السبت، 19 ديسمبر 2009

الحقيقة هل هي حقيقة أم افتراضية

السلام عليكم

الحقيقة الافتراضية أوVirtual Reality
هذا المصطلح مرتبط بمحاكاة الواقع عن طريق استخدام أجهزة ترتبط ببرامج على الحاسب الآلي لتسمح باشرك حواس الإنسان فيما تعرضه على عين هذا الانسان. ومن هذه الأجهزة خوذة الرأس أو غطاء الرأس بحيث يرتديها المستخدم ويستمع للأصوات التي تصدر من العالم الإفتراضي ويكون مع الخوذة نظارات تغطي العينين بشكل كامل وتعرض الصور بشكل ثلاثي الأبعاد يجعل المستخدم يراها وكأنها واقع أمامه. وهناك أيضا قفازات لليدين وحذاء خاص يرتديه المستخدم حتى يتم تحديد موقع اليدين في الفضاء الافتراضي ومكان الشخص من المحيط وكذلك عصا التحكم وغيرها من الأدوات.

وللحقيقة الافتراضية تطبيقات مفيدة جدا في مجالات الهندسة والطيران والعمليات الجراحية ...

الحقيقة هل هي حقيقة أم افتراضية
تخيل أن هناك جهاز متقدم جدا للحقيقة الافتراضية وأنه عندما يقوم الشخص باستخدام هذا الجهاز يعيش في الحياة الافتراضية وكأنه الواقع تماما.

في الحقيقة لا يمكن التفرقة بين حياتنا وبين استخدام هذا الجهاز المتفوق وإن أحدا لا يمكنه الجزم بأن حياتنا افتراضية أم لا.
وهنا يظهر سؤال مهم:
إذا كنا لا نستطيع معرفة هل ما نحن فيه حقيقة أم حقيقة افتراضية فما هو تعريف الحقيقة وما هو ما يفرقها عن الحقيقة الافتراضية؟
وسوف أتكلم عن هذا لاحقا.

لنفترض أننا داخل حقيقة افتراضية:

لنقوم بافتراض أننا داخل جهاز متقدم جدا للحقيقة الافتراضية وأن كل ما نبصره يكون عن طريق ما يعرضه لنا هذا الجهاز. والجهاز متقدم بالقدر الذي يغطي جميع أحاسيسنا من سمع وبصر وشم ولمس ,...

حتى أجسادنا التي نراها إنما هي صورة يبثها لنا الجهاز ليظهر لنا أيدينا وأرجلنا وجميع أجزاء جسدنا كما نراه ولكن هذا ليس جسدنا الحقيقي (بافتراض أن هناك معنى لجملة الجسد الحقيقي!).

ما المعلومات التي يمكن أن ندركها في هذه الحالة:

1- لا بد من وجود مبرمج ومصمم لهذا الجهاز الذي نرى من خلاله كل شيء

2- لا بد من وجود جهاز يقوم باستمرار بعرض ما نراه لا يكل ولا يتوقف ما دامنا نرى أو نشعر بأي شيء وهو يقوم ببث مستمر لكل ما نراه ونسمعه.

3- كل ما نراه داخل هذا العالم الافتراضي ليس موجودا بأصله وانما وجوده معتمد على بثه كمعلومة نشعر بها من الجهاز. فمثلا لا يمكن لشخص أن يرى داخل هذا العالم الافتراضي صورة شجرة فيقول أن الشجرة موجودة بنفسها ولا تعتمد على الجهاز. وإنما الشجرة ما هي إلا معلومة أرسلها الجهاز لنا ولا وجود لها إلا وجود كمعلومة تم بثها من الجهاز.

4- الشيء الوحيد الذي لابد من وجوده هو الجهاز الذي يبث هذه الصور ومصمم هذا الجهاز (وسنطلق على ذلك الوجود وجود أصلى) أما كل ما نراه داخل الجهاز فله طبيعة وجود مختلفة (أقل درجة) يمكن أن نطلق عليها (وجود مكتسب) وهو الوجود المعتمد على بث الجهاز لمعلومة ليظهر لنا كأنه موجود. وهذا النوع من الوجود معتمد اعتمادا كليا على ما يبثه الجهاز.

5- روعة وجمال العالم الافتراضي تعكس عظمة وقوة المصمم لهذا الجهاز. ولكن طبيعة هذا المصمم تختلف عن طبيعة كل ما يتم بثه من معلومات داخل الجهاز فهو مبدع كل هذا. وكل مبدع يختلف في طبيعته عن ما أبدعه. فالشاعر طبيعته تختلف عن الشعر والرسام له طبيعة مختلفة عن لوحاته.

أخطاء منطقية في حالة الحقيقة الافتراضية:

لو افترضنا أننا نستخدم هذا الجهاز المتقدم جدا للحقيقة الافتراضية فإنه يمكن أن نخطئ أخطاء منطقية عديدة:

1- إنكار وجود جهاز أو مصمم للجهاز!!
نتيجة أن الجهاز متقدم جدا لا يشعر الانسان أن ما يبثه الجهاز هو صور أو معلومات وإنما بشعر أنها أشياء حقيقية يتفاعل معها. كل ذلك نتيجة التطور الشديد للجهاز وقوته. ولكن نتيجة شعور الانسان أن الأشياء الافتراضية حقيقية وأن العالم الذي نراه حقيقي يصل البعض إلى نتيجة غريبة وهي أنه لا يوجد جهاز أو مبرمج. ويقول أن الحقيقة هي فقط ما يراه أويشعر به داخل هذا العالم الافتراضي. وهو بذلك أنكر الوجود الأصلي وتشبث فقط بالوجود المكتسب وهذا خطأ فادح.

2- البحث عن الجهاز أو المصمم داخل العالم الافتراضي نفسه!!
من الأخطاء الواردة أيضا هو البحث عن مكان الجهاز الذي يبث هذا العالم الافتراضي أو مصمم هذا الجهاز داخل العالم الافتراضي نفسه.
وهذا مستحيل منطقيا أن يكون الجهاز الذي يبث الصور هو نفسه جزءا من البث!!
وإذا وقع البعض في هذا الخطأ فإنه قد يؤدي إلى الخطأ الأول لأنه لن يمكنه أبدا إيجاد مكان مصمم الجهاز أو الجهاز داخل هذ العالم الافتراضي.

3- محاولة تطبيق قوانين وقواعد العالم الافتراضي على مصمم هذا العالم!!
إن ما نراه داخل هذا العالم الافتراضي ليس إلا مجموعة من المعلومات التي يبثها الجهاز بناءا على ما تم برمجته به عن طريق مصممه.
وإن حركة الأجسام داخل هذا العالم الافتراضي تتم بناءا على ما صممه المبرمج. ومن الخطأ الفادح محاولة تطبيق هذه القوانين على المبرمج نفسه أو صانع هذه القوانين. إن وجود هذه القوانين أيضا وجود مكتسب معتمد على بثه في صورة معلومات مرئية أو مسموعة أو محسوسة بأي حاسة. ولذلك فهي لا تجري على الجهاز الذي يبث أو مصمم هذا الجهاز الذي هو نفسه مصمم هذه القوانين.

ماهي الحقيقة؟

لنناقش السؤال الذي طرحناه من قبل

ما هو تعريف الحقيقة وما هو ما يفرقها عن الحقيقة الافتراضية؟

إن الانسان لا يمكنه أن يميز بين الواقع والواقع الافتراضي إذا تخيلنا وجود جهاز متقدم جدا لعرض هذا الواقع الافتراضي.

إن كلمة افتراضي تفقد معناها في هذا الموقف.

إن الحقيقة الوحيدة المؤكدة في كل الأحوال أن هناك صانع لما نراه وقيوميته تعمل على البث الدائم والمستمر لكل ما نشعر به في كل الأحوال. وأن وجوده (الوجود الأصلي) هو أمر واجب ومسلم به. بل إن كل ما دونه يستمد وجوده من الوجود الأصلي.

والله تعالى هو المصمم الذي صمم كل ما نرى وإنه بقدرته يبث (يخلق) لنا كل ما نشعر به ونراه في هذا العالم.

و جميع المعلومات التي استنتجناها في المثال السابق صحيحة أيضا في عالمنا:

1- لا بد من وجود مبرمج ومصمم لهذا العالم وهو الله تعالى

2- لا بد من أن الله قيوم لنرى كل ما نراه في كل لحظة.

3- كل ما نراه داخل هذا العالم ليس موجودا بأصله وانما وجوده معتمد على بثه كمعلومة نشعر بها.

4- الله الصمد هو الوحيد الواجب الوجود ولا يعتمد وجوده على أي شيء وكل ما دونه يستمد وجوده من الله.

5- روعة وجمال العالم تعكس عظمة الله تعالى. ولكن طبيعة الله تختلف عن طبيعة كل ما خلق الله سبحانه وتعالى.

ويقع بعض البشر في عالمنا في نفس الأخطاء المنطقية السابقة:

1- إنكار وجود الله!!
وقول أن الحقيقة هي فقط ما يراه أويشعر به داخل هذا العالم . وهو بذلك أنكر الوجود الأصلي وتشبث فقط بالوجود المكتسب وهذا خطأ فادح.

2- البحث عن الله داخل هذا العالم!!
لا يمكن أن نرى الله في عالمنا هذا فسبحانه وتعالى خالق هذا العالم ولا يمكن أن يكون جزءا منه.

3- محاولة تطبيق قوانين وقواعد العالم على الله تعالى:
إن الله الذي صمم القوانين التي تحكم كل شيء لا يمكن أن تنطبق عليه هذه القوانين. وإن هذا الخطأ من أكثر الأخطاء شيوعا ذلك أن الانسان حين يعتاد الشيء مرات ومرات يظن أنه حقيقة ولا يمكن عدم وجود هذا الشيء. فمثلا الإنسان في هذا العالم يرى أن كل شيء يجب أن يحويه زمان ومكان. فيظن البعض أن هذا بنطبق على الله خالق الزمان والمكان. ولكن هذا خطأ واضح وهو تعميم في غير محله.

وهنا تظهر الكثير من الأسئلة غير المنطقية مثل:
أين الله؟
ماذا كان قبل الله؟
وما شابهها من أسئلة تحاول تطبيق الزمان والمكان على الله سبحانه وتعالى عما يصفون.


والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراء وأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

هناك 5 تعليقات:

TIMMY !! يقول...

جزاك الله خيرا أخي الكريم , و جعله في ميزان حسناتك ,

تشبيه و تصوير أكثر من رائع لما نحياه ,

رزقنا الله الفهم السليم ,

بالمناسة ,
مدونتك رائعة جدا أخي الكريم ,
و أنا متابع لكل جديد فيها لكن يتعذر عليّ التعليق فيها إلا قليلا بسبب الانشغال ,
أرجو أن تتحفنا بجديدك دائما أخي الكريم ,
و أن تحاول أن تنشر مواضيعك في المنتديات كي تنتشر أكثر على الشبكة العنكبوتية ,

جزاك الله خيرا

Created from Water يقول...

جازاك الله خيرا أخي الكريم Timmy

المدونة فعلا رائعة بجهود القائم عليها أخي وأستاذي أحمد كمال أو
Thinking man

وأنا أشكره على تشجيعه الكبير لي للمشاركة في تلك المدونة الرائعة.

حوار عقلانى يقول...

ان الفكره اكثر من رائعه و لكنك عالجتها بنفس الطريقه التى يعالج بها الدينيون و يعللون وجود الخالق ، صديقى ان كانت تلك الاله التى تبث صور و تحاكى مشاعر و ترسل احلام الى ما غير ذلك تعمل بكفأه دون تدخل من الصانع ، فما الحاجه الى افتراض وجود ذلك الصانع ، و اذا قلت ان تلك الاله لا تعمل بكفأه مطلقه و ان عملها يعتمد بشكل ما على الصانع ، فكان حريا بنا ان نكتشف وجوده ، فاين "يد الصانع" ....
كانوا يقولوا ان ذلك التصميم لكوننا لا يمكن ان ينشأ عن فوضى ، وكانوا يضربون مثلا ظريفا بانه اذا وضعت حفنه تراب فى صندوق ، فانه مهما تركتها فلن نجد بداخل ذلك الصندوق حاسب ألى ، و لكن ذلك طبعا خطأ فاذا انتظرنا كفايه فقد يتطور عن تلك الحفنه كائنات على درجه من الذكاء تقوم بصنعه .. نحن نعيش فى عالم (حقيقى ام افتراضى ) يعمل بذاته فلماذا الحاجه لوجود صانع؟!!!!!.

Created from Water يقول...

إلى حوار عقلاني

أنت تتفق معي أن هذه الآلة موجودة
آله تتحكم في كل شيء نراه وتبث لنا كل ما نراه
ولكنك تختلف معي هل للآلة صانع أم لا

أقول لك إن ما تسميه أنت الآلة أسميه أنا الله
والفرق بيننا أنك أطلقت صفات الجماد على من يبث لنا كل هذه المعلومات
أما أنا فلا

فمثلا أنا مقتنع أن شخصا ما (وهو أنت) كتب هذا التعليق الذي أرد عليه
ولا أقتنع أبدا أن التعليق تكون من تلقاء ذاته أو تكون من حركات جسدك تلقائيا.
وإلا لما تجشمت عناء الرد عليه

كذلك المعلومات التي نراها في كل لحظة لها مصدر وهو الله تعالى

انسان متأمل يقول...

اهلا بك أخانا في الإنسانية (اذا تناسينا تبعات نظرية دارون التي لابد بد وأن مقتنع بها مؤقتاً ... ولكن أنا عن نفسي اعتبرك انسانا بتعريفي)

أهلا بمن لم أره ولكن رأيت معلوماته المبثوثة من IP Address معين لست بعالم هل هو مجرد أرقام أم هو مكان ولا أدري ما هو المكان .... يبدو أن الـــ IP Address كاف لتعريف المكان

المهم

لقد تفضلت برد في جزئين: أما الثاني فلا معنى له في سياق الكون المعلوماتي الذي يُعد الزمن فيه معلومات في ذاته فنحن نتعامل مع معلومات وحسب ولسنا بصدد تكوين معلومات لمعلومات فإنه يبدو بالنسبة لي غير بديهي. ... أقول بالنسبة لي لأنني عشت أياماً رأيت فيها عجباً رأيت البديهيات تُجادل ... ولكننا بعون الله تعودنا على حوار اللامعقول ومنطقة اللامنطق حتى نستطيع التواصل مع عالم اللابديهية

وأما الأول: فيبدو لي أنك لم تفهم جيداً مقصود الكاتب فأنت مقتنع بنموذجه التي هي كمبيوتر وآلات تبث المعلومات وتقول:
"ان كانت تلك الاله التى تبث صور و تحاكى مشاعر و ترسل احلام الى ما غير ذلك تعمل بكفأه دون تدخل من الصانع ، فما الحاجه الى افتراض وجود ذلك الصانع"

فأنت تقبل وجود سيرفر غير مرأي بالنسبة لك و لا تستطيع تخيله ,لأن البرامج لا تستطيع تخيل الكمبيوتر, ولكن قبلت ذلك فقط لأن اسم هذا السيرفر لم يُطلق عليه الكاتب صراحةً اسم "الله" ولذلك انت قبلته بدون دليل وكأنك تستعيذ باللابداهة من "اسم" وليس مضمون.

ورفضت أن يكون للحاسوب الذي لا تدركه "وصدقت وجوده" صانعاً فهنا إما أن أقول لك ببساطة أن ذلك الحاسوب يمكن اعادة تسميته من "لا اسم" الى الاسم المحرم بالنسبة لك "الله", وإما تقرأ المقال من جديد وتفهمه كما فهمته, وربما فهما يختلف عن فهم الكاتب, فالأفكار ليست ملكاً لأحد حتى لذويها!,أن السيرفر أو الحاسوب هو الكون وأن الكون ما هو إلا معلومات تسيل بسرعة هائلة أمام وعينا طبقاً لبرنامج ليس من وضع الحاسوب وهذا البرنامج يسمونه علماء الفيزياء "قوانين الطبيعة", وحسب ما تبقى لي من عقلي في عالم اللامعقول فإنني أعلم يقيناً أن لكل برنامج مبرمج ولكل كتاب مؤلف, فمن العبث أن نقول أن هذه المعلومات المحكومة بقوانين لا تتغير هي من غير مؤلف لها وأننا ارتضينا لكل برنامج في كوننا المعلوماتي بمبرمج بشرط ألا يكون له الاسم المحظور "الله" ... والعياذ بالله!!!

أما قولكم:
"اذا قلت ان تلك الاله لا تعمل بكفأه مطلقه و ان عملها يعتمد بشكل ما على الصانع ، فكان حريا بنا ان نكتشف وجوده ، فاين "يد الصانع""
فأنت تخالف أبسط قواعد المنطق التي أوردها الكاتب في الأخطاء المنطقية وهي أنك تبحث عن المبرمج داخل البرنامج. وإنما قد جُعل العق للإنسان ليكون حاسة أرقى من الحواس التي ندرك بها العالم المعلوماتي بشكل مباشر بحيث يتخطاه ليستنبط من المحسوس اللامحسوس وهذه الحاسة هي التي نستخدمها عادةً وليس دائماً في ما يُسمى بـــ "الحوار العقلاني"

أراك لا حقا على نفس الـــ IP Address

أحمد كمال بالنسبة لبعض البرامج
و Thinking_man بالنسبة للمدونة