الاثنين، 27 يوليو 2009

وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى

السلام عليكم

قال تعالى:
"وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا"
صدق الله العظيم

كثير من الناس يظنون أنه باستطاعتهم أن يضحكوا أو يبكوا في أي وقت شاءوا ولكن ما لا يعلمونه أن الأمر على خلاف ذلك تماماً فلا أحد غير الله تعالى يملك للإنسان ضحكاً أو بكاءاً وليس أدل على ذلك من الآية الكريمة التي عرضناها.

البكاء قد يكون حياة
البكاء قد يكون نعمة جليلة من عند الله يعطيها لمن يشاء لما فيه على النفس من أثر التسكين والتخفيف للمصاب الذي تعانيه والجرح الذي تتكبد عناءه ولذلك فقد جاء رابط خفي في الآيتين المتتابعتين بين البكاء والحياة لأن البكاء إما حاصل لهم أو حزن أو غم لم بالإنسان فتخفيف أحدهم هو رحمة بالإنسان وراحة للنفس المكلومة وإما أنه بكاءٌ من خشية الله ففيه إحياء للقلوب الميتة وجلاء للنفوس المريضة التي شابتها أدران الحياة بما فيها من ذنوب يقترفها الإنسان و من جروح يتلقاها من الغير سواءاً شعروا بذلك أم لم يشعروا.

الضحك قد يكون موتا

إن ضحك الإنسان في موقف عابر لطيف طريف على النفس لا شئ فيه ولا لوم وإنما يمن الله به أحياناً على عبده ليسرى قلبه من أوجاع الحياة ولكن لاننسى في هذا المقام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بسوماً ليس ضحوكاً فكان يبتسم بكثرة ولا يرفع صوته في الضحك فلنكن على سنته عليه أفضل الصلاة والسلام.
ويوجد رابط آخر في الآيتين الكريمتين بين الضحك والموت وهذا يدل على أن كثرة الضحك مضرة ضرر قد يصل لموت القلب والعياذ بالله. فكثرة الضحك على كل شئ يمر بالإنسان هو عرض ومرض فهو عرض لانشغال القلب والعقل عن حقيقة الحياة الدنيا وحقيقة اقتراب الموت بما فيه من حساب لا يستطيع الإنسان منه فِراراً وأيضاً هو لاهٍ للعقل عن التأمل والتفكر في ملكوت الله ومانع له من سبر غور الأشياء واستبيان حقائقها. وهو في الوقت نفسه مانع للقلب من الخشوع وممارسة عبادة الذل لرب العالمين .. هذه العبادة التي تعز الإنسان أمام نفسه وتعزه أمام الكون بأسره فهو يشعر أنه وإن كان هيناً ليناً متواضعاً إلا أنه ملئ بعزة الإيمان وشرف الإسلام. وفي هذا المقام فقد ورد عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن كثرة الضحك تميت القلب كما قال في الحديث:
"لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب"
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3400
خلاصة الدرجة: صحيح

الخلاصة:
اللهم ارزقنا البسمة التى تنبع من الفرح المختلج في نفوسنا وكذلك نُفرح بها من نحب من اخواننا. اللهم ارزقنا البكاء النابع من خشيتك والندم على معصيتك ففيه حياة للقلوب والنفوس.


والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

هناك 4 تعليقات:

TIMMY !! يقول...

بجد بجد جزاك الله خيرا ,

الحاجات اللي حضرتك قلت عليها الواحد بياخد باله منها لأول مرة ,
بجد جزاك الله خيرا و نفع الله بك

رزقنا الله و إياكم الابتسامة

انسان متأمل يقول...

السﻻم عليكم ورحمة الله
ربنا يكرمك يا أخي TIMMY وينعم عليك وأرجو منك الدعاء بظهر الغيب

manchyc00l يقول...

استاذى الجليل لى استفسار ارجو له اجابه ..
ان كان اى شخص منا لا يمكلك لنفسه ان يضحك او يبكى و انما الله و من يضحك و يبكى .. فكيف نوقف بين ما سبق و الحديث الاخر الذى ذكرته فى اخر الموضوع "لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب" فالحديث ينهى عن كثره الضحك كما لو انه فعل نتحكم فيه_نحن نضحك و نحن نبكى_ فى حين ان الايه تنص على انه الاله من يضحك و يبكى .. فكيف للانسان ان يُنهى عن شئ لا سلطان له فيه؟
و السؤال الاخر هل النص القرآنى يأيد كوننا مسيرون ام مخيرون ؟
و شكرا مقدما على الاجابه ..

انسان متأمل يقول...

تأمل يا أخي الكريم أي ضاحك ... لو لم يكن ضحكه افتعاﻻ (وهو ليس بالضحك المقصود ﻻ في اﻵية وﻻ الحديث) فهو فعلا ﻻ يكون بارادته !! ولكن يوجد شئ آخر بإرادة اﻹنسان وهو إيقاف الضحك إذا جاءت استثارته التي بيد الله وحده, وهذا هو مقصد الحديث أن تكتم كثيراً من ضحكك الذي يرزقه الله لك اختبارا وابتلاءا هل انت من العابثين أو من الجادين؟ هذا إن كان الضحك عبثاً أما إن كان الضحك فرحةً (وهذا القسم يقع في المسموح به ﻷن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل "ﻻ تضحكوا" ولكن قال "ﻻ تكثروا الضحك") فإنك غير مطالب بكتمانه ..... والله أعلم