السبت، 18 أبريل 2009

فتنة التكرار

السلام عليكم
قال تعالى
"إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"
صدق الله العظيم
إن الله تعالى عرض أمانة حرية اختيار عبادة الله من دونها على السموات والأرض والجبال والانسان فلم يتضلع بها إلا هذا الإنسان. لقد أدركت كل كائنات الكون أن هذه الأمانة شديدة عسيرة فحرية عدم الطاعة تلفت نظر العبد هنا وهناك وتجعله ينصرف عن عبادته بأشياء أخرى لا تقع في إطار العبادة بل تجعله مُعرض لأن يترك العبادة بالكلية. كٌل هذه الرزايا مُتوَقعة من لدن هذا الظلوم الجهول ومن أسوئها هو إلف العبادة لتكرارها وتحولها إلى عادة صماء.
إن السموات والأرض والجبال دائبون في عباتهم وتسبيحهم, فحياتهم هي عبادتهم وعبادتهم هي حياتهم ولا يوجد صارف لهم عن هذا لأنه ليس لهم اختيار في ذلك بعد أن اختاروا طائعين في بداية الخلق أن يكونوا عديمي الاختيار فيما بعد في عبادتهم: يقول تعالى
"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ"صدق الله العظيم
أما الإنسان فيوجد له صوارف عديدة يخرجها هو بظلمه وجهله عن العبادة بتغيير نيته فيها ليكون اتجاهها الحياة الدنيا الزائلة. فلما أخرج أجزاءً من حياته عن ماهية العبادة السرمدية لله تعالى, جعل الأصل هي الصوارف والاستثناء هو العبادة فقسم حياته لدين ودنيا وما أجهله وما أظلمه من تقسيم فقد فطنت السموات والأرض والجبال لخطورة الوقوع في هذا التقسيم فابتعدت عنه ورفضت المغامرة.
إن تقسيم الإنسان حياتَه لدين ودنيا جعله يفعل ما يسميه "دينا" في حياته كعبادات منفصلةٍ تؤدى في أوقات معينة وأخرج نفسه من العبادة المستمرة لله عز وجل حيث يفعل ذلك كل من في السماوات والأرض عدا الإنسان: قال تعالى
"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ"
صدق الله العظيم
ومن هذا نشأ التكرار!! فلم ينشأ إلا من التقطع!! ونشأت فتنة التكرار التي أوقع الإنسان فيها نفسه بترك التفكر المستمر في ملكوت الله وأخذ نوايا العبادة في كل عمل يعمله في حياته حتى لو كان المصمم في تصميمه والعامل في مصنعه!!
نشأت فتنة التكرار فتبعتعا فتنة إلف العبادة والتعود عليها وعدم التفكر فيها ولا تسبيح الله بها تسبيحاً مستمراً بما تقتضيه كل عبادة. فشذ الإنسان عن الكون كله فأصبح الكون كله في تسبيح رائع متناغم ولكن يخترق هذا التناغم نشاذ تسبيح الإنسان المتقطع أو عدم تسبيحه
قال تعالى
"يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
صدق الله العظيم
اللهم ألهمنا تسبيحك المستمر حتى ننغمس في التفكر في عظمتك من خلال التفكر في كونك الذي نتناوله بالعمل الدائب تحت مظلة عبادتك.

والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

هناك تعليقان (2):

TIMMY !! يقول...

السلام عليكم و رحمة الله أخي الكريم ,

أذكر أن أول عهدي بمدونتك هو بحثي عن بعض ما كان يشغل رأسي من بعض الأفكار ,

و ها أنت ذا قد أتيت بأحدها ,

أتفق معك على أن التكرار يأتي من الانقطاع ,
لكن هذا الانقطاع لابد منه فلو لم تذنبوا لذهب الله بكم و لجاء بقوم آخرين يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم ,

لكن الخشية كما ذكرتَ من إلف التكرار و إلف العبادات ,

و أظن أن الإسلام قد نوع في العبادات و في الأذكار و غيرها لدفع هذا الاعتياد بالتنوع بين أنواع العبادات , أو بالتنويع بين الأذكار في العبادة الواحدة ,




------------------------

ندخل بقى على الحتة البايظة في دماغي ,
دلوقتي الإنسان ظلوم و جهول لأنه قبل الأمانة التي عجزت عنها السماوات و الأرض

طيب أنا مش عاوز أقبل الأمانة دي , و عارف إنها مسؤولية , و ما كنتش عاوز أختارها ,
و كان نفسي أكون مجبر على العبادة كالملائكة و الحجر و الشجر و الدواب ,
أعمل إيه ؟؟
و من هو ذلك الإنسان الذي حملها ؟؟ و متى و أين حملها ؟؟
و هل علي تحمل تبعات اختيار غيري ؟؟

معلش , الواحد دماغة بايظة بجد :( ,
ياريت تصبر علي ..

و جزاك الله خيرا

انسان متأمل يقول...

صديقي العزيز السلام عليكم
قال الله تعالى في سورة الأعراف 172
"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ"
صدق الله العظيم
ما من أحد منا نحن الإنس إلا وشهدنا أن الله هو إلا أننا ديدننا النسيان
وبناءاً عليه فإن "الإنسان" المذكور في "وحملها الإنسان" ليس هو آدم وحده بل هو كل واحد منا فلا ينبغي علينا أن نوافق على تحمل الأمانة ثم نقول أننا نعود أدراجَنا.
تذكر أخي نعمة حرية الإرادة. إنها ليست فقط مسئولية ولكنها نعمة كبيرة جدًا وإلا لما اخترتها أنا وأنت.
والله أعلم