنتاج النهائي
--------------

من (أ, ب, جـ) نصل لنتيجة أنه من المحال على العبقري الذي ألف الكتاب أن يضع فيه تلك الآية المذكورة أعلاه تحديدًا, وهذا عكس الفرض الذي بدأنا به هذه المناقشة العقلية: إذن الفرض خاطئ وعليه فإن القرءان الكريم لابد وأن يكون كلام إله قدرته لانهائية بحيث يستطيع حتمًا أن يحفظه من التحريف أبدًا. وبذلك تكون الآية حجة على أمرين:

1- أن القرءان الكريم كلام الله ذي الطول
2- أن القرءان الكريم آمن من التحريف ما بقيت السماوات والأرض

والله أعلم


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك


اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران


تنويه هام


ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 6 مايو 2010

الجبر والاختيار, عقيدة وعمل

السلام عليكم
تقدمة:
إن قضية الجبر والاختيار يجب أن ينظر لها بمنظار أشمل لاسيما إذا بحثناها بالنسبة للإنسان المسلم.
إن التقسيم الأشهر والذي أعتبره غير دقيق إلى حدٍ ما هو
أ- الإنسان مخير
ب-الإنسان مسير
وغالبًا ما يلجأ الجبرية إلى الحل الثاني, وهذا خطأ محض في نظري, ويلجأ ماعداهم إلى الحل الأول بشكل من الأشكال أو قد يجمعون الحلين الأول والثاني بشكل آخر
ونحن في بحثنا المختصر هنا نميل إلى الجمع بين الحلين معًا مع التشديد بأنه ليس معنى ذلك هو التسيير بأي شكل من الأشكال في الإرادة, فالإنسان مخير 100% في إرادته الحرة وإنما يأتي تأويل مقصدي فيما يلي:

صور الجبر في حياة الإنسان:
إن مكان الجبر في حياة الإنسان هو بمنأى تمامًا عن إرادته الحرة ولكن قد يكون في أشياء لن يُحاسب عليها كخضوع حياته بشكل عام للقوانين الفيزيائية على سبيل المثال, وكخضوعه لجهازه اللاإرادي كمثال آخر.

1- دور قوانين الفيزياء الكلاسيكية في الحياة:

إننا نعلم أن الأجسام ككل تخضع لقوانين الفيزياء كما هو في حالة القاء شخص حيٍ من مكان عالٍ, نجد أنه مهما حرك هذا الشخص أعضاءه تبعًا لإرادته الحرة أثناء سقوطه, إلا أن مسار مركز ثقله لا يحيد أبدًا عما نصه نيوتن في القوانين المنسوبة إليه, وهذا المسار يحدث سواء رضي هذا الشخص أم أبى.
الأمر الثاني أن أبعاض الجسد البشري يخضع كل منها على انفراد لقوانين الفيزياء إذا أن الساعد مثلًا لو أثرت عليه قوة سارية في الذراع, بغض الطرف عن مصدر هذه القوة الآن, لتحرك حسب قوانين الديناميكا التي اكتشفها الإنسان

2- دور الجهاز اللاإرادي في الجسم البشري
من رحمة الله بنا أنه لم يترك للإنسان على اختلاف علمه وثقافته ووعيه وصحته ومرضه, أن يترك له أمر تشغيل القلب والتفس والهضم وحرق السكريات وتحويلها من طاقة حبيسة إلى طاقة حرة يمكن الاستفادة منها.

والمتأمل في البندين 1, 2 يجد أن هذه كلها أنواع من الجبر ولكن يجب أن نلاحظ نقطة هامة:

* أن أية إجبار أو تسيير في حياة الإنسان لا يكون الإنسان مُحَاسب عليه لا بالثواب ولا بالعقاب

3- التأثير الجيني في ردود الأفعال الفكرية للشخص على ما يتعرض له من ظروف

إن الحيوان يمكن القول بأن تصرفاته (رد فعله على فعل معين أو حدث معين) لها علاقة مباشرة بأشياء وهي

أ- الوراثة عن طريق الجينات
ب- التاريخ الحيوي للحيوان من لحظة تكون النطفة إلى لحظة الحدث الذي هو بصدد إبداء رد الفعل تجاهه
ج- الفعل أو الحدث الذي تعرض له الحيوان

أما الإنسان فله ثلاثة عوامل تتحكم في مشاعره حيال الفعل أو الحدث وهم كما في حالة الحيوان

أ- الوراثة عن طريق الجينات
ب- التاريخ الحيوي للإنسان من لحظة تكون النطفة إلى لحظة الحدث الذي هو بصدد إبداء رد الفعل تجاهه
ج- الفعل أو الحدث الذي تعرض له الانسان

وعامل آخر هو الذي يحدد التصرف الذي سيرد به على الحدث أو الفعل

د- العقل, واختياره بحرية ارادته, الفريدة عن الحيوان, تصرفًا من التصرفات المتاحة.

وبالتالي فالإنسان, إذا انتكس لدرجة الحيوان استوفى الثلاثة شروط الأولى فقط وأهمل مزية العقل,وبالتالي الشرط الأخير, أصبح مُسيرًا وسيحاسبه الله على هذا "التسيير المُختار" لأنه هو من ارتضى أن يعطلَ عقلَه ويصبحَ كالحيوان.

الاختيار في إرادة الإنسان:

أما إذا قدر نعمة العقل التي وهبها الله له, فإنه في هذه الحال يصبح مخيرًا
==========
التخيير في حياة المسلم:


إن التخيير في حياة المسلم ينقسم لثلاثة أنواع :

1-التخيير المنضبط, وفيه يكون الإنسان المسلم قادرًا على الخروج عن إطار الشريعة الإسلامية فهو مخير, ولكنه في الآن ذاته منضبط بحرية إرادته على تعاليم الشريعة, ويكون في هذه الحالة مطيعًا, ويلقى حسابه ثوابًا في الدنيا و الآخرة .

2-التخيير الغير المنضبط, وفيه يخرج الإنسان المسلم عن إطار الشريعة الإسلامية بإرادته الحرة, ويكون في هذه الحالة آثمًا, ويلقى حسابه عذابًا في الدنيا أو الآخرة أو كليهما إن لم يتب قبل غرغرته.

3- التخيير المطلق المباح, وهو يقع في دائرة الإباحة, وفيه يكون الإنسان المسلم حرًا تمامًا حريةً غير آثم فيها بل مثابٌ فيها على الراجح إن كان يضع في ذهنه نية إباحة ما يريده بإرادته الحرة في ظل الشريعة الإسلامية.

الخلاصة
1- الإنسان له إرادةُ حرة تمامًا
2- الإنسان مجبرٌ فقط في بعض الأشياء البعيدة عن الإرادة, والتي لا يمكن أن يتركها الله لحرية إرادته وإلا فسد حاله, كنظام جسمه الداخلى وكخضوع جسده بالكلية لقوانين الطبيعة وهذا من رحمة الله بنا ,
3- ولكن الإنسان المستمسك بإنسانيته هو مخيرٌ تمامًا ولا شك في قدرته على اتخاذ قراره, وهذا هو قوام التكليف والاختبار الذي يخضع الإنسان له في الدنيا بشأن ما كلفه الله به من عمل.

والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

علاقة ترك الصلاة بالفحشاء والمنكر

السلام عليكم
تقدمة
إن صلاة الإنسان لربه هي الصلة المكتوبة الموقوتة والمحددة بمواقيت خمسة في اليوم والليلة, ولا ننسى أن نذكر بأن الصلاة بالرغم من كونها عبادةً لله وعرفانًا بنعمه علينا وطاعةً له, إلا أن الله تعالى لا يحتاجها منا فهو الغني وهو الرزاق الذي يُحتاج إليه من عبيده ولا يحتاج إلى شئٍ أو أحدٍ أيًا ما كان. بهذا المنطق, فإن الصلاة لابد وأن يكون مردودها الحسن علينا وحدنا, فهي غذاء الروح والعقل التي لا يستطيع إنسانٌ أياً ما كان أن يستغني عنها لينال سعادتي الدنيا والآخرة.
إننا نقف بين يدي الرحمن خمس مرات في اليوم والليلة لننهل شحنةً معنوية ومادية لا يعلم مقدارها ولا كيفها إلا الله العزيز المتعال!, يالرحمتك بنا يا رحمن أن أتحت لنا الصلاة لك.

وعند مقارنة لقاء ملك الملوك, الرب الإله الله عز وجل, "بملوك" الدنيا ,الذين نُصِبوا علينا وقد يكونون ليسوا بخِيَارِنَا, تجدُ عجبًا, إن ملوك الدنيا على وضاعة شأنهم لا يمكنك مقابلتهم إلا بميعاد مسبق, ربما شهورًا قبل أن تقابلهم, هذا إن سُمِحَ لك أصلا بمقابلتهم شخصيا. ما أكرمك يا الله! ما أعزنا عليك يا الله , ما أرحمك بنا يا الله.

حقيقٌ بك أيها المسلم أن تفخر بلقائك ملكَ الملوك خمسَ مرات كحدٍ أدني في اليوم والليلة, تقف بين يديه دون حائل ولا وسيط, بل الأكثر من ذلك أن من كرم الله ورحمته بعباده فرضَه علينا الحد الأدنى من لقاءاته, ذلك لأنه يعلم أن الإنسان بطبعه جهولٌ قد لا يعلم أين مصلحته, لذلك فقد عامله كما نعامل نحن أطفالنا الغير واعين عندما نفرض عليهم ما ينفعهم.
وعلى الجانب الآخر فقد سمح لمن أراد أن يستزيد من بركة لقائه أن يتنفل له سبحانه بالقدر الذي يشاء وفي الوقت الذي يشاء, إلا بعض الأوقات! ليس هذا وحسب, بل من كرمه ولطفه أنه يعطي عبده الذي ينتفع من تنفله ولقائه المستمر به ثوابًا على هذه المنفعة التي ينتفعها العبدُ بلقائه ربَه!!

علاقة ترك الصلاة بالفحشاء والمنكر

1- علاقة ترك الصلاة بارتكاب المعاصى والفحشاء

إن الله عز وجل يقر حقيقةً هامةً في كتابه العزيز وهي أن إقامة الصلاة, بالكم والكيف الذيْن يرضاهما ربنا لنا, تنهانا عن الفحشاء والمنكر واتباع الشهوات المحرمة أو حتى الإسراف في الحلال منها, وبالتالي تجنبنا السيئات والعقاب بجانب تسببها في رزق الله لنا بالحسنات والثواب, وعليه فإن ترك الصلاة ولا شك يسهل عمل النفس الأمارة بالسوء والشيطان في ايقاع المؤمن في الرذيلة, وذلك لأنه فقد المنعةَ التي كان يحتمي به ضدها.
يقول تعالى في كتابه الكريم
"اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ"
صدق الله العظيم

وقال تعالى أيضاً
"فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"
صدق الله العظيم

2- علاقة التمادي في المعاصي والفحشاء بترك الصلاة

على الصعيد الآخر فإن انغماس الإنسان في الشهوة الحرام يُعد من مسكرات العقل والروح, فهو يجذب الإنساء إلى عكر الأرض وينفره من نقاء السماء, فترى المرأ ينسى روحه ورقيها وصلتها بالسماء وينجذب إلى الجسد, الذي مآله إلى تراب, وصلته بالأرض. كل ذلك يحدث بسبب نسيانه لآيات ربه الكونية والقرآنية والتفكر بهما وبالتالي نسيانِه شكرَ ربِه ودعائِه والتقربِ إليه عن طريق أعظم وسائل الإتصال على الإطلاق وهي الصلاة.

قال تعالى
"قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى"
صدق الله العظيم

الخلاصة




والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأربعاء، 5 مايو 2010

خواطر مبعثرة 5 - حصاد الغرور

السلام عليكم

1- خداع الغير قد يُشفى منه صاحبه لأن المخدوعين سيردون الخادع, بينما خداع النفس هو مرض عضال, فلا أحد يرد صاحبه, فالخادع والمخدوع واحد.

2-الأنا المكبوتة ظاهرًا تظهر حتمًا وقت الغضب.

3- ما أقبحها من صفةٍ تلك التي هي تأليه الذات!!

4- كثرة الكلام لشد الانتباه شهوةٌ أصيلةٌ في الإنسان, لذلك فإن المنصتَ دائما يكونُ محبوبًا من الآخرين, حيث أنه يشبع شهوتهم تلك!!!

5- كثرة الكلام وعدم الإنصات هما مظهران أصيلان من تضخم الذات!

6- صحوة الضمير فتاكةٌ للمذنب, لاسيما في حق غيره, فكثيرًا لا يكون من ذاك المذنب إلا إيثار قتل ضميره عن فتك صحوة ضميره به.

7- لو عرف الإنسان قدره الحقيقي لتأدب مع الناس ومع رب الناس.

8- إذا أردت أنت تعرف قدرك فتخيل حياتك بدون نعمة واحدة من نعم الله اللائي لا يُحْصَيْن, تخيل نفسك بدون بلع, بدون إخراج, بدون تنفس, بدون عرق, بدون نوم, بدون عطش عند قلة الماء في الجسم, بدون ..., بدون ...., حينها تدرك أنك لاشئ.

9-إذًا فقد عرفت قدرك, وقد حُشِيْتَ مسالبًا وعيوبًا ونقائصًا؟! فما أحمقك أن تحارب الله العزيز المتعال, الذي يتنزه عن أي وكل نقصٍ وعيب.

10- من انعدام الحياء, بل الخجل, أن تحارب ربك بسيفه الذي وهبه إياك. تعصيه بنعمه!!

11-لكل مغرور في حالهِ, مؤلهٍ لهواه .... انظر لنفسك وقد قضت الحياة منك وطرها, واصبحت من الهالكين!! هل هذا اللحظة منك ببعيد؟!

12- أفق أيها المغرور, فإن هذا الغرور بنفسك هو سحابة صيف وهمية مآلُها إلى انقشاع.

13- الأصل هو العدم والأصل هو الموت, فلا يغرنك الاستثناء عن الأصل, وتُعِدُ نفسَك من الخالدين. إنك على بعد لويحظات من يوم دينونتك.

14- حينما تنتفج أوداجك فرحةً وغرورًا بذاتك, فتذكر يوم أن يأكلها الدود, فلا يتبقى إلا عظامها الخاوي من حياة!

15- منشأ الذل للغير من البشر هو عدم الثقة بالله, رازقًا وآويًا وهاديًا ونصيرًا.

16- لا تتخذ أحدًا صديقًا إلا بعد استبيان أمرين, أخلاقه في التعامل بالمال, وأخلاقه في تعامله معك حين غضبه.


والله أعلم


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأربعاء، 21 أبريل 2010

الحياة الموهومة

السلام عليكم



تفكرت في معنى الحياة فوجدت عجبا, وجدت الفرق بين الحي والميت, الفرق الحقيقي, لا ما يقوله ذوو بضاعة رخيصة من العلم الجاهل ... عليك بالعلم المهتدي بالله , انظر فيه فستجد أن الفرق ليس جريان دم في عروق وشرايين ولا هو جريان كهرباء في أعصاب وعويصبات!! إن الفرق هو تلك الطاقة التي تفجر الدماء في الشرايين والكهرباء في الأعصاب ... إنها الروح ... نعم الروح ... يالها من كلمة ذات مفهوم عميق عمقًا لا يراه إلا ذوو البصيرة الثاقبة المخترقة لأوهام الدنيا.... تفكر قليلاً في الفرق بينك الآن وبينك في القبر بعد ثوينيات ولا أقول سويعات ... ستجد نضارةَ محياك قد ذهبت ورائحةً منتنة قد فُك أسرُها وحركة دائبة قد خارت ... لماذا كل هذا التحول؟ ... إنها الروح ... قد غادرت هذا الجسد ... وكأن صورتنا في القبر تقول لي ... ها يا صاح!! أتظن أنك نضر الوجه؟! أتظن أنك طيب الرائحة؟ أتظن أن بك حراك؟! لا يا واهم نفسك بنفسك, لا فضل لك في هذا إن كنت فعلا كذاك!! وإلم تكن كذاك فتفكر في سر كل هذا الذي تتوهمه!! إنها الروح ... هل تعرفها؟ هل انت على ألفة معها؟ أم أنك نسيتها؟ أو تناسيتها؟ إن كانت الروح قد نُسيت وراح فكرك يحيلك جسدًا خاوي الروح .... فتجرع تلك الحقيقة المريرة ... إنك تمامًا كهذا الجسد المُتآكل في القبر ... ولكنه ستر الله الذي جعل الناس يظنون فيك نضارة ويتوهمون فيك رائحةً حسنة, ويرونك هم بجريانهم في زمنهم وكأنك تتحرك في مقاليهم ... تأمل في نفسك إن نسيت روحك, والأدهى والأمر تأمل فيها إلم ترها أصلًا, واعلم أنما رقي الروح يُدرك برقيٍ وليس بدناءة ... فإلم تك تشعر بنفخة ربك فيك, فاعلم أنك مَيْتٌ لا تملك إلا دناءة ممزوجة بوضاعة .. لأنك لو كنت تملك رقيًا حقيقيًا لرأيت الرقي برقيك ولذُهِلْت عن الدناءة بسموك ... فالوضاعة لا تملك أن ترى رقيًا....... واعلم أنك إلم ترَ روحك فلن تشعر بربِك نافخِ هذه الروح فيك ... وإلم تشعر بربك وتسبحه وتمجده وتثني عليه وتشكره بروحك تلك التي نسيتها ... فاعلم أنك ميت في مظهر حياة موهومة ... حياة موهومة قد سترك الله بها رغم نسيانك إياه وروحك التي نفخها فيك ...... خذ الأمر بجدية ..... رَ نفسك على حقيقتها إن كنت ناسيًا أصل رقيك .... ستجد عجبًا ...... ستجد الحقيقة التي صنعتها أنت بنفسك بتناسي روحك التي من ديدنها أن تتصل ببارئها باستمرار.. الله العزيز الجبار ... ستجد أن وجهك عظامًا متهالكة منخورة .... ستجد أن رائحتك نتنة مكروهة ... ستجد أن حركتك حركةٌ موهومةٌ في أعينٍ مخدوعةٍ مغرورةٍ.

الخلاصة

ألا يا هذا الذي هو أنا وبعض منك أنت أيها القارئ ... ألا فلا يغرنك الوهم عن الحقيقة ولا الزوال عن المآل ولا الجسد عن الروح ولا المادة عن خالقها العزيز المتعال الذي لا يراه إلا من زكت روحه وعلت وطغت على دناءة جسده, عُد إلى الحقيقة, أزل غِشاوة الأوهام, تمعن في نفسك, في حاضرك ومصيرك , في لبك وظاهرك, لا تكن سطحيًا جافًا فترى المادة الجوفاء دون ربك الذي يمسكها أن تزول ...


اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم