السلام عليكم
كثير من المسلمين يعرفون هذه الحقيقة ولكن لا يعرفون برهانها العقلي. توجد العديد من الحجج لإثبات هذه الحقيقة
.
الأولى: حجة مطابقة المصادر
هب جدلًا أن القرءان الكريم ناله تحريفات على مر الزمن. كان من الطبيعي نتيجةً لهذا أن نجد هناك اصدارات كثيرة من القرءان مختلفة عن بعضها البعض سواءً في ذاكرة الحافظين أو في النسخ المدونة. وكان من الطبيعي أن يختلف المسلمون بعضهم مع بعض على القرءان كل يحاول الانتصار لنسخته . ولكن هذا لم يحدث فقد اختلف المسلمون فيما بينهم ولله الحمد على كل شئ تقريباً عدا القرءان. إذًا القرءان الذي بين أيدينا هو هو الذي كان بين يدي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
الثانية: حجة حكمة الخالق في خلقه
إن القرءان يقول في نصه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر النبيين
سورة الأحزاب - آية 40
"مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا "
وحيث أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسول فكون محمد صلى الله عليه وسلم آخر النبيين معناه أنه آخر الرسل (لو قال القرءان هنا آخر الرسل لكان المعنى لا يستبعد أن يكون هناك نبي بعده) وحيث أن الكتب السماوية تبعث لنا من الله عن طريق الرسل فإن معنى الآية أن القرءان هو آخر كتب الله السماوية.
الآن هب أن هذه العبارة ليست حقيقية , فإن الأمر من الخطورة بحيث أن حكمة الخالق تقتضي تبيين أن يثبت لنا أن هذه العبارة خاطئة وذلك عن طريق ارسال رسول آخر معه معجزة أقوى وأمضى من معجزة القرءان أو يقدر الله وجود اصدارات متعددة من القرءان حتى نشك في مصداقيته ولكن شيئًا من هذا لم يحدث وهذه النتيجة تؤدي بنا إلى أن القرءان هو كتاب الله الخاتم فعلًا
وأيضًا حكمة الله أيضاً تقتضي أن يصون كتابه الخاتم عن التحريف والعبث وإلا لانتفت الحكمة من الخلق لأن أحدًا من الناس لن يعرف على سبيل اليقين لماذا خلقنا وما هو مطلوب منا في هذه الحياة.
إذن نستنتج أن حكمة الخالق تقتضي أن القرءان الذي بين أيدينا هو كلام الله المصون من التحريف والعبث
الثالثة:حجة التواتر والإعجاز
إن القرءان هو الكتاب السماوي الوحيد الذي نقل إلينا عن طريق التواتر (هو ما بلغت رواته في الكثرة مبلغاً أحالت العادة تواطؤهم على الكذب، و استمر ذلك في جميع الطبقات). ومن هذا نتستنتج أن القرءان الذي بين أيدينا هو نفسه الذي كان في ذاكرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
ولكن ما أدرانا أن القرءان الذي بين أيدينا هو نفسه الذي أُنزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم؟
الإجابة ببساطة هي نفس الإجابة التي أقنعت العرب أن القرءان ليس من تأليف بشر وهي الإعجاز وإعجاز القرءان في عهد النبوة كان بالدرجة الأولى إعجازًا لغويًا حيث أن العرب الذين كانوا يتبارون مع بعضهم البعض في مهارتهم اللغوية وبلاغتهم أُجبروا إجبارًا على أن يعترفوا أن القرءان ليس من كلام البشر لأن كلام البشر يوجد بينه قاسم مشترك لم يجدوه في القرءان حتى قال الوليد بن المغيرة في وصفه عندما سمعه
و الله إن له لحلاوة و إن عليه لطلاوة و إن أسفله لمغدق و إن أعلاه لمثمر وإنه ليعلو ولا يعلى عليه وإنه ليحطم ما تحته و ما يقول هذا بشر
انتهى كلامه
أما الآن فإعجاز القرءان لم يعد مقتصرًا على اللغة وحسب بل على نواحٍ شتى لا يتسع المقام هنا لحصرها ومنها الإعجاز العلمي والذي يثبت بدون أدنى شك أن العرب يوم أنزل القرءان كان من المستحيل عليهم أن يصفوا ظواهر أبعد ما تكون عن خبرتهم بدقة بالغة مثل مراحل تكوين الجنين كما هي مذكورة في القرءان. وهذا يثبت مما لا يدع ثغرةً للمراء أن القرءان الذي بين أيدينا هو نفسه الذي أُنزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
الرابعة: حجة الإعجاز والتحدي دون التواتر
هب أنك لا تدري عن أمر التواتر شيئاً وأنك وجدت كتابًا موجود على منضدة يدعي أنه رسالة الله إلينا ويحتج على هذا بهذه الآيات في مواضع شتى منه ومنها على سبيل المثال لا الحصر
"وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"
وفي موضع آخر
"أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ"
وفي موضع آخر
"أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ"
وفي موضع آخر
"قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا"
ما هذا؟!, إن هذا الكتاب يقول أنه من عند الله وأنه يستحيل على الإنس والجن مجتمعين أن يأتوا بأقصر سورة من سوره ولكن لم ينجح أحد في هذا التحدي إلى الآن (بالطبع ظهرت بعض المحاولات الخائبة على مر العصور ولكنها كانت مفضوحة لمن عنده أدنى دراية بلغة العرب) إذن هذا إثبات كافٍ بأن هذا الكتاب الذي وجدته هو من عند الله فعلًا
الخامسة:حجة اتفاقه مع النفس البشرية
إن عدد حفاظ القرءان عن ظهر قلب عندما يقارن بعدد حفاظ نص أي كتاب على وجه الأرض تجد أن نتيجة المقارنة تكون غريبة جدًا عن أن يكون هذا الكتاب من عند بشر. والغريب أن الكثير الكثير من حفاظ القرءان منهم من هم الأطفال الذين لا يفقهون معانيه ومنهم من هم ليسوا عربًا أصلًا ولا يمكن تخيل أن هذا يحدث مع أي كتاب ليس من عند الله!, لماذا؟! لأن التفسير الوحيد لهذه الظاهرة أن هذا الكتاب يتناغم مع الفطرة البشرية بشكل ييسر جدًا عملية حفظه وهذا لكل من يحاول حفظه بالمقارنة بحفظ أي نص آخر! ما معنى هذا؟ معناه أنه لا بد وأن يكون من ألف القرءان هو هو من خلق البشر وذاكرته بحيث وُجد هذا التناغم تلقائياً وكأن القرءان محفور داخل نفوسنا وعقولنا وعملية الحفظ التي نقوم بها ما هي إلا عملية تذكر لا غير لشئ أزلي موجود فينا ! فتأمل!
الخلاصة
أن القرءان الذي بين أيدينا الآن هو كلام الله المنزل وخاتم الكتب السماوية والذي لم ينله أي تحريف
والله تعالى أعلى وأعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق