الخميس، 6 مايو 2010

الجبر والاختيار, عقيدة وعمل

السلام عليكم
تقدمة:
إن قضية الجبر والاختيار يجب أن ينظر لها بمنظار أشمل لاسيما إذا بحثناها بالنسبة للإنسان المسلم.
إن التقسيم الأشهر والذي أعتبره غير دقيق إلى حدٍ ما هو
أ- الإنسان مخير
ب-الإنسان مسير
وغالبًا ما يلجأ الجبرية إلى الحل الثاني, وهذا خطأ محض في نظري, ويلجأ ماعداهم إلى الحل الأول بشكل من الأشكال أو قد يجمعون الحلين الأول والثاني بشكل آخر
ونحن في بحثنا المختصر هنا نميل إلى الجمع بين الحلين معًا مع التشديد بأنه ليس معنى ذلك هو التسيير بأي شكل من الأشكال في الإرادة, فالإنسان مخير 100% في إرادته الحرة وإنما يأتي تأويل مقصدي فيما يلي:

صور الجبر في حياة الإنسان:
إن مكان الجبر في حياة الإنسان هو بمنأى تمامًا عن إرادته الحرة ولكن قد يكون في أشياء لن يُحاسب عليها كخضوع حياته بشكل عام للقوانين الفيزيائية على سبيل المثال, وكخضوعه لجهازه اللاإرادي كمثال آخر.

1- دور قوانين الفيزياء الكلاسيكية في الحياة:

إننا نعلم أن الأجسام ككل تخضع لقوانين الفيزياء كما هو في حالة القاء شخص حيٍ من مكان عالٍ, نجد أنه مهما حرك هذا الشخص أعضاءه تبعًا لإرادته الحرة أثناء سقوطه, إلا أن مسار مركز ثقله لا يحيد أبدًا عما نصه نيوتن في القوانين المنسوبة إليه, وهذا المسار يحدث سواء رضي هذا الشخص أم أبى.
الأمر الثاني أن أبعاض الجسد البشري يخضع كل منها على انفراد لقوانين الفيزياء إذا أن الساعد مثلًا لو أثرت عليه قوة سارية في الذراع, بغض الطرف عن مصدر هذه القوة الآن, لتحرك حسب قوانين الديناميكا التي اكتشفها الإنسان

2- دور الجهاز اللاإرادي في الجسم البشري
من رحمة الله بنا أنه لم يترك للإنسان على اختلاف علمه وثقافته ووعيه وصحته ومرضه, أن يترك له أمر تشغيل القلب والتفس والهضم وحرق السكريات وتحويلها من طاقة حبيسة إلى طاقة حرة يمكن الاستفادة منها.

والمتأمل في البندين 1, 2 يجد أن هذه كلها أنواع من الجبر ولكن يجب أن نلاحظ نقطة هامة:

* أن أية إجبار أو تسيير في حياة الإنسان لا يكون الإنسان مُحَاسب عليه لا بالثواب ولا بالعقاب

3- التأثير الجيني في ردود الأفعال الفكرية للشخص على ما يتعرض له من ظروف

إن الحيوان يمكن القول بأن تصرفاته (رد فعله على فعل معين أو حدث معين) لها علاقة مباشرة بأشياء وهي

أ- الوراثة عن طريق الجينات
ب- التاريخ الحيوي للحيوان من لحظة تكون النطفة إلى لحظة الحدث الذي هو بصدد إبداء رد الفعل تجاهه
ج- الفعل أو الحدث الذي تعرض له الحيوان

أما الإنسان فله ثلاثة عوامل تتحكم في مشاعره حيال الفعل أو الحدث وهم كما في حالة الحيوان

أ- الوراثة عن طريق الجينات
ب- التاريخ الحيوي للإنسان من لحظة تكون النطفة إلى لحظة الحدث الذي هو بصدد إبداء رد الفعل تجاهه
ج- الفعل أو الحدث الذي تعرض له الانسان

وعامل آخر هو الذي يحدد التصرف الذي سيرد به على الحدث أو الفعل

د- العقل, واختياره بحرية ارادته, الفريدة عن الحيوان, تصرفًا من التصرفات المتاحة.

وبالتالي فالإنسان, إذا انتكس لدرجة الحيوان استوفى الثلاثة شروط الأولى فقط وأهمل مزية العقل,وبالتالي الشرط الأخير, أصبح مُسيرًا وسيحاسبه الله على هذا "التسيير المُختار" لأنه هو من ارتضى أن يعطلَ عقلَه ويصبحَ كالحيوان.

الاختيار في إرادة الإنسان:

أما إذا قدر نعمة العقل التي وهبها الله له, فإنه في هذه الحال يصبح مخيرًا
==========
التخيير في حياة المسلم:


إن التخيير في حياة المسلم ينقسم لثلاثة أنواع :

1-التخيير المنضبط, وفيه يكون الإنسان المسلم قادرًا على الخروج عن إطار الشريعة الإسلامية فهو مخير, ولكنه في الآن ذاته منضبط بحرية إرادته على تعاليم الشريعة, ويكون في هذه الحالة مطيعًا, ويلقى حسابه ثوابًا في الدنيا و الآخرة .

2-التخيير الغير المنضبط, وفيه يخرج الإنسان المسلم عن إطار الشريعة الإسلامية بإرادته الحرة, ويكون في هذه الحالة آثمًا, ويلقى حسابه عذابًا في الدنيا أو الآخرة أو كليهما إن لم يتب قبل غرغرته.

3- التخيير المطلق المباح, وهو يقع في دائرة الإباحة, وفيه يكون الإنسان المسلم حرًا تمامًا حريةً غير آثم فيها بل مثابٌ فيها على الراجح إن كان يضع في ذهنه نية إباحة ما يريده بإرادته الحرة في ظل الشريعة الإسلامية.

الخلاصة
1- الإنسان له إرادةُ حرة تمامًا
2- الإنسان مجبرٌ فقط في بعض الأشياء البعيدة عن الإرادة, والتي لا يمكن أن يتركها الله لحرية إرادته وإلا فسد حاله, كنظام جسمه الداخلى وكخضوع جسده بالكلية لقوانين الطبيعة وهذا من رحمة الله بنا ,
3- ولكن الإنسان المستمسك بإنسانيته هو مخيرٌ تمامًا ولا شك في قدرته على اتخاذ قراره, وهذا هو قوام التكليف والاختبار الذي يخضع الإنسان له في الدنيا بشأن ما كلفه الله به من عمل.

والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اللهم لا تجعلني جسرًا يعبرُ الناسُ عليه إلى الجِنان ثم يُلقى بهِ في قعرِ النيران

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

علاقة ترك الصلاة بالفحشاء والمنكر

السلام عليكم
تقدمة
إن صلاة الإنسان لربه هي الصلة المكتوبة الموقوتة والمحددة بمواقيت خمسة في اليوم والليلة, ولا ننسى أن نذكر بأن الصلاة بالرغم من كونها عبادةً لله وعرفانًا بنعمه علينا وطاعةً له, إلا أن الله تعالى لا يحتاجها منا فهو الغني وهو الرزاق الذي يُحتاج إليه من عبيده ولا يحتاج إلى شئٍ أو أحدٍ أيًا ما كان. بهذا المنطق, فإن الصلاة لابد وأن يكون مردودها الحسن علينا وحدنا, فهي غذاء الروح والعقل التي لا يستطيع إنسانٌ أياً ما كان أن يستغني عنها لينال سعادتي الدنيا والآخرة.
إننا نقف بين يدي الرحمن خمس مرات في اليوم والليلة لننهل شحنةً معنوية ومادية لا يعلم مقدارها ولا كيفها إلا الله العزيز المتعال!, يالرحمتك بنا يا رحمن أن أتحت لنا الصلاة لك.

وعند مقارنة لقاء ملك الملوك, الرب الإله الله عز وجل, "بملوك" الدنيا ,الذين نُصِبوا علينا وقد يكونون ليسوا بخِيَارِنَا, تجدُ عجبًا, إن ملوك الدنيا على وضاعة شأنهم لا يمكنك مقابلتهم إلا بميعاد مسبق, ربما شهورًا قبل أن تقابلهم, هذا إن سُمِحَ لك أصلا بمقابلتهم شخصيا. ما أكرمك يا الله! ما أعزنا عليك يا الله , ما أرحمك بنا يا الله.

حقيقٌ بك أيها المسلم أن تفخر بلقائك ملكَ الملوك خمسَ مرات كحدٍ أدني في اليوم والليلة, تقف بين يديه دون حائل ولا وسيط, بل الأكثر من ذلك أن من كرم الله ورحمته بعباده فرضَه علينا الحد الأدنى من لقاءاته, ذلك لأنه يعلم أن الإنسان بطبعه جهولٌ قد لا يعلم أين مصلحته, لذلك فقد عامله كما نعامل نحن أطفالنا الغير واعين عندما نفرض عليهم ما ينفعهم.
وعلى الجانب الآخر فقد سمح لمن أراد أن يستزيد من بركة لقائه أن يتنفل له سبحانه بالقدر الذي يشاء وفي الوقت الذي يشاء, إلا بعض الأوقات! ليس هذا وحسب, بل من كرمه ولطفه أنه يعطي عبده الذي ينتفع من تنفله ولقائه المستمر به ثوابًا على هذه المنفعة التي ينتفعها العبدُ بلقائه ربَه!!

علاقة ترك الصلاة بالفحشاء والمنكر

1- علاقة ترك الصلاة بارتكاب المعاصى والفحشاء

إن الله عز وجل يقر حقيقةً هامةً في كتابه العزيز وهي أن إقامة الصلاة, بالكم والكيف الذيْن يرضاهما ربنا لنا, تنهانا عن الفحشاء والمنكر واتباع الشهوات المحرمة أو حتى الإسراف في الحلال منها, وبالتالي تجنبنا السيئات والعقاب بجانب تسببها في رزق الله لنا بالحسنات والثواب, وعليه فإن ترك الصلاة ولا شك يسهل عمل النفس الأمارة بالسوء والشيطان في ايقاع المؤمن في الرذيلة, وذلك لأنه فقد المنعةَ التي كان يحتمي به ضدها.
يقول تعالى في كتابه الكريم
"اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ"
صدق الله العظيم

وقال تعالى أيضاً
"فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"
صدق الله العظيم

2- علاقة التمادي في المعاصي والفحشاء بترك الصلاة

على الصعيد الآخر فإن انغماس الإنسان في الشهوة الحرام يُعد من مسكرات العقل والروح, فهو يجذب الإنساء إلى عكر الأرض وينفره من نقاء السماء, فترى المرأ ينسى روحه ورقيها وصلتها بالسماء وينجذب إلى الجسد, الذي مآله إلى تراب, وصلته بالأرض. كل ذلك يحدث بسبب نسيانه لآيات ربه الكونية والقرآنية والتفكر بهما وبالتالي نسيانِه شكرَ ربِه ودعائِه والتقربِ إليه عن طريق أعظم وسائل الإتصال على الإطلاق وهي الصلاة.

قال تعالى
"قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى"
صدق الله العظيم

الخلاصة




والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الأربعاء، 5 مايو 2010

خواطر مبعثرة 5 - حصاد الغرور

السلام عليكم

1- خداع الغير قد يُشفى منه صاحبه لأن المخدوعين سيردون الخادع, بينما خداع النفس هو مرض عضال, فلا أحد يرد صاحبه, فالخادع والمخدوع واحد.

2-الأنا المكبوتة ظاهرًا تظهر حتمًا وقت الغضب.

3- ما أقبحها من صفةٍ تلك التي هي تأليه الذات!!

4- كثرة الكلام لشد الانتباه شهوةٌ أصيلةٌ في الإنسان, لذلك فإن المنصتَ دائما يكونُ محبوبًا من الآخرين, حيث أنه يشبع شهوتهم تلك!!!

5- كثرة الكلام وعدم الإنصات هما مظهران أصيلان من تضخم الذات!

6- صحوة الضمير فتاكةٌ للمذنب, لاسيما في حق غيره, فكثيرًا لا يكون من ذاك المذنب إلا إيثار قتل ضميره عن فتك صحوة ضميره به.

7- لو عرف الإنسان قدره الحقيقي لتأدب مع الناس ومع رب الناس.

8- إذا أردت أنت تعرف قدرك فتخيل حياتك بدون نعمة واحدة من نعم الله اللائي لا يُحْصَيْن, تخيل نفسك بدون بلع, بدون إخراج, بدون تنفس, بدون عرق, بدون نوم, بدون عطش عند قلة الماء في الجسم, بدون ..., بدون ...., حينها تدرك أنك لاشئ.

9-إذًا فقد عرفت قدرك, وقد حُشِيْتَ مسالبًا وعيوبًا ونقائصًا؟! فما أحمقك أن تحارب الله العزيز المتعال, الذي يتنزه عن أي وكل نقصٍ وعيب.

10- من انعدام الحياء, بل الخجل, أن تحارب ربك بسيفه الذي وهبه إياك. تعصيه بنعمه!!

11-لكل مغرور في حالهِ, مؤلهٍ لهواه .... انظر لنفسك وقد قضت الحياة منك وطرها, واصبحت من الهالكين!! هل هذا اللحظة منك ببعيد؟!

12- أفق أيها المغرور, فإن هذا الغرور بنفسك هو سحابة صيف وهمية مآلُها إلى انقشاع.

13- الأصل هو العدم والأصل هو الموت, فلا يغرنك الاستثناء عن الأصل, وتُعِدُ نفسَك من الخالدين. إنك على بعد لويحظات من يوم دينونتك.

14- حينما تنتفج أوداجك فرحةً وغرورًا بذاتك, فتذكر يوم أن يأكلها الدود, فلا يتبقى إلا عظامها الخاوي من حياة!

15- منشأ الذل للغير من البشر هو عدم الثقة بالله, رازقًا وآويًا وهاديًا ونصيرًا.

16- لا تتخذ أحدًا صديقًا إلا بعد استبيان أمرين, أخلاقه في التعامل بالمال, وأخلاقه في تعامله معك حين غضبه.


والله أعلم


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم