الخميس، 3 يوليو 2014

مفهوما النجاح والفلاح عند المسلم المعاصر: تناغم أم صراع؟!


اكبر مشكلة تواجه "المسلم المتدين المتفوق" في عصرنا هو الانفصام الذي يعيشه بين دنياه ودينه وبين أولاه وآخرته. المشكلة الكبرى انه نشأ على البناء للدنيا لأنه تلقى تربيته وتعليمه إما من غافلين عن مقاصد الدين وإما من منغمسين في احتياجات الدنيا, فنشأت منظومته الفكرية على هذا, على النجاح في الدنيا, الا انه عندما استمسك بالإسلام - غالبا بعد نشأته - حدث له اضطراب! اذ انه حاول ان يصيغ عمله للآخرة في نفس القالب الذي بُني عليه فِكرُه! فحاول ان يركب قالب الفلاح في الآخرة على قالب النجاح في الدنيا مع كونهما ليسا متناغمين, فركبهما لكن بالضغط, اذا انه اضطر لاجبارهما على التماسك بدلا من ان يتماسكا تلقائيا بارتياح! فأصبح المسلم النابه المخلص يعيش صراعا ويحاول التغلب عليه بوسائل منها على سبيل المثال "تحويل العادة الى عبادة بأخذ النية لكل عادة" ... وكأن العادة ليست عبادة في اصل ديننا فلزمها هذا التحويل ... !

أين المشكلة؟
----------------
العامل الرئيسي في هذا هو عدم تحديد مفهوم "النجاح" بشكل صحيح. المشكلة اننا نحدد النجاح اولا وننتهي من تحديده ثم نحاول تركيب قالب "الفلاح" عليه!
النجاح بالنسبة للشاب المسلم هو التفوق والوظيفة المرموقة والزواج السعيد والثراء وووو , هذا هو تحديدا, والفلاح هو ان ينتهي من كل هذا ثم يدخل الجنة! لكنه يحاول جاهدا مواءمة هذا مع ذاك باتخاذ النوايا, وغالبا ما يكون هذا غير مصحوب في حتى تعديل نشاطه الذي يقوم به والذي قد حدده مسبقا لينال "النجاح", انه بالكاد "يضبط نواياه" في كل عمل!
-
أين الحل؟
------------
الحل هو ان نشكل ابناءنا فكريًا بكيفية مختلفة تماما عما تشكلنا بها, وفي الآن ذاته نحاول اكمال مسيرة حياتنا بتعديل اطارنا الفكري. الا ان هذا التعديل لن يتأتى الا بإعادة تعريف "النجاح"!

النجاح.. ما هو؟!
------------------
يمكن ان نعرفه تعريف بسيطا انه تحقيق الأهداف التي تم وضعها مسبقا

كيف الحل؟!
-------------
الحل هو ان تكون الأهداف من البداية ليست الا دستورا نضعه لخدمة هدف وحيد وهو فعل ما يحبه الله واجتناب ما يكرهه الله , اي بمصطلح واحد "عبادة الله",  فيما يناسب موقعنا من المكان والزمان والظروف! فإن كانت الأهداف مصاغة صياغة سليمة تجنبنا الصراع فيما بعد! اذ ان النجاح سيكون هو ارضاء الله تعالى في بحر حياتنا, وسيكون بالتالي مؤديا بسلاسة ويسر ودون صراع الى الفلاح الأبدي في الجنة!
وهذا الحل يحتاج وعيا كبيرا بالواقع من حولنا! اذ ان اهدافنا ومهامنا ستنبني على كيفية تأدية وظيفتنا وهي عبادة الله في ظل الواقع الموجود في حياتنا بالفعل بحيث نحوله الى واقع افضل وبالتالي نكون قد حققنا استعمار الله ايانا في الأرض واستخلافه لنا فيها بهذا الاستعمار.

الخلاصة:
-----------
الخلاصة هي ان الحياة القويمة للمسلم لن تتأتى الا عندما تكون الآخرة امتدادا طبيعيا سلسا للدنيا, متناغمة معها, بحيث يكون النجاح في الدنيا هو الوسيلة الوحيدة, الضرورية والكافية, للفلاح في الآخرة, وان يكون الفلاح في الآخرة هو جزاء طبيعي للنجاح في الدنيا! ذلك النجاح الذي اعدنا تعريفه بإعادة تعريف الأهداف والمهام .

والله اعلم

ليست هناك تعليقات: