السلام عليكم
جاءتني رسالة من صديق كريم تعليقاً على موضوع "قوانين الطبيعة ووجود الله" السابق مفادها أنه في حيرة من أمره بلغت مبلغ الداء في موقف البشر من قوانين الطبيعة في قضية وجود الله, فتجد منهم من يدافع عن وجود الله باستخدام قوانين الطبيعة, وتجد منهم من يدافع عن الإلحاد باستخام نفس القوانين, فاعتبر هذا الصديق وجود قوانين للطبيعة سلاحاً ذا حدين في قضية وجود الله. وبناءاً عليه طلبَ مني أن استفيض أكثر في تبيين وتوضيح رد هذه الشبهة وأنا بعون الله وكرمه قائم بذلك في مقالكم الذي بين أيديكم:
شبهة معارضي وجود الله:
هم يقولون أن الإنسان القديم كان يرى ظواهر الطبيعة تحدث فكان يُعزي وقوع هذه الطبيعة إلى آلهة أو إله متحكم بالكون يفعل بإرادته هذه الوقائع والأحداث. ولكننا الآن وبعد الثورة الصناعية في أوروبا وبعد الثورة العلمية في علوم الفيزياء عرفنا أسباب كل شيئ فلا حاجة لنا الآن بافتراض وجود إله لا نراه كي نفسر أحداثاً بل قوانين الطبيعة كافية بتفسيرها.
رد شبهة معارضي وجود الله:
بسم الله الرحمن الرحيم. تأملوا في هذه القصة التي أعطي بها مثالاً ليتضح مدي حجية كلامهم من عدمه:
كان عدة أفراد يعيشون في غرفة وكان بهذه الغرفة أنواراً تضئ وتُطفئ بطريقة غير مُتَوَقَعَة, فكان هؤلاء الناس يقولون إن مهندس تصميم الكهرباء في الغرفة يتحكم بالأنوار وإضاءتِها كلما أراد فلا يمكن للأنوار أن تُوجدُ أصلاً ولا أن . وظل القوم هكذا فترة غير وجيزة من الزمان إلى أن فكر أحد قاطني الغرفة بفكرة متميزة, وهي أن يسجل في جداولَ طويلة سلوك هذه الأضواء بحيث يحصيها ويحصي معها أوقات إنارتها وإظلامها, وكانت قريحته ممتازة مما مكن هذا الرجل أن يكتب جداول تتنبأ بما سيحدث في الأنوار إلى درجةٍ عاليةٍ من الصحة. وكان بينهم رجلاً آخر يفكر في أمر الجداول فانبرى قائلاً "نحن نعرف أسباب الإضاءة والظلمة, فما حاجتنا لافتراض وجود مهندس ينير المصابيح ويطفؤها؟!"
فقال له قائل "أسباب الإضاءة والظلمة؟! مالك يا رجل كيف تفكر؟! إن صاحبنا لم يزد عن كونه أحصى الأنوار ومعدلاتها فما بال ذلك بأسباب الإنارة ؟ إنها لا تعدو أن تكون إحصاءً بدرجةٍ معينة من الدقة لما يفعله المهندس في الأنوار ... أليس كذلك يا رجال؟!!" .... فانبرى عقلاء القوم بقولهم "نعم هو ذاك, فلا يمكن أن تصل حماقتنا بأن نُعِدُ الجداول قد صنعت المصابيح والآن إذا بها تنيرها وتطفؤها" واعترض بعض الحمقى مدعين أن "الجداول هي أسباب الإنارة والإظلام"!!! فما أعجبهم من حمقى.
والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم
هناك 7 تعليقات:
استاذى الكريم جزاك الله خيرا على رد الفعل السريع
و لكنى كنت اطمع فقط فى توضيح مزيد من النقاط ، و تلك النقاط لم اطرحها لغرض الجدال فقط ، فالاسلام اباح الجدل القائم على الحجه و البرهان ، و حتى فى غياب الحجج و البراهين فانا لست فى حاجه اليها لاخضع للمولى ، وان كان لابد منها فانها فقط ليطمئن قلبى ، لقد ضربت مثلا رائعا ، و تن تسمح لى بأن اجعل ثلاث افراد اخرين فى الغرفه مع السابقين ، و سوف ابدا مما انتهيت .
بعد اجماع الفريق الاول على الحجه التى ورد فيها بأنهم قاموا بتوصيف الطريقه التى يتبادل بها الضوء و الظلام فقط ، قام احد من الافراد الثلاثه و الذى اقتنع بالحجه ، و لكن عقله لم يتوقف عن العمل ، فهو قال لقد وضعنا قانون يصف تبادل الضوء مع الظلام ، ولكن لم نعرف ماهيه الضياء او الظلام ، و فبعد تفكير ، و عدد من التجارب تبين ان الضوء مثير يثير حاسه الابصار ، و سرعان ما عرف الرجل الكثير عن طبيعه الضوء من كونه موجات كهرومغناطيسيه ، و سرعان ما اهتدى ان ذلك الضياء الذى يشعه المصدر الضوئى ، مصدره السلك ، الذى مر فيه تيار كهربى ، و ان السبب فى تناوب الضوء و الظلام يعود الى تناوب التيار ، و انه القانون الذى وضعوه من البدايه لم يكن اكثر من وصف تناوب ذلك التيار ، و بذلك تطور فكر ذلك الرجل من كون تكوين صوره كميه لتغير الضوء الى صوره كيفيه متمثله فى كيفيه نشوء الضوء من الاساس ، و لكن ذلك الرجل رغم ما بلغه من تفكير مازالت الحجه قائمه ، ولكن لسبب ما فهو غير مطمئن القلب ، و لذلك ذهب ليقص على الرجل الثانى ما بلغه من تفكير و علم ، و بالفعل قص الرجل الاول ما يجول بخاطره للرجل الثانى ، و يبدو ان الرجل الثانى لم يكن اقل بداهه من الاول ، فهو فكر ان سبب تناوب الكهرباء يعود فى الاصل الى تناوب فى مصدر ذلك التيار ، ثم اخذ يفكر هذا الرجل ، هل الخالق هو من يتحكم فى ذلك المصدر ؟ ، و لكن ذلك الرجل سرعان ما نفى ذلك لانه لو قلنا ان الله هو المتحكم ، نكون قد وضعنا الخالق فى مكانه اقل مما ينبغى ، ثم توقف الرجل لبرهه ثم قرر الا يخوض فى ذلك التفكير التفلسفى ، و ان يكون واقعيا ، هناك تيار اذن هناك مصدر ، و انا تساؤلى يدور حول ما اذا كان الخاق يتحكم فى ذلك المصدر ام لا ؟ ، لماذا لا ابحث عن ذلك المصدر لأرى ما اذا يتحكم فيه ام لا ! ... ظل هذا الرجل يبحث و يبحث حتى توصل و وجده ، و كان المثير للدهشه ان المصدر لم يكن احد يتحكم فيه ، بل و بعد دراسته فهم الرجل الثانى طريقه عمل ذلك المصدر ، و التى فى النهايه تنعكس على معدل الاضائه ، لذلك شرع فى تطبيق ما عرفه عن ذلك المصدر بان يغيير الوتير التى يتناوب بها الضوء و الظلام ، و بالفعل نجح فى ذلك ، وعندما عاد الى اصدقائه ليروى لهم ما عرفه ، فاذا باصدقائه يخبرونه بان الخالق غير من وتيره الاضاءه ، و هنا صدمهم ذلك الرجل بقوله انه من غير تلك الوتيره ، و كانت لتلك الكلمات و قعها فى القلوب ذى بئس شديد ، فهم كانوا يعتقدون ان الخالق هو من يتحكم فى تلك الوتيره(الظاهره فى عمومها) ، و تحطم ذلك الاعتقاد بخبر الرجل ، و لكن يبدو ان الامر تعدى اكثر من هذا ، فقال واحد منهم : " هل جهلنا كان سببا فى الاعتقاد بان الخالق هو من يتحكم بنا" .. و هنا علا صوت الشخص الثالث ليقول له ، نحن كنا نعلم من البدايه بان هناك خالق ، و كوننا لم نستطيع ان ندلل على وجوده ، هذا لا ينفى وجوده ، لان الخالق لا يحتاج الى فتات لنقتفى اثره ، فهو اكبر من ان يدلل عليه ، و هكذا كان الكون مخلوق مثلنا لا يدلل على وجود الخالق ، و انه ان لم نكن نعرف بوجود الخالق من البدايه ما عبدناه و لو اجتمعناه جميعا فى عقل واحد ، فالكون لا يشير الى الخالق لانه لا يتجرا بان يرفع اصبعه نحو الخالق ، كما ان الكون رفض ان يلعب دور الوسيط بين الخالق و مخلوق اخر ، ثم شرع ذلك الرجل فى توضيح انه هناك فرق بين ما يشير اليه الكون ، و حقيقه ان الكون و نحن مخلوقان ، فهو يقصد ان الكون بطيعته الحاليه لا يشير الى الخالق ، ولكن وجوده فى حد ذاته يستلزم خالق ، وهكذا كان الرجال الثلاثه مقتنعين ، بان هناك خالق خلقهم و خلق الكون ، و لكنه لم يجعل الكون بطبيعته الحاليه او الانسان بطبيعته الحاليه ، يشيران الى وجوده ، و يستدل بالخالق على وجودهما ، وهكذا كان الملحد صادق فى ادعائه بان الكون الحالى لا يشير الى خالق ، ولكن اغفل حقيقه ان الخالق لازم لوجودهما .
ارجو منك اخى الكريم ان تزيل اللبث ان وجد ، جعله الله فى ميزان حسناتك .
أولاً أخي الكريم إن قلت لك بأن الجداول هي قوانين الطبيعة الأساسية فبالتأكيد أنه لا يستطيع بشر التغيير فيها وبذلك يظل الله تعالي هو الذي يغير ويتحكم والقوانين الأساسية ما هي إلا وصف لهذا التغيير والتحكم وإنما جعل الله تعالى نواميسه ثابتة دلالة على عدم عبثية الخلق وإشارةً إلى وجوده فلو كان الكون بدون خالق وكان هناك سلوكاً للأضواء لما كان هذا السلوك يسير على دستور ثابت لا يخرج عنه إلا بإرادة الله على أيدي الأنبياء للتدليل على وجوده وربوبيته وألوهيته. فوجود القوانين يشير حتماً إلى واضعها كما تشير قصيدة الشعر الممتازة إلى وجود الشاعر بل إلى براعته في الشعر. ولن نغير مفهومنا عن براعة الشاعر إذا درسنا عروض الشعر وبحوره!
فالقول بأن الكون وقوانينه لا يشيرون إلى الخالق و إبداعه خاطئ. إن وجود القوانين الأصلية (التي لا تتبدل) دليل على وجود الخالق وتبديلها بأخرى للتدليل على صدق النبيين شاهد آخر على وجوده.
إن الكون لم يُخلق أبداً بحيث لا يشير إلى الخالق! لا والله لا إنه كالسينفونية العظيمة (نظرية الأوتار الفائقة) التي ادعى بعض الجاحدين الظاهر جحودهم جمال السيمفونية وغياب مؤلفها!!
والخالق لا يحتاج إلى خالق يخلقه لأنه هو المرجع الصمد الذي يشرف بنفسه على كل القوانين والتي من ضمنها أنه ما منشئ إلا وله خالق ولكنه تعالى ليس كمثله شئ فهو ليس بشئ بل هو واجد الأشياء ولا يصح تطبيق قانون اتصفت به الأشياء عليه لأنه من طبيعة مختلفة عما خلقه ويستحيل كونهم من نفس الطبيعة وإلا لخضع الخالق لقوانين الطبيعة وهذا مُحال لأنه خالقها فهو مستقل عنها.
والله أعلم
أود أيضاً أن أشير أنه لولا وجود الخالق لما ضُمنَ ثبات قوانين الطبيعة وثبات ثوابتها!! لأنه ليس هناك ما يضمن عدم تغير القوانين بشكل مفاجئ وعشوائي. ونحن نُرجع كل الأسباب المتسلسة إلى القوانين في النهاية ولكن ماذا عن القوانين نفسها؟ على ماذا ترجع وتعتمد؟ ومن الذي يمنعها من التغير فجأة ؟! إنها طرف خيط الأسباب المتوالية الذي يوجد بيد الله تعالى قال تعالى(إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا) صدق الله العظيم
بارك الله فيك اخى الكريم .
و صدقت .
وبارك الله فيك أخي الأكرم وفي عقلك
أخوك في الله :أحمد
ما شاء الله
نقاش ثري ومقنع جداااا وبالثوابت ايضاً والدلائل والرباهين العلمية لمن اراد المنطق والتحليل
تسلم ايدك
لا حرمنا الله منك
حقيقي استفدت كتير وزاد الافادة نقاشكم في الردود فقد القى الضوء على ما قد يثير تساؤلات لدى البعض
متابعينك وكم اتمنى ان يقرأه اكبر عدد ممكن من الناس
الله يوفقك
جزاكي الله خيراً سما وبارك الله فيكي
إرسال تعليق