الأحد، 15 مارس 2009

الوقوف على سر الخلق, وهمُ فوقَ وهمْ.

السلام عليكم
استخدام ماهر
عندما يستخدم إنسان جهازاً الكترونياً ويتقن استخدامه فإنه يكون أقرب ما يكون من معرفة كل امكانيات الجهاز وكيف يحصل على أي نتيجة متاحٌ له أن يحصل عليها من استخدامه له.
فضول وشغف
قد يكون المستخدم له من الفضول ما يدفعه لأن ينظر كيف يعمل الجهاز من الداخل وما هي مكوناته وعلاقاتها البينية ..... ولكن مهلاً ... هل هذا كله, استخدامه الماهر وشغفه وفضوله يتيح له معرفة ما كان بخاطر المهندس حين صمم الجهاز؟ ولماذا صمم الجهاز بهذا الشكل وبهذه الآلية بالذات؟ إن أقصى ما يُمكن للمستخدم أن يحاول التفكير في تصميم الجهاز من وجهة نظر مستخدم ولذا فإنه لأمر بعيد المنال أن يفهم المستخدم كيفية التصميم.
فلو تكلمنا مثلاً عن تصميم جهاز تسجيل صوتي فإنه سيقول نعم ....إن المهندس صمم مكاناً للشريط ووضع عجلات صغيرة ليدير بها الشريط المغناطيسي ووضع مفاتيحاً متعددة لكل الوظائف التي يمكن أن تخطر على بالي. ولكنه لن يفكر مثلاً أن سرعة دوران عجلات الشريط محسوبة رياضياً لتكون بقيمة معينة وأن ذلك يستلزم تياراً بقيمة معينة يسير بملف مصمم بطريقة معينة وأن كل المفاتيح التي يستخدمها صاحب المُسجل هذا هي مجرد واجهة لدائرة إلكتروميكانيكية معقدة حُسب بدقة كل عامل فيها ..... كل هذا بعيد عن ذهن المُستخدم حتى إن كان ماهِراً شَغِفاً.

الكون والعلم الحديث بين الاستخدام وسر الخلق:
إن كثيراً من العلماء والمشتغلين بعلوم الكون ظنوا خطأً أنهم فهموا كيف خلق الله الكون لمجرد أنهم سبروا البعض القليل من غوره حتى وصلوا إلى الجسيمات الأولية التي ادعوا أنها المكونة لكل شئ. إنهم لا شك مهرةٌ شُغُفٌ باستخدام الكون بل وبتكوينه ولكنهم خدعوا أنفسهم وربما حاول بعضهم خداع الناس عندما أوهموهم أنهم فهموا "كيف خلق الله الكون" كما عبر عن ذلك العالم المرموق "ستيفن هاوكنج" بإسلوبه الخاص.
إن اكتشافنا للجزئ و الكوارك والميزون والنيترينو والفوتون وغيرهم سواءاً كان بطريق المشاهدة أو الاستنتاج أو حتى النظرية لهو بعيد كل البعد عن كشف سر هذا الكون وسر لبنات بنائه التى خلق الله تعالى منها كل شئ من الفوتون حتى المجرات من اصغرها إلى أكبرها إلى الكون سواء كان أحادياً أم كان أكواناً متوازية.
إن خلق مجموعة من لبنات البناء التي تجمع جميع الصفات اللازمة لتكوين أي ذرة وأي جزئ وأي مجرة وأي كون لهو خارج عن نطاق العقل البشري تماماً فما نحن إلا مستخدمين وأحياناً نكون مهرةً شغوفين بتركيب الكون وعلاقة أجزائه ببعضه ولكننا لا نعلم كيف جُعلت أجزاؤه بالصورة التي عليها ولماذا و كيف جُعلت العلاقة بين أجزائه بالصورة التي عليها.

وهم وغرور ليس لهما أصل
إن الإنسان حين يتوهم أنه فهم تصميم الكون لمجرد أنه تعرف على لبنات بنائه وعلى مايمسك بعضها بعضاً فإنه يكون واهماً غارقاً في وهمه لأنه لم يعرف لماذا جُعِلَت اللبنات هكذا ولماذا هي متماسكة كذلك وإنما كل ما يعرفه أنها هكذا.

الحدود
أما كم المعادلات الرياضية الخفية التي تكمن خلف تصميم لبنات الكون فلا يصلح أن يدركها الإنسان لأنه منها ولأنه يفكر فيها بعقلية مستخدمها وليس له خبرة أبداً بخلقها حتى يستطيع أن يفكر فيها بهيئة مختلفة وإن توهم غير ذلك.

قال الله تعالى مقراً ومحذراً لمن يدعون الفهم الكامل, والفهم الصحيح يقضي باعترافهم بعدم قدرتهم على الفهم الكامل
"مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا"
صدق الله العلي العظيم

وكذب كل من ادعى وقفه على أسرار الخلق التي لا يعلمها إلا الخالق سبحانه وتعالى علواً كبيراً عما يصفون

الخلاصة
يحسن بالإنسان أن يعرف مقامه في هذا الكون. فالكون مُسخرٌ له كي يستخدمه ويتفكر فيه حتى يُجلَ ربه وإلهه الله عز وجل ومن ثم يعبده حق العبادة يقيناً منه بأحقية خالق الكون ومليكه وإلهه بالاستسلام التام لأوامره والبعد الكامل عن نواهيه. وذلك يُوَفِرَ جهده فيما له طائل لأنه لن يصل لأبعد من ذلك مهما حاول.


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

ليست هناك تعليقات: