الخميس، 20 يناير 2011

إبليس, عدو التوبة

السلام عليكم
 لقد عصى إبليس أمر ربه للسجود لآدم مستكبرًا مع أنه كان من العباد الذين ارتقت مكانتهم لمصاف الملائكة
قال تعالى
"وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا"
صدق الله العظيم
ثم يأس إبليس من رحمة ربه ولم يتب استكبارًا واستعلاءًا, بل وافترى على الله كذبًا أنه هو الذي أغواه, ثم حسد آدم على نعمة الطاعة لربه فقرر أن يثنيه وذريته عن صراط الله المستقيم
قال تعالى
"قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ"
صدق الله العظيم
وما الصراط المستقيم الذي توعد إبليس بالتضليل عنه إلا التوبة من الذنب, فكل ابن آدم خطاء, والتوبة هي إقامة للاعوجاج الذي أصاب طريق الإنسان إلى ربه وإعادة هذا الطريق موازيًا للصراط المستقيم المؤدي إلى النجاة
ولقد تمادى إبليس في حماقته وظنه بأن الله أغواه بقضية السجود لآدم فقرر أن يغويه وذريته, كما أُغوي بظنه, وحسدًا لآدم على فطرته القويمة التي تؤهله لطاعة الله
قال تعالى حاكيًا ما قاله إبليس حينئذ
" قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ "
صدق الله العظيم
وهذا الغواية لا تتمثل فقط في الوسوسة لآدم بالمعصية بل تمثل أمرًا أكبر وأخطر من المعصية وهو القنوط من رحمة الله وترك التوبة وذلك حرصًا من إبليس الخبيث أن يُوقع آدم وذريته في نفس ما وقع فيه من حماقة اليأس من رحمة الرحمن الرحيم
إن إبليس يعلم تمامًا أن الله تعالى يغفر الذنوب جميعًا إذا تاب العبد له
قال تعالى
"قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم"
وقال أيضًا
"ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيما"
صدق الله العظيم
وعلم إبليس بتوبة الله على عبده مهما بلغت ذنوبه إذا تاب وأن الله يغضب على عبده إن لم يتب, بدليل قوله تعالى
"ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون"
وقوله
"إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"
 صدق الله العظيم
أقول إن علمه بخطورة القنوط وعدم التوبة يجعله يعادي التوبة بكل ما أُوتي من قوة وكيد, وذلك لأن عدم التوبة هو الهلاك الحقيقي وليس الذنب نفسه حتى لو كان أكبر الكبائر

الخلاصة
لا يفزعنك أبدًا حجم جرمك ومعصيتك وتذكر أن هذه المعصية تُمحى تمامًا, فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له, بل يتحول إثمها إلى حسنة عند التوبة!! بدليل قوله تعالى "إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا" صدق الله العظيم

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الجمعة، 14 يناير 2011

مدى الحياة!!

السلام عليكم
كثيرًا ما نجد على سلعةٍ ما شعار "ضمان مدى الحياة", فيكون هذا الشعار من أهم المميزات بين هذه السلعة وأخرى عليها شعارٌ آخر, "ضمان عشر سنوات" مثلًا!. تُرى ما سبب هذا الانطباع المتميز عن هذا النوع الأول من الضمانات؟ إن العنصر الذي يلقى قبولًا عاليًا في النفوس يكمن في كلمتين! ألا وهما "مدى الحياة" ... أليس كذلك؟ ولكن لماذا يحدث ذلك؟

مدى الحياة
إن هاتين الكلمتين تعطيان انطباعًا في مكنون الأنفس أن فترة الضمان "طويـلة جدًا" لأنها "مدى الحياة" !! ولكن ما هذا المنطق العجيب؟ إن هذا المنطق الخادع ينبني أساسًا على رغبة الإنسان الشديدة في الخلود وتناسيه أن الحياة قصيرةُ جدًا لا يعلم مدى قصرها إلا الله. وذلك على الرغم من أن الله تعالى يعطينا عبرًة وعظة فيمن يفارقونها كل يوم, فيمن نصلي عليهم الجنازة كل يوم!! ولكن نفس الإنسان الشغوفة بالخلود تستبعد غالبًا فكرة الموت عنها وإن كانت تتقبلها للآخرين! وتذهب وتصلى عليهم الجنازة ثم تنصرف
  إن هذه الثغرة في النفس البشرية هي التي مكنت إبليس, لعنه الله, من إغراء آدم, عليه السلام, للأكل من الشجرة, شجرة المعصية

قال تعالى
فوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ
صدق الله العظيم

ويتضح للمتأمل أن حب الخلود كان ومازال مدخلًا عظيمًا للشيطان إلى التمكن من إغواء النفس بالمعصية, وما معاصينا التي نقترفها كل لحظةٍ إلا إعادة للأكل من شجرة المعصية, كما فعلها أبونا آدم ولنفس السبب وهو النسيان, نسيان أننا قد نفارق الحياة في أي لحظة وأننا محاسبون لا محالة على الأكل من شجرة المعصية, وقلة العزم عن مجاهدة الهوى والشيطان

قال تعالى
وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا
صدق الله العظيم

الخلاصة
فلنتذكر دائمًا أننا مفارقو الحياة لا محالة, وأنها قصيرة مهما ظنناها ممتدة ولنعقد العزم دائمًا على مجاهدة النفس والهوى والشيطان لكي نفلح في امتحان الحياة

والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران
تنويه هام 
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

السبت، 8 يناير 2011

السيرة الذاتية

السلام عليكم

الكثير منا يكتب سيرته الذاتية ويحافظ عليها متجددة حتى تكون مهيئة لتقديمها في أي وظيفة. وبالطبع فالذي يُكتب فيها فقط هو المحاسن والمآثر والخبرات التي اكتسبها الإنسان في بحر حياته المهنية.
تفكرت ذات يومٍ, أليس مآلنا جميعًا هو الموت؟! أليس الموت هو بوابة العبور للآخرة؟! أليست الآخرة دار الحساب التي نحتاج فيها زادًا من الأعمال الصالحة؟ أليس من الأجدر أن نفكر في سيرتنا الذاتية التي ستشفع لنا عند إله العالمين لدخول الجنان والبعد عن النيران؟ هل لدينا ما نملأ به صفحات سيرتنا الذاتية من الأعمال الصالحة؟ هل يمكن أن تكون هذه السيرة مليئة بالمآئر على غرار السيرة المهنية؟
كل هذه التساؤلات طرحتها على نفسي, ففكرت في أعمالي !! هل عندي من الأعمال ما أملأ به صفحةً واحدةً من سيرتي الذاتية؟
فكرت في النقاط التي سأكتبها في السيرة ففوجئت بكم آخر من الأسئلة ينبغي أن أطرحها على نفسي لكي أكتب سيرتي الذاتي. جلبت قلمًا وورقة وكتبت الأسئلة الآتية
الأسئلة

أ- هل فهمت كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" الفهم الصحيح واستشعرت معناها بفؤادك؟ أم أنك رددتها بلسانك ولم يستوعبها عقلك ولم يستشعر جلالَها قلبُك؟

ب- هل فهمت معنى الشق الثاني من الشهادتين "أن محمدًا رسول الله" أم كنت تكررها بلسانك فقط؟

جـ- هل "أقمت" صلاتك؟, هل علمت أصلًا معنى "إقامة الصلاة"؟ والفرق بينها وبين "تأدية الصلاة"؟ أم أنك كنت تصلي بجسمك دون روحك؟ هل خشعت لله تعالى خشوعًا يليق بمقامه الأعلى؟ أم أنك لم تخشع له قدر خشوعك لملكٍ فانٍ من ملوك الدنيا؟ هل تفكرت في كل كلمةٍ تنطقها أمام ملك يوم الدين, الله تعالى؟ أم سهوت أكثر وقت صلاتك ولم تعرها انتباهًا قدر انتباهك في اجتماع بمقر عملك؟

د- هل تصدقت على الفقراء بعد التثبت من حال فقرهم؟ وهل زكيت عن أموالك البالغةَ النصاب الزكاةَ المفروضة؟ هل استشعرت تمامًا أن زكاتك هي حقٌ للفقير ليس لك فيه نقير؟ أم أنك استشعرت بالمن على الفقراء بما أعطيتهم من ملك الله!!!؟

هـ- هل فقهت معنى الصيام؟ وهل أديته كما أراد الله تأديته؟ هل صمت رمضان إيمانًا واحتسابًا؟ أم أنك بذلت كل عنايتك في سنةِ قيام ليله وأهملت اتقان صومه؟ هل استشعرت معنى استمرارية عبادة الصيام من الفجر إلى المغرب كل يوم تصومه؟ إنها عبادة مستمرة يلزمها خشوعٌ مستمر لله تعالى طول فترة صيامك تمامًا كخشوعك في صلاتك, إن كنت من الخاشعين

و- هل حججت إلى بيت الله الحرام حينما توافر لك السبيل إليه؟ وإذا كنت ممن حج بيت الله الحرام, هل فقهت معنى الحج وتفكرت في كل حركة وسكون فيه؟ هل حججت حجًا لا رفث فيه ولا فسوق؟ هل فقهت أن الحج هي عبادة مستمرة من الإحرام إلى التحلل يلزمها خشوعك فيها لله تعالى طول وقت الحج وليس عند المناسك فقط؟

ز- هل اهتممت بأمر المسلمين في العالم أجمع وكنت لهم كقطعة حية في جسد حي كبير؟ أم أنك ذهلت عن الاهتمام بأمر المسلمين بشعارات الوطنية والعروبة؟

هل جاهدت في سبيل نصرة إخوانك المسلمين في جميع أرجاء العالم؟ هل جاهدت نفسك؟ هل جاهدت بنفسك؟ هل جاهدت بعلمك المادي؟ هل جاهدت بمالك؟ هل جاهدت بكلمة حقٍ أمام حاكم جائر؟ 

حـ- هل مارست عبادة التفكر في خلق الله من حولك؟ هل سرت في الأرض لتنظر كيف بدأ الخلق كما أمر الله تعالى؟ هل تعلمت عن الكون الذي خلقه الله لك علمًا يكفي لشكره تعالى ولنفع المسلمين والبشرية جمعاء بالتبعية؟ أم أنك عطلت عقلك أو استخدمته في كل شئ إلا التفكر في ملكوت الله وشكره وعبادته؟

ط- هل حاولت التأمل في نعم الله عليك حتى درجة الوصول لمعلومة استحالة إحصائها؟ أم أنك عددت نعمه حقوقًا مكفولةً لك؟

ي- هل كنت نافعًا للناس من حولك كما أمر الله تعالى؟ أم عشت لنفسك ؟ هل عملت لمصلحتهم بدعوتهم لدين الله الصحيح؟ هل أمرتهم بالمعروف ونهيتهم عن المنكر, حرصًا منك على نجاحهم في الدنيا والآخرة؟ أم أنك تخاذلت حتى أصبح المعروف منكرًا والمنكر معروفًا؟

ك- هل كنت حَسن الخلق بكل أنواع الخلق الطيب التي تعلمناها من التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في خُلُقِه العظيم؟ أم أنك عاملت الناس بنفس معاملتهم دون الرجوع لدينك في المعاملات كلها ؟

ل- هل بررت بوالديك حق البر كما أمر الله تعالى؟ أم أنك اغتررت بعدم شكواهم منك وظننت أنك تبرهما!؟

مـ- هل التزمت بالحلال وتجنبت الحرام؟ أم أنك تساهلت في الصغائر حتى تراكمت وصارت كبائرًا من كثرتها

ن- هل التزمت التوبة عند كل ذنب تذنبه أم أنك سوفتها إلى أن يلاقيك الموت بغتة؟


هل؟
هل؟
هل؟


فُوجئت, عكس المُتوقع, أني لم استطع الإجابة على كثير من الأسئلة الإجابةَ التي تمكني من كتابة معلومات مُشرفةٍ في السيرة الذاتية !, فوضعت القلم وطويت الورقة وقررت أنه لا سبيل لأن أكتب السيرة الذاتية وأملأها بالصالحات دون أن أتخذ ديني مأخذ الجد لا الهزل وأعلم أنه حياتي وأن حياتي له ومنه وبه.

والله أعلم 
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم