السبت، 21 فبراير 2009

الضياء المظلم


السلام عليكم
ما قبل البداية
لقد كان الجميع يمشون في طريق واحد يغط في ظلام دامس فالكل يتخبط في الكل ولا أحد يعرف شيئاً إلا تخرصات , من أين أتينا؟ ولماذا نسير؟ ولماذا لا نرى؟ وما طبيعة الطريق؟ وإلى أين المستقر؟ يالها من رحلة مخيفة يذكر لنا فيها بعض السائرون أنه في القدم كان أناسٌ ينيرون طرقاً فرعية تتسم بالاستقامة وكان ديدن الجل عدم الالتفات لهم وإيثار طريق الآباء وإن كان مظلماً معوجاً.
البداية .... الاتباع ... الاجتهاد
ثم خرج علينا رجل من السائرين بنور مُبهر وقال أنا أعرف الطريق وأعرف من أين جئنا وإلى أين سنذهب. أعمل البعض عقلهم في أن هذا الرجل لابد وأن يكون له مصدر إنارة خارجي هو من بيده مقاليد الطريق لأنه لا يوجد في الطريق أي قبس من نور فاتبعوه وصدقوا أنه على الحق ..... بينما أعرض الجل كديدن من سبقهم من البشر. وأخذ هذا الرجل ومن صدقوه ليشقوا طريقاً مستقيماً مهتدين بنور يرونه جميعاً من بعيد لم يظهر من قبل إلا بعدما شق هذا الرجل هذا الطريق مما طمأن السائرون على هذا الطريق الجديد أنهم يسيرون على الجادة وأن طريقهم السابق كان تيهاً.
وأخد هؤلاء القوم الذين بين جنباتهم النور ويرون النور النهائي يشقون الطريق شقاً ويزيلون ما به من عقبات ومن تخريب مستمر يلحق بطريقهم نتيجة تقاطع الطريق المظلم مع طريقهم كل حين وآخر. وهذا التقاطع يسفر عن تخريب ولكنه يسفر أيضاً عن هجر بعض مرتادي طريق الظلام إلى طريق النور.
ظل القوم يسيرون هكذا إلى أن لحقت المنية بصاحب المصباح المنير فتلقفه غيره من المخلصين المصدقين بصحة الطريق إلى أن مات فلتقفه من بعده أحد المؤمنين بجدوى المصباح المنير وهكذا ............ وظلت القافلة تسير إلى النور النهائي الواضح في الأفق وكلما تغيرت ظروف الطريق من حولهم غيروا في استخدام المصباح مسترشدين بارشادات دقيقة مكتوبة على المصباح اجتهدوا في قرائتها ترشد بكيفية استخدامه حين تتغير الظروف.
الابتداع ... التجديد
ولكن لم يلبث القوم كثيراً على هذا الحال فقد بدأ البعض ادخال تغييرات على المصباح المنير وعلى طريقة اضائته بحجة عمل صيانة وتجديد له ونسوا صاحب المصباح الأول عندما نبههم أن كل ما عليهم هو حُسن استخدام المصباح ولاسيما عندما تتغير الظروف فكل ارشادات استخدام المصباح المنير مكتوبة عليه بدقة. ولكن بعض القوم آثروا أن يغيروا في المصباح ذاته على طريقتهم التي يرونها راشدة دون الاجتهاد في ارشادات الانارة عند تغير الظروف والاجواء. وسار القوم كثيراً بنور ليس كالنور الأول في نقائه وصفائه .
ولكنهم ما أن يسيروا جزءاً من الطريق حتى يفاجئوا كل حين بواحد من القوم معه مصباح غير مشوه, نسخةٌ من المصباح الأصلى وقد اجتهد في قراءة إرشاداته حتى صار نوره قريباً من صفاء النور الأول. ولكن ياللأسف على الكثير من القوم الذين يصرون على تعديل المصباح ذاته وليست طريقة استخدامه.....
قصة الضوء المظلم
ظل هذا الحال إلى زمن ليس ببعيد حتى فوجئ أصحاب الطريق المستقيم بضوء قادم لهم من الطريق المعوج ضوء اصطناعي غريب في شكله فهو ضوء ليس له نور ولكنه ضوء يشع بالظلام!! هو ضوء اخترعه أهل الطريق المعوج غريب في أطواره لا يراه إلا أصحاب العيون المريضة وهو ضوء يوهم هؤلاء باستقامة طريقهم واعوجاج الطريق المنير حتى تستريح قلوبهم أنهم على الحق ولكن هذا الضوء لم يتح لهم رؤية أي نهاية للطريق المظلم.
أخد الضوء المظلم في الازياد قوة على قوة بينما أخذ العبث في مصباح النور الأصيل يزداد سواءً من العبث في المصدر ذاته أو من ناحية اهمال ارشادات الاستخدام واختراع ارشادات اخرى يتوهم الكثير أنها تلائم هذا الجزء من الطريق.
مواقف
اختلف موقف قوم الطريق المستقيم نحو الشعاع المظلم الذي يأتيهم من أهل طريق الاعوجاج. فمنهم من لم يرَ هذا الضوء المظلم أصلاً لأنه مظلم!! وهم قليل, ومنهم من مرضت أعينهم فأبهرهم قوة إظلام هذا الضوء المظلم حتى طغى على بصيص النور المتبقى عندهم فأمسوا يرون الطريق المستقيم معوجاً والطريق المعوج مستقيماً حتى جذبهم شدة الظلام إلى أن شقوا أنفاقاً مهتدين بالظلام الآتي إليهم حتى وصلوا الى طريق مظلم فاطمئنوا أنهم على الحق وقال بعضهم لبعض .. ألا ترون شدة إظلام طريقنا نحن نرى بوضوح ... إننا على الحق.....
أما القسم الثالث من اصحاب الطريق المستقيم فأبهر الظلام أعينهم المريضة ورأوا طريقهم المستقيم قد اعوج بهم فقرروا أن يقلدوا أهل الظلام حتى يستضيئوا من الضوء المظلم ويعدلوا طريقهم المعوج بنظرهم حتي يصير كطريق الظلام الذى أمسى مستقيماً بنظرهم.
اختلاط
وقد دفعهم هذا إلى زرع مصابيح تشع ضوء الظلام في طريق النور حتى اختلط ثلاثة أنواع من الأنوار والأضواء في هذا الطريق المستقيم. نور صافٍ مازال اصحابه يحاولون الرؤية به رغم تزاحم الطريق بأهل الطرق الأخرى في الإنارة والإضاءة. ونور مكدر ضعيف لأنه تم العبث في مصدره أو اهمال ارشادات الإنارة به. وضوء مظلم يحاول به أصحابه تقويم الطريق في نظرهم (إثنائه عن الجادة في نظر أصحاب النور) وأصبح الثلاثة أقوام يتصارعون في الطريق الذي آخره نور الهداية فاصبح في معظم الأحوال الطريق مظلماً حالك الظلمة بآشعة ضياء الظلام والتى صنعها الذين يثنون الطريق حتى يصبح موازياً لطريق الظلام فتختفي النهاية المنيرة, ولكن يظهر كل حين وآخر قوم يقهرون شدة الظلام بنصاعة بياض النور فيعمون أهل الظلام وينيرون لأهل النور الذين كانوا يتخبطون في جداران الطريق المعوجة فيصلحون ما اعوج من الطريق حتى تظهر لهم النهاية المضيئة من جديد.
سنة التنقية وتكرارها
ظل الحال على هذا ليس بكثير حتى آثر أهل الظلام وأهل النور المكدر الالتحاق باصحابهم في الطريق المظلم الذي يعج بالأصوات الخرساء والضياء المظلم وذلك حينما حمل أهل الظلام في الطريق المعوج بحملة قوية من ضيائهم المظلم على الطريق القويم فسحروا أعين كل من أصحاب النور المكدر وأصحاب الضوء المظلم المُقلد فهجروا الطريق القويم الى الطريق المعوج فرادى وجماعات.
واستمر كلٌ في طريقه سائراً, أهل النور الصفي يتجهون إلى هدفهم المنير الصافي وأهل الضياء يسلكون الطريق المظلم يترنحون بين ثناياه فرحين باضوائهم الدامسة الظلام وبأصواتهم المغرقة في الصمت.
..... وكل حين وآخر يحدث هجومُ من أهل الظلام على أهل النور ويحدث ما حدث سابقاً من اختلاط الانوار والاضواء في الطريق القويم ثم ما تلبث السنة في تكرار نفسها وينفصل النور عن الظلام كانفصال القار عن الماء ............. واستمرت السنة إلى أجل يعلمه الله

والله أعلم
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

هناك تعليقان (2):

Samar يقول...

جزاك الله خيرا يا أخى الحبيب على المجهوز المتميز. أتمنى أن يجد عملك التقدير المناسب له لا أدرى كيف و لكن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

انسان متأمل يقول...

جزاكم الله أختي الحبيبة