السبت، 5 مايو 2007

خطايا إبليس, الكبر والقنوط والحسد

السلام عليكم
إبليس وما أرداه إلى بئس الصراط
كان ابليس من صفوة الجن قبل تكبره فقد كان دائم العبادة مع الملائكة. ولكن معادن الإنس والجن وحقيقتهم لا تظهر إلا في أوقات التضحيات
فلما أمره ربه أن يقوم بعمل يجاهد به نفسه وجد ان نفسه قد غلبته وان كبره قد ظهر على السطح وذلك عندما أمره ربه بالسجود لمن هو أقل منه في أصل تركيبه (حسب تقييم ابليس) ليختبر السمع والطاعة فأبى إبليس مستكبراً بأصله وتركيبه وقد أخطأ هنا خطأين منطقيين وخمس أخطاء إيمانية
أما الخطآن المنطقيان
أ-أن أصل التركيب لا يحكم على الشخص وانما ما يحكم عليه هو حاله وتقواه واستخدام عقله في الخير
ب-أنه فضل النار على الطين بدون دليل
وأما الأخطاء الإيمانية
أ-أنه استكبر وبئس الخطأ هو الكبر
قال تعالى في سورة الأعراف - آية 12
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ

ب- أنه قنط من رحمة الله واستكبر مرة أخرى
وبعد أن رفض ابليس السجود كان يستطيع أن يعود لربه مستغفرًا متذللًا ولكنه قنط من رحمة ربه واستكبر أن يكون من الذين يخبتون إلى ربهم داعين مستغفرين
قال الله تعالى في سورة غافر - آية 60
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
قال تعالى في سورة الحجر آية 56
قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ

ودليل قنوطه:


القنوط لأنه كان في استطاعته التوبة عندما سأله ربه عن سبب عدم سجوده وبعدها إلا أنه آثر أن يفكر في ايقاع آدم في المعصية (الحسد) كما وقع هو بدل من التوبة:

"قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿١٢﴾ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴿١٣﴾ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤﴾ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴿١٥﴾ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١٦﴾ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿١٧﴾ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿١٨﴾ " الأعراف

تلاحظ أنه بعد أن قال الله تعالى
قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴿١٣﴾

كان له مهلة ان يستغفر لأن الله تعالى علل أمر الخروج بالاستمرار في التكبر " فاخرج ... فما يكون لك أن تتكبر فيها" فكان في استطاعته حينها ان يستغفر عن تكبره ويتعهد ألا يستمر في التكبر (أن يتوب عن التكبر) إلا أنه قنط وبدلا أن يتوب قال:
 قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤﴾ 

ثم تابع في اجرامه واتهم رب العزة أنه أغواه
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١٦﴾

وهنا يأتي الدليل أن الله كان سيقبل توبته ان كان قد تاب حيث أن رب العزة قد أعاد أمر الطرد مرة أخرى لكن بصيغة حاسمة غير مشروطة:
قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿١٨﴾ "

جـ- الحسد
وترتب على قنوطه هذا أنه قرر ألا يدخل الجحيم وحدة وليردي بني آدم معه في نار حهنم وقد قال تعالى في
سورة ص -آية 82
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ

د- إساءة الأدب مع رب العالمين
وقال في سورة سورة الأعراف -آية 16
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ

هـ- عدم الطاعة
قال الله تعالى في سورة الأحزاب - آية 36

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا
درورس من قصة إبليس
أ- عدم الغرور بالنسب والأصل فقد قال الله تعالى في سورة الحجرات - آية 13
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

ب- السرعة بالتوبة من الخطأ وإن عظم فقد قال الله تعالى في سورة النساء -آية 17
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا

ج- ألا يغتر الإنسان بعبادة الرخاء فالربما يسقط في أول ابتلاء حقيقي ولا يقوى عليه. فطالما وجدنا أنفسنا نظن نفسنا مؤمنين لمجرد أننا نعبد الله. ولكن ليست العبرة بالعبادة إنما العبرة بالثبات عليها حالَ الفتن
قال الله تعالى سورة العنكبوت آية 10
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ
د- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" فترك الحسد مطلب شرعي والحسد شئ يهدم في الحاسد ويقنطه وينشر العداوة والبغضاء . وإذا تأملنا في الحسد سنجده منهجا سلبيا عقيما فلأن المرأ لا يستطيع أن يكون في علو غيره يتمنى بل يسعى أن يركس غيرَه ليكون في دنوه. والأولى من ذلك أن يجتهد حتى يكون في علوه فإن لم يستطع يدعو الله بذلك ولا يتمنى زوال نعمة غيره بل يتمنى أن يبارك الله له فيها ويرضى بقضاء الله وقدره
والله أعلى وأعلم

تنويه هام
ما يُنشر في هذا الموقع هو مجرد آراءوأفكار شخصية للمؤلف ولا يُعتمد عليها في تفسير مقاصد الدين الإسلامي ولا القرءان الكريم

ليست هناك تعليقات: