الاثنين، 10 ديسمبر 2007

إن الله لا يلعب بالكون نردًا


السلام عليكم
هذه هي المقولة الشهيرة للعالم الكبير البرت اينشتين صاحب نظرية النسبية الشهيرة والتي اعترض بها على نظرية ميكانيكا الكم وادعى انها ناقصة أو غير كاملة, لقد كان هذا
مع امتلاكه خيالًا واسعا استطاع من خلاله تخيل كيفية وجود كميات فيزيائية نسبية تختلف حسب سرعة الراصد النسبية أو حتى حسب شدة مجال الجاذبية التي يشعر بها في مناط قياسه.

وقد كان رفض اينشتين لميكانيكا الكم دون مبرر علمي قوي مما جعل موقفه هذا في غاية الغرابة حيث أنه يتعارض مع عبقريته وخياله المعروفين مما جعل أمره مثيرًا لسخرية معاصرية من فيزيائيي ميكانيكا الكم, وذلك في آخر حياته أمام عندما كان مصرًا أن ما تخرج به التجربة والذي يتوافق تماما مع ميكيانيكا الكم ليس له وزن كبير لديه, وأن النظرية يمكن دمجها مع نسبيته العامة في إطار حتمي بالنسبة للعلم البشري.

والظاهر أن خيال ألبرت أينشتين على سعته هو خيالٌ يتصور أن العلم من الممكن أن يصل بالإنسان أن يصبح خبيرًا بكل شئ وبقدر لانهائي من الدقة, وهذا في رأينا هو الخطأ الذي أوقع به في مأزق لم يدرك في طياته أن مقولته صحيحة ولكنها في الآن ذاته لا تتعارض مع ميكانيكا الكم, فإن الله لا يلعب بالكون نردا, وهو يعلم ما يحدث في الكون على سبيل اليقين لا الاحتمال وكل شئ عنده بمقدار.
قال تعالى
"اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ"
صدق الله العظيم

إن الطبيعة اللايقينية للعالم الذري هي طبيعة خاصة بمعرفة الوعي البشري بالكون وليس طبيعة للكون ذاته ولذلك لعظم أمر الكون على الوعي البشري
قال تعالى
"لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ"
صدق الله العظيم

إن حقيقة اشكال اللايقينية تبدو متعلقة بالوعي أكثر منها بتصرف الكون ... فلنأخذ على سبيل المثال تجربة ذات الشقين الشهيرة.
إن الالكترون يمكن أن يعبر الشقين معًا وهو أيضًا يسقط على كل الأهداب المضيئة المسموحة له في الفيلم الحساس معًا ويُمنع أن يسقط على الأهداب المظلمة,
ولكن المثير في الأمر أن هذا العبور يتم فقط بعيدًاعن وعينا. فإن وعينا لا يدرك أبدًا الكترونًا مفردا إلا في مكان واحد فقط ضمن مساحة الأهداب المضيئة. وهذه الحقيقة تقبع وراء اختراع الحاسوب الكمي, إذ أنه يستغل قيام الالكترون بعدة وظائف في الآن ذاته, ولكن فقط بعيدًا عن وعينا.
إن شئنا فلنعتبر على سبيل التبسيط أن هناك أبعادا زمنية متعددة (سيناريوهات عديدة لمسار الالكترون) وهو يسلكها جميعًا معًا, لا يسلك أحدهم وحسب, إلا أن الأمر يختلف بمجرد أن يصل الى وعينا, فنحن نستطيع آن ذاك أن نعي نتيجة سيناريو واحدًا فقط ** في النهاية مع أننا موقونون أن كل الكترون على حدى مر بعدة سيناريوهات زمنية بعيدًا عن وعينا.

إن اللايقينية هي جزء لا يتجزأ من الفيزياء "التي نعيها" فوعينا لا يستطيع إلا أن يسلك مسارا زمنيًا واحدًا بينما يسيرالعالم الفيزيائي في كل السيناريوهات الزمنية الممكنة, إلا أن التصرف المتوازي للكون يستحيل علينا مشاهدته لأن طبيعة الوعي الإنساني الرباعي الأبعاد أو ذي إدراك نتيجة السيناريو الواحد **, مختلفٌ عن طبيعة العالم الفيزيائي المتعدد الأبعاد أو ذي السيناريوهات المتعددة.

ولا نستطيع هنا ان كنا منصفين أن نجزم بأن الوعي يغير من حقيقة العالم الفيزيائي بطريقة مباشرة (وإن كان هذا الرأي شائعًا) ولكن اقصى ما نستطيعه أن نستنتج أن الوعى يغير من نتيجة تفاعلنا بالعالم الفيزيائي وبالنتائج التي نراها من هذا العالم .

إن علمنا والذي هو محدود بوعينا أساسًا محدودٌ من حيث المبدأ وليس للأمر علاقة بتقدم أجهزة قياسنا.
إن الكون يتصف بالتحديدية ويسير على قوانين حتمية كما قال أينشتين ولكن نصيبنا من هذه الحتمية قليل
قال تعالى
"ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء"
صدق الله العظيم

الخلاصة
إن الكون حتمي ولاحتمي في آن واحد!! إنها النسبية مرة أخري.
إن صاحب النسبية لم يتخيل أن ينقلب السحر على الساحر وتكون حتمية الكون أمر نسبي هي الأخرى, فبينما الكون حتمي بالنسبة لخالقه وهو يعلم كل شئ وخلق كل شئ بمقدار, إلا أن هذه الحتمية لا تتعارض إطلاقا مع لايقينية وعينا بالكون.


** نتيجة هذا السيناريو الواحد هو دالة رياضية في جميع السيناريوهات الممكنة

والله أعلم

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2007

الثبات والتغير - والمطلق والنسبي في الإسلام

السلام عليكم
العقل حاسوب عجيب
إن الحاسوب يتكون من شقين لاغنى لأحدهما عن الآخر الشق الأول هو الدوائر الالكترونية والشق الآخر هو نظام تشغيل الحاسوب . ولكي يُستخدم الحاسوب لابد له من برامج يتم تنصيبها في اطار نظام التشغيل الموجود. ويمكن تشبيه العقل إلى حد كبير بالحاسوب المعقد فهو لا بد له من دماغ ونظام تشغيل ولابد له أيضاً من برامج مفيدة

لا يعلم نظام التشغيل الملائم إلا الله
إن من البديهي ألا يعلم حق العلم نظام التشغيل الملائم للحاسوب إلا صانع هذا الحاسوب والله تعالى هو خالق الإنسان وخالق دماغه
قال تعالى
ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير
صدق الله العظيم

الإسلام نظام تشغيل المسلم -- نظرة تيسر فهم الثابت والمتغير في حياة المسلم

في الحقيقة الإسلام ليس ثابتاً ككل وليس متغيراً ككل. فالإسلام نزل لتنظيم حياة الإنسان والإنسان فيه الثابت والمتغير فالثابت في الإنسان هي خصائصه الداخلية مثل شهواته مثلاً فلا يستطيع أحد أن يقول بأن شهوات الإنسان في العصر الحالي قد تهذبت عنها في العصور الماضية.
والمتغير في الإنسان هو بعض الظروف المحيطة وهذا الموقف هو الذي قيل فيه حديث "أنتم أعلم بشئون دنياكم" ولذلك يمكن اعتبار الإسلام كنظام تشغيل للحاسوب هذا النظام فيه الثابت الذي ان زال عنه يفسده وفي نفس الوقت هذا النظام يسمح لتنصيب اية برامج اخرى مفيدة لحياة البشر (المصالح المرسلة) بحيث أنه لا يحدث تعارض بين هذه البرامج ونظام التشغيل الأصلي

فالإسلام أشبه باللوحة التى وضعت في اطار ورسمت بعض اجزاء اللوحة (بحيث لا يُمكن ان نرسم فوقها) وترك بعض اجزائها ليرسمه الناس وطبقاً للمتجدد في حياتهم ولولا هذا النظام الفريد لما صلح الإسلام لكل زمان ومكان

المطلق والنسبي في الإسلام

أما عن مسألة المطلق والنسبي فهي كذلك وظفت من أجل عالمية الإسلام فهناك من النصوص ما وُضع ليفهم فهما واحدا لا غير وهناك وُضع ليسمح بتعدد الأفهام.
فالله تعالى لو أراد أن يجعل كل النصوص تُفهم فهما واحدا لفعل ولكنه أعطى بحبوحة وسماحية لاختلاف الأفهام نتيجة لاختلاف البيئات أو حتى الاختلافات الشخصيات أن تفهم أفهاما مختلفة من نفس النص طالما لم يكن هذا معارضاً لنص اوثق او لأصول اللغة والمنطق ولولا هذه المرونة في النصوص (وأغلبها من الفروع) لما صلح الإسلام أن يكون دينا عالميا يصلح لكل زمان ومكان

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الاثنين، 3 سبتمبر 2007

تأمل في موقف الإسلام من المتع الحلال

السلام عليكم

إن المسلم في نظر الإسلام هو إنسان له رسالة في الحياة وهذه الرسالة تقتضي التشمير عن ساعد الجد لها ليل نهار. فالدنيا في نظر المسلم دار عمل وموقع المتعة الحلال فيها موقع له هدف وهو دفعه في طريق رسالته وتحفيزه على عمله

موقف الإسلام من المتع الحلال

بالطبع العنوان هنا يدل على المضمون. فالمتع التى أباحها الله عز وجل هي من حق الإنسان المسلم وليس لأحد الحق في سلبها منه أو تحريمها
يقول الله تعالى في سورة الأعراف آية 32

قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الايات لقوم يعلمون

ولكن كما أن الإسلام دين الوسطية في كل شئ فكذلك موقفه من المتع الحلال فهو يوصي بها دون إفراط أو تفريط حيث أن كل منهما يلهي الإنسان عن رسالته. فالتفريط يجعل الإنسان مشتاقاً شوقاً يلهيه عن أساس الحياة وهو تأدية الرسالة والإفراط يجعله قليل العزيمة وذلك بإغراقه فيها حتى ينسى وظيفته ويظن أن الحياة متعةٌ خالصة وبناءاً عليه فإنه لايقدر على جهاد أياً كان نوع هذا الجهاد بدأً من جهاد النفس مروراً بجهاد العلم والعمل وانتهاءاً بجهاد النفس

التفريط في المتع الحلال - مغالاة مضرة بالفرد والمجتمع

تروي لنا السنة الصحيحة هذه الحادثة

- أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم : لا أتزوج النساء ! وقال بعضهم : لا أكل اللحم ! وقال بعضهم : لا أنام على فراش ! وقال بعضهم أصوم فلا أفطر ! فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : ما بال أقوام يقولون كذا وكذا ، لكني أصلي وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني
الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 3217


الإفراط في المتع الحلال: أمثلة

1- الطعام والشراب

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن ، حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة : فثلث طعام ، وثلث شراب ، وثلث لنفسه
الراوي: المقدام بن معد يكرب - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: ابن مفلح - المصدر: الآداب الشرعية - الصفحة أو الرقم: 3/183

فالمسلم عندما يوفي حاجته من الطعام دونما اسراف يكون قوياً خفيفاً بعيداً عن أمراض كثيرة

2- متعة النوم

المتأمل في وقت صلاة الفجر يجد عجباً يجد أن هذا الوقت هو من أحلى أوقات النوم في الليل ولكنه يجد أن الإسلام وكأنه ينبه المسلم "مهلاً مهلاً" لا تغرق في متعة النوم فأنت دائماً تحتاح للاخشوشان كي تؤدي رسالتك. إن الإسلام يأمر الإسلام أمراً أن يقوم من هذا النوم الجميل ويقف في الصف في الصلاة كأنه في جهاد , بل هو في جهاد, ثم لاحرج بعد أن ينهي الصلاة أن يكمل نومه. ولكنه لم يتركه ليغرق في متعة النوم حتى يحافظ عليه دائماً مستعدا للجهاد في شتى مجالات الحياة

وكذلك وضع الله تعالى سنة لها شأنها في الإسلام وهي سنة قيام الليل

فتأمل

3-متعة النساء
إن الله عز وجل قد وضع قيدين على هذه المتعة . حتى لا يغرق المسلم فيها كما غرق الغرب الذين فعلوا كل شئ في هذا الصدد حتى أنهم أخذوا يبحثون عن متع جديدة بلا توقف. فالنفس الإنسانية لا تشبع أبداً إذا لم تُفطم

أ- وضع الإسلام قيداً مكانيا في هذه المتعة
وهو تحريم إتيان الزوجة في الدبر
قال تعالى في سورة البقرة آية 223
نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انى شئتم وقدموا لانفسكم واتقوا الله واعلموا انكم ملاقوه وبشر المؤمنين

وهذا التعبير الذي يحمل في طياته الأدب الجم يوجه المسلمين أن إتيان الزوجة لا يكون إلا من مكان الحرث وهو مكان الولد

ب- وضع الإسلام قيداً زمانياً في هذه المتعة
وهي عدم إتيان الزوجة في فترة الحيض

قال تعالى في سورة البقرة آية 222

ويسالونك عن المحيض قل هو اذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فاذا تطهرن فاتوهن من حيث امركم الله ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين

الاستنتاج

الإسلام يريد أتباعه غير محرومين من متع الحياة (فلا رهبانية في الإسلام) وذلك حتى يكونوا أسوياء ويستطيعون تأدية رسالتهم في الحياة على أكمل وجه وهو أيضاً لا يريدهم أن يُغرقوا أو يَغرقوا في هذه المتع حتى لا يصابوا بالميوعة والوهن النفسي ونسيان الرسالة الأصلية وحتى يعلموا جيداً أن ما أحله الله لهم من متع هي وسائل لتأدية الرسالة وليست غايات تُطلب لذاتها

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 21 أغسطس 2007

فترة عمر النصف وقدر الموت

السلام عليكم

ضربات القدر
يتعجب علماء الذرة من الكيفية التي تتحلل بها مجموعة من الذرات المشعة. فإنه كلما مر وقت ما "يسمى بفترة عمر النصف" يتحلل نصف كمية المادة المشعة الموجودة في المختبر, وهذا في ذاته ليس بعجيب ولكن العجب كل العجب يتملك العلماء عندما يراقبون الذرات المنفردة, فإنه بعد طول بحث نظري وعملي توصلوا أنه من الاستحالة بحال التنبأ بمجموعة الذرات المنفردة التي ستتحلل في فترة نصف العمر القادمة, فإنه لا يوجد سبب لتحلل هذه الذرات بالذات دون غيرها فلا يوجد سبب يرونه يجعل الذرة "أ" تتحلل وتبقى جارتها "ب" دون تحلل, حتى إنهم من فرط عجبهم اطلقوا اسم ضربات القدر (انظر كتاب الكون الغامض للسير جيمس جينز) على سبب تحلل الذرات المنفردة دون غيرها !! واستنتجوا أن يداً خفية تتدخل في الأمر وتميت من يموت (تحلله) وتبقي من تبقي حياً (لا تحلله) فما أعجب هذه النتيجة

الموت
والمتأمل في شأن الأحياء يجد أن كثيراً من الناس الأصحاء (حيث لا يوجد سبب مادي لموتهم) يموتون دون سبب أو إن شئت فقل يموتون لأن أجلهم قد انتهى, فسبحان الله فما أشبه هذا بذاك!! سبحان الله ما أشبه عالم الأحياء الأصحاء بعالم الذرات. يقول الله في كتابه الكريم في سورة الزمر - آية 42

الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى اجل مسمى ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون

صدق الله العظيم

ولا يمكن بحال التنبؤ ما إذا كان انساناً صحيحاً سيموت في الساعة أو اليوم المقبل أم لا ويبين لنا الله تعالى خالق الذرات وخالق البشر هذه الحقيقة بقوله سبحانه في سورة لقمان - آية 34

ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي ارض تموت ان الله عليم خبير

صدق الله العظيم

الاستنتاج: طلاقة قدرة وعلم الله عز وجل
إن الله تعالى سبب لنا الأسباب لنفهم الكون من حولنا ولكنه نبه المتفكرين منا أنه بالرغم من هذا فإنه قدير على كل شئ يفعل ما يشاء وقتما شاء وأينما شاء. ونبههم أيضاً أن علمهم الحديث لا يستطيع أن يتنبأ بيقين بالأحداث على وجه تفصيلي وإنما أقصى ما يمكنه التنبأ به الأحداث على وجه إجمالي وإن شئت فقل على وجه تفصيلي ولكنه احتمالي ليس به يقين (وهذا هو موضوع ميكانيكا الكم في الفيزياء الحديثة) وبهذا فإن الله يمدنا من علمه بالقدر الذي يشاء فقط ومهما بلغنا من تقنيات تجريبية فإنه فمن الاستحالة معرفة كل شئ على وجه تفصيلي.
ويشير الى هذا الله تعالى في سورة البقرة - آية 255 فيقول

الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تاخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم

صدق الله العظيم
والله أعلم
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الجمعة، 27 يوليو 2007

القصور الذاتي وحقيقة الخلق

السلام عليكم
تأملت في قانون القصور الذاتي (القانون الأول لإسحاق نيوتن) فوجدته قانونا بديهيا يتميز ببساطة غريبة. فالقانون يقول أنه لا يستطيع الجسم أن بغير من حالة حركته (سرعته) من تلقاء نفسه إلا أن تتدخل قوة خارجية. وجدته قانوناً يصل في قوته لحد المسلمات. ثم تأملت قليلاً فقلت في نفسي إذا كان الشئ لا يستطيع ان يغير صفة من صفاته من تلقاء نفسه فكيف به يستطيع إيجاد نفسه من العدم. إن من يقول هذا أقل ما يقال فيه أنه فقد عقله. أليس كذلك؟
ووجدت نفس المبدأ يمكن تطبيقه على الكون بأكمله
وقد خاطب الله تعالى في القرءان الكريم عقول الجاحدين بسؤال بسيط يحمل في طياته قوة الحجة البالغة عندما قال في سورة الطور - آية 35
ام خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون
صدق الله العظيم
الاستنتاج
حقاً إن التفكر في السموات والأرض وما بينهما مع التجرد من الهوى يقود حتماً إلى الإيمان بالله الواحد وتنزيهه عن كل نقص
قال تعالى في سورة آل عمران - آية 191
الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار
صدق الله العظيم

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 17 يوليو 2007

الأسباب العملية لتقدم سلف الأمة الإسلامية

السلام عليكم


كلنا يعلم أن سلفنا تقدم بسبب اتباعه للكتاب والسنة ولكن هل فكرنا كيف اتبعوه وما هي التعاليم السامية التي اتبعوها فيهما حتى يصلوا الى كل هذا المجد؟


قبل أن نخوض في موضوعنا لابد لنا أن نعرف ما هو التقدم الحقيقي. هل التقدم بصنع التكنولوجيا؟ أم التقدم باستخدامها؟ أم التقدم بهما معاً؟! لا ليس هذا ولا ذاك هو التقدم


التقدم هو وصول الانسان للسبيل الذي يجعله سعيداً حقاً لأطول زمن ممكن


والإسلام قدم لأتباعه سعادة الدنيا ومد هذه السعادة الى سعادة اعظم بكثير في الحياة الآخرة بدرجة لا تقارن وهذا قد ميز الإسلام عن غيره من الحضارات المادية حيث أن الإسلام جعل من سعادة اتباعه سعادةً ساميةً في النوع ممتدةً في الزمان امتداد الدار الآخرة وهو امتداد لا نهائي. بينما حصرت الحضارات المادية السعادة التي يوهم الإنسان نفسه بالوصول اليها في التقدم التكنولوجي في زمن محدود يتضاءل تضاءل الصفر بجانب السعادة التي يقدمها الإسلام لاتباعه

الأسباب على سبيل المثال لا الحصر


أولاً: وجود ووضوح الهدف النهائي ... الرؤية

وهو رضا الله تعالى والفوز بالجنة والنجاة من النار وهذا لن يتأتى إلا بعقيدة راسخة

وقد دل الله تعالى على هذا الهدف بوضوح في القرءان الكريم اذ قال على سبيل المثال لا الحصر

في سورة البقرة - آية 82
والذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون

وفي سورة آل عمران - آية 185
كل نفس ذائقة الموت وانما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور

وفي سورة النساء - آية 124
ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا


وفي سورة الأعراف آية 43
ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الانهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

من خاف أدلج ، و من أدلج بلغ المنزل ، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة

الراوي: أبي بن كعب - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6222

وغيرها غير القليل من الآيات والأحاديث التي تضع الجنة هدفاً نهائياً واضحاً أمام كل المسلمين وتوضح لهم ان الوصول اليها ليس باليسير بل يحتاج الى جهد جهيد



ونجد هنا شيئاً جميلاً: نجد أن الإسلام جعل الهدف النهائي هدفاً سامياً يتسامى ويعلو عن مطالب الحيوان الغريزية وبهذا جعله انساناً حقاً ميز بينه وبين الحضارات المادية التي تتخذ من حب البقاء هدفاً نهائياً لها. فلقد حول الإسلام هذه الغريزة الحيوانية إلى حب البقاء في دار اكمل من الدار التي يعيش فيها ... حب البقاء الحقيقي ... البقاء لزمن لانهائي في جنة عرضها السماوات والأرض فياله من فرق في الأهداف يجعل المسلم فخوراً بدينه

ثانياً: وضوح السبيل للهدف -اتباع المرجعية

والمرجعية هي مرجعية شرعية إلهية ومرجعية عملية تجريبية


أما المرجعية الشرعية فهي اتباع ما جاء في القرءان والسنة من عقائد وعبادات ومعاملات وغيرها من التعاليم والمعلومات التي تستقيم حياة الإنسان بها في الدنيا ويفوز بالجنة في الآخرة


وقد قال الله تعالى في سورة النساء - آية 59
يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسن تاويلا


وطاعة أولى الأمر واجبة فقط في عدم معصية الله تعالى ونلاحظ أن "اولي الأمر" لم يأت قبلها كلمة اطيعوا لأن طاعتهم غير مستقلة بذاتها أما طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فهي من طاعة الله تعالى لأنه لا يشرع من نفسه ولا ينطق عن الهوى انما يبين للناس دينهم بأمر ووحي من الله


قال تعالى في سورة النجم من آية 2 إلى آية 4


مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى *وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى *إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم


إني قد خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما أبدا ما أخذتم بهما أو عملتم بهما : كتاب الله وسنتي ولم يتفرقا حتى يردا علي الحوض


الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: ابن حزم - المصدر: أصول الأحكام - الصفحة أو الرقم: 2/251



وينبغي هنا بالطبع ان نقارن بين مرجعية المسلمين ومرجعية غيرهم فمرجعية المسلمين هو كتاب من لدن مصمم الكون و خالقه العالم بمصلحته. هذا الكتاب محفوظ تفصيلاً يشهد على حفظه المنطق قبل التاريخ. وسنة نبوية محفوظة اجمالاً تم غربلتها بدقة من قبل علماء الحديث وعلماء الجرح والتعديل الذين أدوا عملاً عقلياً جباراً في استخراج الصحيح من السنة النبوية كي نتبعه. وهذين العنصرين ليسوا موجودين عند غير المسلمين



فليس مرجعهم مصدره مصمم الكون وخالقه وبالتالي فهو لم يأخذ في الاعتبار اشياء عديدة


ولا يوجد ضامن لحفظ مرجعهم من عبث ذوي المصلحة في تحريفه


أما المرجعية التجريبية فقد دلت عليه السنة بوضوح في موقف يستحق التأمل واستخراج النفيس من الحكم لمن كان له نظر ثاقب, وها هي القصة روتها لنا السنة الصحيحة


أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون . فقال " لو لم تفعلوا لصلح " قال فخرج شيصا . فمر بهم فقال " ما لنخلكم ؟ " قالوا : قلت كذا وكذا . قال :أنتم أعلم بأمر دنياكم


الراوي: أنس بن مالك - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2363


وهذا يدل على نصحه لهم باتباع الخبرة التجريبية في امور الدنيا


ولا يفوتنا تدبر الحكم المستخرجة من هذه القصة

أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس مقدساً لدى المسلمين تقديس الألوهية التي يقدسها غيرهم لغير الله من البشر. فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد يصيب ويخطئ في أمور الدنيا لأنه بشر مثلنا



أنه

ليس كل أفعال وأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأقواله ديناً يثاب المرأ باتباعه ويعاقب بتركه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر من حقه التميز في صفات معينة وحب اشياء وكره اشياء كما يفعل كل البشر وذلك بالطبع بشرط أن تكون هذه الصفات على الأقل مباحة لأنه صلى الله عليه وسلم لا يأتي بحرام أبداً . ولكن أفعاله وأقواله التي تتصل بالشريعة الإسلامية هي دين لأنه فيها لا يتصرف بهواه ولا ينطق بهواه . إنما يكون كل هذا بأمر من الله عز وجل



وبالتالي فإن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر مسلم وظيفته تبليغ رسالة الله الخاتمة للناس أجمعين وتطبيقها عملياً حتى يعلموا أنها قابلة للتطبيق وأنها هي المثالية الواقعية والواقعية المثالية .وعليه فإنه معصوم من معصية ربه غير معصوم من الخطأ البشري العادي أو النسيان وذلك بالطبع باستثناء نسيان ما يوحى اليه لأن الله يحفظ ذاكرته من هذا وذلك بحفظه القرءان الكريم



أن الخبرة البشرية في امور الدنيا التي سكت عنها الإسلام والتجربة والخطأ فيها تشكل مرجعية يقرها الإسلام بل ويشجع عليها ويأمر بها وهذا يعطى حرية واسعة جداً للإبداع في أمور الدنيا


ثالثاً: وضوح الرسالة او المهمة اثناء السير نحو الهدف ووضوح مقتضيات هذه الرسالة


إن عبادة الله تعالى هي مهمة الناس في هذه الحياة ورسالتهم
قال تعالى في سورة الذاريات - آية 56

وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون


وقال في سورة نوح - آية 3

ان اعبدوا الله واتقوه واطيعون

ومقتضيات هذه العبادة تشمل مايلي


أ- تأدية ما هو مطلوب من الإنسان نحو خالقه شكرا له وعرفانا بالجميل الذي اسداه اليه

فنكران جميل الله والإشراك به هو أكبر الكبائر عند الله وبالعكس فإن الشكر لله يثيب عليه الله في الدنيا والآخرة وذلك من كرمه جل وعلى لأن الشكر لله حق محض له ومهما شكرناه فلن نوفي نعمة واحدة من نعمه أبدا, فكيف بنا بشكر نعم لا تعد ولا تحصى؟

قال تعالى فى سورة البقرة -آية 172
يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله ان كنتم اياه تعبدون

وقال تعالى في سورة إبراهيم -آية 7
واذ تاذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد

ولم يتركنا ربنا دون أن يعلمنا كيف نشكره فقد أرسل إلينا رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم ليعلمنا الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد بكافة أنواعه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكافة العبادات لنشكر الله تعالى بها ونؤدي هذا الواجب العظيم

ب-عدم حبس الخير على النفس وحب انتشاره بين الناس حتى يعم على الجميع
وهنا ينزع الإسلام الأثرة من النفوس ويجعل حب الخير للناس (بأن يعتنقوا الإسلام) هو عمل عظيم يثاب عليه الإنسان ثواباً كبيرا
قال تعالى في سورة فصلت - آية 33
ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين



وبالطبع فإن الدعوة تكون بالحكمة والموعظة الحسنة وبالجدل الحسن

قال تعالى في سورة النحل - آية 125
ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين



ويجب ان تكون الدعوة باللين وليس بالغلظة

قال تعالى في سورة آل عمران - آية 159
فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين



ويجب أن يكون من يدعو عالما بالدين فاهما له مقتنعا به حتى لا يُضل الناس عن سبيل الله

قال تعالى في سورة يوسف - آية 108
قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين

ومن المناسب في هذا المقام أن نقارن الفتوحات الاسلامية قديماً بالاحتلال الحديث من دولة قوية لدولة ضعيفة بحجة نشر مبادئ الدولة القوية وعلى سبيل المثال " الديمقراطية" (السبب الحقيقي بالطبع هو المال أوالاستعمار لأهداف صهيونية أو كلاهما) . أقول عندما نتأمل في هذا نجد عجبا: نجد أن الاحتلال الحديث باء بالفشل الذريع في نشر ثقافته في بضع سنين بينما كان الإسلام يُتقبل من لدن الناس بسهولة ويسر كسهولة دخول الهواء النقي في الرئتين وسريان الأكسجين الموجود فيه بعد ذلك في الدماء. بل ويصمد الإسلام في نفوس وعقول الأجيال المتعاقبة فوق الألف عام في بزخم غريب يدل على ان الإسلام هو دين الفطرة فعلاً وكأن له مستقبلات في الأرواح ما أن تجده حتى تتمسك به ويصير جزءا منها لا ينفصل عنها ويدل أيضاً أن الاحتلال الحديث يأتي بقيم ليست على اتفاق مع النفس البشرية بل على تنافر معها


ملحوظة هامة: لم يكن مبدأ الفتح الإسلامي هو احتلال الأرض والاستفادة من خيراتها بالنسبة للجنس العربي ولكنه كان الدعوة للإسلام أولاً وأخيراً والتخلية بين العباد ورب العباد. فلو أنه يوجد من أهل البلد المفتوح من يصلح للولاية عليه فليس للجنس العربي مصلحة في البقاء في هذا البلد. وهذا ما حدث بالفعل فقد كان الجيش العربي يفتح بلداً ثم يخرج بمعظمه لفتح بلد آخر وهكذا وذلك لأن الإسلام نزل أول ما نزل على العرب ولكنه ليس جنساً وإنما دين الناس أجمعين من عرب وعجم



جـ-الأخلاق الحسنة


وقد حث الإسلام وشدد على حسن الخلق والرسول الله صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا في حسن الخلق

قال تعالى في سورة القلم -آية 4
وانك لعلى خلق عظيم

ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ، وإنه كان يقول : إن خياركم أحاسنكم أخلاقا

الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6035


وهذه الراوية تؤكد أن سوء الخلق يفسد العبادة ويجعلها غير كافية للوصول الى الجنة

ونجد غيرها من الروايات الصحيحة ما يؤدي لنفس المعنى
قال رجل يا رسول الله إن فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال هي في النار قال يا رسول الله فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها وأنها تتصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها قال هي في الجنة

الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] - المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 3/321



وكان حسن خلق المسلمين التجار الذين يتعاملون مع غيرهم في البلاد البعيدة عن الجزيرة سبباً عظيما في دخول أفواجا من غير المسلمين في الإسلام لما أبهرهم الدرجة السامية التي عليها هؤلاء الرجال من حسن خلق وسماحة في البيع والشراء, فقد قال في هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم

رحم الله عبدا سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى سمحا إذا اقتضى

الراوي: جابر بن عبد الله الأنصاري - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البيهقي - المصدر: الآداب - الصفحة أو الرقم: 141



د- العدل

فالعدل من أهم مقومات الحضارة. وقد أمرنا الإسلام بالعدل وبالقسط بدون تحيز ولو لأقرب أقاربنا

قال الله تعالى في سورة النساء - آية 135
يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم او الوالدين والاقربين ان يكن غنيا او فقيرا فالله اولى بهما فلا تتبعوا الهوى ان تعدلوا وان تلووا او تعرضوا فان الله كان بما تعملون خبيرا
وقال في سورة المائدة آية 8
يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنان قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون
وقال في سورة هود - آية 85
ويا قوم اوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس اشياءهم ولا تعثوا في الارض مفسدين
وقال في سورة الإسراء - آية 35
واوفوا الكيل اذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير واحسن تاويلا

والقسط ليس مع المسلمين وحدهم


قال تعالى في سورة الممتحنة - آية 8
لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين


وتشهد على ذلك قصة طعمة بن أبيرق، الذي سرق درعا، وأودعها عند رجل يهودي، فلما وجد صاحب الدرع درعه، وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقص عليه ما حدث، أنكر طعمة السرقة، وادعى أن اليهودي هو الذي سرقها، وجاء أقارب طعمة ليدافعوا عنه .. فأنزل الله تسع آيات من سورة النساء، بينت ما هو حق وما هو باطل في هذه القضية الملتبسة.


قال الله تعالى في الآيات من 5 إلى 13 من سورة النساء
إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا *وَاسْتَغْفِرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا *وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا *يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا *هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً *وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا *وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا *وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا *وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ*وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا


وقد دلت السنة ايضا في غير موضع على تحريم الظلم


ففي جزء من الحديث الذي رواه ابو ذر الغفاري رضي الله عنه


عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال " يا عبادي ! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما . فلا تظالموا


الراوي: أبو ذر الغفاري - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2577


هذا ولم يكتف الإسلام بتحريم الظلم والحث على العدل بل وضع نظاماً للقصاص من الظالم لحق المظلوم


قال تعالى في سورة البقرة -آية 179
ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب لعلكم تتقون

وهكذا نجد المسلمين الأوائل (ليس كلهم بالطبع ولكن جلهم) قد تشربوا هذه التعاليم السامية وطبقوها بإخلاص امتثالاً لأمر الله عز وجل فرضى عنهم الله تعالى وكافأهم في الدنيا بتقدمهم على سائر الأمم آنذاك وفي الآخرة بالجنة والرضوان كما وعدهم


هـ-نشر الفضيلة والنهي عن الرذيلة


وهذا سر خيرية الأمة فقد قال الله تعالى في سورة آل عمران -آية 110
كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو امن اهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون واكثرهم الفاسقون


وقد ذم غيرهم بعد النهي عن المنكر في


سورة المائدة - آية 79

كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون



واشترط الإسلام أن يكون الإنسان مصلحاً وليس صالحاً في نفسه فقط حتى يكون من المُتقبلين لدى الله عز وجل


قال تعالى في سورة هود - آية 117
وما كان ربك ليهلك القرى بظلم واهلها مصلحون

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم


من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان


الراوي: - - خلاصة الدرجة: قد اتفق الناس على صحته - المحدث: الشوكاني - المصدر: الفتح الرباني - الصفحة أو الرقم: 12/6124


و-العمل الجاد من أجل تأدية الرسالة وتأدية الرسالة تحتاج لقوى تحميها: قوى فكرية ومعلوماتية ومادية


إن الحق لابد له من قوة تحميه والقوى التي تحمي الحق تختلف حسب الزمان والمكان ومن هذه القوى


أولاً: قوة الفكر


قد ورد الحث على الفكر والتفكر في مواضع عديدة من القرءان الكريم حتى صار الفكر فريضة اسلامية في نظر المسلم النابه. ونورد هنا بعض الآيات على سبيل المثال لا الحصر التي تحث على شحذ الفكر في علوم الكون العديدة


قال تعالى في سورة آل عمران -آية 191 مادحاً من يتفكر في الكون والعلوم الكونية والفيزيائية التي تدفع الإنسان لإجلال خالقه
الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار


وقال تعالى في سورة الرعد - آية 3
وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي وانهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون


وقال تعالى في سورة الروم - آية 8
اولم يتفكروا في انفسهم ما خلق الله السماوات والارض وما بينهما الا بالحق واجل مسمى وان كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون


ومن يدعي أن الإسلام ليس في وفاق مع الفكر والتفكر فأقول له: إنك لم تفهم الإسلام حقاً فالإسلام أعطى حرية الفكر إلى أقصى الحدود بل حث على التفكر كأثاث للدين المتين الراسخ في العقول والقلوب


ثانياً:قوة العلم


فالله تعالى قد علمنا من علمه وحثنا على التعلم ما حيينا


قال تعالى في سورة العلق


اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ


وذلك حتى نوقر ربنا ونخشاه لأنه لا يعرف قدر خالق الكون حق المعرفة إلا من يبحث في تصميم هذا الكون المبهر, حينئذ يقف مندهشاً عاجزاً عن اعطاء الخالق حقه من الإجلال والتعظيم. إنه كلما ازداد الإنسان علماً كلما ازداد علماً بجهله وازداد تقديراً لعلم الله الذي لا يحصى


قال تعالى في سورة فاطر - آية 28
ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك انما يخشى الله من عباده العلماء ان الله عزيز غفور


وبهذه الآية العظيمة وضع الله تعالى العلم سبيل خشيته وبالتالي سبيل الجنة ... ولفظة "إنما" تدل على القصر وبالتالي فإن تحصيل العلم الشرعي والمادي واجب على كل مسلم لأنه سبيل خشية الله وبالتالي دخول الجنة


فضلاً عن أمر الله تعالى للمسلمين بدعائه للاستزادة من العلم


عندما قال تعالى سورة طه - آية 114
فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقران من قبل ان يقضى اليك وحيه وقل رب زدني علما


وهذا يدل على شيئين, أولهما أن طلب العلم والحرص عليه فرض أمر الله به, وبالطبع فإنه لا يتعارض السعي الجهيد وراء العلم مع الدعاء بالاستزادة من رزق الله من العلم فهما متلازمان غير منفكين, ثانيهما أن مصدر العلم هو الله فلا يغترن الإنسان بعلمه ويظن أنه من لدن نفسه


والعلم لايشمل العلم النظري فحسب بل والعلم التطبيقي


فقد دل الله تعالى في كتابه الكريم أن استخدام المواد الخام التي خلقها لنا في الصناعات المدنية والحربية هي عبادة وجهاد وبهذه العبادة يميز الله عز وجل بين من ينصر الله ممن لا ينصره


قال تعالى في سورة الحديد -آية 25
لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وانزلنا الحديد فيه باس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوي عزيز


وقد أخبرنا القرءان أيضاً أن استخدام المواد الخام في الصناعة كانت مهنة الأنبياء والصالحين


قال الله تعالى في سورة سبأ - آية 10
ولقد اتينا داوود منا فضلا يا جبال اوبي معه والطير والنا له الحديد


وقال تعالى مخبرنا عن قصة المهندس النابغة ذي القرنين في سورة الكهف الآيات من 94 إلى 97
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا *قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ*فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا *آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا *فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا


وبهذا قد رأينا كيف احتل احترام العلم النظري والتطبيقي بل الحث عليه موقعاً متميزياً في الثقافة الإسلامية التي أرستها القرآن الكريم والسنة المطهرة


ثالثاً:القوة المادية

وتشمل القوة المادية كل من المعدات الحربية والقوة الاقتصادية وقد حث القرآن الكريم بشكل صريح على امتلاك ادوات الحرب كسلاح ردع لإرهاب عدو الله وعدو الإسلام حتى لا توسوس لهم أنفسهم في محاربة الدولة الإسلامية


قال تعالى في سورة الأنفال - آية 60
واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم واخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف اليكم وانتم لا تظلمون


وحث على الإنفاق في سبيل الله في مواضع أكثر من أن تحصى في هذا المقام, ولا يخفى على العاقل أن القوة المالية شرط أساسي في الإنفاق وما لا يتحقق الواجب إلا به فهو واجب وعليه فإن امتلاك المال واجب في الإسلام حتى يستخدم في تقوية شوكة المسلمين


