السبت، 25 نوفمبر 2006

الدين .. نسبي, أم مُطلَق؟!

يظن الكثير ممن غرهم هواهم أن لكل من الناس وجهة نظره الحرة في اختيار التشريعات التى يرتضيها وأنه لا يوجد حق مطلق وباطل مطلق. ولكن المحقق يتضح له أن ظنهم هذا ما هو إلا هوىً متبع.

حُجة وارِدة!
--------------
لنأخذ على سبيل المثال حجة أنيقة يمكن أن يتكئوا عليها ألا وهي فلسفة النسبية التي سلطت عليها الضوء نظرية النسبية الشهيرة لألبرت أينشتين , هذه النظرية التي من نتائجها أن الزمان والمكان - وما يترتب عليهما - تختلف معاييرها (الفترات الزمنية والمسافات الفضائية) اذا قيست من معامل متطابقة لكنها متحركة بالنسبة لبعضها البعض!

الفلسفة الصحيحة للنسبية
------------------------------
ولكن بافتراض حُجية تلك الحُجة جدلا, هل هذه النظرة السطحية لفلسفة النسبية صحيحة؟!
إن نظرية النسبية هي نسبية من وجهة نظر ومطلقة من وجهة نظر أخرى أهم.
فقد أرى أنا كلاً من المسافة المكانية بين حدثين والزمن بين حدوثهما مختلفاً عما يراه شخص غيري يسير بالنسبة لي, ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن المسافة بين الحدثين في الفضاء الرباعي الأبعاد الذي يتكون من 3 أبعاد مكانية وبعد زمني واحد هي مسافة لا متغيرة بغض النظر عن وضع المشاهد.
أيضًا قوانين الطبيعة نفسها هي قوانين لا متغيرة بالنسبة لكل المشاهدين وكذلك ثوابت الطبيعة فثابت بلانك مثلاً أو سرعة الضوء لهما نفس القيمة بالنسبة لكل الراصدين أيا ما يكون شأنهم.




قوانين الطبيعة والدين!
-----------------------
وكما أن الله سبحانه أنزل قوانين الكون ليسيره بها قسراً وبشكل مطلق و"غير نسبي" فقد انزل الله تعالى الدين ليسير عليه الإنسان اختيارًا وهذا الدين هو الآخر مطلق وليس نسبي فدين الألماني ينبغي ألا يختلف عن دين اليمني!
قال الله تعالى:
"إن الدين عند الله الاسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب"
آل عمران (19)
وقال ايضا :
"ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"
آل عمران(85)

الدين بين الإطلاق والنسبية
------------------------------
ولكن فيما النسبية إذا كان الدين واحد؟ وهل توجد نسبية أصلا في الدين؟ 
نعم توجد ولكن ليس في أصل الدين وإنما في نظرتنا للأشياء المطبق عليها الأحكام فمثلًا قد يكون حد الاضطرار بالنسبة لشخص مختلفًا في مستواه عن حد الاضطرار بالنسبة لآخر حسب الظروف المحيطة وذلك في تطبيق القاعدة - الغير متغيرة - التي نص الله :تعالى عليه في كتابه الكريم في قوله
"إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم"
البقرة (173)

الخلاصة
----------
أولاً: أن الفرق بين قوانين الطبيعة والدين هو فرق التكليف والاختيار فالطبيعة مقسورة قسرًا على أن تتبع قوانين الله ولذلك فهي ليس لها حسابٌ في الآخرة أما نحن فمختارون في الخير والشر سواءً بسواء وعليه فإننا محاسَبون يوم الدينونة.
ثانياً: أنه كما أن قوانين الطبيعة (شريعة الكون) مطلقة غير نسبية فدين الله (شريعة الإنسان) مطلق غير نسبي "إن الدين عند الله الإسلام" وإنما النسبية تكون فيما تتناوله تشريعات الإسلام وليس في التشريعات نفسها.
والله أعلى وأعلم

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

رااائع جدا