السلام عليكم
لقد اتحفنا العلم الحديث بأننا نعيش في عالم متعدد الأبعاد حتى وصلت بعض النظريات الى أننا نعيش في عالم ذي إحدى عشر بعدًا. ولكنني فكرت ذات مرة, ماذا يعني العالم بالنسبة لي أنا شخصيًا؟ لقد وجدت وكأنني أشاهد فيلمًا ولكنه ليس فيلم فيدو (حيث ان كلمة فيديو هي خليط بين الصورة والصوت فقط) بل هو فيلم غريب الأطوار. فهو ليس كالأفلام العادية. إنه فيلم يعطيك ألوانًا مختلفة من المعلومات منها المرئي ومنها المشموم والملموس والمُتذوق واخيرًا المسموع!. إنني استطيع ان أميز بين هذه الأنواع بعضها من بعض فهي لا تبدو متشابهة!!. وهذا الفيلم يتم عرضه علي في كل لحظة فهو لا يتوقف ابداً حتى أثناء نومي. وها هنا وقفة, فهو ليس من تصوري أو خلق خيالي ولكني أفاجأ في كل لحظة بأحداث جديدة في الفيلم قد تكون متوقعة (لا لشئ إلا لأنها عرضت علي من قبل) وقد تكون غير متوقعة تمامًا, وهذا هو الأغلب. لابد ان هذا الفيلم يُعرض علي ولا اعرضه انا على نفسي, وإلا كنت عليمًا بكل أحداثه المقبلة!. إن هذا الفيلم مملوك لأحد ما يتعهده بما يحتاجه من إتقان!. وأنا فقط اشاهده, فلست أنا رب الفيلم (صاحبه) بل يوجد رب سواي ولا استطيع الهيمنة على مسار أحداث الفيلم ولكن يهيمن عليه غيري ويتحكم في أحداثه. إذن فأنا لست إله الفيلم (المهيمن والمسيطر عليه). يبدو لي حتمية وجود إله مهيمن على هذا الفيلم وبالطبع هو نفسه صاحبه وربه.
نعم لقد علمته الآن, إنه الله عز وجل, وفيما يبدو لي أن مادة الفيلم هي ما عرفته في جزءٍ منه على أنها "الكون". ولكن مهلاً إنني أكتشفت شيئًا آخر الآن, يوجد في الفيلم شئ يسمى جسمي ,فبهذا الأسم عرفت هذا الشئ منذ بداية احداثه, وهذا الشئ لي بعض القدرة على التحكم فيه ! لا أعلم كيف فأنا مجرد مشاهد!! مثلًا, يحدث أحيانا ان أجد رغبة في نفسي أن يتحرك جزء معين في جسدي فأجد أن هذا الجزء قد استجاب !! بينما أحاول تحريك جزء آخر فإذا بي عاجز عن هذا ,جربت أن أحرك شعري مثلًا فلم يستجب,!! ما هذا ولماذا؟!! يبدو أن الله تعالى قد ترك أحداثًا معينة في الفيلم يؤلفها هو بناءًا على رغباتي المباشرة, فأنا أريد أن أحرك يدي فيضع جزء من الفيلم يتوافق مع هذه الإرادة!!. لا أجد تفسيرًا لما يحدث غير هذا! إنه لشئ عجيب حقاً. ألا تشعرون بالإندهاش الذي أشعر به الآن؟ إنه إله رحيم حقًا يجعل لنا دور فعال في أحداث الفيلم بأن يعطينا بعض الصلاحيات التي يستجيب لنا فيها بوضعه لبعض أحداث الفيلم. مهلًا مهلًا! لقد لا حظت ايضاً شيئًا لا يقل إدهاشًا لي, فلقد تعرفت من خلال جزءٍ من الفيلم على نظام الله الذي يريد ان تكون إرادتي وفقًا له مع كفل الحرية لإرادتي أن تختار اي اختيار سواء موافق لهذا النظام أم لا!!. وهذا النظام الجميل يسمى الإسلام وهو اسم له دلالته الواضحة في عدم استغلال صلاحية حرية الإرادة في الإخلال بنظام الفيلم وعصيان الله بل الاستسلام لرغبته في الأمور التي حددها لي. أما الأمور التي سكت عنها ولم يحددها لي فقد أباح لي أن أختار ما أريد وياللعجب إذ بي أجد ما أردته أمسى جزءًا من أحداث هذا الفيلم العظيم. إن الإسلام قد علمني شيئًا آخر بديعًا وهو أنه كما ينفذ لي الله بعض رغباتي في التحكم في جسدي فإنه ايضًا قد قال لي "ادعوني استجب لكم" ليس تنفيذا لإرادتي في جسدي فقط بل يتعدى هذا لأجزاء أخرى في الفيلم. وهذا ليس غريباً فإرادتي تحرييك يدي لا تقل غرابة (او عدم غرابة) عن طلبي من الله ان يُحدث شيئًا آخر ليس في أطار جسدي فينفذه الله لي وأجده واقعًا أمامي كجزء من أحداث الفيلم المثير. فلا يوجد فرق جوهري بين جسدي وأي جزء آخر في الكون إلا أن الله تعالى قد كفل, إلى حد كبير يحدده هو, لي تحول إرادتي لتحكم من الله تعالى في جسدي, بينما قد قيد تحقيق إرادتي في تغيير جزءٍ آخر لا يحتويه جسدي ولا تحتويه دائرة تأثير جسدي بقيد الدعاء أو الطلب من الله, وهذا الطلب ينظر الله في أمره فيستجيبه أنى شاء وأين شاء وبالكيف الذي يراه في مصلحتي.
سبحان الله الذي اعطانا حرية الإرادة ومَن علينا بتحقيق إرادتنا في كثير من الأحوال ليختبرنا به ويبتلينا ما نحن فاعلون بهذه الصلاحية الخطيرة التي أعطاها إيانا فمن استعملها في رضا الله كان هذا الفيلم ممتعًا للغاية له وكان ما بعده أكثر إمتاعًا (الجنة, هكذا سماها الإسلام) ومن استعملها في سخطه فإنه في معيشة ضنك ويُحشر يوم القيامة أعمى.
فلنتق الله في نعمة حرية الإرادة ولا نريد إلا كل ما يحبه الله
والله أعلم
هناك 4 تعليقات:
في متنهى الجمال. أشكرك أخي الكريم.
عندي اقتراح لشخصكم الكريم، أفكاركم الفذة وتأملاتكم المرهفة لو تجمعها في كتاب وتنشرها، أعتقد أنك تجد لها جمهورا كبيراً وتكون صدقة جارية لك. أنا نفسي سأكون من أول القراء لكتابكم.
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
جزاكم الله خيراً أخي الكريم على التشجيع. أنا بالفعل أفكر في طبع كتاب. ولكن خبرتي قليلة في هذا المجال ولا أعرف كيف أبدأ
توكل على الله ثم تحرك بأول خطوة تجد خطوات وآفاق أبعد تفتح لك.
يمكنك أن تبدأ بالتعرف على شخص (عالم جليل أو شيخ متمكن مثلاً) نشر كتابا من قبل وتسأله كيف يمكنك أن تنفذ الشيء ذاته. ولا أظنه سيبخل عليك بالنصيحة والدلالة.
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
أجزل الله لك العطاء في الدنيا والآخرة أخي الكريم
إرسال تعليق