الاثنين، 27 نوفمبر 2006

التباين سنة كونية حيوية



السلام عليكم
تُرى ماذا لوكان الكون كله كتلة واحدة بدون حراك . هل هذا يعتبر كوناً؟! أم أنه لابد أن تتبعثر هذه الكتلة الواحدة وتسير كل منها في فلكها؟, أي لا بد من التغاير والاختلاف ووجود كواكب ونجوم متناثرة حتى يستمر الكون.

قال تعالى
"أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ"
صدق الله العظيم

فلولا فتق الله لهذه الكتلة المتجمعة وفك رتقها ما وُجد كونٌ ولا وجدت حياة! ونلاحظ الربط الذي في الآية بين الحياة "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ" وبين فتق الرتق الأول!! فياله من ربط يستحق التامل.

ولكي يستمر الكون ولا ينهدم قدر الله تعالى ان يكون الكون دائماً في حالة اتساع حتى لا يعود سيرته الأولى وينتهي كل شئ

فال تعالى
"وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ"
صدق الله العظيم

ولكن هذا الاتساع صممه الله بعناية فائقة لكي لا ينفجر الكون فخلق الجاذبية الكونية بين الأجسام ووضع النجوم بمواضع محسوبة بدقة لامتناهية حتى يكبح جماح هذا الاتساع
قال تعالى
"فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُوم * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ"
صدق الله العظيم

ولكن ماذا عن هذه الجاذبية ؟ إنها لو زادت عن حدها لوقعت كل سدوم السماء علينا وانتهى الكون وانتهت الحياة كلها دفعة واحدة لذلك فقد ضبط الله تعالى الجاذبية الكونية بميزان دقيق حتى يحدث المنافسة المطلوبة بينها وبين الاتساع
قال تعالى
"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ"
صدق الله العظيم
وقال أيضاً
"إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا"
صدق الله العظيم

ولكن تأملوا! إنه يوجد في عالم الناس نفس هذا النظام!!! فلقد خلق الله البشر نفساً واحدة

قال تعالى
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا"
صدق الله العظيم

ونفس الآية السابقة تدل على المقابل لعملية الفتق في الكون "وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء" فياله من تشابه بين الأمرين أمر فتق الرتق وامر بث النسل من النفس الواحدة
وبالرغم ان هذا قد يؤدي الى التباين والاختلاف فإنه بدون هذا الاختلاف لما وجدت الحياة ولما كان لها معنى
قال تعالى
"وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ"
صدق الله العظيم

وليس الاختلاف فحسب بل الخلاف ايضًا!! وقد وضعه الله لحكمة يعلمها!!. فسبحان الله الحكيم
قال تعالى
"الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ"
وقال أيضاً
"وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ"
وقال ايضاً
"وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ "
صدق الله العظيم

ونلاحظ الشبه بين الآية الخيرة وبين أية اتساع الكون
"وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ"
مقابلة لقوله
"وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ"
وذلك في آية الاتساع

ولكن قوله تعالى " إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ" فيه دليل أن الاختلاف النافع إنما يكون له حدود إن زاد عنها انقلب إلى نقمة فكما أن توسع الكون نعمة من الله إلا أن الله جعل النجوم بجاذبيتها للأجسام المتناثرة في الكون بمثابة المانع من ضرر الاتساع.
وكذلك الأنبياء والصالحون في عالم البشر, فوجودهم يجمع الناس على شريعةٍ واحدةٍ مهما اختلفت ألسنتهم وألوانهم وهم في ذلك كالنجوم يضبطون الاختلاف والتوسع والخلاف في حالة البشر ويقون الناس ضرره.
...........
الاستنتاج
.........
الاختلاف والتباين هي من أعظم سنن الله في الكون, وفي عالم الإنسان فلولاه لانهدم الكون وانهدمت حياة البشر. وهذا الاختلاف لا يمنع من التقارب والتجاذب بل أن هذا التقارب والتجاذب يضبط الاتساع ويقننه ويقي من شره المحتمل.
.........
والله اعلم

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

اخي احمد ....
هل تعلم أن اية "ولولا دفع الله الناس ..." لطالما جعلتني أقف حائرا .... فتدافع الناس سبب لاستمرار الحياه ... سبحان الله ... كذلك فان هذه الاية واية "ولا يزالون مختلفين" تجعلني متعجبا ممن يجتهد في تخيل عالم بدون حروب ... فهذا لم يحدث ولن يحدث ... و سيظل هناك الاخر و سيظل هناك الحق و الباطل و سيظل الصراع بينهما حتى الساعه ... فيحكم الله بينهما وهو خير الحاكمين

انسان متأمل يقول...

نعم والله صدقت يا أخي فسيظل الصراع قائما ما بقى الحق والباطل
جزاك الله خيراً على تأملك

غير معرف يقول...

هل اختلاف البشر سنة كونية أيضا بمعني أن اختلافهم نابع من أسباب بيولوجية ؟!أم هو اختلاف اجتماعي أم اختلاف عقائدى ؟
والاستثناء في الآية من الاختلاف ؟أم من المشيئة بالاختلاف ؟
خلاصة القول أنه لاعلاقة بين النجوم والجاذبية وسعة الكون باختلاف البشر