قال تعالى في سورة التغابن - آية 16
فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا وانفقوا خيرا لانفسكم ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون


وهكذا رأينا كيف أن امتلاك القوة بأنواعها واجب اسلامي لا يجوز للمسلمين أن يتقاعسوا عنه وهذا من ضمن الأسباب الكثيرة التي أدت بسلف الأمة إلى التقدم والازدهار


ز- حرية الفكر والاعتقاد

لقد تميز الإسلام بأنه دين الاقتناع فلا يوجد فيه إرهاب فكري ولا يوجد فيه قهر للناس على اتباع ما ليس لهم به اقتناع


قال تعالى في سورة البقرة -آية 256
لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم


فبعد أن تبين الرشد من الغي بالأدلة العقلية فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وعليه أن يتحمل مسئولية كفره في الدار الآخرة


قال تعالى في سورة الكهف - آية 29
وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين نارا احاط بهم سرادقها وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا


وقد قرن الله تعالى افتقار البرهان على الشرك والضلال بالعقاب عليه. وبالطبع كان هذا على سبيل ارخاء العنان للمشركين فالله تعالى يعلم أنهم لن يأتوا ببرهان على شركهم وضلالهم


قال تعالى في سورة المؤمنون -آية 117
ومن يدع مع الله الها اخر لا برهان له به فانما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون

وقال في سورة البقرة -آية 111
وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى تلك امانيهم قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين


وقال في سورة الأنبياء - آية 24
ام اتخذوا من دونه الهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل اكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون


وقال في سورة المؤمنون - آية 117
ومن يدع مع الله الها اخر لا برهان له به فانما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون


وقال في سورة النمل - آية 64
امن يبدا الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والارض االه مع الله قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين


وقال في سورة القصص - آية 75
ونزعنا من كل امة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا ان الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون


ضوابط حرية الفكر

ولكن مع هذا يجب احترام الدولة الإسلامية التي يعيش في كنفها غير المسلم بحيث لا يخل بالنظام الإسلامي العام ولا يؤذي الشعب المسلم بحريته . فحرية فكره لا ينبغي أن تتحول لفعل يخالف القوانين العامة للدولة الإسلامية

وهكذا نرى أن كل من يدعي أن الإسلام دين إرهاب فكري فإن ادعاءه هذا محض افتراء وليس له أصل من الصحة

ح- ترسيخ مبدأ التجريب واعتبار الكون كتاب الله المفتوح الذي نبحث فيه ونبدع باستخدام ادواته

إن الإسلام لا ينظر للعلوم التجريبية على أنها غاية في ذاتها ولكنه ينظر اليها في اطار انها تجلب للمجتمع المسلم منافع شتى


فهي تزيد من ايمان المسلم ويقينه بالله فقد قال تعالى في سورة العنكبوت - آية 20
قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدا الخلق ثم الله ينشئ النشاة الاخرة ان الله على كل شيء قدير


وهي لازمة لجلب القوة المادية العسكرية للمسلمين وأيضاً لجلب رخاء العيش لممجتمع الإسلامي


قال تعالى في سورة الحديد- أية 25


لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وانزلنا الحديد فيه باس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوي عزيز


وكما ذكرنا من قبل في هذا البحث أن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم علم الناس بأن أمور الدنيا التي سكت عنها القرءان الكريم والسنة الشريفة هي أمور متروكة للناس حتى يجربوها ويستنتجوا الأصلح لحياتهم وذلك عندما قال لهم أنتم أعلم بأمر دنياكم


ط- دراسة التاريخ

وقد نبه الله تعالى على أهمية دراسة قصص الأولين وتاريخهم للاستفادة منها وعليه فقد أورد القرآن الكريم جزءاً ليس بالقليل من آياته في وصف تاريخ الأمم السابقة حتى يستفيد المسلمون منها في حاضرهم ومستقبلهم


قالى تعالى في سورة يوسف - آية 111
لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الالباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون


الاستنتاج
إن الأمة الإسلامية لم تتقدم في نشأتها من فراغ ولا من سبيل المصادفات وإنما تقدمت بإيمان قوي دفعهم إلى الإتباع المخلص الذكي لتعاليم القرءان والسنة فجعل منهم الدولة العظمى في العالم أخلاقياً وعلمياً وعسكرياً. فإن عدنا لما كانوا عليه من ايمان حاث على التقدم الجالب لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة سنتبوأ مكانتنا من جديد ولن يستطيع كائن أياً من كان أن يقهر هذه الأمة التي سارت على تعاليم ربها الذي صمم الكون وما فيه وخلق الناس الذين يقطنونه ويعلم سرهم وعلانيتهم وطبائعم. حينئذ سيكون معنا الخالق الخبير بخلقه وسيكون أعداؤنا ما زالوا متخبطين في نظمهم المادية التى تصيب وتخطئ. والعقل والتاريخ يجبرانا أن نعتقد بانتشار الإسلام ونصر المسلمين إذا عدنا إلى ديننا عوداً حسنا. والله الموفق إلى سبيل الرشاد


والله أعلم


تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الجمعة، 13 يوليو 2007

المرض... .. وعلاقته بالموت .... نظرة تأملية

السلام عليكم
الإنسان, المرض, الموت .. بين الفكر المادي والفكر الإسلامي
نظرة الفكر المادي
إن نظرة الحضارة المادية للإنسان لا تتعدى كونها نظرة سطحية لما يحتويه جسده من مادة حيث أنها تحاول جاهدة أن تفسر الإنسان من حركته الى عواطفه بنوذج الماكينة المعقدة
بناءا على هذه النظرة للإنسان تأتي نظرة الحضارة المادية للموت وعلاقته بالمرض. فالموت ما هو الا نتيجة تراكمية للأعطاب التي تلحق بهذه الماكينة المعقدة بحيث أنها تتوقف عن الحركة فجأة عندما تتكون حلقة مفرغة من الأعطاب

نظرة الفكر الإسلامي
إن الفكر الإسلامي ينظر للإنسان أنه مزيج غريب بين المادة و شئ آخر لا أحد يعرف كنهه هو الروح وهذا المزيج هو مزيج محير حيث أنه مزيج بين شيئين مختلفين تماماً في الطبيعة, شئ لايشك أحد أنه مادي وهو الجسد وآخر لا يشك عاقل أنه غير مادي وهو الروح ... وهذا يجعله مزيجاً عجيباً لأن من طبائع الأشياء الممزوجة الطبيعة المتشابهة.
وينبني على هذه النظرة للإنسان نظرته للمرض وعلاقته بالموت فعلاقة المرض بالموت هي علاقة اقل تشابكاً وتلازماً منها في النظرة المادية
الأمراض في النظرة الإسلامية وهي النظرة الواقعية الصحيحة هي مؤشرات ودلائل للموت قد تتلازم معه وقد تأتي قبله بفترة طويلة أو قصيرة أو قد لا تأتي أصلاً
والإسلام لا ينكر أن المرض عطباً ولكنه لا يربطه بالموت ربط السببية السطحية بل ربط التزامنية الإنذارية وأيضاً السببية من جهةٍ ما ولكن الرابط ليس مقصوراً على السبب والنتيجة فحسب كالنظرة المادية

والله أعلم
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

اسجد واقترب


السلام عليكم
الذل لله سبيل الاقتراب منه
المتأمل في علاقة العبد بربه يجد عجباً. يجد أن قمة الذل لله هي قمة الاقتراب منه وذلك لأن ذل العبد مقترن باعترافه بالوهية الله وسيطرته على كل شئ
وقد دل على ذلك قول الله تعالى في سورة العلق آية 19
"كلا لا تطعه واسجد واقترب"
صدق الله العظيم

وقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم
أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد . فأكثروا الدعاء
الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 482

الذل لله سبيل السيادة في الكون
وعندما يقترب الإنسان من العزيز جل وعلى بذله وخضوعه له يوُرث العبد عزةً في قلبه ويصير سيدا على الكون كله بهذه العزة التى نمت في قلبه من شدة ذله وخضوعه لله
قال الله تعالى في سورة المنافقون آية 8
يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون
صدق الله العظيم

وقال الله تعالى في سورة آل عمران - آية 139
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون إن كنتم مؤمنين

الاستنتاج
فالقرب من الله والذل له هو العزة الحقيقية والبعد عنه هو الذل لكل الناس فلقد جاءنا الإسلام ليعلمنا كيف نكون أعزاء في انفسنا وليخرجنا من عبادة العباد لعبادة رب العباد التي هي قمة الاستقلالية عن البشر الذليل والتبعية لرب العالمين العزيز
والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

فتنة تخلف الأمة ووهم العلمانية

السلام عليكم
مغالطة عقلية كبرى
ان تخلف امتنا الاسلامية الآن في كل من مجالي المادة والأخلاق يثير فتنة كبيرة لأبناء الأمة الذين يرون حال الأمم الأخرى التي تركت دينها بالكلية وكان هذا سبب تقدمهم. فيقولون في انفسهم. لقد وجدناها ، إذا فعلنا مثلهم وتركنا ديننا(أصبحنا علمانيين مثلهم) ** سنتقدم. إنها مغالطة عقلية كبرى للأسباب الآتية
أ- أن الدين الإسلامي يشهد له قرءانه وسنته المعجزان فكرياً وليس ديناً يتيماً يفتقر الى تجريبه واقعياً حتى نثبت صحته. فقد أسلم الصحابة الكرام من قبل أن يروا آثار الدين الإسلامي في تقدم العالم من حولهم بل أن إيمانهم بالله هو الذي دفع دفة هذا التقدم إلى الأمام امتثالاً وخضوعاً لأوامر دينهم الجديد. وأقول أنه إن كان ثمة خلل في حال المسلمين الآن فليس الذي يتهم أبداً أصل الدين بل الذي يتهم تطبيق الناس له
ب- أن الأمة الإسلامية الآن لا تتبع الدين الاسلامي الذي ارتضاه الله عز وجل لها بل تتبع نسخة منقوصة منه وذلك بالتركيز على العبادات وترك المعاملات أو العكس فضلاً عن هجر الاجتهاد وتقديس اجتهاد علماء الأمة الأوائل الكرام وعدم تغييره تبعاً للزمان والمكان بل والقياس عليه بدلاً من اجتهاد جديد وكأن أقوالهم رحمهم الله نزلت من السماء. وأقول لو أن هؤلاء العلماء الكرام يعيشون معنا الآن لغيروا بعض اجتهاداتهم ولما توقفوا عن الاجتهاد ابدا وذلك لأن القرءان الكريم والسنة المطهرة خالدان صالحان لكل زمان ومكان أما اجتهاد علمائنا فلا
وبناءاً على ما سبق فإنه من المغالطة العقلية بل والظلم الشديد أن ننسب تخلف أمة إلى دين لا تتبعه هي !!! أليس ما أقوله حقاً؟
جـ- المنهج السليم للحكم على الدين حكماً عملياً وعلى أرض الواقع أن ننظر إلى التقدم المتعدد المجالات الذي حققه سلف الأمة بعد أن كانوا لا يملكون من أسباب الحضارة شيئاً . هذا السلف الكريم الذين أخذوا من الإسلام منهجاً كاملاً غير منقوص للحياة . لقد تزامن ظهور الدين الإسلامي على وجه البسيطة مع قفزة هائلة في حضارة العرب حتى أنهم أول من حولوا العلوم من علوم فلسفية عقلية بحتة الى علوم عقلية تجريبية بل إنهم وصلوا بحضارتهم هذه التي انشئوها بفضل الإسلام وحده الى اوروبا التي كانت حينئذ تعيش في ظلمات بعضها فوق بعض وأنشئوا المدارس والجامعات هناك وكانت هذه نقطة انطلاق النهضة الأوروبية في العلوم التجريبية
د- أن أوروبا عندما تركت دينها كانت أكثر منطقية في تفكيرها منا نحن المسلمين المفتونين. لقد تركوا هم دينهم لأنهم كانوا يتبعون الكنيسة
التي ضيقت الخناق بدينها الوضعي على كل شئ حتى حرية الفكر ليس في الأمور العقائدية فقط بل امتد هذا على الأمور العلمية
ولا يفوتنا هنا أن ننوه أنه كان الأولى بأوروبا اذا تجردت من الهوى والعصبية أن تتبع الدين الجديد الذي قطع لها مسافات عظيمة حتى يصل اليها بدلاً من ترك الدين بالكلية بل ومحاربة الدين الجديد. هذا الدين الذي انار لهم طريق العلم والمعرفة ولم يحجر على عقل مفكر في اي مجال كان

الاستنتاج
تخلف الأمة الآن ناشئ عن عدم فهم وتطبيق الدين الإسلامي على وجه سليم. أما أصل الدين فهو برئ من هذا التخلف يراءة يشهد لها المنطق والتاريخ


** ترك جزء من الدين الإسلامي كالتشريعات الاقتصادية والسياسية مثلا وتطبيق جزء هو بمثابة تركه بالكلية



والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الاثنين، 9 يوليو 2007

تجمهر الأصفار

السلام عليكم
ترى لو شهد بضعة أفراد على جريمة ما أمام القاضي ثم أتى شخص للقاضي فقال له "إن كان هناك فقط بضعة أفراد شهدوا على الجاني فاستطيع أن آتى بآلاف من الناس لم يشاهدوا الجاني وهو يرتكب جريمته" . ترى ماذا سيكون رد فعل القاضي؟! أترك لكم تخيل ماذا سيكون رده. إنها حجة مضحكة حقاً
إذن
تضافر اللاشئ لا يعقل أن يشكل أي قيمة في مواجهة شيئاً معتبراً له قيمة وهذا ما أسميه : تجمهر الأصفار
إن تجمهر الأصفار لا يعني شيئاً
لا يحزننكم أيها المؤمنون الموحدون تجمهر أهل الباطل عليكم فما هو إلا تجمهر أصفار
تأملوا في هذه الآيات الكريمات
قال تعالى في سورة محمد - آية 11
ذلك بان الله مولى الذين امنوا وان الكافرين لا مولى لهم
وقال جل شأنه في سورة غافر آية 20
والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء ان الله هو السميع البصير


صدق الله العظيم
الاستنتاج
لا يرهبنكم أيها المؤمنون الموحدون ما عليه أهل الباطل من علو موهوم فارغ من المتن مفتقر الى الجذور
قال تعالى في سورة آل عمران آية 173
الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
صدق الله العظيم
ولكن هذا لن يأتي ونحن هاهنا قاعدون. فالعمل العمل أهل الإسلام
قال تعالى في سورة محمد - آية 7
يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم
صدق الله العظيم
والله أعلم


تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الجمعة، 6 يوليو 2007

علاقة الدين بتقدم الأمم وتخلفها

السلام عليكم
أقدم بين يدي القارئ مبحثاً مختصراً في الأسباب المحتملة لتخلف أمة ما تدعي اتباع دين ما. ونضرب ايضاً أمثلة للتوضيح
قبل أن نخوض في الأسباب أود أن أطرح بعض التعريفات الأساسية التي سنستخدمها في مبحثنا هذا
تعريفات لا غنى عنها
الدين
الدين هو نظام ما يسير عليه مجموعة من البشر ينظم لهم كل حياتهم روحياً ومادياً
التقدم
هو حالة يكون فيها الناس سعداء في حياتهم العاجلة والآجلة معاً
التخلف
هو حالة يكون فيها الناس تعساء في حياتهم الآخرة على الأقل

الأسباب المحتملة لتخلف أمة ما تدعي التدين
أولاً:عدم صلاحية الدين ونعني بعدم الصلاحية هنا إما عدم إلهية الدين أو تحريف دين إلهي سواءاً كان التحريف تحريف النص أم التفسير أم كليهما
مثال: أوروبا قبل ثورتها على الكنيسة وتحررها من قبضتها التي هيمنت على كل شئ حتى قوانين الفيزياء فقد حرفتها عن أصلها التي وضعها الله تعالى
ثانياً: عدم اتباع دين الهي صحيح النص صحيح التفسير اتباعاً صحيحا عملاً وقولاً وشعوراً
مثال: جزء من الأمة "الإسلامية" اليوم

ثالثاً: اتباع دين الهي صحيح النص محرف أو مشوه التفسير
مثال: جزء آخر من الأمة "الإسلامية" اليوم
موقف العقل السليم من تخلف أمته التي تدعي التدين
أ-مراجعة دين أمته هل هو دين إلهي أم وضعي (كيفية هذه المراجعة خارج عن نطاق المقال حيث أنه يحتاج لمقال منفصل - انظر مقال القرءان كلام الله المنزل), فإن كان وضعياً فقد علم السبب وعليه أن يتجه لدين الله وليس لدين البشر
ب-أما إن كان إلهياً فليبحث في نزاهة هذا الدين عن التحريف نصاً أو فهماً وعليه أن يثق بأنه سيجد أحد التحريفين على الأقل
جـ-فإن وجد تحريفاً نصياً لا يمكن أن ينقح ويفصل فيه الغث عن الثمين فقد علم سبب التخلف وليعلم أن هذا الدين ليس بدين الله الأخير لأن الله تعالى لن يترك خلقه بدون دليل سليم من التحريف يستدلون به في حياتهم وعليه أن يتجه لدين الله وليس لدين البشر
د- و إن وجد تحريفاً نصياً يمكن أن ينقح ويفصل فيه الغث عن الثمين ويعود لأصله بدون تحريف فليفعل ذلك ليصلح شأن أمته ويدفعهل للتقدم
هـ- وإن وجد الدين سليماً نصاً فليبحث عن فهم الناس له فلابد من خلل فيه
و-فإن وجد الناس يفهمونه فهماً سقيماً مشوهاً فقد علم سبب تخلفهم وعليه أن يصلح من فهمهم
ز- وإن وجدهم يفهمونه فهماً صحيحا فليبحث عن تطبيق الناس له وشعورهم به فلابد أن بهما خلل فليدعو الناس لتطبيق دينهم واستشعاره حتى يتقدموا
موقف العقل الإسلامي السليم من تخلف الأمة الإسلامية الآن
الباحث المنصف المجرد عن الزيغ يعلم علم اليقين أن القرءان منزه عن التحريف وأنه الإصدار الأخير لرسالة الله للعالمين ويعلم أيضاً أن السنة النبوية محفوظة إجمالاً حيث قيد الله تعالى لحفظها علماءاً أفذاذاً استخدموا بل ابتكروا أساليب ومناهج علمية غاية في الرقي كي ينقوا نصوص السنة من أي تحريف فيها بالزيادة أو النقصان
إذن فالعيب أبداً ليس في نصوص الدين الإسلامي. ويجد العقل السليم نفسه أمام إحدى هذين الاحتمالين أو كليهما
الأول: تشويه معاني النصوص وعدم استخلاص المراد الصحيح منها والحل هاهنا هو اصلاح فهم الناس لنصوص الإسلام
الثاني: عدم العمل بالإسلام والحل هاهنا دعوة الناس إلى العمل والجد حتى نفيق من سباتنا
موقف اوروبا من الدين في بداية نهضتها في العلوم التجريبية
واضح من التاريخ أن أوروبا بشكل عام دمجت تصرفات الكنيسة بالدين ولم تبذل مجهوداً في فصل الغث عن الثمين في الدين أو البحث عن دين الله الأخير غير المحرف (الإسلام) فتركت الدين بالكلية فكان الناتج تقدم في العلوم التجريبية وهذا التقدم في هذا الصنف من العلوم فقط لم ينقذها من التخلف وذلك حسب تعريف التخلف المذكور أعلاه
موقف الأمم الغير متدينة من التقدم والتخلف
حسب تعريف التقدم السابق فإن هذه الأمم فقدت سعادة الآخرة على الأقل, فهي أمم متخلفة
والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الثلاثاء، 3 يوليو 2007

الروح

السلام عليكم

هل يمكن انكار الروح؟
هل تفكرتم يوماً من تكونون؟ !! قد يبدو السؤال غريباً ولكن سل نفسك. من أنا؟ هل أنا يدي هل أنا قدمي هل أنا جسمي كله. لو كنت صادقاً مع نفسك لأحسست أنك لست كل هذا ولأحسست أنك شئ مختلف يميزك مهما تغير شكلك وجسمك ولأحسست أن هذا الجسم ما هو إلا رداء لك يوفر لك إمكانية أن تعيش في هذا الكون المادي وتتواءم معه. إن وجودك الحقيقي هو وجود روحك التي هي أنت. وحيث أنه لا يمكن لأحد انكار وجوده فلا يمكن له كذلك انكار وجود الروح , ولكن ذلك بالطبع بشرط التجرد عن الهوى و التفكير السليم


انهزام العقل المادي امام حقيقة الروح وعلاقتها بالموت
إن العقل المادي ليقف أمام ظاهرتي الحياة والموت وقفة فيها حيرة عميقة. فكيف يموت الإنسان؟ هذا سؤال قد يبدو سهلاً بالنسبة لبعض العلماء الماديين. سيقول لك لقد أصاب العطب أجزاءه الأساسية من مخ وقلب فمات. ولكن قل له مهلاً سيدي, لدي في جعبتي سؤالان آخران
أولاً: لماذا يموت الإنسان فجأة , وهذا هو السؤال الأسهل فيهما, فسيلاحقك برده: إنه يموت فجأة كما تتعطل بك السيارة فجأة في الطريق
قل له حسناً فإليك بالسؤال الأصعب
ثانياً: سلمنا لك أن الإنسان يموت فجأة كما تتوقف الآلة فجأة!! ولكن الآلة يمكن إصلاحها, أليس كذلك؟ فلماذا لا يستطيع الطب إعادة الحياة لإنسان قد مات؟؟
إذن إجابة السؤال الأول ليست بهذه التفاهة
لا ريب أنه توجد حلقة مفقودة لايمكن تفسيرها بالطب الحديث فما هي؟ إنها الروح وآلية عملها بالجسم البشري وعلاقتها ببث الحياة فيه وعلاقة فراقها له بموته (أياً كان شكل وكيفية هذا الفراق) .... فتأمل
وجود الله

إذا سلمنا بوجود شئ شديد الصلة بنا اسمه الروح وقد فشلنا في معرفة كنهه وحقيقته فمن باب أولى أن نسلم أنه من الحماقة إنكار وجود الله لمجرد أننا لا نراه أو لا ندركه بحواسنا الخمسة. إنها حقاً حجة سخيفة إن دلت فإنما تدل على طفولة عقلية

إنني أؤمن بأن وجود الله لا يحتاج إلى برهان وإنما يُدرك إدراكاً مباشراً بحاسة روحية غير حواسنا المادية.وأن الفطرة السليمة ترى ربها بهذه الحاسة الروحية كما ترى العين السليمة الشمس في وضح النهار. فالروح في صلة دائمة مع الله الذي نفخها فينا فقد حدثنا الله تعالى عن نفخ الروح في أبينا آدم في سورة الحجر آية 29 فقال
فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين

صدق الله العظيم

ماهية الروح والعلم البشري عبر العصور

لقد جعل الله تعالى كنه الروح سراً خفياً من أسراره التي أخفاها عن البشر فإذا تأملنا في قوله تعالى : سورة الإسراء - آية 85

ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا

صدق الله العظيم

أقول إذا تأملنا في هذه الآية العظيمة نجد أن الآية توحى بمعنى استحالة الإحاطة بكنه الروح وأيضاً نجد أن كلمة" أوتيتم" جاءت بصيغة الماضي وحيث أن القرءان الكريم هو كتاب الله الخالد الصالح لكل العصور فإن هذا التعبير في الماضي سيظل قائماً ابداً ومعناه أننا مهما تقدم ينا العلم أو تقدمنا به فلن نعرف ماهية الروح على وجه التحديد

الروح مصدر الإرادة الحرة

إننا عندما نريد شيئاً لا نريدها بأجسامنا وإنما تنبع الإرادة من مصدرها الأول وهي الروح وبالتالي فإن إرادتنا ليست خاضعة لقوانين الفيزياء نحن نريد ما نشاء في الوقت الذي نشاء وفي المكان الذي نشاء. إنما ما يخضع لقوانين الفيزياء عادةً هو امكانية تنفيذ هذه الإرادة والله تعالى يخلق أفعالنا لنا عندما تريد أرواحنا شيئاً ما وذلك طبقاً لقوانين الفيزياء الذي وضعها هو بنفسه

يقول الله تعالى في سورة الصافات آية 96
والله خلقكم وما تعملون

صدق الله العظيم

الاستنتاج

إن الروح البشرية هي من أسرار الله في خلقه التي يستحيل على البشر سبر غورها مهما طال بهم الأمد وإنها لهي الحاسة التي ندرك به ربنا ونتواصل معه اتصالاً مباشراً في صلواتنا ودعائنا وفي غيرهم. وإنها لهي مصدر إرادتنا الحرة التي لا تخضع لأي نوع من الجبرية بفضل الله علينا. فالحمد لله رب العالمين الذي نفخ فينا من روحه

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

السبت، 9 يونيو 2007

دين ودنيا!!! نظرة نقدية

السلام عليكم

لقد وجدت هذا عنواناً لبرنامج يذاع على الفضائيات وهو برنامج اسلامي! وتتكرر هذه الظاهرة تقريباً في حياتنا المعاصرة كلها , تجد في الجريدة "الصفحة الدينية" وتجد "مجلة " ال .... الإسلامية". قلت في نفسي نقد نجح العلمانيون أن يجعلونا علمانيين بدون أن ندري. لقد نجحوا في فصل الدين عن الدنيا في نفوسنا حتى نحن الذين ندعي التدين بحيث أننا نعطف الكلمتين على بعض ونخصص صفحة دينية في جريدة ما أو نخصص للدين مجلة خاصة

وأود أن أصيح بأعلى صوتي وأقول الدين هو نظام الحياة وقوامها من كل اوجها ماديةً كانت أم روحية فلماذا نصر أن نحول الدين عن حقيقته ونجعله مجرد شيئاً موازياً للدنيا يجب على المسلم الجمع بينهما. وهذه هي العلمانية ولكن من بابها الخلفي من وجهة نظري.

العلمانية المتدينة!!

إن العلمانيين يقولون الدين في المسجد وليس له علاقة بشئون الحياة أما "العلمانية المتدينة!!" كما أسميها تقول" لا, أنتم مخطئون, يجب أن نجمع بين ديننا ودنيانا وأن يدخل الدين في كل مناحي الحياة" وهذا الكلام فيه بعض الصحة ولكنه ليس دقيقاً وأنا لا أشكك في نوايا من يقول هذا الكلام فهم ضاحايا لغسيل العقول الذي نتعرض له كل يوم وليلة
ولكي أوضح هذه النقطة أكثر أقول
أن الدين هو ليس مكافئاً للدنياً ولا نحتاج مجهود للدمج بينهما فمعنى أننا ندمجهما أنهما في نفوسنا منقصلين أصلاً. ولكن ينبغي للدين أن يكون هو كل حياتنا نحيا به كما يحيا جهاز الكمبيوتر بنظام التشغيل
قال الله تعالى في سورة الأنعام الآيات من 161 إلى 163
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ *قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
علومنا المادية تخلو من الدين
فالطب دين والهندسة دين وكل علم أو عمل نقوم به في حياتنا هو دين وهو ينبغي أن يكون لله رب العالمين
ويسوؤني كثيراً أن أحضر محاضرةً في الهندسة مثلاً أو في الفيزياء يلقيها محاضر مسلم تخلو من ذكر الله وأخرج من المحاضرة لا أعلم من كلام المحاضر أهو مسلم أم لا!!؟
إننا تعلمنا علومنا المادية من الغرب بتقليد أعمى ولم نضفِ عليها صبغتنا الإسلامية! وترتب علي هذا أننا نسينا الله في تدريس ودراسة هذه العلوم مع أنها من المفترض أن تذكرنا بالله أكثر وأكثر عندما تدفعنا هذه العلوم إلى التأمل في عظمته وقدرته
. وقد فهمت عندما فكرت في هذه القضية قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه و لم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة فإن شاء عذبهم و إن شاء غفر لهم
السلسلة الصحيحة 74
نتائج حتمية من سوء الفهم هذا
أ- غياب فريضة التفكر في الكون
أين التفكر والتدبر في كون الله ؟! إن لم نتفكر في الكون ونحن ندرس العلوم المادية فمتى نتفكر!!!!!!؟
ب-صعوبة أخذ نية نصرة الإسلام بعلومنا المادية
فإن فرغنا علومنا المادية من الصبغة الإسلامية صعب علينا توجيه نياتنا نحو نصرة الإسلام بهذا العلم. إن هذا التفريغ يتمخض عن جعل هذه العلوم مصدراً للطعام والشراب!! بئس الهدف هذا
سلكنا جحر الضب يا رسول الله وجعلنا علومنا لا إسلامية الصبغة
إنه لشئ عجيب أن نتبعهم خطوة بخطوة حتى اذا دخلوا جحر ضب دخلنا وراءهم كما اخبرنا بذلك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حينما قال
لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه" قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن
البخاري في كتاب الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل
الاستنتاج
ينبغي علينا نحن المسلمين أن نعيش بالإسلام وللإسلام وأن يكون لنا هويتنا التى تحمينا من تحويلنا عن قبلتنا وأن نعلم أن الحكمة ضالة المؤمن ولكن الحكمة هذه يجب أن تُشكل حسب ديننا الحنيف فلا نأخذها بحذافيرها وعِلاتها ولكن نرجعها حكمةً نقيةً بدون شوائب كما يريدها الله تعالى لكي نفوز في الدارين وذلك بالإسلام وحده الذي هو حياتنا ومماتنا
والله أعلم
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراءوأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

الخميس، 31 مايو 2007

الامتحان الغريب

السلام عليكم
لم يكن امتحاناً كبقية الامتحانات, لقد دخلت اللجنة وانا احس اني مستوعب للمادة تماماً ولكني لا أتذكر أني ذاكرتها من قبل وكأنها محفورة في ذاكرتي وفهمي !!, ولكن شيئاً غريباً حدث بباب اللجنة إذ ببعض الناس يظهرون ابتساماتهم وحبهم يقولون لي خذ يا بني هذه الكتب لتذاكر منها ولتحل الامتحان. ما هذا؟ اليس هذا امتحان الكتاب المفتوح الذي اختلف فيه الناس هل هو أسهل أم أصعب من الامتحانات العادية؟!. نظرت الى الكتب فوجدت عجباً, وجدت أن كتاباً واحداً من كتبي كان مكتوباً عليه شعار " كتاب المادة" ! وباقي الكتب لا, رمقت عن بعد زميل لي يستلم الكتب فوجدت كتاباً آخر معه يحمل شعار" كتاب المادة". تعجبت وقلت في نفسي السنا في نفس اللجنة ونفس الامتحان واستنتجت أن جزءاً من الامتحان هو اكتشاف ما إذا كان هذا الشعار حقيقياً أم لا!! وأي 



الكتب هو كتاب المادة الحقيقي . ... بحثت عن مقعد وجلست
وجدت ورقة الأسئلة أمامي وفي نفس الوقت وجدت محاضرين يلقون دروساً علينا تبدو مختلفة بل وبلغات مختلفة !! ما علاقة هذه الدروس بالامتحان؟ وما علاقتها بالكتب التي اُعطيتها على الباب؟! ووجدت اناساً آخرين يبدون كمهرجي السيرك يوزعون علينا كتباً ومجلات ترفيهية ويقولون لنا هذه الكتب والصور والمجلات لكي لا تشعر أنك بامتحان وحتى تطمئن. تعجبت لوهلة من كلامهم فأنا إذا لم أشعر أني في امتحان فلن أحل الأسئلة أبداً.ولكني نظرت الي هذه المجلات فوجدتها ملونة بالوان مبهجة لافتة للأنظار
قال زميل لي : هل تعلم انه باستطاعتك ان تتجول في اللجنة وأن ترى كتب زملائك بل واجابتهم؟ إنه امتحان غير عادي. قلت في نفسي هذا شئ جميل
جعلت أتردد على زملائي فوجدت معظمهم يرفهون عن أنفسهم بالصور المبهجة تاركين كتبهم على مناضدهم غير آبهين بها. ووجدت كثيراً منهم منهمك في قراءة الأسئلة ولا يحل وكثيراً منهمك في قراءة الكتب ونسي أن معه ورقة للإسئلة وورقة أخرى للإجابة وكثيراً يحل الأسئلة دون أن يقرأ الكتب. ولكني وجدت شيئاً عجيباً, وجدت أن الكتب التي مع زملائي تكاد تكون مختلفة عن بعضها جزئياً أو كلياً عدا كتاباً واحداً وجدته هو هو عند الجميع بنفس الصيغة فقلت يبدو لي دون أن أنظر في محتويات هذا الكتاب أنه المنهج . هذا شئ منطقي لأننا في امتحان واحد ومادة واحدة. ولكن علي أن أمعن النظر فيه وفهمه حتى يطمئن قلبي. ولكن بالرغم من هذه الصفة الفريدة لذلك الكتاب وجدت أن بعضاً من الطلاب فقط يجدون عليه الشعار "كتاب المادة" ومعظمهم لا يجدون عليه هذا الشعار. تأملت قليلاً فإذا بي أجد شيئاً أعجب وأعجب, وجدت أن معظم من يجدون الشعار على الكتاب الوحيد الصيغة هذا لا ينظرون إليه ووجدتهم منهمكين في النظر إلى الصور أو النظر في كتب غيره!! . هل هذا طبيعي!؟
راعني المشهد عندما رأيت أحدهم تُسحب منه ورقة الإجابة بلا هوادة وهو لم يكتب شيئأً بعد في الورقة ثم تذكرت فجأة أنهم لم يخبرونا عن زمن الامتحان إنها المعلومة الوحيدة التي لم نُخبر بها. راعني الموقف فعدت سريعاً الي مقعدي, نظرت في الكتب وفي الأسئلة نظرت الى بعض المحاضرين الواقفين في مقدمة اللجنة. وجدت توافقاً غريباً بين أسئلة الامتحان وبين الكتاب المكرر الذي ليس له صيغ مختلفة بل ووجدت أن الكثير من المعلومات المفيدة موجودة في هذا الكتاب ومنها معلومة أن زمن الامتحان غير متاح لنا معرفته. تيقنت أن هذا الكتاب هو كتاب المادة جعلت أقرأ فيه بشغف وأكتب في الورقة في نفس الوقت ومن حين لآخر تشدني المجلات ذات اللوان المبهجة فانظر اليها طويلاً.
فجأة وجدت مراقباً أمامي يسحب مني الورقة ويقول لي لقد انتهى زمن الإجابة, جعلت أبكي وأترجاه أن يترك لي الورقة ولو لدقائق فلن أنشغل بغيرها أبداً فإني أخشى أنى لم أجب إلا على النذر اليسير من الأسئلة, قال لي هذه هي التعليمات يا بني وسحب الورقة. وقال لي لا تخف إن كنت تستحق النجاح ستنجح فهناك شئٌ لا شك فيه ألا وهو عدل المصحح
جعل زملائي ينظرون إلى بعين الرثاء ولكني تعجبت أن أحداً منهم لم يفكر في ترك النظر إلى والانهماك في حل أسئلته

الثلاثاء، 29 مايو 2007

المصيبة الحقيقية

السلام عليكم
هل فكرت يوماً أنه إذا أصابتك مصيبة ما في هذه الدنيا فإنها ستنقشع كما تنقشع سحابة الصيف حين موتك. إن الحياة كحلم طويل والموت كالإفاقة منه
وهذا المعنى يذكرنا بقول الخليفة الراشد على بن ابي طالب رضي الله عنه
الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا
فكم من حلم مزعج تتراكم فيه المصائب والمصاعب على النفس ثم يفاجأ الإنسان بأنه مجرد حلم وأنه بمجرد استيقاظه زالت كل المشاكل فجأة
وقد حث الله تعالى على الصبر على مصيبة الدنيا في كتابه الكريم : سورة الأحقاف -آية 35
فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كانهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون
صدق الله العظيم
إذن فإن المصيبة التي ليس لها امتداد بعد الموت هي ليست مصيبة حقيقية وإنما مجرد كابوس مزعج لفترة وجيزة جداً ما يلبث أن يزول وينقشع بالموت ليحل محله حياة أخرى لا نهائية ومن السهل اذ ذاك نسيان اي كابوس مزعج له زمن محدود في عالم جديد امتداده الزمني لانهائي
المصيبة الحقيقية
ومن التأمل السابق نجد أن المصيبة الحقيقية هي أن يستيقظ الإنسان من حلمه (حياته لدنيا) على عذاب مقيم يوم القيامة فإنه حينئذ سيعض كل بنان الندم أنه التفت لكوابيس زائلة واهتم بها وقد يكون ارتكب معاصي باقية في سجله من أجل ازالتها
إن المصيبة الحقيقية هي عدم رضا الله تعالى عن الإنسان الذي بدوره يجر الإنسان إلى هلاك واقع لا محالة ولذلك كان يدعو الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ربه فيقول " إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي" فغضب الله هو المصيبة الحقيقية لأنه لن ينقشع بالموت بل سيجده الإنسان قابع على صدره بعده
قال الله تعالى في سورة يونس آية 45
ويوم يحشرهم كان لم يلبثوا الا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين
صدق الله العظيم

والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

لو- بين الاتعاظ والاعتراض على القدر

السلام عليكم
موقفان
أ-فشل شخص ما في مهمة ما بسبب تقصير منه فقال لو لم أقصر وكنت فعلت كذا لما فشلت
ب-ذهب شخص ما الى المطار في موعده لكي يستقل الطائرة فوجد ميعادها قد تأجل وبالتالي تأخر عن موعد وصوله فقال لو أني قمت بالحجز على متن خطوط طيران أخرى لما تأخرت عن موعد وصولي
حديث النهي عن لو
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف . وفي كل خير . احرص على ما ينفعك واستعن بالله . ولا تعجز . وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا . ولكن قل : قدر الله . وما شاء فعل . فإن لو تفتح عمل الشيطان
الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2664
أي الموقفين في الأعلى ينطبق مع نهي الحديث؟
بالطبع هو الموقف "ب" وذلك لأنه اعتراض على القدر وليس لوم للنفس على التقصير لأن المسافر فعل كل ما يجب عمله وقد قدر الله بالرغم من ذلك عكس ما يريد
والحديث واضح فهو يحث أولاً على القوة والحرص على ما ينفع والاستعانة بالله أي يحث على الأخذ بكل الأسباب فإذا حدث غير ما يتمناه المرء بعد ذلك فلا يقول لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن يستسلم لقدر الله العليم الحكيم
ولكن ما حكم الشخص الذي في الموقف "أ"؟ إننا يجب نقر بأن هذا ليس هو المقصود بالحديث الشريف وبأن ما قام به هو لوم للنفس على التقصير (وليس لوماً للقدر) حتى تتعظ ولا تكرر الخطأ مرة أخرى, وبالتالي فهو فعل محمود شرعاً وليس فعلاً مذموماً كما هو الحال في الموقف "ب" , فتأمل
والله أعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم