الخميس، 5 مارس 2009

هل خلق الله الشر؟ ..


السلام عليكم
قصة مشهورة .. تفتقد المنطق السليم




ما الغير منطقي في القصة؟
بالرغم من أن الطالب لم يخطئ عندما قال "لم يخلق الله البرودة ...لقد خلق الله الحرارة وما البرودة إلا مجرد غياب الحرارة" إلا أنه أخطأ بأن قال أن الشر هو غياب الخير !!
إنني لو كنت سائراً بجانب رجلٍ في شبابه ووقعت منه حقيبته فإنني إن انحنيت وجلبتها له من الأرض فقد فعلت خيراً ولكن إذا لم أفعل ذلك (غياب الخير الذي كان من الممكن فعله) فإنني بذلك لا أكون قد ارتكبت شراً .. فهو في أوج شبابه ولا ضير أن أتركه يجلب حقيبته بنفسه.
أما إذا انحيت وسرقت الحقيبة فإنني أكون قد ارتكبت شراً. إذن الشر موجود والخير موجود واستدلال الطالب خاطئ ..فالشر ليس غياب الخير ولكنه عكس الخير.. ولكن مهلاً فإننا ما زلنا لم نجب على سؤال المعلم.

هل خلق الله الشر؟
إذا تأملنا في مجموعة من الكواكب السيارة, هل سنجد فيهم شراً؟ بالطبع لا !!
إذا تأملنا مجموعة من الالكترونات التى توجد حول النواة, هل يوجد شر منطوى في وجودها حول النواة؟ بالطبع لا !!
إذا تأملنا مجموعة منتقاة بشكل عشوائي من الناس, هل سنجد بينهم شراً؟ بالطبع نعم !!
ولكن ماذا يميز الناس عن الكوالكب والالكترونات؟ الإجابة هي "الحياة المتسمة بوجود الروح التي تتعلق بها حرية الإرادة". إن الكواكب والالكترونات ليس لديها حرية إرادة!

تعريف الشر
عرف أحد الفلاسفة المسلمين المرموقين الشر تعريفاً متميزاً للغاية: "الشر هو إساءة استخدام حرية الإرادة التي وهبنا الله تعالى إياها"
إذن الله تعالى لم يخلق الشر بشكل مباشر ولكنه خلقنا ونفخ فينا أرواحنا المتمتعة بحرية الإرادة فأسأنا استخدام هذه الحرية أحياناً فسُمي هذا شراً.

قال الله تعالى في سورة آل عمران آية 165
"أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
صدق الله العظيم

فالمصيبة كانت نتيجة لسوء استخدامهم لحرية إرادتهم بفعلهم الشر.

وقد ورد في نصوص السنة:
يجمع الله الخلق في صعيد واحد فينفذهم البصر و يسمعهم الداعي فيقول : يا محمد ، فأقول لبيك وسعديك والخير في يديك ، الشر ليس إليك و عبدك بين يديك و بك و إليك و المهدي من هديت و لا ملجأ و لا منجا منك إلا إليك تباركت و تعاليت سبحانك رب البيت قال حذيفة فذلك المقام المحمود الذي يغبطه الأولون و الأخرون

الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: الألباني - المصدر: كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 789
خلاصة الدرجة: صحيح

الخلاصة
أن الله خلقنا وجعل لنا حرية الإرادة ليبلونا أينا أحسن عملاً فمنا من اقتصد ففعل خيراً ومنا من أسرف على نفسه وارتكب الشر وبالتالي نستنتج أن الأحياء أحرار الإرادة هم مصدر الشر بسوء استخدامهم لحرية إرادتهم الموهوبة لهم من الله تعالى, وهذا الشر سمح الله به أن يقع منهم لأنهم في اختبار في هذه الحياة الدنيا. فالمراقب في لجنة الامتحان لا يصحح للطالب إن أخطأ وذلك لكي تعبر نتيجة امتحانه عن مستواه الحقيقي ولا يكون ثمة مساواة بين من أحسن في الإجابة ومن أساء فيها يوم الدين.


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

هناك تعليقان (2):

TIMMY !! يقول...

السلام عليكم و رحمة الله ,

جزاك الله خيرا على هذا الشرح ,و التبيان ,

لكن اسمح لي حضرتك تكلمت عن الشر الذي هو من صنع الإنسان أهو مخلوق أم لا , و إن كان خلقه الله فكيف يخلق الله شرا ؟؟

لكن هناك شرا آخر يحدث و ليس للإنسان يد فيه ,
كتسلط الكفار على المسلمين , أو إيلام الأطفال ... و غيرها , كلها أشياء " ظاهرها " شر , ليس للإنسان يد فيها ,

من الوهلة الأولى يتوهم المرء أن الله خلق هذا الشر المحض , و هذا يتعارض مع قوله - صلى الله عليه و سلم - : " و الشر ليس إليك " ,

لكن لو قسمنا المسألة إلى " قضاء " و هو كله خير , و " مقضي " و هو الذي نراه نحن و قد يكون خيرا و قد يكون شرا ,

فالعمليات الجراحية مثلا ,
المقضي فيها شر و هو فتح بطن المريض مثلا ,

لكن القضاء فيها خير و هو استئصال الورم أو ماشابه ,

كذلك الحال بالنسبة لما نراه من أمور ليس لنا يد فيها نتوهم أنها شر قد أصابنا الله به ,

عذرا على الإطالة و الكلام غر المرتب ,
لكني أحببت الإضافة ,

و جزاك الله خيرا

عذرا مرة أخرى

انسان متأمل يقول...

جزاك الله خيراً TIMMY على هذه الإضافة القيمة

أخوك / أحمد