الاثنين، 28 فبراير 2011

مناجاةٌ متلعثمة

الله يا إلهي,,, اللهم إني أشهدك أني أحبك. إلهي يا من غمرتني بنعمك التي لاتحصى على غير فضل مني وﻻ مكرمة. إلهي يا من منحت روحي جسدًا وخلقتني فصورتني فأحسنت تصويري لتخرجني إلى كونك الجميل. إلهي ما أكرمك, ﻻ أدرى كيف أؤدي شكرك على خلقى من عالم العدم إلى عالم الوجود, لقد آويتني وأنا ضعيف همل ﻻ يكاد يُرى في بطن أم حنون تسعد بحملي على تعبها به وتفرح بوﻻدتي على ألمها الشديد في إخراجي إلى كونك البهي. إلهي لقد سخرت لي أبًا وأمًا حنونين يحتفون بي من غير أجر وﻻ منة. إلهي لقد سخرت لي وأنا رضيع ضعيف لبن أمي الذي خلقته من أجلى فأحسنت صنعه وتحليته وجعله سائغًا جميلًا مشربُه. إلهي لقد قذفت حبي في قلبي والدي ليكون حبًا فطريًا منهما ﻻ استحقة ... فأنا لم أسد إليهما أي معروف ليحبونني. إلهي ما أجملك, ما أكرمك , ما أجزل عطائك على عبدك الضعيف. 

إلهي لقد خلقت لي السمع والبصر والفؤاد ﻷنهل من معارف كونك الرحب الفسيح الجميل البهي من حولي, أنهل منه حتى أصير عالمًا بسنن كونك فاهمًا إياها. إلهي يا أيها الرحمن الرحيم, يا الله, يا ربي وحبيبي وغايتي, يا من رضاه بغيتي ودينه سبيلي إلى هذه البغية العظيمة. إلهي لقد خلقت لي ذهنًا يستوعب حقائق الحياة التي يستشربها من الحواس التي سخرتها من أجلي, هذا الذهن الذي به عرفتك وبه قصدتك وبه شعرت بمدى علو شأن نعمتك الغنية علي, هذا الذهن الذي حللت به كثيرًا من طلاسم الكون وأسراره ليزداد به حبي لك وتوقيري وإجلالي لعظمتك. هذا الذهن الذي ميزت به بفضلك وحده بين الحق والباطل , بين طريق الضلال وطريق الرشاد, بين صراطك المستقيم - دينك اﻹسلام - وبين السبل التي التفت يمينًا ويسارً لتسير بالسائرين فيها إلى المجهول, إلى الضياع, إلى عتمة المعاصي واﻷفول.

إلهي, ما أرحمك بي, لم تخلقني في هذه الدنيا لأتخبط في ردهاتها المظلمة, لقد أرلست لي نورًا أهتدي به في طريقي حتى لا أتعثر وحتى أصل لبر أمانك, إلى جنانك الوارفة الظلال. لقد أرسلت لي كتابك ,القرءان, هذا المنهج اﻷصيل الثمين الذي يستحيل على تقديره بقيمه, ولا عجب في هذا فهو كلامك يا أعظم الملوك إلى أنا البشر الضعيف لتهدني به. إلهي إنك لم تترك القرءان معي أتعلم منه بالقراءة لتتخبط أفهامي وأهوائي في إدراك مقاصده الجليلة, بل بعثت إلي بنور آخر ينير لي كتاب الله حتى أستطيع قراءته على هدى وبصيرة. هذا الرسول اﻷمين محمد الذي أثبت عمليًا بإرادتك أن القرءان الكريم كتابك يُطبق على البشر, فقد كان رسولك بشر, بل وأعطانا الطريق الصحيح لتطبيق ما جاء في كتابك الكريم. كتابك الكريم الذي هو الحق فلا يمكن للباطل أن يأتيه من بين أيديه  ولا من أمامه.

إلهي ما أعظمك, إلهي ما أكرمك, إلهي ما أكثر حبك لي على غير فضل مني استحق به هذا الحب. إلهي اعذرني واغفر لي تلعثمي في الكتابة إليك ﻷناجيك وأستأنس بك وأشكرك وأعبدك بالتفكر في نعمك على, أنا العبد الحقير الضعيف, فمهما بلغ كلامي بلاغةً, فهو ليس موفيك جزءًا ضئيلًا من حقك الذي لا استطيع حتى تخيله من عظمه.

إلهي يا الله يا بديع, لقد جعلت لي جسدًا يحار فيه العقل من جماله وتناسقه, فقد جمعت فيه بإبداع ليس له مثيل بين الوظيفة المُثلى المتلائمة مع حكمتك من خلقي .. مع شكلي الجميل الذي أبدعته فأحسنت خلقك فيه وتصويرك إياه. 

إلهي إني لأشعر بك في كل حركة وسكنة في! إنك أنت الذي تحرك يدي وعيني, إنك أنت الذي تُبصرني وتُسمعني, فلا أملك الحول ولا القوة أن أفعل أي شئ في هذا الكون, كونك, إﻻ بإذنك وبقدرتك, فليس علي إﻻ اﻹرادة الحرة التي وهبتها إياي ثم أرى, بكرمك علي, الكون يتغير من حولي كما أردت بقوتك وحولك وحدك. إلهي إنك ترزقني كل شئ حتى حركاتي وسكناتي مهما بلغت معاصي فيك ومهما ازداد طغياني ومهما علت حماقاتي وربت

إلهي إنها مناجاة مني إليك على غير سبق تحضير ولا تنميق أو تنسيق. لقد تركت المشاعر تتألف في شكل حروف متلعثمة أكتبها لأعبر لك, على قدر قدرتى الضئيلة, عن عظم حبي لك رغم أخطائي في حقك وعثراتي في طريقي إليك.

اللهم تقبل مني هذا التعبير المتواضع, الذى لا يناسب جلالك, عن حبي وتقديري لك وامتناني على كل نعمة أحصيتها ودعائي بأن تطلع ذهني الضعيف على نعم كثيرة لم أحصها لضآلة عقلى وللوقر الذي في أذني وللقسوة التي في قلبي وللدرن الكامن في أحاسيسي, لكل هذه العيوب التي جلبتها لنفسي بعصياني إياك.

اللهم اغفر لي زﻻتي وعثراتي واخفاقاتي في التزام صراطك المستقيم وأدعوك يا كريم أن تضع مثقال محاوﻻتي الواهية لاعتدل من سقطاتي في ميزان حسناتي ﻷقابلك بهذا الجهد الضئيل يوم القيامة, يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتاك بقلب سليم. 

إلهي حبيبي اللهم إن عزائي في ضآلة حسناتي وعظم خطاياي هو رحمتك التي وسعت كل شئ, رحمتك التي هي أعظم من أي جرم اقترفته في حقك.

اللهم تقبل هذه المناجاة المتواضعة المتلعثمة مني إلى جاهك وجلالك

عبدك الضعيف الفقير إليك

أحمد

السبت، 12 فبراير 2011

خواطر قرءانية حول ثورة 25 يناير


سبب الثورة


قال تعالى
وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)
صدق الله العظيم

قال تعالى
لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ
صدق الله العظيم

التخويف والتثبيط من المظاهرات
قال تعالى
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)
صدق الله العظيم


تطور الأحداث من المظاهرات وضحاياها وصعوبات حظر التجوال
قال تعالى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)
صدق الله العظيم

ولادة الحرية: سقوط الطواغيت وانقشاع ليل الظلم

قال تعالى
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)
صدق الله العظيم

تحقق الوعد, الحرية, الأمان
قال تعالى
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
صدق الله العظيم

السبت، 5 فبراير 2011

التفسير .... كلمة أضرت بالمسلمين كثيرًا

السلام عليكم
قد يبدو العنوان غريباً جداً ولكن مهلاً فقد أُفلح في إقناعكم!
إن الاعتراض ليس على "تفسيرات" القرءان المتعددة أبدًا فما كان للكثير من بني هذه الأمة  في عصرنا الذين زادُهم من اللغة العربية وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ  قليل أو يكاد يكون منعدمًا. ما كان لهم من فهم الكثير من القرءان الكريم لولا هذه التفسيرات, ولكن الاعتراض هو على مفهوم كلمة "التفسير" نفسها!!.

لماذا الاعتراض؟
السبب ببساطة أن القرءان الكريم يحوى كم لا نهائي من المعلومات, فهو كلام ربنا تعالى علوًا كبيرًا:

قال الله تعالى في سورة الكهف آية 109
"قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا"
صدق الله العظيم

وتنقسم المعلومات المحتواة في القرآن الكريم إلى صنف فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو صنف ليس بالكبير, وصنف آخر سكت عنه
أتناول هنا بالتحديد الجزء الذي سكت عنه رسولنا الكريم, هذا الجزء "فسره" العلماء على مدى العصور
عندما يكتب العالم ما يراه معنىً للقرءان فإنما يختار المعنى الذي يرزقه الله به وحسب ولا يمكن بحال أن يجمع معاني القرءان جميعًا كما تقدم, وبالتالي فإنه اجتهاده يكون في سبر غور ما يراه معنىً واحد أو معانٍ قلة من المعانى الممكنة للقرءان الكريم.

أين الخطأ إذن؟
الخطأ في تسيمة اجتهاد العالم هذا أو ذاك في استخراج كنز من كنوز معانى القرءان بالتفسير, وذلك لأننا بهذه الكلمة نوهم الناس من غير قصد بجمود معانى القرءان كله في المعنى الذي استخرجه هذا العالم, فاختصرنا بهذا الثروة اللانهائية من كنوز القرءان في كنز واحد فقط هو ما استخرجه هذا العالم أو ذاك باجتهاده.
فإذا افترضنا أنه وجد على مر الزمان حتى الان عدد معين من "المفسرين" فإنه على قدر هذا العدد على قدر ما اُستخرج من كنوز القرءان حتى الآن !! وذلك بسبب ماذا؟ بسبب كلمة!! ألا وهي كلمة التفسير.
وقد تمثل هذه الكلمة الأمر ضررًا على عقيدة صلاحية القرءان لكل زمان ومكان!!

مثال:
كانت بعض التفسيرات القديمة (مثل ابن كثير) تُفسر قوله تعالى في سورة الرحمن
"مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لّا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ"
صدق الله العظيم
على غِرار قوله تعالى في سورة الفرقان آية 53
"وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا"
صدق الله العظيم

فقصروا وجود البرزخ على كونه بين البحرين العذب والمالح لأنهم لم يعلموا غير ذلك في زمانهم, وهذا ليس عيباً, ولكن يُوجد هنا شئ غامض يحتاج إلى تأويل ألا وهو أن اللؤلؤ والمرجان لا يخرجان إلا من البحر المالح! وحيث أنهم قصروا البرزخ على البحرين العذب والمالح, فآية سورة الرحمن تحتاج لتوضيح, إذ أنه لو سلمنا بأن كلمة "البحرين" في آية الرحمن هما بحر عذب وبحر مالح فيجب توضيح كيف يخرج "منهما" اللؤلؤ والمرجان وهما لا يخرجان إلا من المالح!

فقال ابن كثير في تفسير آية سورة الرحمن
وقوله تعالى « يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان » أي من مجموعهما فإذا وجد ذلك من أحدهما كفى كما قال تعالى « يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم » والرسل إنما كانوا في الإنس خاصة دون الجن وقد صح هذا الإطلاق
وقال ابن كثير أيضاً معضداً رأيه:
 قوله « ومن كل تأكلون لحمًا طريًا وتستخرجون حلية تلبسونها » فاللحم من كل من الأجاج والعذب أما الحلية إنما هي من المالح دون العذب

وهذا قول حسن وتأويل ممتاز.

ولكن تأتي هنا مشكلة كلمة - تفسير
فلو جمدنا المعنى عند رأي ابن كثير في فهم آية سورة الرحمن ,وهو رأي سديد ينم على علم الرجل وفقهه, وذلك بإطلاقنا عليه كلمة "تفسير" الآية لما أتحنا الفرصة لمعلومة هامة جدًا ظهرت في العصر الحديث ألا وهي:
أنه توجد حواجز خلقها الله بين بحر مالح وبحر آخر مالح أيضًا! بحيث تفصل البحرين لكي يكون لكلٍ منهم هويته الخاصة حيث يختلفان في درجة الحرارة والملوحة ونوع الكائنات!! سبحانك ربي القادر على كل شئ.
وهذه الحقيقة العلمية تجعل هناك رأياً آخر يبزغ ألا وهو أنه يمكن فهم آية الرحمن على أن البحرين مالحان ولا داعي لتأويلها بحيث تتفق مع ظن أن البرزخ لا يوجد إلا بين عذب ومالح كما استوحى ذلك العلماء من آية الفرقان.

وهاهنا يتضح إعجاز القرءان أنه صلح لعصر ابن كثير ولم يستعص على الفهم, وصلح أيضًا لعصرنا مع مُعطيات العلم الحديث بحيث يكون لدينا رأيان بدلاً من رأي!
وهنا تكمن خطورة إطلاق كلمة "التفسير" لأنها ببساطة تُفقد القرءان الكريم إعجازه في ملائمة كل زمان وذلك لأن اطلاقها على "رأي" ابن كثير تجمد معاني آية سورة الرحمن في مثالنا عند رأيه ولا تسمح بدخول "آراء" أخرى حيث أنها تشكل حاجزًا نفسيًا ضد تدبر القرءان العظيم وإعادة النظر فيه الذي ينبغي أن يكون نابعاً من يقيننا أنه لا ينضب من المعاني الجديدة الأصيلة.
وذلك ببساطة لأن كلمة "تفسير" توحي أنه الرأي الوحيد وأن عدد الآراء لا يمكن أن يتجاوز بحال عدد "التفاسير" الموجودة في مكتباتنا وبالتالي فقد اُرتكب من غير قصد جريمة كبرى في حق القرءان الكريم ألا وهي إفقاد الآية الكريمة
"قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا"
صدق الله العظيم
أقول إفقادها معناها!! ألا وهي أن القرءان العظيم "لا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه" والعبارة الأخيرة مأخوذة من حديث ضعيف إلا أننا نستأنس بها في مقامنا هذا.

لماذا لم يفسر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غالب القرءان الكريم في حياته؟
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فسر جزءًا يسيرًا من القرآن الكريم في حياته, إذن لماذا لم يفسره كله؟ أقول لو كان للجزء الأكبر من القرءان معنىً واحدًا لكان من الأقرب للعقل أن يفصح عنه رسول الله صلى الله عيه وسلم في حياته حتى يحمي المسلمين من أخطاءَ قد تكون فادحة! أليس كذلك؟! ولكن من الواضح أن عدم تفسيره لغالب القرءانَ الكريم في حياته تؤيد وجهة نظر هذا البحث ألا وأنه كان يعلم أن القرءان الكريم معينٌ لا ينضب يعطي لكل زمان عطاءًا جديدًا يُضاف على عطاياه من قبل إلى أن يدرك الناس أن هذا القرءان العظيم فعلاً لا تنقضي عجائبه ولا يخلق على الرد.

الخلاصة
أنه يجب في وجهة نظر هذا البحث المتواضع إزالة كلمة "تفسير" وابدالها بكلمة "اجتهاد" العالم الفلاني حتى لا نقدس هذا الاجتهاد بالإيحاء الخاطئ أنه ليس من حق العلماء في كل زمان استخراج معانٍ جديدة من نبع القرءان الصافي الأصيل ... وهذا ما نراه يليق بالقرءان العظيم ويساهم في فتح باب الاجتهاد مرةً أخرى وبالتالي يساهم في إعادة مجد المسلمين.

والله أعلم

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تنويه هام

ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم